بيزنس فراخ


في مدينة مزدحمة تعج بالحركة والنشاط، كان هناك مبنى مكاتب حديث يقع في قلب المدينة. هذا المبنى كان مركزًا لواحدة من أكبر الشركات في البلاد، حيث يعمل فيه مئات الموظفين يوميًا. كان الموظفون مشغولين بأعمالهم اليومية، لا يتوقعون أن تكون حياتهم على وشك أن تتحول إلى مغامرة غير مسبوقة بسبب فرخة متوحشة.

في صباح يوم عادي، وبينما كان الموظفون يدخلون المبنى واحدًا تلو الآخر، ظهرت فرخة ضخمة ذات ريش أبيض لامع وعيون حمراء تلمع بعزيمة. كانت هذه الفرخة مختلفة تمامًا عن أي فرخة أخرى، وكان يظهر عليها الجمال والقوة والذكاء. بدون أي تردد، توجهت الفرخة إلى الباب الأمامي للمبنى. استطاعت بمهارة غير متوقعة فتح الباب بمنقارها القوي ودخلت إلى الداخل. بدأت الفرخة بالتجول في المكاتب، تثير الفوضى في كل مكان. كانت تقلب المكاتب، وتمزق الأوراق، وتحطم الشاشات. حاول الموظفون إيقافها وإخراجها، لكنهم كانوا غير قادرين على مجابهتها. كانت حركتها سريعة ومنقارها حاد، مما جعل كل محاولاتهم بلا جدوى. في غضون دقائق، استطاعت الفرخة إخراج الموظفين من مكاتبهم وطردهم خارج المبنى.

تجمع الموظفون خارج المبنى في حالة من الذهول وعدم التصديق. كيف لفرخة أن تسيطر على مبنى كامل بهذه السهولة؟ أدرك مشرف الشركة أن عليهم وضع خطة محكمة لاستعادة مكان عملهم. دعا الجميع إلى اجتماع طارئ في الحديقة المجاورة للمبنى لوضع استراتيجية. قرر المدير، بعد تفكير عميق واستشارة الخبراء، أن الحل الأمثل هو استخدام حيوان آخر لإخراج البطة المتوحشة. وبعد مشاورات طويلة، اختار المدير إدخال حمار قوي وشجاع ليكون البطل في هذه المهمة. استأجروا حمارًا من مزرعة قريبة، وجلبوه إلى المبنى.

بدأت الخطة بتوجيه الحمار نحو المبنى، حيث كانت الفرخة لا تزال تثير الفوضى. تقدم الحمار بثبات نحو المدخل، وجذب الانتباه بصوته القوي وحجمه الكبير. دخل الحمار إلى المبنى وبدأ بمواجهة البطة، التي كانت تقف على مكتب المدير وتصدر أصوات تحدٍ. لكن الأمور لم تسر كما هو مخطط لها. بدلاً من أن تخاف الفرخة من الحمار، بدت وكأنها أصبحت أكثر عدوانية. بدأت الفرخة بالهجوم على الحمار، وبتحريك جناحيها بسرعة كبيرة، استطاعت أن تبقيه بعيدًا. الحمار، الذي لم يكن يتوقع هذا الرد العنيف، تراجع للخلف وبدأ يصدر أصواتًا تدل على استيائه.

في هذه اللحظة، حدث شيء غير متوقع. بدلاً من أن تستمر الفرخة في الهجوم، توقفت ونظرت إلى الحمار بعينين متأملتين. بدأ نوع من التفاهم ينشأ بينهما. اقتربت البطة من الحمار ببطء وأصدرت صوتًا ناعمًا، وكأنها تتحدث إليه. الحمار، الذي بدا وكأنه يفهم ما تقوله البطة، هدأ تدريجيًا. في غضون دقائق، استطاعت الفرخة أن تقنع الحمار بأن ينضم إلى جانبها. لم يعد الحمار يشعر بالخوف أو الغضب، بل أصبح يشعر بالولاء تجاه الفرخة. بدأت الفرخة والحمار يعملان معًا، يجوبان المكاتب وينشران الفوضى بشكل منظم، مما جعل الموظفين أكثر رعبًا ودهشة.

شاهد المشرف والموظفون من الخارج هذا التحول العجيب. كيف تمكنت الفرخة من إقناع الحمار بالانضمام إليها؟ كانت الخطة الآن أصعب بكثير، حيث أصبح لديهم حيوانان قويان يحتلان المبنى. قرر المشرف، وبعد تفكير عميق واستشارة الخبراء، أن الحل الأمثل هو إدخال كلب شجاع وذكي ليكون البطل في هذه المهمة الجديدة. جلبوا كلبًا مدربًا على الطاعة والشجاعة، وأعدوه لمواجهة البطة والحمار.

دخل الكلب إلى المبنى بثقة، وعيناه تلمعان بالعزيمة. بدأ في تقصي الأثر، واستعد لمواجهة الفرخة والحمار. وعندما واجه الكلب الفرخة والحمار، بدت الأمور وكأنها تسير في صالح الفريق البشري. لكن الفرخة، بذكائها الخارق، لم تهاجم الكلب. بل استخدمت نفس التكتيك الذي استخدمته مع الحمار. بدأت الفرخة تتحدث مع الكلب بنغمة هادئة ومطمئنة، وتدريجيًا بدأت تبني نوعًا من الثقة بينهما. الحمار، الذي كان يقف بجانب الفرخة، أضاف دعمه وموافقته على حديثها. ببطء، بدأ الكلب يشعر بالراحة والثقة تجاه الفرخة والحمار. في نهاية الأمر، انضم الكلب إلى فريق الفرخة والحمار، متحولًا من خصم إلى حليف.

شاهد الموظفون هذا المشهد من الخارج في حالة من الصدمة. أصبحت الأمور أكثر تعقيدًا الآن، حيث أصبح لديهم ثلاثة حيوانات قوية وذكية تحتل المبنى. أدرك المشرف والموظفون أن القوة وحدها لن تكون كافية لحل هذه الأزمة. اجتمع الفريق مرة أخرى لمناقشة الخطوة التالية. قرروا استخدام الذكاء والخداع بدلاً من القوة. بدأوا في إعداد فخاخ ذكية باستخدام التكنولوجيا والطعام لإغراء الفرخة والحمار والكلب بالخروج.

لكن قبل تنفيذ خطتهم الجديدة، اقترح أحد الموظفين إدخال قرد ذكي ومرح ليكون البطل في هذه المهمة الجديدة. استأجروا قردًا مدربًا على الفهم والتعاون، وجلبوه إلى المبنى. دخل القرد إلى المبنى بمهارة ومرونة، قافزًا من مكان إلى آخر. بذكائه وفضوله الطبيعي، بدأ يستكشف المكاتب ويبحث عن الفرخة والحمار والكلب. عندما واجه القرد الثلاثة، بدأ يتفاعل معهم بفضول وحذر. كانت الفرخة، بمكرها وذكائها، تدرك أن القرد يمكن أن يكون حليفًا قويًا. بدأت تتحدث معه بنغمة ودية، وعرضت عليه اللعب والطعام. الحمار والكلب، اللذان أصبحا جزءًا من فريق الفرخة، أظهرا للقرد دعمهم وتعاونهم. ببطء ولكن بثبات، استطاعت الفرخة أن تقنع القرد بالانضمام إليهم. أصبح القرد جزءًا من الفريق، مما جعل الوضع أكثر تعقيدًا بالنسبة للموظفين المشرف. أدركوا أن لديهم الآن أربعة حيوانات ذكية ومتعاونة تسيطر على المبنى. كان عليهم التفكير بطريقة جديدة تمامًا لحل هذه الأزمة.

عند وصول المدير التنفيذي للشركة، و إعطائه فكرة مفصلة عن الغزاة. قرر بخبرته أن بدلا من مواجهة الفرخة بالقوة، عليه أن يجد نقطة الضعف للفرخة. فالفرخة، رغم قوتها وذكائها، كانت لديها نقطة ضعف مخفيه و هي الخوف من الديك. كلما سمعت صياح الديك أو رأت ديكًا في الجوار، كانت تفقد توازنها وثقتها بنفسها. يبدو أن هناك تاريخًا من التنافس أو التوتر بينها وبين الديكة، مما يجعلها ترتبك وتفقد سيطرتها عندما يكون أحدهم قريبًا.

قرر استخدام ديك غير عادي لمواجهة الموقف. أحضروا ديكًا فريدًا من نوعه، كان يشبه بشكل غريب كاظم الساهر. كان الديك يمتلك ريشًا لامعًا، ووضعية مهيبة، ونظرة عميقة في عينيه، وكأنه يغني أغنية رومانسية في كل لحظة. حتى أن صياحه كان يبدو وكأنه يحاكي نغمات أغاني الكاظم الساهر الشهيرة. عندما دخل الديك إلى المبنى وبدأ في الصياح، توقفت الفرخة عن كل ما كانت تفعله. شعرت بالارتباك والخوف من هذا الديك المهيب، الذي لم يكن مجرد ديك عادي. بدا الأمر وكأن الديك يغني للفرخة، مما جعلها تفقد توازنها وثقتها بنفسها.

الفرخة، التي كانت تسيطر على المبنى بذكائها وقوتها، بدأت تشعر بالضعف أمام هذا الديك الذي كان يبدو وكأنه يُسحرها بأغانيه الصباحية. في تلك اللحظة، أدركت أنها لا تستطيع مواجهة هذا الغامض، وبدأت بالتراجع ببطء، مما أتاح للموظفين فرصة لاستعادة السيطرة على المبنى. بهذه الطريقة، تحول الديك الذي يشبه كاظم الساهر إلى بطل القصة، حيث تمكن بصوته المميز وشخصيته الفريدة من إضعاف الفرخة وإنهاء سيطرتها على المبنى، ليعود الموظفون إلى أعمالهم بسلام. 

بدأت الأمور تأخذ منعطفًا جديدًا في المبنى. بينما كان الديك يتجول في المكاتب، ينشر سحره بصياحه الذي يشبه الأغاني الرومانسية، كانت الفرخة تبدو محبطة وغير قادرة على التركيز. كانت تهرب من الديك كلما اقترب منها، وكأنها تخشى الوقوع تحت تأثير سحره. الحمار والقرد، اللذان كانا في السابق متعاونين مع الفرخة، بدآ أيضًا يشعران بالتأثير الغامض لهذا الديك. الحمار، الذي كان عادةً هادئًا ومطيعًا، بدا وكأنه يشعر بالاسترخاء أكثر من المعتاد، وكأنه يستمتع بالصوت الدافئ الذي يصدره الديك. أما القرد، فقد تخلى عن فضوله المعتاد وبدأ يتابع الديك بنظرات إعجاب واندهاش، وكأنه يتأمل تلك الشخصية الفنية المهيبة التي تجول في المكان.

مع مرور الوقت، بدأت الحيوانات تتخلى تدريجيًا عن خططها العدوانية. الفرخة، التي كانت القائدة سابقًا، لم تعد تظهر رغبة في السيطرة. بدا عليها الهدوء والانكسار أمام قوة الديك الذي لم يستخدم أي عنف، بل اكتفى بسحرها بصوته وشخصيته. حتى الحمار والقرد، اللذان كانا في السابق متحمسين لنشر الفوضى، بدآ يتبعان الديك بهدوء، وكأنهما وجدا قائدًا جديدًا يلهمهما بالسلام.

بعد أن نجح الديك الذي يشبه كاظم الساهر في تهدئة الأجواء داخل المبنى وفرض سيطرته على الحيوانات، ظن المدير والموظفون أن بإمكانهم العودة إلى مكاتبهم واستعادة حياتهم الطبيعية. ولكن المفاجأة الكبرى كانت عندما اقتربوا من الباب الرئيسي للمبنى، ووجدوا الديك يقف هناك، بنظرة حازمة وثابتة، تمنعهم من الدخول.

كانت الفرخة والحمار والكلب والقرد يقفون خلف الديك، وقد بدت عليهم علامات الولاء الكامل له. لم تكن الفرخة تظهر أي خوف بعد الآن، بل بدت وكأنها تستمد قوتها وثقتها من وجود الديك بجانبها. الحمار و الكلب كانا يقفا بثبات، والقرد كان يتأمل المشهد بفضول، لكنه لم يُظهر أي نية لمعارضة الديك.

عندما حاول المدير التحدث إلى الديك، محاولاً إقناعه بالسماح لهم بالدخول، أطلق الديك صيحة قوية، مليئة بالعزم، جعلت الجميع يتوقف في مكانه. كان واضحًا أن الديك قرر أن المبنى أصبح ملكًا له ولأتباعه، وأنه لن يسمح للبشر بالدخول مرة أخرى إلا بشروطه الخاصة.

شعر المدير والموظفون بالحيرة والدهشة. لم يكن في حسبانهم أن الديك، الذي كان يعتقدون أنه سيكون بطلهم، سيقرر في النهاية إقصاءهم تمامًا. ولكن الحقيقة كانت أن الديك، بشخصيته القوية وسيطرته الكاملة على الحيوانات الأخرى، رأى أن البشر ليسوا ضروريين في هذه المعادلة الجديدة. لقد وجد الديك وفريقه من الحيوانات الراحة في سيطرتهم على المكان، ولم يرغبوا في العودة إلى الحياة السابقة حيث كانوا يتعرضون للضغوط من قبل البشر.

وهكذا، وجد المدير والموظفون أنفسهم خارج المبنى، يتابعون من بعيد كيف استمر الديك في قيادة الحيوانات في الداخل، محولًا الشركة إلى مملكته الخاصة. وبدأوا يدركون أن عليهم التفكير في حلول جديدة أو حتى البحث عن مكان آخر للعمل، بينما ظل المبنى تحت سيطرة الديك ورفاقه، الذين كانوا يعيشون حياتهم في سلام وهدوء، بعيدًا عن البشر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق