الخميس، 6 يونيو 2024

حديث خبيث


طفلين يعيشان في نفس الشارع، أصدقاء صغار، ينتظرهم المستقبل بكل ما فيه من شروق و غروب. الولدان يلعبان يوميا مع بعضهم و يقضون كامل يومهم ملازمين لبعض إلا في بعض الأوقات يتفرقا ليذهب كل منهم لبيته و أسرته.

يتكلمون في كل شئ، عما يرونه و عما يسمعونه من أسرهم و من أبائهم و أمهاتهم و مدرسيهم و جيرانهم. يتثائب الأول من كثرة اللعب و أنه يريد أن ينام قليلا، فقال له الآخر عليك أن تضع يدك على فمك عندما تتثائب و إلا بال الشيطان في فمك، فرد عليه صديقه و قال إنه لا يبول بل يبصق، كيف لك أن تقول عن الشيطان مالا يفعله، لا يجوز أن تتكلم عنه أنه يبول في فمك و يكون عاريا أمامك. إنه يبول في أذنك فقط وقت الصلاة عندما تكون نائما فلا تستطيع أن تراه عاريا، أما إن كان أمام عينيك فإنه يبصق.

وثب الصبي من مكانه وقال أن أباه علمه أن الشيطان يبول و لا يبصق و أنه يصدق والده و خاصة أن أمه وافقته و شيخه وافقه و مدرسه وافقه. و قال الآخر أن أباه هو الأصدق و أنه يتعلم الدين من غير أهله و أخذ يتنمر على والديه، فإغتاظ الولد و غضب بشدة فأمسك بزمام صاحبه و ألقاه على الأرض و ذهب كل منهم لمنزله ليحكي لوالديه عما قاله صديقه فنصحوه بعدم الكلام مع هذا الخبيث مغير الدين.

الأربعاء، 5 يونيو 2024

سماد زراعي ... محاور نمو


عملية التسميد الزراعي تعتبر من اكثر العمليات تعقيدا، فالزرع لا يتكلم و لكن له لغة صامته. فلن تستطيع فهم احتياجاته، الا لو فهمت صمت لغته.

لغة الزرع تعتمد على عدة عوامل منها: كمية الاوراق و شكلها و لونها و توزيعها، و عدد الافرع الجانبية و استقامتها، و شكل الجذور و لونها و رائحتها، و كمية الزهور و معدل الإثمار و نضجهم.

الفكره هنا ان الزرع لا تظهر عليه المشكله الا في حالاته المتأخره، فالزرعه تقاوم الجفاف و تقاوم ندرة المكونات عن طريق تكسير خلاياها و اعادة توزيع المكونات حسب اهمية المرحلة العمرية و الهرمونية بداخلها. فإما ان تنمو او ان تعقد ازهارا لإنتاج الثمار، او ان تنتج اوراقا خضراء في مقابل منع الساق من ان ينمو لاعلى.

و بالتالي فان عملية التسميد يجب ان تكون في الاوقات التي ستحتاجها الزرعه، لا في الاوقات التي تقل فيها الكمية المخزنه بداخلها فتستهلكها الزرعه، فلا تجعل زرعك يشتكي ثم تبدأ في الحل، لان وقتها لن تستطيع النجاة بكامل الزرعه و ستفقد جزء مهما منها.

فكرة التسميد تعتمد على محورين: الأول كمية المادة داخل السماد و الثاني معدل تماسك المواد بالتربة و تعلقه بها حتى يتم إمتصاصه. فالمواد يجب ان تظل متعلقة بحبيات التربة حتى تتلاصق مع خلايا الجذور، فالجذر ينمو لأسفل و للجوانب ليس طلبا للماء و للمواد، و لكن نتيجة الجاذبية الارضية و شكل الأفرع فوق الارض. فلو لم يجد الجذر مواد لإمتصاصها، فان الزرعه تموت حتى لو المواد موجوده على مسافة قريبه و لكنها غير ملاصقه للجذر.

و بالتالي عند التسميد، عليك ان تضع السماد في منطقة الجذور و تروي بكمية من الماء تصل للجذور و تستقر عندها، فلا تنزل في الطبقات الداخلية للتربة و تأخذ معها المواد بعيدا عن الجذور.

الثلاثاء، 4 يونيو 2024

قبلات علاج و قتل

 

من حوالي خمسين سنة مثلا ، كان السرطان كلمة لا يمكن أن ينطقها أحد إلا بالهمس خشية إفاقة المرض من نومه و سباته. و ممكن تجد ناس بسيطه لحد اليوم يطلقون عليه المرض الوِحِش. و في الدوائر شبه المتعلمه تجد الناس بتطلق عليه كاشيكسيا cachexia و معناها أن السرطان قد أكل المريض حتى الموت.

و على الرغم من أنه مرض ليس بجديد، و على الرغم من أن الخوف لم يختفي، و لكن السرطان لم يعد كلمة صعبة و غير مقبوله بين الناس. يعني في السنوات القليلة الماضية - حوالي العشرين سنة - أصبح فيه تقبل بين الناس بالتكلم عنه و تدوال مواضيعه و حتى مشاهدة صوره.

و أصبحت الشركات التجارية تتنافس لبيع منتجاتها من خلال إدخال صفة السرطان في إعلاناتها لشدة إهتمام الناس بالموضوع. فمثلا قامت شركة لصناعة مستحضرات التجميل بعمل إعلان عن "قبلات للعلاج" و طبعا كان قصدهم أن بشرائك لأحمر الشفاه ستساهم و ستقدم تبرع للمستشفيات و مراكز لعلاج السرطان. 

الآن نرى منظمات و مؤسسات محترمة تجمع أموال للأغراض البحثية و العلاجية في مجال الأمراض. و أن أموال التبرعات تقسم بين فريق من العلماء و بين الأطباء المعالجين للمحاولة للوصول إلى فهم تعقيد دورة الحياة و دور السرطان فيها. 

و السؤال هنا هل حقا قبلات العلاج و فرق البحث و العلاج لهم دور حقيقي في العلاج أم أنهم مجرد آمال. و هل الشيطان فعلا خالد لن تقتله بضع قبلات ...

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 3 يونيو 2024

بدايات ساخنه و نهايات مثلجة


في بداية أي حياة زوجيه لابد أن نتوقع بعض المواجهات الساخنه، لابد من توقع الصراع. صراع سببه أن كل طرف له أسلوب حياة. هو في البداية كان واحدا و هو الآن إثنان، في البداية كان يتمتع بالحرية الكامله و هو الآن مسئولا و مشاركا. لكل طرف أسلوب و طريقة حياة، لكل طرف رؤية، فلسفة، مفهوم، عادات، إهتمامات، ألام و أفراح. فلابد أن يحدث الإصطدام بين الأساليب و بعضها.

في البداية عند الخطوبة يحدث إصطدام الحالمين و إصطدام الأحلام ليس له تأثير و لا ينتج عنه أي إنفجار و لكن بعد الزواج يحدث الإصطدام الواقعي الحقيقي المنفجر و الساخن جدا.

إصطدام غرضه - عند العقلاء - التنبيةإلى ضرورة التكيف فنوحد أساليبنا و نغير عاداتنا و نرتب إهتماماتنا. طبعا بدون إلغاء كياننا و شخصياتنا. و عندما نفهم و نهدأ - و نبرد - تأتي النهايات الجميلة و الحياة الهادئة و المشروبات المثلجة.

الأحد، 2 يونيو 2024

الطبع و التطبع ... خبرة المُربي و خيار المِتربي

 

في دراسة تعتبر طويلة و غريبة لدراسة العلاقة بين البيئة و الموروثات، قام العلماء بعمل إستبيان للأمهات التي تَعرِض أبنائهم للتبني و كانت تجيب على أسئلة هدفها تحديد سلوكياتها و سلوكيات أبو الطفل. شرط الدراسة أن يكون الطفل المُقدم للتبني في عمر أقل من أربع سنوات. و قاموا بتقسيم الأطفال إلى قسمين، الأول معرض وراثيا لسلوك العنف و الثاني غير مُعَّرض للعنف.

و عندما تم عرضهم للتبني، قسم العلماء الوالدين طالبي التبني إلى قسمين، أطلعو الأول على إستبيان الأم البيولوجية و على تفسيرات العلماء و الثاني منعوا عنهم معرفة الإستبيان و نتيجته.

و أُدخل المجموعتين من الأباء بالتبني إلى مجموعات دراسية هدفها تعليمهم الطرق المختلفه للتربية. فإما أن يختار الأباء بالتبني طريقة تربوية تعتمد على الدفء العائلي و التقبل و المشاركة في إتخاذ القرار مع الطفل أو يختاروا الطريقة العدائية التي تعتمد على التأنيب و تلقين الشعور بالذنب و التجنب.

و كان السؤال الأهم و المراد الإجابة عليه هو هل ستتغير طريقة التربية النابعة من الأباء بالتبني ناحية الأطفال نتيجة معرفتهم المسبقة بإحتمالية وراثتهم للسلوك العنيف؟

و للأسف الإجابة كانت نعم، فالأطفال المعرضون لوراثة السلوك العنيف كانوا يتلقون المعاملة العدوانية من والديهم بالتبني مقارنة بالأطفال الغير معرضين للعنف الوراثي. كما أن الأباء بالتبني في المجموعة الثانية التي لا تعلم عن الإستبيان قد عاملوا أولادهم بالتبني بطرق أكثر دفء و مودة.

و بالتالي يمكن إستخلاص إجابة السؤال بثلاث طرق، الأول هو أن الوراثة تلعب دورا رئيسا كجانب من جوانب الشخصية، الطريق الثاني هو الإيحاء بأن لكل صفة في الشخصية مكون وراثي، و الطريق الثالث هو أن شخصية الفرد ممكن أن تلعب دورا كبيرا في خلق البيئة و أن تتحكم فيها و بالتالي تغيرها. 

السبت، 1 يونيو 2024

إنتحار السفاح


-----------------------------------------------------------------------------------قصة قصيره لا تمت للواقع بصلة و ليس لها اي معنى و لا دليل سوا انها بقية من بقايا أفكاري ...
-----------------------------------------------------------------------------------


بعد معاناة طويلة مع المرض، قرر أن يقتل نفسه، هو القوي و المخيف و ذو السلطان الذي يهابه الناس، لا يعجز، فلن يترك نفسه ضعيفا أمام الطامحين. جهز حبلا سميكا و ربطه بقوة ثم وقف على كرسي و شنق نفسه. سمع صوت رقبته و هي تتكسر، و لكنه لم يمت، لا يستطيع أن يتحرك و لا يستطيع أن يصرخ، إنه مازال حيا و لكنه لا يتحرك.

شعر بهزة عنيفه تجتاح جسده، لا يحس بالألم و لكنه يحس برعشه و كأن شيئا محشورا في جسده يحاول الخروج منه، شيئا يمشي تحت جلده، يتحرك لأعلى حتى وصل لرقبته و لا يستطيع الخروج.

ظل مكانه مربوطا من رقبته، يراقب بعينه ما يحدث، غابت الشمس، الأنوار مطفأة و الظلام أصبح دامس. إشتد عليه الوضع و أخذ يحرك رأسه يمينا و يسارا بقوة ليخرج من الحبل المربوط. و لكن فشلت كل محاولاته في التحرك و الهروب.

شعر بيأس شديد، فلا يستطيع الحياة و لا يستطيع الموت. أغمض عينه و نام. و في الصباح سمع صوت العصافير فإستيقظ و فتح عيونه ليتمنى أن يكون حلما و لكنه وجد نفسه كما كان بالأمس. حاول بكل جهده أن يتحرك و لكنه لم يستطع.

ظل على هذا الوضع يومين كاملين، و في اليوم الثالث بدأ يشم رائحة كريه تخرج منه، رائحة جثته. فزع الرجل بشدة فلم يفهم ما أحل به، هل فعلا بدأ يتحلل.

سمع صوتا لم يسمعه من قبل، صوت يهز في الهواء بشكل غريب، إقترب الصوت من أذنه و شعر بوخز. إزداد شعور الوخز و كأنها إبر كثيره تغرس تحت جلده. حاول أن يتحرك بسرعه و يحرك رأسه ليرى ماذا يحدث فيه. فطارت ذبابة سوداء بأجنحة زرقاء و وقفت على أنفه و خرج من بطنها أنبوب طويل مدبب و كأنه إبره. و أخذت تغرسه تحت جلد أنفه و وجهه.

طار عقل الرجل و لم يدري ماذا تفعل هذه الذبابه و لكن بعد يوم كامل من الوخز، رأى دودا يخرج من تحت جلده. فيشقق الجلد ثم تخرج رأس الدودة و تبدأ في لحظتها بأكل أطراف جلده المشتقق. رأى بأم عينيه فم الدودة و هي تأكله حيا كان أو ميتا.

مع كل قضمه من الدود تنهش فيها من لحمه، كانت الدموع تخرج من عيونه و يتذكر ما كان يفعله بالناس. تذكر مَن ظلمه، و من طغى عليه و من سرقه و من شتمه و من فضحه و من قتله. تذكر جيرانه و أصحابه و أهله. تذكر من دهسه بسيارته و من طعنه بسكين و من دس له السم في أكله.

ظل على هذا الوضع حتى أكل الدود رقبته فسقطت رأسه على الأرض و خرجت روحه المحشورة.