الأربعاء، 3 يوليو 2024

الجذر عالم و خواص

 
المعروف عن جذر النبات أنه العضو المسؤول عن إلصاق الزرعه في التربة و إمتصاص الماء و الأملاح و كمان بيقدر يخزن النشا و المواد الغذائية الأخرى في خلاياه. و هو من الأعضاء المهمة لتكوين الهرمونات النباتيه المسؤولة عن النمو و النضج.

الجذر عضو يتكون في بداية نمو الزرعه يعني أثناء الإنقسامات الجنينية الأولى. يأخذ مكانه في أسفل الجنين، حسب إتجاه الجاذبية، إستعدادا لتكوين باقي خلاياه و تكوين العالم الخاص به. 

الخلايا الأولية المسؤولة عن إنتاج الجذور موجوده في أسفل نقطة في الساق و هي في نفس الوقت أعلى نقطه في الجذر و هي المسؤولة عن تكوين الخلايا الأساسية و الخلايا المساعده للجذر و الأهم أنها تستطيع إنتاج جذور من أنواع أخرى حسب الطلب و حسب البيئة و تغيراتها. 

الجميل في الموضوع ان الجذر يرسل خلايا أولية لنفسه لأماكن مختلفه في الزرعه كالأغصان مثلا لتتموضع فيها و تظل ساكنه بلا نشاط حتى يحدث للزرعه إحتياج فتنمو و تصبح جذور هوائية، و الأجمل أنها قد تخلق لنفسها بلاستيدات خضراء للبناء الضوئي فتقوم بوظيفة ثانوية لتساعد الزرعه الأم في إنتاج الطاقة.

الجذر كعضو ينمو بإستمرار يحتوي على خلايا جديدة شابة العمر و خلايا مسنة قديمة. و أثناء النمو فإنه ينمو طوليا و دائريا، و بالتالي الخلايا الشابه ستكون ملامسه للتربة و المسنة تصبح داخليه للحفاظ عليها. 

و إحذر كل الحذر من محاولة قطع هذا الجذر لأي إعتبار. فهو المسؤول الأول و الأخير عن كل ما هو فوقه.

الثلاثاء، 2 يوليو 2024

ثورة الوعي ... هل توافق ان يقود وعيك، سرطان؟

 


من الأسئلة التي تثير الفكر وتحدي الإجابة عليها هي لماذا الكائنات الحية معقدة في تركيبها؟ لماذا توجد أعضاء متفرقة ذات وظائف محددة تتكامل مع بعضها البعض للحفاظ على حياة الكائن الحي؟ 


أحد التفسيرات الأكثر إثارة للاهتمام هو أن وعي الكائن الحي وإدراكه لا يمكن احتواؤه في مكان واحد فقط يجمع كل الأعضاء. الوعي البشري، على سبيل المثال، لا يكمن في العقل فقط ولا في القلب فقط، بل يتوزع على بقية الأعضاء. يمكننا ملاحظة ذلك عندما نتألم، حيث يتأثر وعينا، أو عندما نقارن وعينا بين وقت الاستيقاظ من النوم ووقت الاستيقاظ من التخدير، فنجد أن الوعي يختلف.


إذا كانت خلايانا تمتلك وعيًا للحياة ومتطلباتها، فهل تمتلك أيضًا وعيًا بالموت ومتطلباته؟ بعيدًا عن الآلية المعروفة لقتل الخلايا لنفسها، فإنها تدرك وتنفذ إنهاء حياتها، فلماذا تختار ذلك وتنفذه إذا كان ضد مصلحة العضو؟ هل تمتلك الخلايا وعيًا كافيًا لفهم المصلحة العامة الأكبر للحفاظ على جسم الكائن كوحدة واحدة؟ أم أنها تطيع الأوامر بدون وعي أو لأنها لا تمتلك القدرة على منعها حتى لو كانت نصف واعية؟


إذا كان العقل يجمع الأفكار من خلال نوافذه كالعين والأنف والأذن واللمس والتذوق، ويتم التحكم فيها عبر تفاعلات كيميائية متسلسلة بدقة، فهل يمكن أن يكون وعيه بحاجة إلى نوافذ مختلفة بعيدة عن الكيمياء؟ هل تكمن هذه النوافذ داخل أعضائنا وتتصل ببعضها بطريقة لا نعرفها؟


لنفترض أننا لكي نتحكم في وعي مجموعة من الناس نحو فكرة معينة، يجب علينا أن نضعهم جميعًا في مكان واحد وتحت نفس الظروف ونجعلهم يعانون بنفس المقدار، ليتشكل لديهم نفس الأفكار وبالتالي يتجهون نحو نفس الاختيار. الأغلبية العظمى لديهم إحساس بالخوف من التغيير. إذا كانت نفس الفكرة تنطبق على الخلايا في كل عضو، فهل يمكن تغيير وعيهم الجمعي بوضعهم تحت نفس الظروف؟ أم أنها ملزمة باتباع وعي أكبر منها لا يمكنها عصيانه، يتحكم فيه من يمتلك مفاتيح المناعة ضد التغيير؟


إذا كان مرض السرطان عبارة عن خلايا رفضت الانصياع للوعي المفروض عليها بطريقة ما، واستطاعت امتلاك مفتاح للاختباء والهروب من قبضة المناعة، فهل يكمن علاجها في إرشادها لطريق الحق والصواب أم تدميرها وتدمير كل من حولها؟ 


إذا كان السرطان عبارة عن ثورة تحدث داخل الجسد نتيجة رفض للظلم والقهر الجمعي في عضو معين، فهل علاجه هو استئصال جزء من هذا العضو لمحاولة تغيير وعي خلاياه المتبقية والوصول لحل يرضي طرفي النزاع؟ أم أن الثورة أصبحت نارًا ستلتهم جميع الخلايا؟ 


إذا كان العلاج قد استأصل كامل الثائرين وأبقى كامل المنهزمين، فهل سيستمر الرضا عن العلاج لوقت طويل؟ أم أن بعض الخلايا النائمة ستستيقظ لتنتفض وتفرض وعيها من جديد في نفس العضو أو في أعضاء مختلفة؟ 


هل الخوف الشديد من ظهور وعي جديد يخالف تمامًا ما جبلت عليه الخلايا هو المحرك نحو الإبادة وبالتالي حدوث الثورة أو السرطان؟ هل الخوف من الموت هو الطريق نحو الحياة أم أن حب الحياة هو الطريق لإبعاد الموت؟ 


أعتقد أن الحل الوحيد لعدم حرق أو استئصال كامل الجسد هو إعطاء فرصة للخلايا الثائرة أو المغيرة أن تقود العضو وتنشئ نوعًا جديدًا من الوعي ليقود بقية الأعضاء. 


ويبقى الأمل...


الاثنين، 1 يوليو 2024

توحد و تكامل

 


رغم أن الزواج هو تمازج شخصيتين وانصهار بيئتين والتصاق كيانين وذوبان فكرين، إلا أن لكل منهما شخصية منفردة. شخصية تحتاج دائمًا للتكامل، للتقدير، للتفاعل والاحترام.


الترابط الموجود بين الزوجين ليس مجرد ترابط قانوني أو اجتماعي أو ديني، بل هو ترابط نفسي وروحي. بوجودهما معًا، ينتجان حياة بنصف صفات الأب ونصف صفات الأم. حياة جديدة، ضعيفة، حنونة، طاهرة وناعمة. حياة مثيرة ومدهشة.


الحياة داخل البيوت النقية لا تتطلب أبدًا التطابق والتشابه، بل تتطلب التكامل. نحن بالتأكيد مختلفون، ولكننا في الوقت نفسه متكاملون.

الأحد، 30 يونيو 2024

العيون ... بداية الحدوته

 

الحدوتة تبدأ منذ زمن بعيد في الطفولة، حين كانت أعين الأب والأم هي أولى النوافذ التي نرى من خلالها أنفسنا. تلك النظرات الممتلئة بالإعجاب، القبول، التقبل، والمديح كانت هي المرايا التي تعكس نفسيتنا. ابتسامتهم كانت سعادتنا، وضحكتهم كانت جاذبيتنا.

كلمات مديحهم وإشارات رضاهم شكلت أعمدة أساس شخصياتنا، وثقتنا في مشاعرنا. معهم، نشعر بذاتنا وكياننا. ترتفع معنوياتنا معهم، ونزداد ثقة بأفكارنا. تزرع في أعماقنا إحساس بأننا جميلون ونستحق الحياة.

في عيونهم، نرى الاهتمام والرعاية، ونشعر أننا مهمون، لنا حضور ووجود وقيمة. يغمرنا شعور عميق بأننا قادرون على التأثير والتغيير. نظرة واحدة منهم كفيلة بتغيير تركيبتنا العقلية والنفسية، وتفكيك تعقيداتها، لتضفي علينا شكلًا خاصًا من الروعة والجمال.

عيونهم تحتوي على كل عاطفة الحب والتواصل. فيها التشابك والارتباط، الانتماء والعطاء، الرضا والاقتناع. عيونهم هي البداية، هي الحكاية، وهي الأصل في كل حدوتة.

السبت، 29 يونيو 2024

أحبتني رصاصاتي و سكاكيني



أخرج الرجل ورقة و قلم. كتب رسالة لزوجته و أولاده و أصدقائه. يودعهم و يدعوا لهم بصلاح حالهم. إنها ليست رسالة سلام و لكنها رسالة إنتحار. قرر الرجل أن يخرج من حياة الجميع، حياة كل من حوله. قرر أن يأخذ روحه بنفسه، فهو يشعر بأن أحدا لا يريده. 

فتح درج مكتبه و أخرج مسدسه و نظفه و وضع رصاصة ذهبية ولامعه و ألصقه تحت فمه حتى تخترقه الرصاصة و تخرج روحه في الحال. لم يتردد للحظه و أطلق النار ثم سقط أرضا.

أفاق و فتح عينيه بعد ثواني و شعر بقلبه ينبض بشدة و قال في نفسه إنني سأموت الآن و لكني لا أشعر بأي ألم. تعجب و قال في نفسه ربما أخطأت التصويب. سأفعلها ثانية.

قام من مكانه و أخذ مسدسه و أخرج رصاصة ثانيه و جلس على الكرسي ثم إختار أن يلصقه على جبهته ثم أطلق. و سقط أرضا.

أفاق ثانية و فتح عينيه و قال في نفسه لقد أخطأت الهدف مرتين. أنا لا أعرف التصويب و لكن كيف و أنا ألصق المسدس علي جلدي.

جلس يفكر على مكتبه و قرر أن يضرب نفسه برصاصة ثالثه و لكن في أذنه، فوضع رصاصة ثالثة ثم ألصق مسدسه على أذنه و أطلق و سقط.

أفاق و قام للمرة الثالثة و كاد أن ينفجر و قال هذه طريقة ليست فعالة في الموت.

ذهب ليغسل وجهه ليفكر كيف يقتل نفسه بطريقه فعالة، و لما نظر في المرآه وجد الرصاصات الثلاثة ملتصقين في أماكنهم، واحده أسفل فمه و الأخرى على جبهته و الثالثة فوق أذنه. 

تعجب و إنتفض، لقد أطلقت الرصاصات و خرجت من المسدس، و لكنها .... حاول أن ينتزعهم من على جلده و لكنه فشل. أخذ يشدهم بقوة و لكنهم إلتصقوا عليه، إلتصقوا بشدة.

ذهل الرجل و لم يعرف ماذا يفعل، كان همه أن ينهي حياته و أصبح الآن همه أن يزيل الرصاصات الثلاثة من عليه قبل أن يعود أولاده و يروه.

لم يفلح الرجل في إزالتهم مهما حاول بكل الطرق لدرجة أنه حاول أن يقتلعهم بسكين و لكنهم كانوا كأعضاء نبتت على رأسه.

إستسلم الرجل بعد محاولات كثيره ثم قرر أن يكمل ما بدأه في قتل نفسه، فأخذ سكينا ليطعن نفسه في القلب. فجلس ثم مسكها و ضربها بكل قوته في قلبه. 

إخترقت السكين قلبه و لكنه لم يشعر بأنه قد مات. فتحسس السكين و حاول إخراجها و لكنها إلتصقت به بشدة غير طبيعية.

تعجب الرجل و ضحك بشدة لدرجة جعلته يبكي فأمسك بكل سكاكينه و أخذ يطعن نفسه في كل مكان و لكنه كان يفشل في كل مرة أن ينزع أي واحده من جسده مرة أخرى.

الخميس، 27 يونيو 2024

الهوية و الإجتهاد و التمزق المزدوج

 

تعتبر ازمة الهوية واحده من الازمات التي تصيب الانسان المجتهد، سواء في حياته العملية، او الاسرية، او حتى الإجتماعية. سؤال من أنت، يعتبر من أصعب الأسئلة التي يتحتم على المرء الإجابة عليها، فالإجابة لا تقتصر على نظرتك لنفسك، و لكن تشمل نظرة الآخرين إليك، فتحدد موقعك في مجتمعك.

يمر الانسان بحالة من المرونة في بدايات حياته، بداية زواج، او بداية عمل، او حتى بداية مكان جديد يسكن فيه و يعيش. يظل في عملية من التفاعل المستمر مع سياقات مختلفة و متغيرة، يفكر و يبحث، فتتشكل أفكاره و يقرر.

السؤال (المخيف) هنا, هل تزداد فكرة العثور على الهوية كلما تقدمنا في العمر؟ و هل يصبح معناها مختلفا عن معناها وقت بداية حياتنا؟ 

عندما نستقر في حياتنا الاجتماعية و العملية، نجد اننا دخلنا في دوامة من المسؤوليات و التحديات التي تجعلنا نستمر لقضائها، و لكن عند حدوث خلل في هويتنا، تحدث الإنتكاسات، و تظهر الصراعات.

تتحول الهوية لدى الملتزمين و الطامحين و المجتهدين لصراع عندما تحكمها مقارنات بين الصورة الذاتية للنفس و جدليتها في عيون من حوله من شركاء في مجتمعه، من أسرة و زملاء عمل و رؤوساء، فيتمسك بصورته التي يشكلها عن نفسه، او يرفضها و يتمسك بالصورة التي في عيون الأخرين.

وضع أحد علماء الاجتماع تعبيرا يسمى بالغياب المزدوج، و هو شعور المرء بأنه بين هويتين لا يعرفهما، فهو ليس كما يرى نفسه، و لا كيفما يراه الأخرين، إنه التمزق المزدوج.

فلو هاجر المرء من بيته او من عمله، بعدما إستقر و أنشأ لنفسه جذورا تربطه، فأي هوية جديدة سيتخذها لنفسه؟ ليس من السهل على الملتزمين ان يضحوا بجذورهم و بهويتهم التي عاشوا من أجلها.

عندما تضعف هذه الروابط نتيجة إنفصال أو تهميش، يلجأ المهاجر إلى مكان جديد ليجد فيه أقرب مفهوم لثقافته، او لهويته. و يبحث فيه عن أناس يرى نفسه في عيونهم. لتزيد عنده مشاعر الرضا عن حياته، و احتراما لذاته.