السبت، 17 أغسطس 2024

لا تأكل حبات الفاصوليا

 


وجد طفل و هو يلهو في أحد الغابات بعضا من البذور المدفونه بداخل زهرة، شكلها ليس كأي زهرة. إنها بيضاء كزهرة القطن و لكنها ليست كالقطن، إنها لا تحتوي إلا على ثلاث حبات كبيره لونهم أبيض. قال في نفسه إنها كحبات الفاصوليا السحرية التي سمعنا عنها و لكنها بيضاء. سآخذها و أضع عليها قطرات الماء فتنمو بسرعه و تطول حتى تخترق السحاب و ترسلني لعالم العمالقه، فأتصادق معهم أو يحاولو أكلي فأهرب منهم.


ذهب لبيته متخفيا عن عيون أصدقائه و هو يحمل الثلاث حبات في يده. و أخذ يبحث عن مكان إستعدادا للنمو العظيم للفاصوليا و فكر بعمق حتى لا يتكسر سقف البيت من نمو الساق الكبير. وضع الحبات فوق التراب و وضع فوقهم بضع قطرات من المياه و إنتظر بشوق شديد أي إهتزازا يحدث و لكن شيئاً لم يحدث. قلب في الحبات، وضع ماء زياده، وضع فوقهم تراب أكثر، دفنهم، و لكن شيئاً لم يحدث.


أحس بإحباط غير طبيعي و من غيظه إبتلع الثلاث حبات، ثم ذهب ليلعب مع أصدقائه. و في المساء و هو نائم شعر بألم شديد في بطنه، أفاق من نومه و هو متألم بشده. تذكر أنه بلع الحبات و ظن بأنهم سينمو بداخله و تخيل أنهم سيخترقوه من بطنه و أنه سينفجر. أحس برعب غير طبيعي و أقنع نفسه بأنه ميت بلا محاله، فمستحيل أن ينفجر و يظل حيا. 


وضع رأسه بين يديه و أغمض عينيه و أخذ يبكي بشده. شعر بشعور غريب، شعر بأنه يرتفع في الهواء، لا يريد ان يفتح عينه فيرى جسده على السرير و يرى أحشاءه متمزقه و سيقان الفاصوليا تخرج منها. و لكنه أجبر على فتحهم بعدما إصطدم بسقف غرفته عدة مرات.


فتح عينيه فرأى أنه يطير في غرفته، الهواء يحمله لسقف الغرفه، كيف و لماذا. و أخذ يسبح في هواء الغرفه و يضحك بأعلى صوته. ثم إتجه نظره للشباك، أراد أن يطير في الخارج، يشعر كما تشعر الطيور، ففتح الشباك و طار.


طار بسرعة كبيره، ناحية السماء، و هو لا يعرف كيف يسيطر على سرعته، فقد توازنه و أخذ يترنح و يدور و هو يعلو في السماء و جاءته فكرة أنه سيطير ليخرج للفضاء فيضيع و يموت في برده. و لكنه إستعاد توازنه و وجه نظره ناحية السحاب و شعر بأُلفة شديدة و سبح ناحية أقرب واحده له، و إستطاع أخيرا أن يقترب منها، و لكنه رأى شيئا عجيبا و هو أن للسحب رؤوس كرؤوس الأطفال تعلو كل سحابة.


و في لحظة ملامسته للسحابه، إلتصقت يده بها و تبدلت أصابعه لتصير كالسحب في ملمسها، و أخذ التحول يتحرك في كامل يده حتى وصل لصدره ثم لأرجله و هو ينظر لجسده بخوف و ذهول و هو يتحول لسحابه بيضاء. ينظر يمينا و يسارا فيرى سحبا بروؤس الأطفال، بعضهم يصرخ و بعضهم يبكي و البعض الثالث مستسلم و نائم. و تذكر كيف قالت له أمه، لا تأكل حبات الفاصوليا ...


الخميس، 15 أغسطس 2024

أنت هو السر

 

في يوم سألت إحدى سيدات ورق الحظ، كيف أجدها و أنا لا أعرفها؟ فقالت إسحب ورقه، فسحبت. نظرت لي و قالت لن تجدها إلا فيما وراء الطبيعة، إنها ليست إنسية و ليست جنيه و لكنها تمثلهما. هي الأصدق منهما، إنتظر و ستراها بقلبك و ستأتي هي إليك وقت أن تكون مستعد.

سألتها من جديد و كيف أكون مستعدا؟ فقالت وقت تأرجحك بين شكك و يقينك، بين نفسك و نقيضك، وقتما تستطيع أن تثبت نفسك ثم تنفيها ثم تعود و تنفي نفيك لنفسك.

نظرت لها و لم أفهم منها أي كلمة، نظرت لي و قالت، إسحب ورقة أخرى، فسحبت. قالت يجب أن تعثر على مقامك، إسمو لعاليك، كن شمولي الرؤية. يجب أن يكون طريق شكك هو نفس طريق يقينك، يجب أن تقودك نفسك بإتجاه نقيضك، و نقيضك تجاه نفسك. وقت أن تترفع عن لعبة الإثبات و النفي، و قتها و وقتها فقط ستدرك الحقيقة الكاملة.

ستدرك أن كل شئ نسبي، كل شئ قابل للتغير و مؤقت، كل شئ قابل للزوال، كل شئ له مضاده الذي سيناقضه وقتا ما. لا توجد حقيقة كاملة و لا حقيقة مطلقة. لا يوجد شئ متجسد بالكامل، لا أنت و لا هي و لا حتى حبكما.

هي لست مجرد فكره و أنت لست مجرد إحساس، أنت الوجود بأسره، أنت الوجود من حيث الزمان و المكان، أنت الوجود من حيث المخلوق. أنت هو السر.

الأربعاء، 14 أغسطس 2024

جيران السعد و الهنا

 

بما ان الزرع كائن ذاتي التغذية، يعني يعرف كيف يعيش وحيدا، الا انه اذا ما وجد جيرانا له من البكتريا و الفطريات و ايضا من الدود فانه يعتبرهم جيران الهنا.

هؤلاء الجيران يكون لهم فوائد للزرع. بداية من مساعدة الزرعه على تثبيت نيتروجين اكثر، من الهواء، و انتاج انزيمات و هرمونات تمتصها الزرعه لمساعدتها على النمو، و زيادة معدل امتصاص الماء، و اخيرا الحماية من اللصوص و المتطفلين من الحشرات و بقية الكائنات.

تعتبر الميكروريزا (Mycorrhiza) جارة السعد و الهنا، و تعتبر من أهم أنواع الفطريات التي تتعايش مع جذور النباتات وتقدم لها فوائد عديدة. الميكروريزا تعزز امتصاص الماء والمواد المغذية، خصوصًا الفوسفور، من التربة إلى النبات. هذه الفطريات تشكل شبكة دقيقة من الخيوط الفطرية التي تتغلغل في التربة وتوسع نطاق امتصاص الجذور.

بالإضافة إلى ذلك، تساهم الميكروريزا في تحسين بنية التربة وتعزيز مقاومتها للتآكل. تفرز الفطريات مواد لزجة تعمل على لصق جزيئات التربة ببعضها البعض، مما يؤدي إلى تشكيل تربة أكثر استقرارًا وتماسكًا.

واحدة من الفوائد الأخرى هي الحماية من الأمراض النباتية. الفطريات الميكروريزية يمكن أن تعزز مقاومة النبات للأمراض من خلال إفراز مواد كيميائية تحفز دفاعات النبات أو من خلال منافسة مسببات الأمراض على المكان والمغذيات.

عندما تتعايش الميكروريزا مع النباتات، يصبح النمو أكثر صحة وكفاءة، مما ينعكس بشكل إيجابي على الإنتاجية والجودة. تعتبر هذه العلاقة التكافلية نموذجًا مثاليًا للتعاون بين الكائنات الحية في الطبيعة، حيث يستفيد كل من الطرفين من وجود الآخر.

الثلاثاء، 13 أغسطس 2024

هيلا ... شكل من الخلود

  

الخطوة الأولى في ابتكار أي دواء جديد هي تحديد التأثير المرجو منه. لعلاج السرطان، يجب تحديد تأثير الدواء على خلايا السرطان. وبما أن الدواء موجه للاستخدام البشري، يجب أن تكون الخلايا السرطانية المستهدفة من أصل بشري. لذا، يتم أخذ جزء من ورم سرطاني تم استئصاله جراحياً ووضعه في مستنبت خلوي في المختبر.

هناك العديد من السلالات السرطانية التي تم زراعتها والحفاظ عليها، لكن معظمها يفشل في التعبير بدقة عن طبيعة تشكل السرطان. ومع ذلك، فإن أشهر سلالة تم الحفاظ عليها بنجاح هي سلالة "هيلا"، التي سميت تيمناً بصاحبتها. تُستخدم خلايا هيلا على نطاق واسع جداً في الدراسات الدوائية والبيولوجية منذ أوائل التسعينيات وحتى الآن.

وفقاً للحسابات البسيطة، تم زراعة عدد كبير جداً من خلايا هيلا، حتى تجاوز عددها عدد خلايا هيلا التي عاشت طوال حياتها. هذا الأمر منحها شكلاً من أشكال الخلود، حيث ستظل تُذكر بها حتى بعد وفاة صاحبتها.

إرث خلايا هيلا يمتد إلى ما هو أبعد من الأبحاث الطبية والبيولوجية؛ فقد أثرت هذه الخلايا في تطوير العديد من العلاجات والأدوية، وأسهمت في فهم أفضل لأمراض عديدة غير السرطان، مثل الإيدز وشلل الأطفال. إن استخدام خلايا هيلا لم يكن مقتصراً على المختبرات فقط، بل أصبحت رمزاً للتقدم العلمي وأهمية البحث المستمر في إيجاد حلول جديدة للأمراض المستعصية. بذلك، تظل خلايا هيلا مثالاً حياً على كيف يمكن للعلم أن يخلد ذكرى الأفراد بطرق غير تقليدية، محولة إياها إلى أداة لا تقدر بثمن في خدمة الإنسانية.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 12 أغسطس 2024

المرأة المرآه


المعروف أن الرجال بيحبوا يتكلموا كثيرا عن نفسهم و عن إنجازاتهم و يتمنظروا أوي بكل حاجه عندهم و بيحاولوا يحولوها لمميزات في شخصياتهم. دا مش نقص، دا جينات.

في أدوار بتلعبها السيدات (الجامدين أوي) و بيفتكروا أنها مريحة للرجل و عن طريقها تقدر تكسبه و هي أنها مستمعة جيده لكلامه. و أنها بتقدر تمتص صدماته النفسيه و مشاكله الاجتماعية.

هنا السيدات بيلعبوا دور المراية و دا سلاح ذو حدين، من ناحية هي فاكره أنها لما بتسمعه بتقرب منه لأنه بيحكيلها، و من الناحية الثانية الراجل يلاقي نفسه بيتكلم معها كأنه بيكلم نفسه في المرآه لأنها مجرد مستمعة جيدة و لكنها جامدة لا تتحرك.

هنا الست وقعت في مأزق إن الرجل مش هيشوفها لأنه مش بيشوف غير نفسه و مع الوقت تلاقي الراجل بيستغرب لما تتكلم معاه و تناقشه لأنه معتبرها مجرد مرآه.

الأحد، 11 أغسطس 2024

التعلق ... قاعدة للأمان و الإستكشاف

 


التعلق هو اللبنة الأولى في بناء علاقة الطفل بالعالم من حوله. إنه الرابط العاطفي الذي يجمع الطفل بشخص يكبره سنًا ويهتم به بحنان ورعاية، وغالبًا ما تكون هذه العلاقة مع الأم. هذا التعلق ليس مجرد شعور عابر، بل هو غريزة مبرمجة داخل كل طفل، تساعده على الشعور بالأمان والراحة.


قام أحد الباحثين في المجال الإثولوجي (و هو العلم القائم على دراسة السلوك في البيئة الطبيعية و الآمنة) بصياغة نظرية عن سلوك التعلق عند الأطفال. 


و وفق هذه النظرية، يمر الطفل عبر سلسلة من مراحل التعلق بشخص يكبره سنا و يرعاه بإستمرار، و في الغالب تكون أمه.


قدم هذا الباحث دليلا على ان التعلق شعور مبرمج داخلنا، و أنه عبارة عن سلوك له قيمة تكيفية، و أن الطفل يستخدم هذا التعلق كقاعدة ليشعر بالأمان و يقوم بالإستكشاف. بخلاف كيفية تعبير الطفل عن حالة التعلق، سواء بالصراخ او البكاء او الشد و الجذب.


يبدأ الطفل في نهاية عامه الأول بإستكشاف العالم حوله و يتجه لما يجذب إنتباهه سواء بالصوت أو بالصورة. وقتها يبدأ الطفل في الإستجابة للمؤثر الخارجي، و لكنه في نفس الوقت يظل متمسكا بأمه لحاجته ان يشعر بالأمان و بالراحه.


و عندما ينمو في العمر، يكتسب خبرة أكثر عن حركته و تفاعلاته، فيتعرف على الأمور المؤلمة و الأمور الغير مؤذية. هنا يطور لنفسه تصورا ذهنيا نحو أفعاله و نحو من يرعاه و يزود نفسه بقدرة على توقع الأفعال و مردودها في المستقبل.


و بالتالي يعتبر التعلق جزءًا أساسيًا من نموهم العاطفي والاجتماعي. فمع مرور الوقت، يتعلم الطفل كيفية توقع ردود الأفعال والتفاعلات من خلال تجاربه الشخصية، مما يساعده على تطوير تصوّر ذهني أكثر نضوجًا لمحيطه ولعلاقاته الاجتماعية.