الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

الفضاء و السرطان ... بين الإستلهام و الإلتهام

  

كان أحد أصدقائي بيتكلم عن الفضاء والكون، وبدأ يربط بين جزيئات تكوين الحياة على الأرض وجزيئات تكوين الكون من كواكب ونجوم وأقمار. وقتها لمعت فكرة في دماغي، وهي: لو اعتبرنا الكون جسد حي ليه فسيولوجيا خاصة بيه (ممكن نسميها فيزياء الفضاء مثلًا)، ليه مايبقاش فيه أمراض زي السرطان؟

سخن عقلي وقتها، وحسيت إن الفكرة كبيرة لدرجة إني بدأت أفكر فيها بجنون. الكون فيه حاجة اسمها الثقوب السوداء، اللي بتمتص أي حاجة قريبة منها، حتى الضوء، وكأنها تبتلع كل اللي حواليها.

فوقتها سألت نفسي نفس السؤال بس بشكل معاكس: ليه مايبقاش في أجسامنا "ثقوب سوداء" تقدر تبتلع مسببات الأمراض والخلايا المريضة وتخرجها من نظام الحياة اللي في جسمنا؟!

تخيل معايا، لو الثقوب السوداء في الكون زي خلايا مناعية ضخمة، دورها زي الأجسام المضادة اللي بتحاصر وتلتهم الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض. في جسمنا، الجهاز المناعي بيحاول دايمًا يتخلص من الحاجات اللي تهدد حياتنا، لكنه مش دايمًا بينجح في مواجهة السرطان.

السرطان هو في الأساس خلل في الخلايا، بتخرج عن السيطرة وبتبدأ تتكاثر بشكل غير طبيعي من غير ما تتوقف. فلو فكرنا في الكون من نفس المنظور، ممكن نبص على الثقوب السوداء كأنها طريقة الكون في الحفاظ على النظام عن طريق امتصاص أي حاجة "تخرج عن النظام". وكأن الثقوب السوداء هي وسيلة الكون الطبيعية لعلاج نفسه من أي فوضى.

ولو جينا لجسم الإنسان، فين الثقوب السوداء اللي تقدر تخلصنا من الأمراض؟ ممكن نبدأ نتخيل علاج مستقبلي يكون شبيه بالثقوب السوداء، حاجة تبتلع الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض وتخرجها من الجسد بدون ضرر لباقي الخلايا.

الفكرة دي بتفتح الباب لفهم أعمق لكوننا، وإزاي ممكن الكون يلهمنا في ابتكار حلول جديدة لأمراض معقدة زي السرطان. زي ما الكون عنده طرقه الخاصة في الحفاظ على توازنه، إحنا كمان ممكن نطور طرق تحافظ على توازن أجسامنا وتحمينا من الأمراض اللي بتخرج عن سيطرتنا.

فمين عارف، يمكن العلم في يوم من الأيام نستلهم من فيزياء الفضاء طريقة لإلتهام أمراض زي السرطان بطريقة مش بنقدر نتخيلها دلوقتي!

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 9 سبتمبر 2024

أحب حبك

 

في كثير من الأحيان أجلس و أتفكر في معنى كلمة أحبك. قرأت عن الحب و أنواعه، الحب الديني التصوفي، الحب العذري الهرموني، الحب من طرف واحد الأفلاطوني. و لكني مازلت لم أعرف المعنى الدقيق لكلمة أحبك.

في نوع من الحب نقع فيه بشكل لا إرادي، نوع من الحب لا يمكنك أن تلمسه و لا تحسه، يدخل بين خلاياك و يجعلك تحب نفسك. تسائلت دوما ماذا يحدث لنا فسيولوجيا عندما نقول لأحد، أحبك. يقول العلم (المجرد من المشاعر) أن الحب شعور ينبع من القلب، يعمل كمسكن لحلات العقل، فينتج تفاعلات تقاوم الألم و تدخلك في حالة من الهدوء و السكينة.

إذن فالحب هو قرار، هو جملة تضعها داخل قلبك، ببساطة و فطرة و براءة محبة الطفل. ,و بالتالي فهو الإعتناء بالقلب (ليس مجرد الإنجذاب و التعلق)، فهو خليط من المشاعر العاطفية والعقلية المرتبطة بمن نحب. لذلك فالحب لا يظهر إلا من خلال نتائجه، كما قال محيي الدين بن عربي.

السؤال هنا، هل أحب أن أكون في الحبّ دوماً؟ هل أحتاج الحب لأستمرّ على قيد الحياة؟ أجاوب نفسي و أنا أسمع عبدالحليم و هو يقول الحب سيبقى يا ولدي ... أحلا الأقدار، فتسكن ألامي و تهدأ أفكاري، و ترجع مؤشراتي الحيوية لطبيعتها.

و لكن الحب ليس شعور أناني، فحبي ليس فقط لقلبي، و لكن لإعطاء السكينة لقلب من أحب. فحبي يجب ترجمته على من أحب، و يصل له كما يحب، فيشعر به و يطمئن به. وفي نهاية المطاف، أدركت أن أجمل ما في الحب هو أن يقول لك بكل صدق: أحب حبك الذي يسكن قلبي ويجعل حياتي أكثر جمالاً وسعادة.

الأحد، 8 سبتمبر 2024

صفات زوج المستقبل في عقل بنتي

 

أول ما سألت بنتي، اللي عندها 11 سنة، عن صفات زوجها في عقلها، شفت لمعة في عينيها وضحكة خفيفة كده. كانت متحمسة تفكر في الموضوع، بس في نفس الوقت، الموضوع كان بالنسبة لها لسه حاجة بعيدة وغريبة.

أول حاجة قالتها: "يكون طيب ويحبني"، بنتي كانت مركزة قوي على إن الشخص اللي تتجوزه في المستقبل يكون طيب. الفكرة دي طلعت عفوية وبسيطة، لأن الأطفال دايمًا بيدوروا على الحب والاهتمام. هما عايزين حد يكون معاهم في السراء والضراء، حد يحبهم من قلبه.

بعدين قالت: "يكون زي بابا... بس مش كله!"، هنا كانت المفاجأة. بنتي بتحبني وبتشوف فيا صفات كتير كويسة، وعايزة شريك حياتها يكون عنده صفات زي دي. بس في نفس الوقت، هي عارفة إن مش كل صفاتي بتعجبها. فيه حاجات في شخصيتي هي مش عايزاها تكون موجودة في زوجها. وده حاجة فرحتني، لأنها بتبين إنها بتفكر بعقلها في اللي يناسبها. بنتي عايزة شخص يشبهني في حاجات معينة، زي طيبتي واهتمامي بيها، بس هي مش عايزة كل صفاتي، لأنها بتدور على حاجات تكون أقرب لرؤيتها هي للحياة والسعادة.

ده بيدل على نضج كبير منها في التفكير، وإنها مش بس بتتبع اللي قدامها، لكنها بترسم طريقها بنفسها. بنتي مش عايزة تكون نسخة من اللي حواليها، لكنها عايزة تختار بحرص الصفات اللي تضمن لها حياة سعيدة ومليانة حب واهتمام بالطريقة اللي تتماشى مع شخصيتها وأفكارها.

الموضوع ده خلاني أفكر قد إيه أطفالنا بيشوفوا الحياة بنظرة نقية وبسيطة، وبياخدوا الأمور على طبيعتها. وفي النهاية، بنتي شايفة جزء من مثلها الأعلى في شريك حياتها هو والدها، لكنها برضو عارفة تختار اللي يناسبها ويخلي حياتها سعيدة زي ما بتحلم.

السبت، 7 سبتمبر 2024

قلب الوجود

 

بحثت طويلا عن المكان الذي ينبع منه الحب، و سألت كثيرا عن من علّمنا الحب، و فكرت كثيرا عن أول من أوجد الحب. رأيت حلما في أحد الأيام بأني أحفر في الأرض، في صحراء واسعه و قاحله، لا فيها زرع و لا حياة.

حفرت كثيرا و التراب غمرني من رأسي حتى قدمي، و لكني مازلت مشدودا كأن أحدا يقودني للحفر. حفرت نفقا يسير تحت الصحراء، أيام و ليالي و عرق و مجهود.

و عندها وجدت بابا صغيرا، صغيرا جدا، لا أستطيع حتى أن أفتحه من صغره. رقدت على الأرض و نظفت أصابعي من التراب، و حاولت جاهدا أن أمسك القفل. شددته بقوة، حاولت كسره و لكنه كان قويا للغاية. لم أعرف وقتها كيف أفتحه. لم أيأس و حاولت أن أحفر حوله و لكن الأرض كانت صخرية لا تتفتت و كأن الباب يخفي ورأه غرفة كبيره.

و لما هدأت و هدأت رغبتي في كسره، سمعت صوتا يأتي من داخله، صوتا كأنه صوت إمرأة. إنها تتكلم بلغة أعرفها و لكني لا أسمعها جيدا، صوتها كأني سمعته من قبل و لكني لا أتذكره. أريد أن أقترب من البابا، التصق به. حاولت جاهدا بأن أضع أذني على الباب لأسمع جيدا.

كتمت أنفاسي و حاولت أن أسمع الصوت و أُدخله في أذناي، تنصت بكل جوارحي، حتى قلبي لا أريد أن أسمع دقاته. دخل الصوت إلى قلبي و كأنه كان يكلمني، و تعرفت على ما كانت هذه المرأه تقوله.

كانت تقول: لقد عرفت مكاني، عرفت كيف تجدني، و لكنك لم تعرف كيف تفتح بابي، الباب إلي قلبي، فإحتياجات قلبي بسيطه، هو مفتاح، مفتاح واحد، و لكنك يجب ان تعرفه، فليس له بديل.

وجدت قلبي يرد عليها و يسألها من أنت و كيف أجد مفتاح قلبك. قالت: أنا قلب الوجود، قلب كل قلوب المحبين، قلوب التائهين و المحتارين. ستجد مفتاحي عندما تجد مفتاح قلب حبيبتك. 

حبيبتك التي تنتظرك، إذهب إليها، تكلم معها، و تعلم منها كيف تستمع لدقات قلبها. وقتها و وقتها فقط ستهدي هي إليك مفتاح قلبها و وقتها ستحصل على مفتاح قلبي. قلب الوجود.

الخميس، 5 سبتمبر 2024

النطاق المحدود بين رومنسية الزمن و منطقيته

 


الزمن، دايمًا بنشوفه بنظرتين: رومانسية ومنطقية، وكل واحدة فيهم ليها طريقة مختلفة في التعامل مع الوقت. من ناحية، الرومانسية بتخلينا نفتكر اللحظات الجميلة اللي عشناها، أو حتى اللي تمنينا نعيشها. بنعيش في الذكريات ونشوفها بألوان مختلفة، بنحس إن اللحظة دي كانت أحلى مما هي عليه في الحقيقة، زي لما نفتكر مكان كنا بنروحه وإحنا صغيرين ونحس إنه كان أكبر وأحلى بكتير.


على الناحية التانية، المنطق بيقول لنا إن الزمن ماشي على طول، مش بيقف لحد ولا بيرجع، بيمشي بخط ثابت وبيعدي بدون ما يهتم بمشاعرنا. الوقت بالنسباله عبارة عن أرقام وحسابات، وتخطيط للمستقبل ومسؤوليات لازم نعملها. النظرة دي أوقات بتخلينا نحس إن الزمن بيضغط علينا، وإننا لازم نجري ورا كل حاجة قبل ما الوقت يسبقنا.


التوتر بين النظرتين دول بنحسه في حياتنا كل يوم. ساعات بنبقى عايزين نستمتع باللحظة اللي إحنا فيها، نفصل ونعيش زي ما نفسنا، وساعات تانية بنبقى مجبرين نفكر في اللي جاي ونخطط له بخطوات مدروسة. الرومانسية بتدينا إحساس بالجمال في اللحظات اللي فاتت، أما المنطق بيفكرنا إن في حاجات لسة قدامنا محتاجين ننجزها.


اللي ممكن يكون غريب إننا نلاقي إن الاتنين دول مش ضد بعض زي ما بنفكر. بالعكس، هما بيكملوا بعض. الرومانسية بتخلينا نعيش اللحظة ونستمتع بيها، والمنطق بيدينا القدرة على التخطيط والنجاح في المستقبل.التوازن بين الرومانسية والمنطق هو اللي بيخلينا نعيش الزمن كحاجة فريدة، ما بين الحلم والواقع، وما بين الأمل والتفكير، و ما بين الرومانسيه و المنطقية.



الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

إدارة الزرع ... الإتقان والإخلاص

 

الزراعة تعلّم الأفراد قيم الإتقان والإخلاص في العمل بشكل عميق وملموس، وهي قيم يمكن تطبيقها في مختلف المجالات الإدارية. للحصول على إنتاج مثالي من الزراعة، يجب اتباع خطوات دقيقة ومنهجية بانتظام، مما يعكس أهمية الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي.

أولاً، يجب البدء بتنظيف الحشائش والنباتات المتطفلة. من الناحية الإدارية، يشبه هذا تحديد وإزالة العقبات التي تعيق سير العمل بكفاءة. إذا لم تتم إزالة الحشائش بشكل صحيح، فإنها تستنزف الموارد وتؤثر سلباً على الإنتاجية. لذلك، يجب التعامل مع المشكلات من جذورها لضمان عدم تكرارها مستقبلاً، وهو ما يعكس أهمية الحلول الجذرية والمستدامة في الإدارة.

الالتزام بمواعيد الري والرش يعتبر مثالا على أهمية الالتزام بالجدول الزمني في إدارة المشاريع. كل نوع من النباتات يحتاج إلى كمية معينة من الماء في توقيتات محددة، تماماً كما تحتاج المهام المختلفة إلى موارد محددة في أوقات معينة لضمان النجاح. عدم الالتزام بالمواعيد يمكن أن يؤدي إلى خسائر، سواء كان ذلك في الزراعة أو في المشاريع الإدارية.

في حال زراعة أشجار الليمون مثلا، يُظهر تفقد الأشجار وقطف الليمون الناضج أهمية المراقبة المستمرة وتقييم الأداء. عند قطف الليمون، يجب الحرص على عدم إتلاف الفروع لضمان استمرار الإنتاج. هذا يعكس أهمية الحفاظ على الموارد البشرية والمادية لضمان استدامة الإنتاجية في المنظمة.

تقليم الأشجار بانتظام لتحفيز نمو الفروع الجديدة وزيادة الإنتاجية يشبه عملية تقييم الأداء الوظيفي وتطوير الموظفين. كما أن التسميد الجيد يوفر العناصر الغذائية الضرورية للنباتات، مما يشبه توفير التدريب والتطوير المستمر للموظفين لزيادة كفاءتهم وإنتاجيتهم.

إدارة الآفات والأمراض في الزراعة تتطلب مراقبة منتظمة واستخدام المبيدات الطبيعية أو العضوية للحفاظ على صحة النباتات بدون الإضرار بالبيئة. في الإدارة، يشبه هذا مراقبة بيئة العمل ومعالجة المشكلات بطريقة لا تضر بالثقافة التنظيمية أو البيئة العامة للعمل.

في النهاية، تتطلب الزراعة صبراً وإخلاصاً كبيرين، وهما قيمتان جوهريتان في الإدارة الناجحة. الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والعناية اليومية بالنباتات يضمن الحصول على محاصيل جيدة وصحية، كما أن الاهتمام بالتفاصيل والتفاني في العمل الإداري يضمن تحقيق أهداف المنظمة بفعالية وكفاءة. من خلال تطبيق هذه المبادئ الزراعية بشكل منتظم، يمكن للإداريين تعلم الكثير عن الإتقان والإخلاص في العمل، مما يعزز من قدرتهم على إدارة فرقهم ومشاريعهم بنجاح.