كنت بسأل واحد من المدخنين المترددين على الصيدلية: إزاي متعايش بين إنك عارف إن السجاير ممكن تسبب السرطان، وفي نفس الوقت عندك أمل تعيش حياة صحية كويسة؟
رد عليا وقاللي: "أنا مبشربش سجاير كتير تخليني أجيب سرطان، دا صاحبي بقاله 20 سنة بيدخن ومحصلوش حاجة، وصاحبي التاني كان مدخن شره ومات بأزمة قلبية مش بسرطان."
بصراحة الرد دا غريب ومضلل. وفي علم النفس بيتسمى دا "التنافر المعرفي" يعني الإنسان لما يعرف حاجة بتضايقه أو بتخالف سلوك هو بيعمله، بيحاول يرفضها أو يشكك فيها علشان يريح دماغه، ويدخلك في حوارات مالهاش آخر، وفي الآخر تلاقي نفسك خسرت النقاش.
المدخن بيقعد يسأل: طيب هو السرطان بييجي من قد إيه سجاير؟ والسجاير نوعها إيه؟ ولا بعد كام سنة تدخين أبقى معرض للخطر؟ وامتى أقدر أروح أتعالج؟
الأسئلة دي هي اللي بيستند عليها المدخنين، وساعتها تقدر تلاحظ الفرق بين اللي عنده معرفة حقيقية، واللي عنده فهم ناقص أو مش راضي يفهم.
الغريب بقى إنك دايمًا تلاقي المدخنين بيدافعوا عن التدخين كأنه مش سبب في أي مرض!
تقديرهم للخطر أقل بكتير من الناس اللي مش بيدخنوا. تلاقيه بيقولك: "أنا لو دخنت سجاير كتير بسرعة، ممكن أكون بخطر، لكن لو دخنت على خفيف كل شوية مش هيحصللي حاجة." وبيطمن نفسه إنه ممكن يروح يتعالج بدري قبل ما السرطان يجيله. لكن في المقابل، اللي مش بيدخن شايف إن السيجارة الواحدة خطر، وإنه كل ما العدد زاد كل ما الخطر كبر.
المدخن دايمًا بيحاول يقلل من الخطر، وبيفصل ما بين السجاير والسرطان، علشان يطمن نفسه.
ويسيبها على الطب والعلاج، وكأنهم عندهم عصاية سحرية يشيلوا بيها المرض.
بس أغرب رد سمعته من الراجل دا، إنه قاللي:
"إنت كواحد في المجال الطبي، طول الوقت بتقرا أبحاث وتقارير، فبقيت شايف الدنيا سودا، وبتفكر بشكل سلبي على طول، وده مأثر على حياتك كلها!"
يعني الراجل اختصرني في إني واحد سلبي، بفضل أدور على المخاطر والسواد، ومش عايز أسمع حاجة فيها أمل! وساعتها فهمت إن المشكلة مش في المعرفه... المشكلة في اللي عنده ضمور في الفهم و مش عايز يصدق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق