الخميس، 29 مايو 2025

أدوار الشرف... أجداد الصبر وأبناء الترف


#الأخلاق_القناعات_الإهتمامات_المهارات_القدوات

الشرف، في جوهره، ليس رتبةً تُمنح، ولا وسامًا يُعلّق على الصدور. الشرف حالة وجودية، طاقة متوارثة، وقصةُ صعودٍ وسقوط تُعاد بأشكال مختلفة عبر الأزمان. هو إرثٌ هش، يتغذى من العزيمة ويهلك في الترف، لا يحيا إلا في قلوبٍ تعرف الصبر، وتستشعر المسؤولية كرسالة مقدسة.

تمر دورة حياة الشرف بأربع مراحل، تمثل كل واحدة منها طبقة زمنية تحمل طابعها، وتسير في مسار محتوم إن غاب عنها الوعي.

الجيل الأول: النشأة في العدم، والانطلاق من الحلم.
هؤلاء هم بناة المجد، الأجداد الذين صنعوا من الألم طريقًا، ومن المعاناة معنى. كانوا يرون في الصبر فضيلة وفي الشقاء ضرورة. تواطؤوا مع الحرمان، وصادقوا الجهد، فجعلوا من الشرف حصنًا يُبنى لا غنيمة تُورث.

الجيل الثاني: أبناء الرواه.
تربوا على حكايات النضال، لكنهم لم يذوقوا مرارة الطريق. يحملون الشعور بالشرف، لكن دون جذوره. يملكون القوة، لكنهم يجهلون كيف تولد. فترى صبرهم متآكلًا، وإحساسهم بالمسؤولية مائعًا، كأنهم يعيشون في ظلال بطولةٍ لا يفهمونها.

الجيل الثالث: ورثة النعيم.
هؤلاء لا يرَون المجد إلا من شرفة الراحة. الترف أصبح قاعدة حياتهم، والاعتداد بالماضي غلافًا هشًا لا يحتمل الرياح. يُنفقون بلا حساب، ويفكرون بلا عمق، ويعيشون اللحظة كأنها دائمة، متناسين أن الشرف إذا لم يُسقَ بالجهد يذبل.

الجيل الرابع: مستهلكو الرماد.
هم أبناء الوفرة العمياء. لا يعرفون من المجد إلا صوره القديمة، ومن الشرف إلا شعاراته المستهلكة. يبدأون ببيع الذاكرة، ثم القيم، ثم الكرامة. وعندما ينفد كل شيء، يجدون أنفسهم عبيدًا في عالمٍ لم يعودوا يملكون فيه حتى حق الحلم.

هذا الإنغماس في الترف والاستسلام لحياة النعيم يضعف النفوس، ويقلل من إحساس الجهاد والمسؤولية، ويطبع فيها الفساد والاستغلال. يتدهور الحال إلى حد استباحة كل شيء، من قتل وهتك أعراض، في محاولة يائسة لاستعادة الأمجاد الضائعة، لكنهم يجدون أنفسهم في نهاية المطاف مُستعبَدين في مجتمعهم، وقد فقدوا كل شيء.

النهاية المأساوية لهذا الجيل تجعلهم يواجهون حقيقة أنهم ضيعوا ما كان يمكن الحفاظ عليه بالاجتهاد والعمل الجاد. الشرف لا يورث فقط، بل يحتاج إلى صبر وجهد للحفاظ عليه وتنميته، وإلا فإن الترف قد يصبح سببًا في فقدانه.

هكذا يُهدر الشرف، لا بضربة قاسية من عدو، بل بانحلال داخلي بطيء، يبدأ من لحظة الاستغناء عن المعاناة، وانتهاءً بلحظة بيع المعنى مقابل متعةٍ عابرة.

الشرف لا يُحفظ في خزائن الذهب، بل في خزائن الوعي. هو التزام لا يُفرض، بل يُختار. وإذا لم يلتفت الأحفاد إلى جوهر ما ورثوه، سيتحول المجد إلى قناع، والنعيم إلى لعنة.

فما بين صبر الأجداد وترف الأحفاد، تُكتب ملحمة الشرف... ويتقرر مصير العائلات.

تأثير الإجازات على تحسين الأداء


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


فاكر أول مرة خدت أجازة بعد فترة ضغط شغل مستمرة، كنت حاسس إني عامل زي عربية ماشية على آخر نقطة بنزين، وكل يوم كنت بقول لنفسي "هشد حيلك شوية كمان"، لحد ما وصلت لمرحلة بقيت مش قادر أركز، ولا أسمع كويس، ولا حتى أتكلم من غير ما أعصب.


لما أخدت الأجازة، حتى لو كانت أسبوع بس، حسّيت الفرق فورًا. نمت بعمق، اتفسحت، قضيت وقت مع الناس اللي بحبهم، قريت كتاب كنت مأجّله بقاله شهور، وكل ده ساعدني أرجع شغلي وأنا نشيط، ومخّي صافي، وقلبي خفيف.


كنت ملاحظ إزاي بعد الأجازة بقيت بحل مشاكل أسرع، وبرد بهدوء، وباخد قرارات أنضج. الإنتاجية زادت، والإبداع رجع، حتى زمايلي لاحظوا الفرق. كأن الجهاز اللي كان بيهنج، اتعمله ريستارت.


اللي اتعلمته؟ إن الراحة مش رفاهية، ولا ضعف. دي وقفة محارب، بيرجع منها أقوى وأوضح. الأجازة مش بتاخدك من شغلك، الأجازة بترجعكله بطاقة أعلى، وتركيز أعمق.


كل موظف لازم يعرف إمتى يوقف، عشان يعرف يكمل. الأجازة مش كسل، دي جزء من الخطة.

خد أجازتك، وارجع تاني تنور مكانك.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/

الأربعاء، 28 مايو 2025

الشجر باقٍ ببقاء الزمان



#إدارة_نباتية 

في عالم بيتغيّر كل ثانية، في وجوه بتمشي، وأصوات بتسكت، ومباني بتتهدّ، وحكايات بتتنسى… فيه كائن وحيد واقف، ساكت، بس بيحكي... الشجر.

عارف يعني إيه شجرة؟
يعني كائن ما بيجريش، ما بيهربش، ما بيغيرش مكانه… بس جوّاه عمق، حكمة، صبر، وسكون بيغيظ الزمن.

الشجرة مش بس ورق وخُضرة، الشجرة تاريخ.
بتبدأ من بذرة ضايعة وسط التراب، لا صوت ولا شكل، بس عندها يقين غريب إنها في يوم هتخرج للنور. مش مستعجلة، مش قلقانة.

بتستنى الميّه، وتستقبل الشمس، وتسمع للرياح، وتتعلم من كل فصل يعدّي عليها.

الناس بتفتكر إن الشجر ساكت. لكن اللي يسمع بصدق، هيلاقي إن الشجرة بتتكلم. بتحكي عن اللي عدى واللي جاي، عن اللي كان واللي لسه بيحصل. كل عقدة في جزعها، كل غصن مكسور، كل ورقة وقعت… شهادة.

في عزّ الضلمة، الشجرة بتفضل واقفة. وفي عزّ النور، ما بتتغرّش. زي العارف اللي شاف كل حاجة، وقرر يسكت، مش عجز، لكن احترامًا للصمت.

عشان كده الشجر باقٍ ببقاء الزمان. مش لأنه الأقوى، لكن لأنه الأعمق.

أكتر مرة حسيت فيها بحاجة لإجازة فورية


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


فاكر يوم من الأيام اللي كنت فيها في عز الضغط، الشغل مكركب، والمواعيد متداخلة، والتليفون مش بيبطل رن، والناس كلها بتسأل في نفس الوقت، وكل حاجة لازم تتسلم "امبارح"! ساعتها حسيت إني خلاص وصلت لآخر نقطة في طاقتي، وكإن بطاريتي خلصت شحن.


كنت عامل مجهود جبار في الشغل لفترة طويلة، بنام بالعافية، وبصحى بدري، ومفيش وقت حتى أفكر في نفسي. جسمى بدأ يدوّخني، ودماغي مش بتفكر صح، حتى ردودي على زملائي بقت قصيرة وجافة، وده مش طبعي خالص.


اللحظة اللي حسيت فيها إني محتاج أجازة فورًا كانت لما لقيت نفسي مش قادر أفتكر آخر مرة ضحكت فيها من قلبي أو قعدت مع ولادي آكل أكل هادئه من غير ما أفكر في الإيميلات. ساعتها قلت لنفسي: "لا، كده كتير. مش هعرف أكمل ولا أدي الشغل حقه وأنا فاضي من جوه كده."


قدمت طلب أجازة كام يوم. مش كتير، بس كانوا منقذين. خرجت من القاهرة، قعدت في مكان هادي، مفيش شبكات، بس فيه نَفَس. نمت، قريت، واتكلمت مع نفسي. رجعت بعدها شاحن طاقتي، وراسي رايقة، وبقيت أعرف أشتغل وأنا مبسوط.

الدروس اللي أخدتها؟ إن الراحة مش رفاهية، دي ضرورية عشان نعرف نكمل. وإنك لما تحس إنك مش قادر، ماتستناش تقع… خد نفسك قبل ما يتكسر.


خد أجازتك وانت رافع راسك. ده حقك، مش فضل.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/

الثلاثاء، 27 مايو 2025

الاختلاف ... ينفي أو يفني


#شغل_سرطان 

منذ قديم الزمان، وصلت إلى العالم قدرة استطاعت أن تجعل الزرع و البشر والحيوانات يصبحون من الأسياد، وهي القدرة على إستنساخ الخلايا.

تتكامل نصف خلية مع نصف خلية أخرى، وتتشارك البصمة الوراثية المتشابهة في تركيبها والمطابقة في دلائلها، لبناء خلية واحدة كاملة. هذه الخلية الواحدة تستطيع أن تنسخ نفسها لعدد لا نهائي من المرات، وتنتج نسخًا متطابقة يمكن من خلالها بناء منظومة كاملة من المستنسخين في جسد واحد.

بناءً على تعليمات مسبقة مختومة بداخلها، تخرج الخلايا بعد عدد محدد من الاستنساخات، وتبدأ في التشكل والتخصص لتنفيذ مهام مختلفة عن بعضها، لكنها في ذاتها تمتلك نفس التطابق.

تستطيع هذه الخلية الواحدة أن تعيش لفترة طويلة جدًا من الزمن بمساعدة مستنسخيها الأوائل ثم مستنسخيهم اللاحقين، ويفرضون على كل النسخ الخلوية الأخرى نظامًا ودورًا وحتى حياة.

يستمر هذا النظام حتى تحدث بعض الانفلاتات أو الشذوذ أو الأخطاء، فتنتج خلايا لها نفس الشكل الخارجي ولكن بصفات مختلفة. فكيف تتصرف الخلية الواحدة المخضرمة ناحية هذه الخلية المختلفة؟ بالطبع، لا يوجد سوى أن تُفنى بالقتل بغرض الحفاظ على المنظومة الجسدية بلا تغير. ولكن إذا كان السلاح المستخدم لن يؤثر عليها نتيجة اختلافها، فلا حل لها إلا النفي. ولكن أين ستُنفى هذه الخلية المختلفة؟

هل ستوضع في مكب النفايات على طرف بعيد من أطراف الأعضاء، أم أنها ستُلقى في بئر سحيق لتسجن تحت طبقة من الخلايا؟ عموماً، في كلا الحالتين ستظل حية وستظل تنقسم، وستكون لنفسها جمهورًا من مستنسخيها، لكنهم سيكونون من طبقة المنفيين.

إزاي برجع طاقتي بعد يوم طويل؟


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الحياة_الشخصية_والمهنية


كان فيه أيام برجع فيها البيت وأنا حاسس إني "فضيت خلاص". مجهود اليوم بيبقى ضاغط، والتفاصيل بتاكل في طاقتي واحدة واحدة. بس اللي كنت دائمًا متمسك بيه، إن استنزاف الطاقة مش معناه نهاية اليوم… بالعكس، هو بداية مرحلة الراحة وإعادة الشحن.


كنت فاهم إن لازم يكون عندي روتين بيرجعلي طاقتي من غير ما أستنى يوم الأجازة أو السفر السنوي. الموضوع كان بسيط، بس فعال جدًا.


أول حاجة كنت بعملها: أفصل. يعني أول ما أدخل البيت، الموبايل بتاع الشغل بيتحط على جنب. مش لازم أرد على كل رسالة في لحظتها. دي كانت خطوة كبيرة علّمتني إن راحتي تستاهل أولوية.


تاني حاجة: الدُش السخن. مفيش حاجة بتفصلني عن تعب اليوم زي المية السخنة وهي بتغسل عني توتر المكتب والزحمة والضغط. بعدها بحس إني إنسان تاني.


تالت حاجة: وقت خاص ليا. ساعات كنت بسمع موسيقى بحبها، أو أتفرج على مسلسل خفيف، أو حتى أقعد ساكت في البلكونة. المهم يكون وقتي أنا… مفيش ضغط، مفيش مهام.


ولو كان فيه فرصة، مكالمة مع حد بحبه كانت بتعمل فرق كبير. الكلام مع ناس بيفهموني ويرتاحوا لي، كان بيرجعلي إحساسي إني بني آدم مش بس موظف.


وكمان كنت حريص إن يبقى في أكلة بحبها في اليوم ده. الأكل بيأثر على المزاج والطاقة أكتر ما الناس متخيلين.


اللي اتعلمته؟ إني مش مضطر أستنى وقت طويل عشان أرتاح. الراحة ممكن تبدأ بخطوة صغيرة، بنية واضحة، وبقرار بسيط إن "أنا أستاهل أرجّع طاقتي".


الناس اللي بتنجح مش اللي بتشتغل أكتر… هما اللي بيعرفوا إمتى يوقفوا ويهتموا بنفسهم عشان يكملوا أقوى. وانا كنت منهم… ولسه بحاول أكون.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/