#بقايا_أفكاري
في يوم كده، صحينا من النوم، الدنيا فيه مكتومة، مفيش هواء. لا في نسمة بتهز الستارة، ولا في نفس يملى الصدر، ولا بقى في حتى صوت للمراوح.
الكوكب كله من غير هواء، كإنه زهق و قال كفاية. بس مش بأعلى صوت، قالها بهدوء قاتل. قفل المحبس المجاني، اللي محدش واخد باله منه. وقف حركة الهوا.
الناس نزلت الشوارع تدور على الهوا زي المجانين، وكل واحد بيبص للسماء و هو مخنوق كأنه بيستعطفها. الأمهات بتدعي، الأطفال مش قادره تتنفس، الكبار بيكحوا وكأنهم بيطلعوا آخر رمق.
محدش فاهم حاجة. فيه حاجة أغرب من العادي. الكوكب من غير هوا.
الكوكب زهق، آه، زهق من الصريخ اللي مالي السما، و من الصواريخ اللي بتخرب الأرض، من الحروب اللي مالهاش آخر، ومن الكره اللي بقى بيمشي بين الناس و بقى طبيعي.
الناس الأول خافت، بعدين سكتت، وبعدين بدأت تدور. و فجأة، لقوا الهوا في الجناين. تحت الشجر، جنب الورد، حوالين زرع بسيط الناس كانت ناسيه وجوده. واحد حط كرسي تحت شجره، وابتدى يتنفس. و التاني نزل على رجله و نام في وسط الزرع.
الناس فهمت. الهوا موقفش. الهوا هرب. هرب من صريخنا، من صواريخنا، من كراهيتنا، و راح يستخبّى وسط الهدوء،و وسط الزرع.
ومن هنا بدأت القصة تتغير. اللي كان بيبني سور، بقى بيغرس شجرة. اللي كان بيشتم، بقى بيزرع. اللي كان بيبص بكره، بقى يبص للجناين ويقول: إحنا إزاي نسينا نعيش؟ الأسطح بقت خضراء، البلاكونات بقت جناين، والشوارع بدأت تبتسم.
ماحدش نسى يوم ما الكوكب قرر أن الهوا يقف. بس كلنا اتعلمنا إن الهوا مش حق مضمون. الهوا محتاج تعاون، والتعاون محتاج سلام. والسلام بيبدأ بزرعة، بشجرة، بجناين مفتوحة، مش بصريخ، ولا بصواريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق