الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024

إيجابي ولكنه سلبي... سلبي ولكنه إيجابي

 

في عالم الطب الحديث، بقى الكشف المبكر عن السرطان والتحاليل الطبية للكشف عنه والمتابعة عليه أدق وأقل عرضة للأخطاء بفضل التطور المستمر في الأجهزة الطبية والتحاليل المخبرية. كل جهاز بيقيس حاجة معينة دايماً بيكون فيه احتمال ولو بسيط للخطأ أو للتفاعل مع مكونات مختلفة في الدم، وأحياناً حتى الأشعة سواء كانت للتشخيص أو العلاج ممكن تدي قراءات غلط.

لكن السؤال هنا: هل الخطأ ده مقبول؟ يعني هل ممكن حد يكون مصاب بالسرطان لكن تحاليله تطلع سلبية؟ أو العكس، حد مفيهوش حاجة وتطلع تحاليله إيجابية؟ الإجابة نعم، الخطأ وارد، وإن كان بنسبة صغيرة، بس النسبة دي رغم صغرها ممكن تؤثر بشكل كبير على حياة الناس وأسرهم. الخطأ في التشخيص، سواء كان الشخص مريض وماتشخصش، أو غير مريض واتشخص غلط، ممكن يغير حياة كاملة.

في الأجهزة الطبية، معدل الخطأ غالباً ما بيعديش 5٪، لكن الخطر الحقيقي بيكون في الحالات اللي بيتم تشخيصها غلط. وعلشان كده، مع تطور التكنولوجيا الطبية وظهور أبحاث جديدة، بقت الأجهزة دي بتتحسن في دقتها وكفاءتها، وبيبقى فيه أكتر من تحليل بيتعمل عشان يثبت الإصابة أو عدمها. لكن في النهاية، المسؤولية بتكون على عاتق الطبيب، اللي لازم يبقى عنده الخبرة والدقة الكافية لتحليل النتائج واتخاذ القرارات الصح.

الموضوع ده بيسلط الضوء على أهمية الدقة والخبرة في التعامل مع التحاليل الطبية، وضرورة الاعتماد على أكتر من وسيلة تشخيص لضمان الحصول على نتائج دقيقة. رغم إن نسبة الأخطاء في التشخيص بتقل مع الوقت، إلا إن تأثيرها الكبير بيخلينا نركز على تحسين وتطوير أدواتنا الطبية باستمرار، عشان نقدر نقدم أفضل رعاية صحية ممكنة ونحافظ على سلامة المرضى.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 11 نوفمبر 2024

البارونويد ... إنسان مضْطَهَد و زوج مضطَهِد



البارانويد هو الشخص اللي دايمًا شايف إن الناس بتضطهده، وفي نفس الوقت هو مضطهد لكل اللي حواليه.

الإنسان الطبيعي ممكن يشك أحيانًا أو يسئ الظن، بس لما يلاقي نية كويسة، بيراجع نفسه وبيعترف لو كان غلطان. إنما البارانويد شكه هو محور حياته، ودايمًا شايف الناس حواليه سيئة ومؤذية، ولا ممكن يغير رأيه حتى لو الكل أثبت له إنه غلط. دايمًا على أعصابه، حاسس إن فيه مؤامرة ضده أو عدوان بيستناه.

الناس في نظره في قايمة سودة، عنده شعور دائم بالإضطهاد، بيبعد عن الناس ويصدر مشاعر عدم الراحة والعداوة، وسهل عليه يتحول لشخص مؤذي. عداوته بتظهر في انتقاده اللاذع، وسخريته الجارحة، وطريقته في الاستهزاء المؤلم. الكلام معاه مرهق وضياع للوقت، دايمًا يدور على دوافع خفية ومعاني مخبية في كل كلمة أو موقف، وعنده قدرة غريبة على تفسير الأمور بشكل سوداوي كله سوء ظن.

هو شخص معزول ووحيد، مش بيحس بمشاعر حد معندوش أصحاب. طبيعته باردة وسامة، مبتحسش منه بأي دفء أو مودة. ضحكته صفراء، وعيونه فيها سخرية، ودايمًا بيدافع عن نفسه بأنه عقلاني ومش بيعترف بأي عاطفة. بيشوف نفسه قوي وعنيد، لا بيقرب من حد ولا بيتنازل.

الشخصية البارانويدية بتظهر كتير بين المتعصبين والمطلقين. ولو لسه متجوز (شكلا أمام الناس فقط)، علاقته بشريكه دايمًا متوترة بسبب الشك والغيرة والتقليل منه. ولو عنده أولاد، علاقته بيهم بتكون مليانة عدم ثقة، دايمًا يكذبهم ويتهمهم ويتعامل معاهم بحذر شديد، ودايمًا مخيب للظن.

النتيجة إن الحياة الزوجية أو الأبوية مع الشخصية دي غالبًا بتكون فاشلة؛ مفيش حب بيستمر ولا مودة بتسود.

الأحد، 10 نوفمبر 2024

ثمرة الحياة

  

الأبوة والأمومة مش مجرد إنك تجيب أطفال، دي رحلة طويلة محتاجة حب وجهد وصبر. تربية الأولاد بتبدأ من أول ما يتولدوا وبتفضل مكملة طول حياتهم. الأطفال محتاجين حد يوجههم ويعلمهم القيم اللي تساعدهم يتعاملوا بشكل إيجابي مع المجتمع ويحققوا نجاح في حياتهم الشخصية والشغل.

الأولاد همّا المراية اللي بتعكس قيم وأخلاق أهلهم. لو اتربوا في بيئة فيها حب واحترام ومبادئ سليمة، فرصتهم تبقى أكبر إنهم يبقوا ناس مسؤولة ومفيدة لنفسهم ولللي حواليهم. عشان كده، مهم إن الأهل يكونوا قدوة كويسة لأولادهم في كل تصرفاتهم، ويعلموهم قيمة الصدق، والإخلاص، والعمل الجاد، والتعاون.

التربية مش حاجة سهلة، بالعكس، دي بتحتاج تفاني وتضحيات كتير. لازم الأهل يبقوا صبورين ويسمعوا لأولادهم ويفهموا احتياجاتهم ومشاكلهم. وكمان لازم يكونوا حازمين وقت اللزوم، ويحطوا حدود واضحة للتصرفات المقبولة والمش مقبولة.

وكمان، الأهل لازم يوفروا لأولادهم البيئة المناسبة اللي يتعلموا فيها وينمّوا فيها مهاراتهم ومواهبهم، ويقدموا لهم الدعم النفسي والعاطفي اللي محتاجينه.

الهدف مش بس في عدد الأطفال اللي بنجيبهم، لكن في نوعية الأولاد اللي بنربيهم. الأولاد الصالحين هما اللي يقدروا يبنوا مجتمع أحسن ويكونوا مصدر فخر وسعادة لأهلهم. عشان كده، لازم نهتم بتربية الأولاد ونهتم إنهم يكبروا على قيم ومبادئ تخليهم ناس صالحة وناجحة.

السبت، 9 نوفمبر 2024

رباط جزمة

 

كان رباط الجزمة يلتف حول نفسه بشكل معقد، مربكًا ومتورطًا في عُقد لا تنفك بسهولة. على رف الأحذية في المنزل، جلس منتظرًا بصبر أن يأتي أحدهم ويفك عُقده المتشابكة. كل صباح، كان يرى الأطفال يندفعون لارتداء أحذيتهم، لكنهم كانوا يتجنبون الحذاء الذي يملكه، بسبب تعقيد رباطه.

كان يتذكر الأيام التي كان فيها جديدًا، حيث كانت عقدته تتشكل بسهولة وتبقى ثابتة طوال اليوم، مما يوفر الراحة والأمان لمن يرتدي الحذاء. كان يفتخر بنفسه وبمدى كفاءته في أداء وظيفته. لكن مع مرور الوقت، بدأ يتعرض للتلف والتآكل. أصابته الخدوش والبقع، وأصبح أكثر هشاشة وتعرضًا للتشابك.

في أحد الأيام، قرر طفل صغير أن يرتدي هذا الحذاء الذي يملك هذا الرُباط. جلس وأخذ الحذاء بيديه الصغيرتين، وبدأ بحل عُقد الرباط بصبر و إهتمام. كان الرباط يشعر ببعض الألم مع كل محاولة لفكه، لكن الطفل لم يستسلم. وبعد جهد كبير، تمكن من فك العقد وارتداء الحذاء. أصبح الرباط يشعر بالارتياح والفخر، فقد عاد لأداء وظيفته مرة أخرى.

خرج الولد إلى الحديقة ليلعب، وكان الرباط يشعر بالسعادة وهو يرافقه في كل خطوة. في نهاية اليوم، عندما عاد إلى المنزل وخلع حذاءه، شعر الرباط بالفخر والإنجاز. أدرك أن رحلته لم تنتهِ بعد، وأنه ما زال قادرًا على تقديم الخدمة والراحة لمن يرتديه، مهما كانت التحديات التي يواجهها.

وبينما كان يستعد لمغامرة جديدة في اليوم التالي، كان الرباط يعلم أنه على الرغم من التآكل والتشابك، فإنه يمكنه دائمًا أن يجد طريقه إلى الأمام مع القليل من الصبر والعناية.

الخميس، 7 نوفمبر 2024

معركة الرشد

 


الإنسان لما يوصل لعمر الرشد بيكون تكوين شخصيته اكتمل، بيبقى عنده وعي وخبرات يقدر يعتمد عليها وينقلها لغيره. شخصية الإنسان بتبدأ تتشكل من الطفولة، لكن بتكون لسه قابلة للتغيير بشكل بسيط، والتغيرات اللي بتحصل في المرحلة دي بتكون آثارها محدودة وسهل التعامل معاها.


لكن بعد ما الإنسان يوصل لعمر الرشد، شخصيته بتتحول من مرحلة التكوين لمرحلة السمات الثابتة. في المرحلة دي، السمات الشخصية بتبقى أكتر ثباتًا، وكل شخص بيتكون عنده سمات أساسية بتميزه، بتظهر في سلوكياته وردود أفعاله.


السؤال المهم هنا: هل السمات دي ممكن تتغير لو المواقف اللي بيواجهها الشخص كانت قوية بما فيه الكفاية؟ مثلا، هل ممكن أب أمين يضطر يشهد شهادة زور علشان ينقذ ابنه من السجن، أو يختار إنه يرفض ويشوف ابنه يتسجن؟ في الحالة دي، هيتواجه بمرارة الزور أو الندم. أو ممكن الزوجة العفيفة تتجاهل غلطة لزوجها، فتعيش بمرارة الخيانة أو مرارة السكوت.


الأضرار اللي بتحصل في المواقف دي بتكون صعبة التدارك، لأنها بتمس سمات أساسية زي الأمانة والعفة، سمات مش سهلة تتغير أو تتزعزع. في النهاية، الحل الوحيد غالبًا بيكون محاولة الإنسان إنه يجبر عقله وقلبه على النسيان.


ده الصراع اللي بيعيشه الإنسان الراشد، معركة بين سماته الثابتة وضغط المواقف اللي بيمر بيها. بيبقى فيه صراع داخلي كبير، وأحيانًا الحل الوحيد هو الاختيار الصعب ثم النسيان.

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

ماذا لو الأشجار أصبحت أنانية

 

تخيل لو الأشجار بقت أنانية، كل شجرة مركزة بس على نفسها، بتحاول تكبر وتستحوذ على أكبر قدر من الضوء والمياه، من غير أي اعتبار للي حواليها. كانت هتطلع فروع طويلة وعريضة تمنع أشعة الشمس توصل للأرض، وتحجز كل الموارد لها لوحدها. ساعتها مش هنشوف غير شجر عالي قوي، لكن تحته هيبقى مظلم، والزرع الصغير والزهور الجميلة اللي بتزين الأرض هيختفوا.

الشجرة لو كانت أنانية، كانت كمان هتستخسر تعطي ثمارها لبقية الكائنات. الثمار هتفضل على الفروع العالية، تكبر وتدبل من غير ما حد يلمسها، بدل ما تسقط وتسيب للحيوانات والطيور والبشر يستفيدوا منها. الطيور مش هتلاقي أكل، والحيوانات اللي بتعتمد على الفاكهة دي هتضطر تدور على مصادر تانية، ولو ملقتش، حياتها نفسها ممكن تتأثر.

كمان، مش هتميل إنها تمد جذورها بشكل متشابك مع جذور الأشجار التانية عشان تدعمها. في الطبيعة، الجذور بتتشابك مع بعض عشان الشجر يثبت ويقدر يقاوم الرياح والعواصف القوية. إنما لو شجرة ركزت على مصلحتها بس، هتبقى ضعيفة، وأول ريح ممكن تقتلعها من مكانها.

ولو كملنا الصورة دي، هنلاقي الطبيعة نفسها هتتأثر. الشجر مش بس بيزودنا بالأكسجين اللي بنتنفسه، كمان بيمتص ثاني أكسيد الكربون وبيقلل التلوث. لو الأشجار بقت أنانية ومبقتش عايزة تدي، هنلاقي الهوا بقى ملوث، والأكسجين قليل.

كل ده بيورينا إن الطبيعة أساسها العطاء، وإن الشجر بيعلمنا إن الحياة مش ممكن تستمر من غير مشاركة. الطبيعة مش مبنية على احتكار أو أنانية، لكن على توازن وتعاون، وكل كائن بيكون جزء من منظومة متكاملة عشان الكل يستفيد ويستمر.