السبت، 14 سبتمبر 2024

الصياد و شجرة الأحلام

 


في ذات يوم سرحت مع نفسي و تخيلتني و أنا أصيد القمر، قلت في نفسي و لم لا، فأنا صياد و أستطيع صيد القمر.


 رتبت سنارتي و وضعت طعمي، و رميت به لأعلى نقطة في السماء. حاولت مرارا أن أصل بالسنارة للقمر، في بدره مرة و في هلاله مره. كل مرة أفشل في إمساكه على الرغم من ثباته و عدم تحركه.


و في يوم رميت طعما فيه حِلم فأمسك به القمر، و شد سنارتي بقوة. تمسكت بها و عافرتها و غلبتها. نعم، لم أصدق نفسي في هذا اليوم، أني إصطدت القمر.


سحبته بكل قوة و سرعة، فلا أريد أن يراني أحد، فيأخذوه مني. أمسكته بيدي، كم هو كبيرا في السماء و لكنه صغيرا في يدي. وضعته أمام بيتي تحت التراب لأخفيه عن عيون الناس.


و في الصباح، فتشت التراب عنه و حاولت ان أرفعه، و لكنه تثاقل بين ذرات الطين. تعجبت و حاولت ان أشده بقوة، فظهر لي و كأنه نما به جذورا. تعجبت و أصبحت أحفر حوله لأرى كم جذرا له نما تحت الأرض.


نما للقمر جذور، و كأنه شجرة. تعجب ثم و ضعته مكانه و صببت عليه الماء. و في اليوم التالي ظهرت شجرة صغيرة في مكانه، شجرة عجيبة. و كأنها ليست ككل الأشجار، إنها فضية اللون و أوراقها بيضاء لامعه.


تجمع الناس حول بيتي ليروا ما هذه الشجرة العجيبة. أمسك أحدهم بورقة منها و قطعها، و قال أن بها كتابة صغيره. و ضعها أمام عينه و نظر فيها و قرأ.


قرأ كلام حب و كلام عتاب و سؤال. تسأل ما هذا؟ فهل هي رسالة محب لحبيبته؟ ثم أخذ آخر ورقة و قرأها، إنها أم تدعوا لإبنها. و أصبح الناس يتهافتون على قطع الأوراق من شجرتي، شجرة القمر و الأحلام.


ثم جاء الليل، و لم يظهر فيها القمر. تجمع الناس و الكل ينظر للسماء يبحث عن القمر، قال أحدهم، إن ضوءا يخرج من تحت شجرة الصياد الفضية، شجرتي. تجمع الناس حول الشجرة ثانية، ثم حفروا تحتها فوجودا القمر مدفونا تحت التراب و الشجرة تخرج منه. حاولوا إنتزاعه و لكن جذوره إمتدت لداخل الأرض بقوة و ثبات.


*** باقي القصة في صفحة قصة الصياد و شجرة الأحلام ***

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

من أكون


منذ حوالي سنتين قررت ان العب رياضه و ان اشد عضلاتي و اخس شوية. فشلت في الرياضه وهزمتني عضلاتي و لكني نجحت ان اخس.

اكتشف وقتها ان افضل حل لي هو ان اكتب، اكتب اي شئ، و في كل شيء اهتم به، و افكر فيه.

اكتشفت كم كنت بعيدا عن مهارة جميلة و كانها مهارة رياضيه، بعمل فيها عضلات برضه، بس عضلات دماغيه. كل كتاب اقراه و اي فيلم اشاهده و اي اغنيه اسمعها بتتحول جوايا لكلمات مبعثره و بحاول ان ارتبها، بدون معاير و لا ارشادات. اكتب و خلاص.

اكتشفت ان ذاكرتي دائما ما تتلاعب بالماضي بشكل مضحك ، و اني استطيع ان ارى شكل الماضي في صور عشوائية، كوميدية احيانا و احيانا مرعبه.

استطعت ان ارى مشاعري امامي تتحرك في كلمات، فنسجت بها معاني الحب و الكره و وضعتها بجمل تحمل في طياتها كثيرا منها. و كل ما احاول ان اكون حياديا في موضوع، تقوم عضلات مخي بمصارعتي لتتلف ذاكرتي و تقطع أحبال افكاري.

سألت نفسي مما اخاف، هل اخاف من المجهول؟ من الخسارة؟ من القدر؟ هل استطيع ان اراهن الحياة؟ هل خياراتي المستقبليه هي مصدر خوفي و رعبي؟

اكتشفت اني اخاف من التردد. و لو اردت ان انصح نفسي، فسأقول لها: لا تترددي و دعي خوفك وراء ظهرك، و لا تنسحبي، و حاولي، فالنجاح في المحاولة، و لا تحزني من الخساره، فكل الخسائر مكاسب.

بدأت بحب نفسي، ذاتي. بحثت في داخلي. رايت عظمة الخالق في الحياة، اخترت التأمل هواية. به رأيت الحب الذي يربط الأشياء ببعضها، مهدت لنفسي طريقا لحب أسرتي و اولادي و اصدقائي. و اقتنعت ان من لا يحب نفسه، فلن يحب احدا و لن يرى صور الجمال فيما حوله.

انها رحلة قصيره (مهما اصبحت طويله)، لن تفهم مكانك فيها إلا عند منتصفها، فوقتما تدرك، سيكون امامك فقط نصف الحياة او اقل قليلا. 

ستنظر بعين الحكمه الى ما فاتك منها، و بعين الندم على ما فرطت فيها، و بعين الرهبه فيما عرفته، و لكنك ستتجاهل، و ستتحول للهدوء و التقبل. ستختار مساحتك، و تهتم بهواياتك و بنفسك.

تذكر ان الجميع يقوم بتقييمك طوال الوقت، في البيت و الشارع و السوق و العمل. سيقيمك كل من ينظر اليك، بعين الحب او بعين الكره. سيقوم الجميع بوزنك، فهل انت ثقيل في الميزان فيختاروك، ام انك خفيف بلا قيمة كالهفئ و الصعلوك.

لن تكون ابدا كافيا، لا لنفسك و لا لأقرب الناس لك، فالراحه لن تكون صديقا، انها اختيار. ابحث دائما عن السكينة في احضان ابنائك و لو حتى للحظات. ضع بين يديك الفن النابع من الأنامل الصغيره، و توقف عند حكايات الطفولة، فهي البراءه.

ستجد ان مشاعرك تتضخم، حزنا و فرحا، كل الخيبات ستتذكرها، و كل الانكسارات ستكون امام عينيك، ستكتب عنها و تحولها لقصص ليس لها معاني حقيقية سوى خيبة امل في شكل بقيا أفكار.

الخميس، 12 سبتمبر 2024

فصل الأرواح

 


تخيل لو اكتشفنا سر رهيب و غريب، أن كل مرض له روح. روح تحاول تتلبس جسم الإنسان، عشان تلاقي لها شكل أو وجود ملموس. كل عرض بيصيب جسمنا ما هو إلا صراع بين الروح اللي بتحاول تفهم الجسم و تتحكم فيه، و بين الخلايا اللي بتحاول تدافع عن نفسها. كل ده في حرب غير مرئية داخل جسم الإنسان.


طيب لو لقينا طريقة نفصل الروح دي عن الجسم، مش العلاج هيبقى مختلف تماماً؟ هيظهر نوعين من الدكاترة و رجال الأعمال. النوع الأول هيقول: "نقتل الروح"، و ده هدفه الشفاء بأي ثمن، حتى لو مكسبه قليل. والنوع التاني هيفكر بطريقة أكثر براغماتية، يقول: "خلينا نفصل الروح و نحطها في جسم تاني لشخص أقل قيمة!"، و كأن حياة بعض الناس بقت مجرد أداة لعلاج الآخرين.


بمرور الوقت، العلاجات هتتقسم: علاج بيدمر الروح المرضية، و علاج بيحول المرض لجسم آخر، شخص آخر يموت بدالك عشان أنت تعيش.


فجأة، تلاقي نفسك قدام اختيارين لما تدخل مستشفى. يا إما تقتل الروح اللي جواك بالدواء المعتاد، أو تسلم شخص تاني ياخد مكانك و يشيل المرض عنك... و انت تخرج سليم.


تفتكر هتختار إيه؟

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

لو كنت مديرًا لشجرة

 


تخيل كده يوم تصحى وتلاقي نفسك مدير لشجرة! يعني إيه تكون مدير لشجرة؟ خلي بالك، الموضوع أكبر من مجرد ري أوراق وتقليم أغصان. دي مسؤولية ضخمة، كأنك ماسك فريق عمل كله عبارة عن فروع وجذور وأوراق، وكل جزء فيهم ليه مهمة خاصة.


أول حاجة لازم تركز عليها هي الجذور. آه الجذور! دي اللي مش بتبان، لكنها الأساس في كل حاجة. بالظبط زي المبادئ اللي بتحرك فريق العمل، الجذور هي اللي بتمتص المياه والغذاء من الأرض وتخلي الشجرة قوية. مسؤوليتك هنا إنك تضمن إن الجذور دي تاخد كل التغذية اللي محتاجاها. يعني لو الجذور سعيدة، الشجرة كلها سعيدة!


نيجي بقى للجذع. ده العمود الفقري، اللي بيربط كل حاجة ببعض. الجذع لازم يكون قوي، زي ما أنت لازم تكون صلب عشان تقدر تواجه الرياح والتحديات اللي بتيجي على الشجرة. لو إنت بتعمل شغلك صح، الجذع هيبقى زي الحديد، مستحمل كل حاجة!


ننتقل للأغصان، دي بقى الطموحات والآمال. الأغصان عايزة تطول وتكبر، بس لازم يكون فيه شوية تنظيم. متخليش الأغصان تكبر زي ما هي عايزة، لازم يكون فيه خطة منظمة. وتوزع الشمس والهواء والمياه بالتساوي عشان كل غصن ياخد فرصته في النمو. ده زي الفريق اللي كل فرد فيه محتاج دعم وتوجيه.


أما الزهور والثمار؟ دول بقى الـ"تشكيلة النهائية"، الإنجازات اللي الكل مستنيها. بعد كل التعب والاهتمام، لازم تراقب النتائج وتبقى مطمئن إن الثمار اللي هتطلع هتكون حلوة وجميلة. لأن دي الحاجات اللي الناس هتشوفها وتقول: "الله! شجرة دي جامدة، أكيد المدير بتاعها شاطر!"


إدارة شجرة هي مسؤولية تتطلب نظرة شاملة لكل مكوناتها. الجذور تحتاج للتغذية، والجذع يحتاج للصمود، والأغصان تحتاج للنمو بطريقة متوازنة، والثمار تحتاج للرعاية حتى تخرج بشكل جيد. وكل هذه الأدوار تتداخل مع بعضها البعض بشكل معقد، حيث يكون لكل جزء تأثير على الآخر.


فكما أن الشجرة لا تزدهر دون الاهتمام بكل أجزائها، كذلك المنظومة التي تديرها لن تحقق النجاح دون أن تهتم بكل تفاصيلها، من القيم الأساسية إلى النتائج النهائية.


إدارة شجرة مش مجرد مهمة روتينية، ده فن! لازم تهتم بكل حاجة، من الجذور لحد الزهور.

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

الفضاء و السرطان ... بين الإستلهام و الإلتهام

  

كان أحد أصدقائي بيتكلم عن الفضاء والكون، وبدأ يربط بين جزيئات تكوين الحياة على الأرض وجزيئات تكوين الكون من كواكب ونجوم وأقمار. وقتها لمعت فكرة في دماغي، وهي: لو اعتبرنا الكون جسد حي ليه فسيولوجيا خاصة بيه (ممكن نسميها فيزياء الفضاء مثلًا)، ليه مايبقاش فيه أمراض زي السرطان؟

سخن عقلي وقتها، وحسيت إن الفكرة كبيرة لدرجة إني بدأت أفكر فيها بجنون. الكون فيه حاجة اسمها الثقوب السوداء، اللي بتمتص أي حاجة قريبة منها، حتى الضوء، وكأنها تبتلع كل اللي حواليها.

فوقتها سألت نفسي نفس السؤال بس بشكل معاكس: ليه مايبقاش في أجسامنا "ثقوب سوداء" تقدر تبتلع مسببات الأمراض والخلايا المريضة وتخرجها من نظام الحياة اللي في جسمنا؟!

تخيل معايا، لو الثقوب السوداء في الكون زي خلايا مناعية ضخمة، دورها زي الأجسام المضادة اللي بتحاصر وتلتهم الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض. في جسمنا، الجهاز المناعي بيحاول دايمًا يتخلص من الحاجات اللي تهدد حياتنا، لكنه مش دايمًا بينجح في مواجهة السرطان.

السرطان هو في الأساس خلل في الخلايا، بتخرج عن السيطرة وبتبدأ تتكاثر بشكل غير طبيعي من غير ما تتوقف. فلو فكرنا في الكون من نفس المنظور، ممكن نبص على الثقوب السوداء كأنها طريقة الكون في الحفاظ على النظام عن طريق امتصاص أي حاجة "تخرج عن النظام". وكأن الثقوب السوداء هي وسيلة الكون الطبيعية لعلاج نفسه من أي فوضى.

ولو جينا لجسم الإنسان، فين الثقوب السوداء اللي تقدر تخلصنا من الأمراض؟ ممكن نبدأ نتخيل علاج مستقبلي يكون شبيه بالثقوب السوداء، حاجة تبتلع الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض وتخرجها من الجسد بدون ضرر لباقي الخلايا.

الفكرة دي بتفتح الباب لفهم أعمق لكوننا، وإزاي ممكن الكون يلهمنا في ابتكار حلول جديدة لأمراض معقدة زي السرطان. زي ما الكون عنده طرقه الخاصة في الحفاظ على توازنه، إحنا كمان ممكن نطور طرق تحافظ على توازن أجسامنا وتحمينا من الأمراض اللي بتخرج عن سيطرتنا.

فمين عارف، يمكن العلم في يوم من الأيام نستلهم من فيزياء الفضاء طريقة لإلتهام أمراض زي السرطان بطريقة مش بنقدر نتخيلها دلوقتي!

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 9 سبتمبر 2024

أحب حبك

 

في كثير من الأحيان أجلس و أتفكر في معنى كلمة أحبك. قرأت عن الحب و أنواعه، الحب الديني التصوفي، الحب العذري الهرموني، الحب من طرف واحد الأفلاطوني. و لكني مازلت لم أعرف المعنى الدقيق لكلمة أحبك.

في نوع من الحب نقع فيه بشكل لا إرادي، نوع من الحب لا يمكنك أن تلمسه و لا تحسه، يدخل بين خلاياك و يجعلك تحب نفسك. تسائلت دوما ماذا يحدث لنا فسيولوجيا عندما نقول لأحد، أحبك. يقول العلم (المجرد من المشاعر) أن الحب شعور ينبع من القلب، يعمل كمسكن لحلات العقل، فينتج تفاعلات تقاوم الألم و تدخلك في حالة من الهدوء و السكينة.

إذن فالحب هو قرار، هو جملة تضعها داخل قلبك، ببساطة و فطرة و براءة محبة الطفل. ,و بالتالي فهو الإعتناء بالقلب (ليس مجرد الإنجذاب و التعلق)، فهو خليط من المشاعر العاطفية والعقلية المرتبطة بمن نحب. لذلك فالحب لا يظهر إلا من خلال نتائجه، كما قال محيي الدين بن عربي.

السؤال هنا، هل أحب أن أكون في الحبّ دوماً؟ هل أحتاج الحب لأستمرّ على قيد الحياة؟ أجاوب نفسي و أنا أسمع عبدالحليم و هو يقول الحب سيبقى يا ولدي ... أحلا الأقدار، فتسكن ألامي و تهدأ أفكاري، و ترجع مؤشراتي الحيوية لطبيعتها.

و لكن الحب ليس شعور أناني، فحبي ليس فقط لقلبي، و لكن لإعطاء السكينة لقلب من أحب. فحبي يجب ترجمته على من أحب، و يصل له كما يحب، فيشعر به و يطمئن به. وفي نهاية المطاف، أدركت أن أجمل ما في الحب هو أن يقول لك بكل صدق: أحب حبك الذي يسكن قلبي ويجعل حياتي أكثر جمالاً وسعادة.