الخميس، 12 سبتمبر 2024

فصل الأرواح

 


تخيل لو اكتشفنا سر رهيب و غريب، أن كل مرض له روح. روح تحاول تتلبس جسم الإنسان، عشان تلاقي لها شكل أو وجود ملموس. كل عرض بيصيب جسمنا ما هو إلا صراع بين الروح اللي بتحاول تفهم الجسم و تتحكم فيه، و بين الخلايا اللي بتحاول تدافع عن نفسها. كل ده في حرب غير مرئية داخل جسم الإنسان.


طيب لو لقينا طريقة نفصل الروح دي عن الجسم، مش العلاج هيبقى مختلف تماماً؟ هيظهر نوعين من الدكاترة و رجال الأعمال. النوع الأول هيقول: "نقتل الروح"، و ده هدفه الشفاء بأي ثمن، حتى لو مكسبه قليل. والنوع التاني هيفكر بطريقة أكثر براغماتية، يقول: "خلينا نفصل الروح و نحطها في جسم تاني لشخص أقل قيمة!"، و كأن حياة بعض الناس بقت مجرد أداة لعلاج الآخرين.


بمرور الوقت، العلاجات هتتقسم: علاج بيدمر الروح المرضية، و علاج بيحول المرض لجسم آخر، شخص آخر يموت بدالك عشان أنت تعيش.


فجأة، تلاقي نفسك قدام اختيارين لما تدخل مستشفى. يا إما تقتل الروح اللي جواك بالدواء المعتاد، أو تسلم شخص تاني ياخد مكانك و يشيل المرض عنك... و انت تخرج سليم.


تفتكر هتختار إيه؟

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

لو كنت مديرًا لشجرة

 


تخيل كده يوم تصحى وتلاقي نفسك مدير لشجرة! يعني إيه تكون مدير لشجرة؟ خلي بالك، الموضوع أكبر من مجرد ري أوراق وتقليم أغصان. دي مسؤولية ضخمة، كأنك ماسك فريق عمل كله عبارة عن فروع وجذور وأوراق، وكل جزء فيهم ليه مهمة خاصة.


أول حاجة لازم تركز عليها هي الجذور. آه الجذور! دي اللي مش بتبان، لكنها الأساس في كل حاجة. بالظبط زي المبادئ اللي بتحرك فريق العمل، الجذور هي اللي بتمتص المياه والغذاء من الأرض وتخلي الشجرة قوية. مسؤوليتك هنا إنك تضمن إن الجذور دي تاخد كل التغذية اللي محتاجاها. يعني لو الجذور سعيدة، الشجرة كلها سعيدة!


نيجي بقى للجذع. ده العمود الفقري، اللي بيربط كل حاجة ببعض. الجذع لازم يكون قوي، زي ما أنت لازم تكون صلب عشان تقدر تواجه الرياح والتحديات اللي بتيجي على الشجرة. لو إنت بتعمل شغلك صح، الجذع هيبقى زي الحديد، مستحمل كل حاجة!


ننتقل للأغصان، دي بقى الطموحات والآمال. الأغصان عايزة تطول وتكبر، بس لازم يكون فيه شوية تنظيم. متخليش الأغصان تكبر زي ما هي عايزة، لازم يكون فيه خطة منظمة. وتوزع الشمس والهواء والمياه بالتساوي عشان كل غصن ياخد فرصته في النمو. ده زي الفريق اللي كل فرد فيه محتاج دعم وتوجيه.


أما الزهور والثمار؟ دول بقى الـ"تشكيلة النهائية"، الإنجازات اللي الكل مستنيها. بعد كل التعب والاهتمام، لازم تراقب النتائج وتبقى مطمئن إن الثمار اللي هتطلع هتكون حلوة وجميلة. لأن دي الحاجات اللي الناس هتشوفها وتقول: "الله! شجرة دي جامدة، أكيد المدير بتاعها شاطر!"


إدارة شجرة هي مسؤولية تتطلب نظرة شاملة لكل مكوناتها. الجذور تحتاج للتغذية، والجذع يحتاج للصمود، والأغصان تحتاج للنمو بطريقة متوازنة، والثمار تحتاج للرعاية حتى تخرج بشكل جيد. وكل هذه الأدوار تتداخل مع بعضها البعض بشكل معقد، حيث يكون لكل جزء تأثير على الآخر.


فكما أن الشجرة لا تزدهر دون الاهتمام بكل أجزائها، كذلك المنظومة التي تديرها لن تحقق النجاح دون أن تهتم بكل تفاصيلها، من القيم الأساسية إلى النتائج النهائية.


إدارة شجرة مش مجرد مهمة روتينية، ده فن! لازم تهتم بكل حاجة، من الجذور لحد الزهور.

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

الفضاء و السرطان ... بين الإستلهام و الإلتهام

  

كان أحد أصدقائي بيتكلم عن الفضاء والكون، وبدأ يربط بين جزيئات تكوين الحياة على الأرض وجزيئات تكوين الكون من كواكب ونجوم وأقمار. وقتها لمعت فكرة في دماغي، وهي: لو اعتبرنا الكون جسد حي ليه فسيولوجيا خاصة بيه (ممكن نسميها فيزياء الفضاء مثلًا)، ليه مايبقاش فيه أمراض زي السرطان؟

سخن عقلي وقتها، وحسيت إن الفكرة كبيرة لدرجة إني بدأت أفكر فيها بجنون. الكون فيه حاجة اسمها الثقوب السوداء، اللي بتمتص أي حاجة قريبة منها، حتى الضوء، وكأنها تبتلع كل اللي حواليها.

فوقتها سألت نفسي نفس السؤال بس بشكل معاكس: ليه مايبقاش في أجسامنا "ثقوب سوداء" تقدر تبتلع مسببات الأمراض والخلايا المريضة وتخرجها من نظام الحياة اللي في جسمنا؟!

تخيل معايا، لو الثقوب السوداء في الكون زي خلايا مناعية ضخمة، دورها زي الأجسام المضادة اللي بتحاصر وتلتهم الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض. في جسمنا، الجهاز المناعي بيحاول دايمًا يتخلص من الحاجات اللي تهدد حياتنا، لكنه مش دايمًا بينجح في مواجهة السرطان.

السرطان هو في الأساس خلل في الخلايا، بتخرج عن السيطرة وبتبدأ تتكاثر بشكل غير طبيعي من غير ما تتوقف. فلو فكرنا في الكون من نفس المنظور، ممكن نبص على الثقوب السوداء كأنها طريقة الكون في الحفاظ على النظام عن طريق امتصاص أي حاجة "تخرج عن النظام". وكأن الثقوب السوداء هي وسيلة الكون الطبيعية لعلاج نفسه من أي فوضى.

ولو جينا لجسم الإنسان، فين الثقوب السوداء اللي تقدر تخلصنا من الأمراض؟ ممكن نبدأ نتخيل علاج مستقبلي يكون شبيه بالثقوب السوداء، حاجة تبتلع الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض وتخرجها من الجسد بدون ضرر لباقي الخلايا.

الفكرة دي بتفتح الباب لفهم أعمق لكوننا، وإزاي ممكن الكون يلهمنا في ابتكار حلول جديدة لأمراض معقدة زي السرطان. زي ما الكون عنده طرقه الخاصة في الحفاظ على توازنه، إحنا كمان ممكن نطور طرق تحافظ على توازن أجسامنا وتحمينا من الأمراض اللي بتخرج عن سيطرتنا.

فمين عارف، يمكن العلم في يوم من الأيام نستلهم من فيزياء الفضاء طريقة لإلتهام أمراض زي السرطان بطريقة مش بنقدر نتخيلها دلوقتي!

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 9 سبتمبر 2024

أحب حبك

 

في كثير من الأحيان أجلس و أتفكر في معنى كلمة أحبك. قرأت عن الحب و أنواعه، الحب الديني التصوفي، الحب العذري الهرموني، الحب من طرف واحد الأفلاطوني. و لكني مازلت لم أعرف المعنى الدقيق لكلمة أحبك.

في نوع من الحب نقع فيه بشكل لا إرادي، نوع من الحب لا يمكنك أن تلمسه و لا تحسه، يدخل بين خلاياك و يجعلك تحب نفسك. تسائلت دوما ماذا يحدث لنا فسيولوجيا عندما نقول لأحد، أحبك. يقول العلم (المجرد من المشاعر) أن الحب شعور ينبع من القلب، يعمل كمسكن لحلات العقل، فينتج تفاعلات تقاوم الألم و تدخلك في حالة من الهدوء و السكينة.

إذن فالحب هو قرار، هو جملة تضعها داخل قلبك، ببساطة و فطرة و براءة محبة الطفل. ,و بالتالي فهو الإعتناء بالقلب (ليس مجرد الإنجذاب و التعلق)، فهو خليط من المشاعر العاطفية والعقلية المرتبطة بمن نحب. لذلك فالحب لا يظهر إلا من خلال نتائجه، كما قال محيي الدين بن عربي.

السؤال هنا، هل أحب أن أكون في الحبّ دوماً؟ هل أحتاج الحب لأستمرّ على قيد الحياة؟ أجاوب نفسي و أنا أسمع عبدالحليم و هو يقول الحب سيبقى يا ولدي ... أحلا الأقدار، فتسكن ألامي و تهدأ أفكاري، و ترجع مؤشراتي الحيوية لطبيعتها.

و لكن الحب ليس شعور أناني، فحبي ليس فقط لقلبي، و لكن لإعطاء السكينة لقلب من أحب. فحبي يجب ترجمته على من أحب، و يصل له كما يحب، فيشعر به و يطمئن به. وفي نهاية المطاف، أدركت أن أجمل ما في الحب هو أن يقول لك بكل صدق: أحب حبك الذي يسكن قلبي ويجعل حياتي أكثر جمالاً وسعادة.

