الأحد، 2 مارس 2025

لماذا لا يحتاج البحر لماء الورد؟


#بقايا_أفكاري 

البحر سر من أسرار الكون، مساحة لا نهائية من الماء تحمل في أعماقها الحياة والحكايات. مده وجزره يشبه أنفاس الأرض، وأمواجه تتحرك بلا توقف كأنها ترقص على نغمة خفية لا يسمعها إلا من يفهم لغة الطبيعة. البحر ليس مجرد مسطح مائي، بل كيان حي، يتغير مزاجه بين لحظة وأخرى، أحيانًا هادئ كحلم جميل، وأحيانًا ثائر كقلب لا يعرف الراحة.

ماء الورد، مهما كان عطريًا وراقٍ، لا يضيف شيئًا للبحر. كيف لقطرة صغيرة أن تغير محيطًا لا يعرف الحدود؟ البحر لا يحتاج لتعطير، فرائحته مزيج من الملح والشمس والرياح، فيها عبق الحرية ورحلات البحارة وأساطير الغواصين. ملوحته ليست نقصًا يحتاج إلى تعديل، بل سر قوته، تحفظ ماءه، وتصنع منه حياة رغم قسوتها.

البحر لا يحتاج إلى تلوين، فهو يرسم نفسه كل يوم بلون مختلف. حين تشرق الشمس يصبح أزرقًا لامعًا كحلم واعد، وعند الغروب يتلون بالبرتقالي والأحمر، كأنه يودع النهار بلوحة لا تتكرر. وعندما تثور الرياح، يصير رماديًا عميقًا، كأنه يخفي أسراره في قلبه. كيف يحتاج البحر إلى إضافة، وهو الذي يحتوي كل الألوان في طياته؟

ماء الورد لا يغيّر البحر، لكنه يضيع فيه، يتلاشى دون أثر، لأن البحر لا يقبل أن يُعدَّل أو يُجمَّل، فهو جميل كما هو، عنيف كما هو، غامض كما هو. هو ليس في حاجة لأي شيء… بل نحن من نحتاجه، لنسمع هدير موجه فنشعر بالطمأنينة، لننظر إلى مداه فنحلم بلا حدود، لنتنفس هواءه فنشعر أننا أحرار، ولو للحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق