#بقايا_أفكاري
مرة كتبت في ورقة شوية كلام بقلمي الرصاص، قريته، وما عجبنيش. حسّيته باهت، مالوش طعم، زي محاولة فاشلة في رحلة في حياتي. فقمت وكرمشت الورقة ورميتها في الزبالة. خلصت. انتهى دورها. المفروض كده خلاص.
لكن لا، الورقة كان عندها رأي تاني. شكلها أخدت الموضوع بشكل شخصي. قررت إنها مش مجرد ورقة.. لأ، قررت إنها قاضية، وإنها لازم تاخد حقها. فردت نفسها تاني، رجعت لي، ووقفت قدامي بكبرياء.. ورقة، مكرمشة من شوية، بتبص لي من فوق لتحت!
ومش بس كده، راحت لمّت باقي الأوراق اللي كنت راميهم قبلها، كل المسودات الفاشلة، كل المحاولات اللي ملهاش قيمة، وكونت جيش! آه، جيش من الورق اللي كنت فاكره راح... لكنه، على ما يبدو، كان مستني اللحظة المناسبة عشان يرجع و كمان يتمرد.
وبصتلي وقالت: "أنت اللي كتبتنا، وأنت اللي رميتنا، وأنت اللي لازم تدفع الثمن!"
الحكم؟ بسيط، ساخر، ودمه تقيل!! زي الورق اللي بيرفض يتحلل في منفاه: "امسحوا اسمه و كلامه من علينا!"، إعدموه و خلي إسمه مجرد ذكرى باهته.
أهو ده عقابهم.. محو اسمي و محو كلامي و محو وجودي. كأن وجودي على الورق كان هو اللي مقلل من قيمتها، كأن ده أقصى انتقام قدرو عليه، كأنها بتقولي: "ها، بقينا فاضين! مش عاجبك؟ مش كنت عايز ترمينا؟ اهو شُفت بقينا أنضف إزاي من غيرك؟"
بس الحقيقة؟ لا.. الفراغ ده مش انتصار، الفراغ ده جاي بعد ما كلماتي و قيمي إتشالت من عليهم و إتمسح من جواهم أفكاري و كلماتي و طريقتي. و أصبح من غير قيمة.
الورق دلوقتي بقى فاضي، و مكرمش. و محدش هيرضى يوطي حتى و يأخذه يكتب فيه من تاني. و آخره هيتلف بيه شوية طعمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق