الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطب و خيارات الفناء


صدق القائل بأن الطبيعة دائما تنتصر علينا. تنتصر بتحقيق الفناء و بأنه نهاية لا مفر منها أبدا و يجب علينا أن نتقبل هذه الحقيقة و نتقبل إنتصارها و هزيمتنا على الرغم من محاولاتنا المستميتة في مواجهتها

و يجب أن نعترف بأن الطب بقدراته التكنولوجية الحالية و الأفكار الذكية المستقبلية يحقق النجاح الباهر فقط للأمراض التي تكون قابلة للشفاء و يخسر أمام الحالات المعقدة. و يوجد مئة طريقة لنلاحظ بها أنه سيقف عاجزا عن مساعدة الناس في آخر أيامهم و وقت وفاتهم و كيف أنه لن يقدم غير روتينا صارما في مراكز و مؤسسات لفصل المرضى عن حياتهم القليلة الباقية

الفناء و هو موت موجود بيننا و جزءا من حياتنا و ذكرياتنا ليس من الذكاء أبدا الهروب منه و لكن الذكاء هو الوصول لطريقة تساعدنا على التعامل معه و تقبله. كون أننا مخلوقات تكبر و تشيخ فيجب أن نفنى و لكننا لا نرضى به أبدا و لا نفهمه و لا نمتلك الأجوبة عنه

الفناء موضوع مفزع لا يمكن السيطره عليه و دائما يعتبر نذير شؤم بين الناس و لكنه يظل هو الحقيقة الوحيده المفروضه علينا و التي يجب أن نصدقها ففي كل دورة الحياة توجد الخيارات في بدايتها فقط و عند نهايتها تزول كل الإختيارات

الاثنين، 24 أبريل 2023

براكم و بضغط

من أكبر الأخطاء الي بيقع فيه الزوجان هو تراكم المشاكل و الخلافات بدون نقاش و كمان بدون توضيح. الطبيعي أن إحنا بتكلم مع بعض و في بيننا حوار هادئ و بنتكلم عن قلقنا و مخاوفنا و توقعاتنا و كمان همومنا

فكرة تجاهل الحوار و تجاهل المشاكل بيخلي الطرف التاني عنده سوء نية يتحول مع الوقت إلى عناد و خبث و بالتالي تبدأ دائرة من الإنتقام المتبادل

الصمت في أوقات كثيره يكون طريقة فعاله لإمتصاص الغضب و لكنه يستخدم أيضا كوسيلة ضغط يمارسها طرف على الطرف التاني ليقلق و يكتئب ثم يغلي و ينفجر و يثور. وعند الإنفجار يفيض الكيل و تتشقق الأرض فتخرج كلمات مؤلمه كالحمم تحرق النفوس قبل البيت

و لو إستمر التراكم و اللامبالاة لفترات طويلة، تتحول الحياة إلى سجن فتقل الأحاسيس الطيبه و يقل رصيد الذكريات الجميلة و تتراجع معاني الود و الرحمة و تحدث فجوة و يبتعد و ينطوي كل واحد في زاوية يهتم فيها بنفسه فقط و ينسى الآخر

الأحد، 23 أبريل 2023

الغيبة أفة و سوء الظن أقبحها


الغيبة هي ذكرك لإنسان بما يكره سواء بالقول أو بالفعل أو بالإشارة أو حتى بتقليد حركاته

سوء الظن بالآخرين يعتبر غيبة و آفة و لكن آفة للقلوب . وهي حرام مثل غيبة القول و ربنا بيقول [يا أيها الذين أمنوا إجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ] و رسول الله صلى الله عليه وسلم بيقول [إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث]

يعتبر المغتاب أكل للحوم الناس . و طبعا زي ما هي محرم قولها كمان محرم سماعها

من أكثر الأسباب إللي جعلت الغيبة تنتشر هي الحقد و الغيظ و الغضب فعلشان أشفي حقدي و غيظي و غضبي أذكر المساوء و العيوب و أتكلم فيها و أنسج حولها القصص و الروايات . و المشكله الأكبر هي مجاملة المغتاب ، يعني تلاقي الأصحاب قاعدين مع بعض و واحد يغتاب و الباقي بيسمعوا و كمان يشاركوا

و في ناس تانيه بتكون عاوزه تتصنع العلو و المباهاه فيحاول يرفع من قدر نفسه عن طريق الإنتقاص من قدر غيره فيقول مثلا دا جاهل و فهمه ضعيف و كلامه ركيك و غلطاته كثيره

و أخر سبب هو السخرية و الإستهزاء و تقضية الوقت بالضحك فيذكر عيوب غيره باللي يضحك الناس عليه على سبيل المحاكاه و التقليد

طبعا في أمور مباح فيها الغيبة ، زي مثلا عند التظلم ، يعني يجوز للمظلوم أن يذكر مساوئ و أفعال الظالم . و عند الإستفتاء ، يعني يشرح للمفتي أسباب الفتوى . و كمان عند الإستشارة ، يعني لو جه واحد و إستشارك في صهر أو شراكه مثلا ، لازم تقول ما تعرفه على جهة النصيحة و من باب الأمانه و شهادة الحق

و نخلي بالنا إن ربنا قال في كتابه [ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد] و الرسول الكريم قال [إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم]

السبت، 22 أبريل 2023

خبث الحاكم ... أغمض عينيك و أفقئ عيون أولادك


في زمن قديم، قديم جدا، كان يوجد حاكم على مدينة كبيرة، جاء نتيجة ثورة الناس على حاكم قبله ظالم. خلعه الناس و أسقطوه و عينوا هذا الحاكم الجديد بإنتخابات نزيهه، نزيه جدا

كان هذا الرجل يعمل جلادا خبيثا، يبيع الجلود للناس. و كانت ثروته كبيرة لدرجة أنه لا يجد مكانا يخفيها فيه. ففكر و قرر أن يرشح نفسه ليكون حاكما للمدينة بدلا من الظالم الجاحد، فيخفي ثروته في أي مكان يريد

أراد هذا الحاكم أن يجعل الناس أغنياء مثله و أن يرد لهم ما فقدوه من إنسانيتهم و علمهم و مالهم و أراضيهم نتيجة المغتصب الظالم الذي قبله. ذهب بالناس لأحلام جعلتهم يتخذونه كإلاه. وعدهم بالحرية و المال و العدل و المساواة

قال لهم أن مبدأه الأوحد لرفع شأن هذه المدينة هو الصناعة، سنبني المصانع التي تصنع كل شئ و أي شئ، و سنصبح أغني من أغنى دولة موجوده

فرح الناس بشدة و أصبحوا يهتفون بإسمه في كل موقف و كل مكان، فوق المساجد و الكنائس و فوق الأرض و حتى تحتها

إختار أعلى جبل في المدينة و بنى عليه أكبر و أضخم مصنع وجده إنسان، مصنع واحد فقط في المدينة، و لكنه يصنع كل شئ و كل الناس في المدينة يعملون فيه. و لكي تعمل عليك أن تتسلق هذا الجبل يوميا ذهابا و إيابا، عليك أن تصل قبل شروق الشمس و تعود بعد الغروب

رد على الناس بأنه هو المكان الوحيد الذي ينفع لبناء هذا الصرح العظيم فلن يستطيع أن يهدم بيوت و لا أن يردم الأنهار حتى يبنيه، فإقتنع الناس و وافقوا و كافحوا ليعملوا بداخله

بنى الحاكم - الخبيث و العادل - هذا المصنع و جعله أسود اللون من الداخل و من الخارج. و كان شرطه إذا أردت أن تعمل فيه، يجب عليك أن تغلق عينك و تعمل - حتى لا أحد يعرف سر المصنع طبعا - عليك أن تكون أعمى مؤقتا داخل المصنع. ستتعلم كل شئ و أنت لا ترى، فالسرية هي مفتاح العمل

وافق الناس على هذا الشرط العجيب و كانت أعطياتهم تزيد عن كفايتهم و تكفي أسرهم و تزيد، فأقبل الشعب كله على العمل في هذا الصرح العظيم. و أصبح كلام الناس يوميا عن قدرتهم على الصناعة بدون أعين، و أصبح الأعمى سيد قومه في هذه المدينة

و بعد فترة، بدأ يخرج هذا المصنع أول إنتاجه، لم يكن يعرف الناس ماذا ينتج و بصراحة لم يهتم أحد، ماداموا لم يروا ماذا يصنعون فلم يكن مهم شكله، المهم أن مستواهم المادي و الإجتماعي أصبح عاليا. و تحمل الناس مشقة الصعود و الهبوط من الجبل يوميا، لدرجة أن بعضهم أصبح لا يفتح عينه حتى في بيته

كان هذا المصنع لا يصنع أي شئ و لكنه كان يصنع الدخان، دخان أسود بلا رائحه، يلتصق على الوجه و العين، لا يزال إلا بتركيبة لا أحد يعرفها إلا الحاكم. ينتج المصنع من هذا الدخان يوميا مئات اللترات و ينشرهم أسفل الجبل عبر أنابيب موصولة إلى شوارع المدينة

بدأ ينتشر هذا الدخان بين الناس و أصبح حديث الساعه، بأن دخانا يتجمع على وجوه الناس و أعينهم و يفقدهم القدرة على الإبصار و لكن كثيرا من الناس لم يهتموا نظرا لكونهم أصلا من مغلقي العيون. و أصبح المتعلمين و الناصحين مغضوبا عليهم لأنهم ضد رؤية حاكمهم، الذي أغناهم و أرسى بينهم العدل و المساواة. ثم أصبحوا منبوذين و مطاردين، فكل من يتكلم عن الإبصار، يتهم بالخيانة و يحكم عليه بالنفي أو الموت

و ظهر جيل جديد من الأطفال يمنعهم أبائهم من فتح أعينهم منذ صغرهم بوضع هذا الدخان على وجوههم، حتى يكونوا عميانا منذ نعومة أظافرهم

و إرتفع أداء المصنع كثيرا و أصبح ينتج الدخان بكمية أكبر، حتى أصبحت المدينة تغرق فيه و وصل الدخان لكامل الطريق أعلى الجبل إلي المصنع

و لما شعر الملك بأن جميع الناس قد أصبحوا عميانا و أنهم يعمون أطفالهم الرضع، تيقن بعدها أنه لن يستطيع أحد الثورة عليه كما حدث للغبي الذي قبله. فقد إقتنع الناس بأن المبصرين، ما هم إلا ضرر و من يتكلم عنهم فهو خائن

و هنا بدأ بتنفيذ الجزء الثاني من مخططه، فبدأ بتعيين رجالا من خارج المدينة كجنود حماية له و ألبسهم عيونا على عيونهم ليستطيعوا الرؤية في الدخان. و نشرهم بين الناس و أدخلهم بيوتهم ليسرقوا أموالهم و يضعوا مكانها أوراقا غير نقدية لها نفس الملمس، فلم يعرف الناس أنهم سُرِقوا و لم يعرفوا أنهم خُدِعوا. و بهذا أصبح الناس معدمون و لا يعرفون أنهم معدمون

و لما إستقر وضع الجنود، بدأ بتنفيذ الجزء الثالث من المخطط، فبدأ يشجع الناس على الإنجاب و أشاع بينهم أن من ينجب طفلا مفقوء العين، سيكون له دعما ماليا كبيرا منه شخصيا و أنه سيتربى في قصر الملك. إقتنع الناس و أنجبوا الكثير و الكثير من الأطفال، و بالفعل قاموا بفقئ أعينهم، طمعا بالقرب من الحاكم ذو السيرة الحسنة أو في زيادة المال، أو قل الورق

و زاع سيط هذا الملك وسط ملوك المدن الأخرى، بأنه بنى جيشا من الرجال السود الذين يقاتلون و هم مغمضين العيون و لن يستطيع أحد محاربته. فزاد الناس حبا فيه و تعظيما له

