السبت، 6 يوليو 2024

قرار

 
بعد أن أتم سن الستين و أصبح من المحالين على المعاش، وجد الرجل نفسه وحيدا بدون عمل، يصحى وحيدا و يأكل وحيدا و خاصة بعدما تزوج جميع أولاده و تركوا المنزل و إنفردوا بحياتهم و بأحوالهم. كان يعتمد على وجود رفيقته و زوجته و لكنها أصرت على تركه و العيش وحدها في غرفتها.

وجد الرجل أنه سيظل وحيدا للأبد، فقرر قرارا و أخذ يفكر فيه و يرتبه، ثم إتخذ قراره و لن يثنيه شئ عن هذا القرار.

قرر أن يلبس أقدم ملابسه، المهترئ منها، قميصا مقطعا و بنطال أرجله قصيره، و يجوب الأرض حافيا على قدميه. قرر ألا يكلم إنسانا، و ألا يأخذ دواء، و سيعيش في حديقة بعيدة عن بيته، يأكل من أوراق الشجر و حشائش الأرض و يشرب كما تشرب العصافير.

يعيش تحت السماء في العراء، و يقضي حاجته في الخلاء. صنع لنفسه حجرة من التراب الممزوج بالماء، بدون سقف أو غطاء. و قرر ألا يفكر و ألا يسمع و ألا يشعر و ألا يشتكي، و يستعد لكل ما هو آت.

الخميس، 4 يوليو 2024

الضمير ... جواز الخير و الشر

 
في عالمنا، لا يمكن لأحد أن يجزم ويضع حداً فاصلاً بين أفعال الخير وأفعال الشر. كل فعل يمكن أن يحتوي على جوانب إيجابية وسلبية، حسب وجهة نظر وقيم الفرد. الخير والشر هما مفاهيم نسبية تتبدل مع التغييرات في السياق والمواقف.

بالنسبة للكلمة التي تربط بينهما، فهي "الجواز". تعني أن الفعل قد يكون جائزًا أو غير جائز، حيث يكون جائزًا هو الخير وغير الجائز هو الشر، لكن كل فعل يظل فريدًا بذاته ويعتمد على سياقه. ما هو جائز في سياق معين قد يكون غير جائز في سياق آخر، مما يدفعنا لفكرة الضمير.

الضمير الواعي هو الذي يمكنه التفريق بين الخير والشر، والشعور بالملاءمة أو عدم الملاءمة للأفعال. يتعلق ذلك بحماية الخير ومقاومة الشر، وتأكيد على أهمية النسبية في إظهار الخير للآخرين وتجنب الشر.

بهذا، ندرك أن الحكم على الأفعال يعتمد على سياقها وظروفها، وتبقى قيم الخير والشر نسبية ومتغيرة وفقاً للتفاعلات الاجتماعية والأخلاقية المتعددة.

الأربعاء، 3 يوليو 2024

الجذر عالم و خواص

 
المعروف عن جذر النبات أنه العضو المسؤول عن إلصاق الزرعه في التربة و إمتصاص الماء و الأملاح و كمان بيقدر يخزن النشا و المواد الغذائية الأخرى في خلاياه. و هو من الأعضاء المهمة لتكوين الهرمونات النباتيه المسؤولة عن النمو و النضج.

الجذر عضو يتكون في بداية نمو الزرعه يعني أثناء الإنقسامات الجنينية الأولى. يأخذ مكانه في أسفل الجنين، حسب إتجاه الجاذبية، إستعدادا لتكوين باقي خلاياه و تكوين العالم الخاص به. 

الخلايا الأولية المسؤولة عن إنتاج الجذور موجوده في أسفل نقطة في الساق و هي في نفس الوقت أعلى نقطه في الجذر و هي المسؤولة عن تكوين الخلايا الأساسية و الخلايا المساعده للجذر و الأهم أنها تستطيع إنتاج جذور من أنواع أخرى حسب الطلب و حسب البيئة و تغيراتها. 

الجميل في الموضوع ان الجذر يرسل خلايا أولية لنفسه لأماكن مختلفه في الزرعه كالأغصان مثلا لتتموضع فيها و تظل ساكنه بلا نشاط حتى يحدث للزرعه إحتياج فتنمو و تصبح جذور هوائية، و الأجمل أنها قد تخلق لنفسها بلاستيدات خضراء للبناء الضوئي فتقوم بوظيفة ثانوية لتساعد الزرعه الأم في إنتاج الطاقة.

الجذر كعضو ينمو بإستمرار يحتوي على خلايا جديدة شابة العمر و خلايا مسنة قديمة. و أثناء النمو فإنه ينمو طوليا و دائريا، و بالتالي الخلايا الشابه ستكون ملامسه للتربة و المسنة تصبح داخليه للحفاظ عليها. 

و إحذر كل الحذر من محاولة قطع هذا الجذر لأي إعتبار. فهو المسؤول الأول و الأخير عن كل ما هو فوقه.

الثلاثاء، 2 يوليو 2024

ثورة الوعي ... هل توافق ان يقود وعيك، سرطان؟

 


من الأسئلة التي تثير الفكر وتحدي الإجابة عليها هي لماذا الكائنات الحية معقدة في تركيبها؟ لماذا توجد أعضاء متفرقة ذات وظائف محددة تتكامل مع بعضها البعض للحفاظ على حياة الكائن الحي؟ 


أحد التفسيرات الأكثر إثارة للاهتمام هو أن وعي الكائن الحي وإدراكه لا يمكن احتواؤه في مكان واحد فقط يجمع كل الأعضاء. الوعي البشري، على سبيل المثال، لا يكمن في العقل فقط ولا في القلب فقط، بل يتوزع على بقية الأعضاء. يمكننا ملاحظة ذلك عندما نتألم، حيث يتأثر وعينا، أو عندما نقارن وعينا بين وقت الاستيقاظ من النوم ووقت الاستيقاظ من التخدير، فنجد أن الوعي يختلف.


إذا كانت خلايانا تمتلك وعيًا للحياة ومتطلباتها، فهل تمتلك أيضًا وعيًا بالموت ومتطلباته؟ بعيدًا عن الآلية المعروفة لقتل الخلايا لنفسها، فإنها تدرك وتنفذ إنهاء حياتها، فلماذا تختار ذلك وتنفذه إذا كان ضد مصلحة العضو؟ هل تمتلك الخلايا وعيًا كافيًا لفهم المصلحة العامة الأكبر للحفاظ على جسم الكائن كوحدة واحدة؟ أم أنها تطيع الأوامر بدون وعي أو لأنها لا تمتلك القدرة على منعها حتى لو كانت نصف واعية؟


إذا كان العقل يجمع الأفكار من خلال نوافذه كالعين والأنف والأذن واللمس والتذوق، ويتم التحكم فيها عبر تفاعلات كيميائية متسلسلة بدقة، فهل يمكن أن يكون وعيه بحاجة إلى نوافذ مختلفة بعيدة عن الكيمياء؟ هل تكمن هذه النوافذ داخل أعضائنا وتتصل ببعضها بطريقة لا نعرفها؟


لنفترض أننا لكي نتحكم في وعي مجموعة من الناس نحو فكرة معينة، يجب علينا أن نضعهم جميعًا في مكان واحد وتحت نفس الظروف ونجعلهم يعانون بنفس المقدار، ليتشكل لديهم نفس الأفكار وبالتالي يتجهون نحو نفس الاختيار. الأغلبية العظمى لديهم إحساس بالخوف من التغيير. إذا كانت نفس الفكرة تنطبق على الخلايا في كل عضو، فهل يمكن تغيير وعيهم الجمعي بوضعهم تحت نفس الظروف؟ أم أنها ملزمة باتباع وعي أكبر منها لا يمكنها عصيانه، يتحكم فيه من يمتلك مفاتيح المناعة ضد التغيير؟


إذا كان مرض السرطان عبارة عن خلايا رفضت الانصياع للوعي المفروض عليها بطريقة ما، واستطاعت امتلاك مفتاح للاختباء والهروب من قبضة المناعة، فهل يكمن علاجها في إرشادها لطريق الحق والصواب أم تدميرها وتدمير كل من حولها؟ 


إذا كان السرطان عبارة عن ثورة تحدث داخل الجسد نتيجة رفض للظلم والقهر الجمعي في عضو معين، فهل علاجه هو استئصال جزء من هذا العضو لمحاولة تغيير وعي خلاياه المتبقية والوصول لحل يرضي طرفي النزاع؟ أم أن الثورة أصبحت نارًا ستلتهم جميع الخلايا؟ 


إذا كان العلاج قد استأصل كامل الثائرين وأبقى كامل المنهزمين، فهل سيستمر الرضا عن العلاج لوقت طويل؟ أم أن بعض الخلايا النائمة ستستيقظ لتنتفض وتفرض وعيها من جديد في نفس العضو أو في أعضاء مختلفة؟ 


هل الخوف الشديد من ظهور وعي جديد يخالف تمامًا ما جبلت عليه الخلايا هو المحرك نحو الإبادة وبالتالي حدوث الثورة أو السرطان؟ هل الخوف من الموت هو الطريق نحو الحياة أم أن حب الحياة هو الطريق لإبعاد الموت؟ 


أعتقد أن الحل الوحيد لعدم حرق أو استئصال كامل الجسد هو إعطاء فرصة للخلايا الثائرة أو المغيرة أن تقود العضو وتنشئ نوعًا جديدًا من الوعي ليقود بقية الأعضاء. 


ويبقى الأمل...


الاثنين، 1 يوليو 2024

توحد و تكامل

 


رغم أن الزواج هو تمازج شخصيتين وانصهار بيئتين والتصاق كيانين وذوبان فكرين، إلا أن لكل منهما شخصية منفردة. شخصية تحتاج دائمًا للتكامل، للتقدير، للتفاعل والاحترام.


الترابط الموجود بين الزوجين ليس مجرد ترابط قانوني أو اجتماعي أو ديني، بل هو ترابط نفسي وروحي. بوجودهما معًا، ينتجان حياة بنصف صفات الأب ونصف صفات الأم. حياة جديدة، ضعيفة، حنونة، طاهرة وناعمة. حياة مثيرة ومدهشة.


الحياة داخل البيوت النقية لا تتطلب أبدًا التطابق والتشابه، بل تتطلب التكامل. نحن بالتأكيد مختلفون، ولكننا في الوقت نفسه متكاملون.

الأحد، 30 يونيو 2024

العيون ... بداية الحدوته

 

الحدوتة تبدأ منذ زمن بعيد في الطفولة، حين كانت أعين الأب والأم هي أولى النوافذ التي نرى من خلالها أنفسنا. تلك النظرات الممتلئة بالإعجاب، القبول، التقبل، والمديح كانت هي المرايا التي تعكس نفسيتنا. ابتسامتهم كانت سعادتنا، وضحكتهم كانت جاذبيتنا.

كلمات مديحهم وإشارات رضاهم شكلت أعمدة أساس شخصياتنا، وثقتنا في مشاعرنا. معهم، نشعر بذاتنا وكياننا. ترتفع معنوياتنا معهم، ونزداد ثقة بأفكارنا. تزرع في أعماقنا إحساس بأننا جميلون ونستحق الحياة.

في عيونهم، نرى الاهتمام والرعاية، ونشعر أننا مهمون، لنا حضور ووجود وقيمة. يغمرنا شعور عميق بأننا قادرون على التأثير والتغيير. نظرة واحدة منهم كفيلة بتغيير تركيبتنا العقلية والنفسية، وتفكيك تعقيداتها، لتضفي علينا شكلًا خاصًا من الروعة والجمال.

عيونهم تحتوي على كل عاطفة الحب والتواصل. فيها التشابك والارتباط، الانتماء والعطاء، الرضا والاقتناع. عيونهم هي البداية، هي الحكاية، وهي الأصل في كل حدوتة.