الخميس، 25 مايو 2023

البقاء لل.....


دائما بنقول و بنردد كلمات كالبقاء للأقوى و لكننا لا نفسر القوة نفسها . فهل هي قوة الجسد فالأسد مثلا أقوى من الثور فهل الأسد أحق بالبقاء حيا منه، أم قوة الصراع فالدفتريا مثلا أقوى من الإنسان فهل هي أحق بالبقاء من الإنسان، أم قوة العزيمة فالتسماح أحق بالحياة من كل الكائنات. و بالتالي فوصف القوة يعتبر ناقص

و إذا أخذنا البقاء يكون للأصلح فهل قتل الأسد للثور هو أصلح للأسد أو العكس إذا إستطاع الثور قتل الأسد فهل هو أصلح للحياة، و هل الدفتريا أصلح من الإنسان للحياة أو الإنسان أصلح منها. و هل التمساح أصلح للحياة من كل الكائنات نتيجة عزيمته و صبره الشديد. و بالتالي فوصف صالح يعتبر وصف ناقص

الفكره هنا أن البقاء على قيد الحياة يعتمد كليا على صفة أخرى غير القوة و الصلاحية - بخلاف أهميتهم - و لكن ترتيبهم يأتي تباعية. أما البقاء يأتي دائما للأقدر، القدرة هنا هي القدرة على المحافظة على النفس و النوع ككل

فإذا قدر الأسد المحافظة على نوعه و تمكنه في كل مره من قتل الثور فهو أقدر عليه و بالتالي هو المستحق للحياة - لكنه لا يستطيع - و بالمثل قدرة الدفتريا على قتل الإنسان أصبحت محدوده و أصبح الإنسان قادرا على مجابهة الدفتريا - و لكنه مازال غير قادر عليها تمام - و نفس الكلام ينطبق على التمساح فعزيمته تنقلب ضده إذا زادت عن حدها

البقاء للحياة ليس دائما للأقوى و لا للأصلح و لا للأقدر و إنما هو صراع دائم بينهم - [و تلك الأيام نداولها ] - و الدائرة دائما تدور. فالقوة تفقد و الصلاحية تفقد و القدرة تفقد. و لا يبقى عليها إلا من خلقها فالبقاء دائما و أبدا لله

الأربعاء، 24 مايو 2023

العلاج بالعزل


في عالم النباتات تلاقي الشجر بيعرف يعالج نفسه بطريقة ديناميكية و تشريحية و بيقدر يستغل قدرته على إنتاج خلايا جديدة لو أصيب بمرض و مش قادر على مواجهته

الشجر بيقوم بعزل الخلايا المصابه عن بقية الخلايا فتلاقيه بيبني جدار عازل و سميك حول الإصابة لمنعها من التغلغل بداخل الشجرة و بيفرز مواد بين الخلايا وظيفتها تقيد حركة الغازي من فطر أو بكتريا أو فيروس و الجميل إنه بيقدر يحول الخلايا الحية الملاصقة للغازي إلى خلايا ميتة ممتلئة بمواد يكرهها الغازي لتوجيه لمنطقة أخرى حية و لكنها محدده سلفا لتحجيمه و السيطرة على تغلغله

طبعا الخلايا المعزولة بتفقد وظيفتها و حتى لا تتأثر باقي الخلايا تقوم الشجرة بإعادة تكوينها من جديد بصورة صحيحة من الصفر أو من تحويل خلايا أخرى من نوع آخر إلى النوع المصاب لتمارس وظيفتها سريعا

الجميل في الموضوع إن الشجر يستطيع معرفة طريقة الغازي في التغلغل و بالتالي ينتج مواد كيميائية لمقاومته و الأجمل أنه يغير من تركيبة جدار الخلية و يزيد من حموضية الخلايا الداخلية لجعل البيئة غير مناسبة للغازي و يغلق الطريق أمامه
إستمرار الشجرة في المقاومة و في قدرتها على عزل الإصابة و تكوين خلايا جديدة و صحيحة سريعا هو في الحقيقة يعتمد على إستمرار حياتها

الثلاثاء، 23 مايو 2023

واحد ... مئة ... ألف ... عشرة ألاف


في جسم الإنسان تقريبا موجود حوالي ٢٥ ألف جين في الجينوم كله. كل واحد منهم مسؤول عن حاجه واحده و بيتفاعلوا مع بعض بطريقه منظمه جدا حسب المكان و الزمان و المؤثرات

لحد دلوقتي إتحدد تقريبا ٣٥٠ منهم على الأقل كجينات سرطانية محتمله. و طبعا وفق بعض التغيرات ممكن يرتفع العدد للألاف و كمان عشرات الألاف من الجينات

و بما أن كل مرض بيكون له توقيعه الجيني الخاص به، فكل نوع من السرطان بيكون له توقيعه الجيني الخاص به جدا جدا. يعني كدا هل السرطان مرض واحد ولا مئات الأمراض ولا حتى عشرات ألاف من الأمراض

زمان كان بيتم تصنيف السرطانات على أنها حميدة أو خبيثة، هرمونية أو غير هرمونيه، حادة أو مزمنه. بس دلوقتي بقت التصنيفات معقدة أكثر و بقت على حسب الجينات السرطانيه و التوليفات المختلفه. و كان سرطان الدم بس مثلا نوعين و مع الوقت بقى عشر أنواع و دلوقتي بيوصل لأقل قليلا من مئة نوع و في المستقبل هيوصل لألف نوع

الفكره هنا ان كلما تعلمنا أكثر و تعمقنا أكثر في عالم السرطان، كلما إكتشفناه أكثر، و عرفتا أننا لا نتعامل مع مرض واحد بشكل واحد كبقية الأمراض و لكننا نتعامل مع مرض عنده القدره على إنشاء عشرات و مئات و حتى ألاف الأنواع منه، تكون موجوده داخل السرطان نفسه. و لعلاجه علينا أن نعالج جميع هذه الأنواع في نفس الوقت

و يبقى الأمل

الاثنين، 22 مايو 2023

لتسكنوا بينكم


الأصل في الحياة أن يكون هناك زواج. رجل مؤهل أن يكون زوجا و أيضا إمرأة مؤهلة أن تكون زوجة. و يذهب الرجل للمرأة لتكون زوجته و سكنه و تذهب المرأة للرجل ليكون زوجها و سكناها

ربنا بيقول [ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها و جعل بينكم مودة و رحمة]

هنا ربنا إستخدم كلمة أزواجا مش نساء ، معنى كدا إن السكن لن يتحقق إلا بعلاقه زواج و حلال، يعني لازم المرأة تتحول إلى زوجة و الرجل إلى زوج، ولا يمكن أن ينعموا مع بعض بالسكن إلا بالزواج

و كمان ربنا قدم السكن على المودة و الرحمه فإذا قام السكن ظهرت المودة و الرحمه بينهم . وقال [بينكم] يعني المودة و الرحمه مشاعر متبادلة ولن تظهر إلا من خلال تبادل الطرفين

و المقصود بالسكن هو شعور السكينة. و السكينة هي الطمأنينه و الشبع و الستر و الراحة و السرور. فهو ليس حوائط و أرضيات و لا تشطيب و عفش و ديكور و لكنه طيب معشر و تفاهم و رحمة، فخير متاع الدنيا هو الزواج الصالح

الأحد، 21 مايو 2023

رسائل و عصا برتقالية


بعدما دق جرس الحصة الثانية، نهضت مسرعا و مشيت في طرقة المدرسة الطويل لأتوجه وحدي إلى المكان المحظور إستخدامه أثناء اليوم الدراسي إلا في فتراة الراحه الوحيده. نظرت حولي بحذر و مشيت مسرعا كأني أطير و قلبي يخفق من الفرحه، إنه يظهر أمامي بكل غرفه، أنه خالي، لا يوجد به أحد. و هذا هو المطلوب

أنه حمامي المفضل، بابه مفتوح و رائحته نظيفه، الشمس تتخلل الشباك و الهدوء يعم المكان. لم أذهب إليه متخفيا لقضا حاجاتي الطبيعية و لكني ذهبت إليه حتى أستطيع أن أكتب ردا على الرسالة المكتوبة

دخلت الحمام و أغلقت الباب ورائي في صمت و حذر، رأيت عددا من الرسائل مكتوبة بعشوائية و لكننا كنا نتبادلها في مكان معين. قرأت ما قد كُتِب و مسحته ثم أخرجت قلمي و بدأت في الكتابة

كنت قد عرضت على صديقي، صاحب الكتابة، و أنا لا أعرفه و لا هو يعرفني، أن نتقابل خارج المدرسه بعد إنتهاء يوم الخميس عند صاحب البقالة المواجه للمدرسه. و جائني الرد بالموافقه و مرسوم بجانبه وجه مبستم