و لكن الحقيقة أنه حقق ما يتفوق فيه و يؤمن به و هو بيع جلود هؤلاء الأطفال للمدن البعيدة ليجني من الأموال ما لم يحلم به يوميا، فلديه مدينة كامله تنجب له الجلود و عنده مكان واسع و مظلم لحفظ ماله بعيدا عن الخونه المبصرين

الخميس، 20 أبريل 2023

أنقياء بدلا من أتقياء


الكثير و الكثير من أجناس البشر بيعتبروا أنفسهم من أفضل البشر بل بيزيدوا الموضوع و بيعتبروا أنفسهم أنقاهم دما و عرقا . من الماضي السحيق كان معروف أن من يحمل الجنسية الرومانية هو أنقى إنسان و أعلى مكانة . ثم جاءت الصين و منعت أي إخلال بالعرق الصيني و منعت الزواح بغير الصيني . ثم جاء الهنود البراهمة ثم الألمان و الدماء الزرقاء . شعوب كثيره جدا صنفوا أنفسهم من الأنقياء إلا عرب ما بعد الإسلام - هم تقريبا و حدهم يخلون من هذه العقده - فالدين وصف الناس بالأتقياء بدلا من الأنقياء

و أكثر ما يشاع الأن كمقياس الأجناس هو لون البشره ، فكلما إزداد لون بشرتك سمرة و دكانة قلت معه مكانتك البشرية و حقوقك الإنسانية . وكلما زاد لونك إبيضاضا ، زادت معه مكانتك و حقوقك . إنما حتى لو كنت أبيض اللون كقطعة القطن مثلا فشكل رأسك يمثل قطعا عاملا لتقيد مكانتك في عالم أصحاب الحقوق . فأصحاب الرؤوس المستديره أصحاب أعلى مكانة مطلقة و أصحاب الرؤوس الطويلة هم الأقل درجة

طبعا لا يوجد أحد يستطيع إنكار أنه نشأ من نظرية تفاضل الأجناس مشاكل و مآسي طويلة أغرقت الأرض بدماء المتحاربين أدت لتدمير الحضارات . و لنا في الحضارة اليونانية مثلا و عبرة حتى جاء الإسكند المقدوني و دمرها و إنتهت حضارتها . ثم جاءت الحضارة الرومانية ثم الفارسية و إنهزموا و تفككوا أمام عرب الإسلام المؤمنين بتساوى الناس أمام أنفسهم و أمام ربهم ثم تحولوت أفكارهم إلى النقاء فتدهوت و إنتهت

الأربعاء، 19 أبريل 2023

لن نترك ورائنا أحد


تستطيع أي شجرة أن تعيش دهرا كاملا بدون أن تموت، فأكثر شجرة معمرة وصل عمرها لأكثر من ألفين سنة. و لكن في عالم الأشجار فالموت له تعريفه الخاص

طبعا تموت الشجره إذا إقتلعت من جذورها أو أصابها مرض فتاك فتذبل و تموت، و لكن إذا إستطاعت النجاة و راوغت و قاتلت فإنها ستظل لأبد الدهر حية ترزق

الغريب أن الشجر كأي كائن حي تموت الخلايا فيها يوميا و لكنها لا تترك هذه الخلايا لتتحلل و يعاد إستخدامها بقية الكائنات. إنها تحولها لنوع خاص من الخلايا الخشبية بعد تفريغها من محتوياتها. يتم نقلها إسموزيا حتى تصل لأقرب وعاء خشبي لها و تستخدمها في تدعيمه بعدما تلؤها بمواد لاصقه

الأكيد أن هذا النوع من التدعيم له مميزاته و عيوبه فالخلايا الميتة و المتخشبه توفر الدعم و لكنها في نفس الوقت تعتبر نقطة ضعف و باب لدخول المعتدين لداخل الشجرة نظرا لأنها تكون أسهل في الإختراق. و الشجرة على علم بهذا و تعرف الحل و لكنها تتمسك بمبدأها الأساسي هو أنها لن تترك وراءها أحد

لو عاوز تعرف الشجرة هتتصرف إزاي، إقراء البوست ده ( تقلص و تقمص )