الأحد، 8 سبتمبر 2024

صفات زوج المستقبل في عقل بنتي

 

أول ما سألت بنتي، اللي عندها 11 سنة، عن صفات زوجها في عقلها، شفت لمعة في عينيها وضحكة خفيفة كده. كانت متحمسة تفكر في الموضوع، بس في نفس الوقت، الموضوع كان بالنسبة لها لسه حاجة بعيدة وغريبة.

أول حاجة قالتها: "يكون طيب ويحبني"، بنتي كانت مركزة قوي على إن الشخص اللي تتجوزه في المستقبل يكون طيب. الفكرة دي طلعت عفوية وبسيطة، لأن الأطفال دايمًا بيدوروا على الحب والاهتمام. هما عايزين حد يكون معاهم في السراء والضراء، حد يحبهم من قلبه.

بعدين قالت: "يكون زي بابا... بس مش كله!"، هنا كانت المفاجأة. بنتي بتحبني وبتشوف فيا صفات كتير كويسة، وعايزة شريك حياتها يكون عنده صفات زي دي. بس في نفس الوقت، هي عارفة إن مش كل صفاتي بتعجبها. فيه حاجات في شخصيتي هي مش عايزاها تكون موجودة في زوجها. وده حاجة فرحتني، لأنها بتبين إنها بتفكر بعقلها في اللي يناسبها. بنتي عايزة شخص يشبهني في حاجات معينة، زي طيبتي واهتمامي بيها، بس هي مش عايزة كل صفاتي، لأنها بتدور على حاجات تكون أقرب لرؤيتها هي للحياة والسعادة.

ده بيدل على نضج كبير منها في التفكير، وإنها مش بس بتتبع اللي قدامها، لكنها بترسم طريقها بنفسها. بنتي مش عايزة تكون نسخة من اللي حواليها، لكنها عايزة تختار بحرص الصفات اللي تضمن لها حياة سعيدة ومليانة حب واهتمام بالطريقة اللي تتماشى مع شخصيتها وأفكارها.

الموضوع ده خلاني أفكر قد إيه أطفالنا بيشوفوا الحياة بنظرة نقية وبسيطة، وبياخدوا الأمور على طبيعتها. وفي النهاية، بنتي شايفة جزء من مثلها الأعلى في شريك حياتها هو والدها، لكنها برضو عارفة تختار اللي يناسبها ويخلي حياتها سعيدة زي ما بتحلم.

السبت، 7 سبتمبر 2024

قلب الوجود

 

بحثت طويلا عن المكان الذي ينبع منه الحب، و سألت كثيرا عن من علّمنا الحب، و فكرت كثيرا عن أول من أوجد الحب. رأيت حلما في أحد الأيام بأني أحفر في الأرض، في صحراء واسعه و قاحله، لا فيها زرع و لا حياة.

حفرت كثيرا و التراب غمرني من رأسي حتى قدمي، و لكني مازلت مشدودا كأن أحدا يقودني للحفر. حفرت نفقا يسير تحت الصحراء، أيام و ليالي و عرق و مجهود.

و عندها وجدت بابا صغيرا، صغيرا جدا، لا أستطيع حتى أن أفتحه من صغره. رقدت على الأرض و نظفت أصابعي من التراب، و حاولت جاهدا أن أمسك القفل. شددته بقوة، حاولت كسره و لكنه كان قويا للغاية. لم أعرف وقتها كيف أفتحه. لم أيأس و حاولت أن أحفر حوله و لكن الأرض كانت صخرية لا تتفتت و كأن الباب يخفي ورأه غرفة كبيره.

و لما هدأت و هدأت رغبتي في كسره، سمعت صوتا يأتي من داخله، صوتا كأنه صوت إمرأة. إنها تتكلم بلغة أعرفها و لكني لا أسمعها جيدا، صوتها كأني سمعته من قبل و لكني لا أتذكره. أريد أن أقترب من البابا، التصق به. حاولت جاهدا بأن أضع أذني على الباب لأسمع جيدا.

كتمت أنفاسي و حاولت أن أسمع الصوت و أُدخله في أذناي، تنصت بكل جوارحي، حتى قلبي لا أريد أن أسمع دقاته. دخل الصوت إلى قلبي و كأنه كان يكلمني، و تعرفت على ما كانت هذه المرأه تقوله.

كانت تقول: لقد عرفت مكاني، عرفت كيف تجدني، و لكنك لم تعرف كيف تفتح بابي، الباب إلي قلبي، فإحتياجات قلبي بسيطه، هو مفتاح، مفتاح واحد، و لكنك يجب ان تعرفه، فليس له بديل.

وجدت قلبي يرد عليها و يسألها من أنت و كيف أجد مفتاح قلبك. قالت: أنا قلب الوجود، قلب كل قلوب المحبين، قلوب التائهين و المحتارين. ستجد مفتاحي عندما تجد مفتاح قلب حبيبتك. 

حبيبتك التي تنتظرك، إذهب إليها، تكلم معها، و تعلم منها كيف تستمع لدقات قلبها. وقتها و وقتها فقط ستهدي هي إليك مفتاح قلبها و وقتها ستحصل على مفتاح قلبي. قلب الوجود.