رديت على الرسالة بأني سأكون مرتدي بنطال المدرسة و تيشرتا أزرق و أنه يجب عليه أن يلبس نفس الملابس. و خرجت مسرعا حتى لا يراني أحد فيمسك بي متسللا في الحمام

و عندما إنتهى اليوم المدرسي، إنتظرت حتى خرج الأولاد من الصفوف و إرتديت تيشرتا أزرق و خرجت. ثم توجهت مسرعا في خط واحد ناحية البقال أمام باب المدرسة

يا إلاهي، أين هو الآن، إنهم تقريبا عشرة أولاد يرتدون نفس الملابس، لا يمكن أن تكون صدفه، فالإتفاق أننا لن نغير البنطال حتى لا يشك أحد في أمرنا. هل كلهم رأوا الرسالة و لكن أي واحد منهم يكتب حقا و أرد عليه

نظرت على الأرض لألتقط بعض الأفكار ثم نظرت لباب المدرسة فرأيت مشرف الدور مرتديا تيشرتا أزرقا و بنطالا كبنطال المدرسة، تخوفت بشدة و دق قلبي بالفزع، هل هو من يراسلني. هل سأقع في قبضته ليعرف أنه أنا من يراسله على باب الحمام. تبا، لن أبوح بكلمة و سأنتظر لأرى ماذا سيفعل

دخل المشرف علينا عند البقال و أحاطنا بقية المشرفين و أدخلونا المدرسة مرة أخرى، ثم رأينا عصا المدير البرتقالية و مددنا أيدينا في صمت مخيف، و أخذنا ما يقارب المليون ضربه على سطح أيدينا و أسفلها، و لم نستطيع أن ننطق بكلمة واحده

ثم أَخذ علينا تعهدا بعدم الذهاب للحمامات أو الكتابة على الأبواب

السبت، 20 مايو 2023

أمنية عيد الميلاد


إستيقظ من نومه على نشاط غير العادة، إستيقظ بروح جديدة، هادئة. فرد يديه في الهواء فأحس بخفتهم. إنهم أصبحوا بلا ثقل، رفع رجليه للأعلى، إنهم أخف من الهواء

نظر لنفسه في المرآه فرأى خيوطا حريرية تخرج من فمه و تلتف على بطنه و ظهره. تعجب و نظر بتمعن، أمسك بالخيوط و شدها. إنها متينة، قوية، لا تنقطع. أزاح كل ملابسه، فتش في نفسه، رأى ما أعجبه و أخافه. لقد أحيط جسده بخيوط من حرير

جاءته الفكرة على الفور، لقد تمنى و أجيبت أمنيته. كاد أن ينساها و ينسى عيد ميلاده. نظر في ساعته فوجد التاريخ قد تغير عما في خاطره. إنه شهر من ميلادي، إنه كان منذ شهرا ماضيا. تعجب و قال هل نمت شهرا كاملا

نظر حوله في غرفته فوجدها خاوية، خالية من الأثاث. إلا قليلا و لكن ما هذا ، هذه آثار أسنان. كأنها أسنان شكلها غريب، هل هي أسناني، فوضع يده في فمه و تحسسها فلم يجد أسنانه و لكنه وجد أسنان حاده كالقواطع. أين بقيت أسناني، هل سقطت كلها. صرخ بأعلى صوته، أين أسناني. صرخ و لم يسمع صوته، أين صوتي، و أين أذني

أنني جائع، جائع بشدة. أريد أن آكل أي شئ، أريد أن أكل هذا السرير، هذا الكرسي، هل أتذوقه. إنه له طعم جميل، إني أستطيع أن أكل أي شئ، أستطيع أن أكل سريري و أثاثي. إني جائع، جائع بشدة

ظهر خيط جديد في جسده، خيط إلتف حوله بشدة، إرتاح لقوته و ضغطه. كم أريد أن أنام الآن، كم أريد أن أضم يدي إلى رجلي، غطيني أيها الخيط، إضغط علي و لفني. فلنتشرنق و نروح في ثبات عميق

فتح عيونه من جديد، رأى الضوء من بعيد، حاول جاهدا أن يقوم من شرنقته و بعد عدة محاولات، إستطاع الخروج، حاول أن يمشي و لكنه سقط، ففكر في الطيران و إرتفع في الهواء، لقد تحول لفراشه، يا للجمال و الروعه، تحققت أمنيته، هو الآن كما تمنى في يوم ميلاده، إنه الآن فراشه