#الأخلاق_القناعات_الإهتمامات_المهارات_القدوات
يسعى الآباء في جميع الأحوال إلى إسعاد أبنائهم وتربيتهم في بيئة من الرفاهية والترَف. يقول قائل: إنه كلما ازداد الآباء ترفًا، كلما ازدادت الأجيال قرفًا وضعفًا، وأصبحوا جُهّالًا ومتصارعين.
فالأجيال المُترفة تصبح مستسلمة للنعيم، وتقلّ فيها النزعة إلى القوة، ويصبح الحماس فيها للتغيير منعدمًا.
ويقول آخر: إنه كلما ازداد الآباء ترفًا، كلما علَّموا أولادهم وأعطوهم الخبرة والتجربة، فتتفتح أعينهم وأفكارهم على ألوان جديدة من المعرفة، فتزداد حياتهم ثراءً وإثراءً.
طبعًا لا مانع من التحضّر والتمدّن والترف، ولكن سوء استخدام واستغلال الترف، والمضي في الاستمتاع والإسراف، يزيد التبطل والزهد في العمل والجهد، فتفلت زمام الأمور وتضعف القوى، وتصبح الأجيال تميل إلى العجز والصراع والقرف.
النعيم سلاح ذو حدّين؛ فإما يغلب الإنسان فتكون وبالًا عليه، أو الإنسان يغلبه، فتصبح حياته أسهل وأكثر اطمئنانًا. ولنضرب مثالًا بالطعام، وهو أبسط مقومات الحياة: فتأمّل صحة من يستطيع السيطرة على طعامه، فتجده قويّ البنية، نشيطًا؛ وتأمل صحة من يسيطر عليه غذاؤه، فتجده مريضًا، هميمًا، ومعتلًا.
التنعم والترَف خاصّية من خصائص الأغنياء والفقراء، فلا فرق بينهما؛ لأنه عبارة عن نزوع وضعف عن مقاومة الرغبات والمطالب. فكم من غني يصرف أمواله على حفلاته ومجونه، والعكس، كم منهم لا يملك وقتًا للراحة، ويعمل طوال اليوم، وله بيت واحد وولد واحد!
وكم من فقير لا يملك قوت يومه، لكنه مُترف في معيشته؛ يستمتع بالجلوس طوال اليوم، ويأخذ الأكل والشرب مجانًا من الناس، ويستغلهم في الملابس والسجائر والتوصيل، ولا يملك بيتًا، ويعيش عالة على الناس، وعنده ثلاث زوجات وعشرة أطفال!
الترف سلوك وموقف من الحياة، لا مستوى اقتصادي أو مادي. ويتحدد موقف الإنسان منه عن طريق ثقافته وتربيته ونشأته الأخلاقية والسلوكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق