السرطان كائن يستطيع بكل بساطه أن يغزو كل مخيلاتك، يشغل ذكرياتك، و يتغلغل في ثنايا جميع محادثاتك. إنه يستنفذ منك الحياة. هذا حال من يعمل معه، أما من يمرض به فهو سجين بمعنى الكلمه.
حياة سجين السرطان كحياة أي سجين آخر ( محبوس)، مستبعد عن الحياة، محكوم عليه بالوحده. عند دخول المريض لعالم السرطان فقد دخل لمعسكر إستبداد. معسكر فيه مشاعر العجز الجسدي و الإنهاك الفكري لا حدود لهما.
يحاول كثيرا من يعمل في علاج السرطان كيفية رعاية مريض السرطان، و لكنه لن يتعلم في البداية إلا كيف يكون سجانا، ثم يختار البعض منهم الرحمه، فيكون سجانا رحيما، فيبتعد عن الإستبداد و لكنه يأمر بالإستبعاد.
السرطان كائن قوي، له حبلا سميكا، يرتبط بالمريض و الطبيب و يربطهم معا، يسحبهم حوله، يجعلهم يدورون حوله. يفرض سيطرته عليهم، يغرقهم تماما في عالمه و في دوامته.
السرطان ككائن متسلط، يمسك بزمام الأمور ويفرض سيطرته على جميع من حوله. حياة المريض تتغير بالكامل، وكأنها أصبحت تدور في فلك جديد مليء بالتحديات والآلام. حتى الأطباء، الذين يُفترض أن يكونوا القادة في هذه المعركة، يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان متحكمين بتوجيهات المرض أكثر من كونهم قادة في مسيرة العلاج.
في هذا السياق، نجد أن العلاقة بين المريض والطبيب معقدة للغاية. الطبيب يسعى جاهدًا لفهم آليات السرطان وتقديم أفضل العلاجات، لكنه أيضًا محكوم بحدود العلم والتكنولوجيا الحالية. يتعلم الطبيب كيف يكون رحيمًا مع مريضه، يحاول تخفيف معاناته الجسدية والنفسية، لكن تبقى الحقيقة أنه يعمل ضمن نظام صارم، نظام يستبعد أحيانًا الأمل.
السرطان كإمبراطور لا يكتفي فقط بتأثيره على الجسد، بل يمتد ليشمل الحياة الاجتماعية والنفسية للمريض. المريض يشعر بالعزلة، وكأنه مستبعد عن الحياة الطبيعية، حيث يصبح كل شيء يدور حول المرض والعلاج. الأصدقاء والعائلة قد يجدون صعوبة في فهم المعاناة الكاملة، مما يزيد من شعور المريض بالوحدة.
معركة السرطان ليست فقط معركة جسدية، بل هي معركة نفسية واجتماعية أيضًا. المجتمع الطبي يسعى جاهدًا لتقديم الدعم والرعاية، ولكن التحدي يبقى كبيرًا. السرطان يفرض واقعه القاسي، ولكن بإرادة قوية وتفهم من الجميع، يمكن التخفيف من وطأة هذا الاستبداد وتحقيق بعض من الراحة والأمل للمريض.
السرطان قد يكون سجانًا قاسيًا، لكن العزيمة والإرادة والتضامن يمكن أن تكون الأسلحة الأقوى في مواجهة هذا العدو. الأمل يكمن في استمرار الأبحاث والتطورات الطبية التي قد تقودنا يومًا ما إلى كسر قيود هذا السجن، وتحرير من يعاني من هذا المرض اللعين.
و يبقى الأمل ...