تعتبر ازمة الهوية واحده من الازمات التي تصيب الانسان المجتهد، سواء في حياته العملية، او الاسرية، او حتى الإجتماعية. سؤال من أنت، يعتبر من أصعب الأسئلة التي يتحتم على المرء الإجابة عليها، فالإجابة لا تقتصر على نظرتك لنفسك، و لكن تشمل نظرة الآخرين إليك، فتحدد موقعك في مجتمعك.
يمر الانسان بحالة من المرونة في بدايات حياته، بداية زواج، او بداية عمل، او حتى بداية مكان جديد يسكن فيه و يعيش. يظل في عملية من التفاعل المستمر مع سياقات مختلفة و متغيرة، يفكر و يبحث، فتتشكل أفكاره و يقرر.
السؤال (المخيف) هنا, هل تزداد فكرة العثور على الهوية كلما تقدمنا في العمر؟ و هل يصبح معناها مختلفا عن معناها وقت بداية حياتنا؟
عندما نستقر في حياتنا الاجتماعية و العملية، نجد اننا دخلنا في دوامة من المسؤوليات و التحديات التي تجعلنا نستمر لقضائها، و لكن عند حدوث خلل في هويتنا، تحدث الإنتكاسات، و تظهر الصراعات.
تتحول الهوية لدى الملتزمين و الطامحين و المجتهدين لصراع عندما تحكمها مقارنات بين الصورة الذاتية للنفس و جدليتها في عيون من حوله من شركاء في مجتمعه، من أسرة و زملاء عمل و رؤوساء، فيتمسك بصورته التي يشكلها عن نفسه، او يرفضها و يتمسك بالصورة التي في عيون الأخرين.
وضع أحد علماء الاجتماع تعبيرا يسمى بالغياب المزدوج، و هو شعور المرء بأنه بين هويتين لا يعرفهما، فهو ليس كما يرى نفسه، و لا كيفما يراه الأخرين، إنه التمزق المزدوج.
فلو هاجر المرء من بيته او من عمله، بعدما إستقر و أنشأ لنفسه جذورا تربطه، فأي هوية جديدة سيتخذها لنفسه؟ ليس من السهل على الملتزمين ان يضحوا بجذورهم و بهويتهم التي عاشوا من أجلها.
عندما تضعف هذه الروابط نتيجة إنفصال أو تهميش، يلجأ المهاجر إلى مكان جديد ليجد فيه أقرب مفهوم لثقافته، او لهويته. و يبحث فيه عن أناس يرى نفسه في عيونهم. لتزيد عنده مشاعر الرضا عن حياته، و احتراما لذاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق