الثلاثاء، 13 أغسطس 2024

هيلا ... شكل من الخلود

  

الخطوة الأولى في ابتكار أي دواء جديد هي تحديد التأثير المرجو منه. لعلاج السرطان، يجب تحديد تأثير الدواء على خلايا السرطان. وبما أن الدواء موجه للاستخدام البشري، يجب أن تكون الخلايا السرطانية المستهدفة من أصل بشري. لذا، يتم أخذ جزء من ورم سرطاني تم استئصاله جراحياً ووضعه في مستنبت خلوي في المختبر.

هناك العديد من السلالات السرطانية التي تم زراعتها والحفاظ عليها، لكن معظمها يفشل في التعبير بدقة عن طبيعة تشكل السرطان. ومع ذلك، فإن أشهر سلالة تم الحفاظ عليها بنجاح هي سلالة "هيلا"، التي سميت تيمناً بصاحبتها. تُستخدم خلايا هيلا على نطاق واسع جداً في الدراسات الدوائية والبيولوجية منذ أوائل التسعينيات وحتى الآن.

وفقاً للحسابات البسيطة، تم زراعة عدد كبير جداً من خلايا هيلا، حتى تجاوز عددها عدد خلايا هيلا التي عاشت طوال حياتها. هذا الأمر منحها شكلاً من أشكال الخلود، حيث ستظل تُذكر بها حتى بعد وفاة صاحبتها.

إرث خلايا هيلا يمتد إلى ما هو أبعد من الأبحاث الطبية والبيولوجية؛ فقد أثرت هذه الخلايا في تطوير العديد من العلاجات والأدوية، وأسهمت في فهم أفضل لأمراض عديدة غير السرطان، مثل الإيدز وشلل الأطفال. إن استخدام خلايا هيلا لم يكن مقتصراً على المختبرات فقط، بل أصبحت رمزاً للتقدم العلمي وأهمية البحث المستمر في إيجاد حلول جديدة للأمراض المستعصية. بذلك، تظل خلايا هيلا مثالاً حياً على كيف يمكن للعلم أن يخلد ذكرى الأفراد بطرق غير تقليدية، محولة إياها إلى أداة لا تقدر بثمن في خدمة الإنسانية.

و يبقى الأمل ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق