الخميس، 6 مارس 2025

الفنانين والحياة... التأثير والاختيار


#الأخلاق_القناعات_الإهتمامات_المهارات_القدوات 

عمرك سألت نفسك: يا ترى الفنانين بيحبوا يقروا إيه؟ هل الروايات والقصص بتشدهم أكتر، ولا الدواوين الشعرية، سواء كانت لشعراء الزمن القديم أو الحديث، عرب أو أجانب؟ ولا ممكن يكون عندهم اهتمام بالكتب العلمية والفكرية؟ ولو بصينا لمجالات الحياة، هنلاقي بعضهم بيحب الفلسفة، وبعضهم بيميل لعلم الاجتماع أو الأنثروبولوجيا، وكل واحد فيهم ليه طريقة خاصة في استيعاب العالم والتعبير عنه.

الفنانين والشعراء على مر العصور كانوا مرآة للمجتمع. كتبوا عن الحياة والموت، الحروب والاستعمار، الثورات والانقلابات. عبروا عن الأحلام والأماني، وعن صراع الفدائيين ضد القوى اللي بتحاول تسحقهم. قدروا يخلو الجمهور يحس بمعنى الحرب والسلام، والتمييز العنصري، والاستعمار الجديد اللي بيجي في شكل اقتصادي بدل ما يكون عسكري. تكلموا عن الحقوق اللي بتتآكل، والعدالة اللي بقت حلم، وعن الفرق بين الطبقات الاجتماعية والناس اللي صوتهم مسموع واللي محدش بيسمعهم.

لكن في الزمن الحالي، ظهر توجه مختلف. بقينا نشوف فنانيين كتير مهتمين بتفكيك العلاقات الأسرية، والتقليل من دور الأب والأم، والتركيز على العلاقات العاطفية وكأنها أهم حاجة في الحياة. بقى فيه محاولات لإعادة تعريف مفاهيم زي العفة والحرية، لدرجة إن البعض بقى يشوف العفة كبت، والرغبة هي الحرية الحقيقية.

عشان كده، قبل ما نسمع أغنية أو نشوف مسلسل، لازم نسأل نفسنا: الفنان دا بيمثل إيه؟ إيه فكره؟ اتربى على إيه؟ وهل هو فعلاً قدوة لأولادنا؟ هل هو مؤمن بالصراع الطبقي فبيتجه للأفكار الثورية؟ ولا ليبرالي بيغني للحرية بلا حدود؟ ولا متأثر بفرويد فشايف إن الغريزة هي اللي بتحرك الإنسان؟ ولا عنده نزعة سريالية فبيركز على اللاوعي أكتر من الواقع؟

الموضوع مش مجرد أغاني وأفلام، دي أفكار بتدخل بيوتنا، وبتأثر على وعينا ووعي ولادنا. مش كل فن يستحق إننا نسمعه أو نشجعه. لازم نكون واعيين بالفكر اللي بيحمله كل فنان، وقد إيه عنده رؤية حقيقية، ولا هو مجرد شخص بيجري مع الموجة.

إحنا ما نقدرش ننكر إن الفن، رغم اختلاف توجهاته، ليه تأثير قوي في تشكيل الثقافة والوعي الجمعي. هو وسيلة للتعبير، ولعرض الحياة بكل تناقضاتها وتعقيداتها. وهنا دورنا كمستمعين ومشاهدين: نفلتر اللي بنسمعه ونشوفه، ونوجه ولادنا للفنون اللي تفتح عقولهم وتنمي تفكيرهم، بدل ما تجرّف وعيهم وتاخدهم في سكة مشوهة. الاختيار في إيدينا، وإحنا المسؤولين عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق