الأربعاء، 31 يوليو 2024

البوتاسيوم ... الوظيفة الأعظم والأطعم

 


البوتاسيوم هو المركب ذو أعلى تركيز داخل الخلية النباتية، وعلى الرغم من أنه لا يشكل جزءًا من تركيب الخلية، إلا أن دوره الرئيسي يتمثل في تسهيل وتسريع العمليات الحيوية داخلها.


وظيفته الأساسية هي تعديل البيئة الفراغية للإنزيمات داخل الخلية، مما يعزز من كفاءتها وانسيابيتها. كما يسهم البوتاسيوم في تنظيم درجة الحموضة داخل الخلية النباتية والثمرة، وكلما زاد تركيزه داخل الثمرة زادت لذتها وطعمها الجيد.


الوظيفة الأعظم للبوتاسيوم تكمن في قدرته على تنظيم نسبة الملوحة في الماء الممتص داخل النبات (من خلال استبدال الصوديوم بالبوتاسيوم)، وزيادة قدرة الأوراق على تحمل الحرارة الشديدة والإشعاع المباشر للشمس (من خلال رش الأوراق بمحلول نترات البوتاسيوم).


أما الوظيفة الأطعم للبوتاسيوم فتتمثل في دوره في حركة السكريات وتكوين المواد النشوية داخل الجذور والثمار، مما يجعلها أكثر نضارة و أحلى طعما.

الثلاثاء، 30 يوليو 2024

جاذبية كاذبة ... العلاجات السرطانية الطبيعية

 

تتمتع دائما العلاجات العشبية الطبيعية بحالة من الجاذبية لدى العامة من الناس. وهذه الجاذبية تنبع من منطلق كونها أكثر طبيعة و لطفا من المنتجات الدوائية القاسية و المخلقة كيميائيا. طبعا هذا كلام معيب فلا يوجد شئ في الطبيعة يعتبر لطيف فالحياة الطبيعية أو البرية قاسية و لكن الإنسان إستطاع تطويعها لحمايته و لمصلحته.

لو نظرت مثلا لعدوى البتيوليزم ستجدها عدوى طبيعية و لكنها شديدة السمية و الخطورة و الإنسان إستطاع تطويع سم البوتيولينيوم في عمليات شد الجلد و التجميل. و بالتالي فهو أكثر أمنا كمنتج دوائي من مصدره الطبيعي فليس من المنطق حقن الناس ببكتريا البوتيوليزم لتجميلهم فما يفيد الجمال عند التسمم. 

قديما كانت الأعشاب تنقع و يشرب مائها للعلاج ثم تطورت العلوم و إستخرج الإنسان المواد الفعالة من وسط مئات المواد و أصبحت أدوية فعالة في تأثيرها و من أشهر الأدوية المستخدمة و المستخرجه من الطبيعة هو مسكن الإسبرين من شجر الصفصاف و مخدر المورفين من زهرة الخشخاش و دواء القلب الديجوكسين من زهرة الداتورا. 

أما عن السرطان فالكثير من العلاجات الكيماوية قد تم إستخراجها من الطبيعة. تخيل أنه يوجد في الطبيعة نباتات تستطيع القتل ، قتل الكائنات الحية كيميائيا و منها تم إستخراج الأدوية المعالجة للسرطان. فدواء الفنكريستين المعالج لمعظم سرطانات الدم و الغدد الليمفاوية يستخرج من الزهور و التاكسانات المعالجة لسرطان الثدي تستخرج من لحاء الأشجار و يوجد بعض الأدوية الكيماوية تستخرج من الميكروبات كالبكتريا و الفطريات. 

و هنا تكمن هذه المعضلة و الجاذبية الكاذبة فعلاج مرض كالسرطان لن ينفعه عشبة و بها مئات من المواد الكيميائية التي توجد بتركيزات قليلة و صعب إستخراجها فأكل النباتات أو غليها و شرب مائها قد يقتل الإنسان نفسه و لن تتأثر خلايا السرطان بها. علاج مرض السرطان يحتاج لمزيج من المواد القاتلة مع مواد للحفاظ على الحياة. 

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 29 يوليو 2024

الهدم بالإستغناء و الإعتزال


الإستغناء والاعتزال هما أفعال نفسية تعبر عن انسحاب شخصي من موقف أو علاقة بسبب الإرهاق أو عدم القدرة على التعامل مع الضغوطات الموجودة. في السياق الاجتماعي، قد يشجع المجتمع أحيانًا على الاستغناء عن ما يزعج أو يؤذي، لكن عندما يتم تطبيق هذا المفهوم على العلاقات الزوجية أو الأسرية بشكل مفرط، فإنه قد يؤدي إلى تفكك الأسرة أو انهيار العلاقات المهمة.

الاستغناء والاعتزال يمكن أن يكونا استراتيجية للحفاظ على الصحة النفسية والاستقرار العاطفي في حالات معينة، ولكن يجب أن يتم بحكمة وتوازن. على سبيل المثال، يمكن أن يكون الاستغناء عن بعض الراحة الشخصية أو التضحية ببعض الوقت لصالح الأسرة بمثابة تعبير عن الرغبة في الحفاظ على الوحدة الأسرية والسلام.

من الضروري التفكير بعناية في مدى تأثير الاستغناء والاعتزال على العلاقات القريبة والأسرية قبل اتخاذ أي قرار. يجب أن يكون الحل النهائي للتعامل مع الخلافات الهبلة أو الضغوطات داخل البيت مبنيًا على الحوار والتواصل الفعال بين الأفراد، مع محاولة فهم الأسباب الحقيقية والعمل على حلها بشكل بناء.

الاستغناء والاعتزال يمكن أن يكونا حلاً مؤقتًا، ولكن الحفاظ على العلاقات الأسرية القوية يتطلب التفكير العميق والمسؤول في كيفية التعامل مع التحديات التي تواجه كل فرد داخل الأسرة.

الأحد، 28 يوليو 2024

أحبكم بكل ما في قلبي ... حب الأم

 

حب الأم لأبنائها هو شعور نقي وعميق يتجاوز كل الحدود والمعايير. إنه حب يولد مع الطفل ويكبر معه، يملأ قلب الأم بالدفء والعطاء. منذ اللحظة الأولى التي تشعر فيها الأم بحركة طفلها داخلها، تبدأ رحلة من الرعاية والتفاني لا نهاية لها.

يرتبط حب الأم بإفراز هرمونات معينة مثل الأوكسيتوسين،  والذي يعزز الروابط العاطفية ويمنحها شعورًا بالراحة والطمأنينة. هذا الحب يظهر في كل لمسة حانية وكل كلمة دافئة، ويعكس استعداد الأم الدائم لتقديم كل ما لديها من أجل سعادة أطفالها.

حب الأم ليس مجرد شعور، بل هو عمل دائم ومستمر يتجلى في كل تفاصيل الحياة اليومية. إنها تتابع نمو أطفالها بعناية، توفر لهم الدعم العاطفي والنفسي، وتعمل على تلبية احتياجاتهم بكل حب وتفانٍ. حبها يظهر في تضحياتها الكبيرة وجهودها التي لا تنضب، في سهرها على راحتهم وسعيها لتأمين مستقبل مشرق لهم.

يتساءل البعض كيف يمكن للأم أن تحب بهذا العمق والإخلاص؟ الجواب يكمن في طبيعتها الفطرية التي تدفعها إلى العطاء بلا حدود. حب الأم هو قوة لا تقهر، ينبع من أعماق قلبها ويمنحها القوة لمواجهة كل الصعاب من أجل أطفالها.

يبقى حب الأم لأبنائها هو النور الذي يضيء حياتهم، يوجههم، ويحميهم في كل خطوة يخطونها. إنه الحب الذي يقول بكل صدق: "أحبكم بكل ما في قلبي"، حب لا يتغير ولا ينتهي، حب يمنحهم القوة والثقة والسعادة في كل يوم من حياتهم.

السبت، 27 يوليو 2024

قناعة قطعة ثلج

 

في زاوية من زوايا الفريزر، كانت قطعة الثلج تعيش أيامها في قالب مخصوص. كان القالب مكانًا ضيقًا لكنه مريح، تعرفت على جيرانها من قطع الثلج الأخرى، وتشاركت معهم لحظات البرودة والجمود. كانت تعرف أن مهمتها في الحياة هي أن تُذوَّب في كأس لتبرد الماء، لكنها لم تفكر يومًا في هذا المصير المحتوم.

في يوم حار، فتح شخص باب الفريزر، وأخرج قالب الثلج بحركة سريعة. شعرت قطعة الثلج بتغير في درجة الحرارة، وبدأت تشعر بالقلق. وضعت في كأس مملوء بالماء، وأحست برعشة تسري في جسدها، تدرك أن الوقت قد حان لتؤدي مهمتها.

بدأت الحرارة من الماء الدافئ تلامس جوانبها، شعرت بالتغير التدريجي وهي تذوب ببطء، تفقد جزءًا من كيانها مع كل لحظة. كانت تسمع صوت الفقاعات وهي تتصاعد إلى السطح، وكأنها تهمس لها بوداع أخير. تحولت برودتها إلى نعمة للماء، الذي أصبح أكثر انتعاشًا وبرودة بفضل تضحية الثلج.

كانت تعيش لحظاتها الأخيرة وهي تشاهد الماء يُحتسي ببطء، يشكرها بلسانٍ صامت على جعل يومه الحار أكثر احتمالا. ومع كل رشفة، كانت تتلاشى تدريجيًا، تذوب في الماء وتفقد كيانها.

لكن في تلك اللحظات الأخيرة، أدركت قطعة الثلج أن موتها لم يكن بلا فائدة. فقد أعطت حياة جديدة للماء، وجعلته منعشًا وباردًا في يوم حر. وبالرغم من أنها تلاشت، إلا أن تأثيرها سيظل مستمرًا في كل رشفة تُشرب.

وعندما ذابت قطعة الثلج تمامًا، لم تكن حزينة. كانت فخورة بأنها أدت مهمتها، وتقبلت مصيرها بروح راضية. في عالم حيث الجميع يسعى لتحقيق غاياته، وجدت قطعة الثلج غايتها في التضحية والبذل، تاركة أثرًا لا يمحى في كأس الماء.

الخميس، 25 يوليو 2024

ديستوبيا المستقبل: تفاؤل أم عبرة أم يأس؟

 

في زمن الراحة والرفاهية، يميل الناس إلى التفاؤل، إذ يجدون في الأمن والشبع دافعاً لرؤية المستقبل بألوان مشرقة. ينتعش فيهم الأمل وتزدهر الأفكار الخلاقة، ويتسابق المفكرون والكتّاب إلى استشراف مستقبل زاهر يعمّه الرخاء والسعادة.

لكن في خضم هذا التفاؤل، يقف قلة من فلاسفة التاريخ على حافة الحذر، مشككين في دوام الراحة، وخصوصاً عندما يلوح في الأفق طيف الكبت الاجتماعي. إذ يرون أن التفاؤل والرخاء وحسن الظن ليست سوى أوهام بعيدة عن جوهر الغريزة الإنسانية.

فما إن يستقر الناس ويشبعون، ويطمئنون على حياتهم وأموالهم، حتى تتسلل إلى نفوسهم روح شريرة تدفعهم نحو الاحتلال والقتال والخراب. هذه الروح ليست إلا انعكاساً لرغبتهم في حماية أمنهم وتأكيد هيمنتهم على حضارتهم.

الإنسان، على عكس سائر المخلوقات، هو الوحيد الذي يمنح نفسه الحق في افتراس بني جنسه وأكل لحومهم. لا يوجد حيوان مفترس يقتل من جنسه لمجرد القتل، بل ينتهي صراعهم عادةً باستسلام الأضعف. الحيوانات تتقاتل لتأكل وتتزاوج، أما الإنسان فيقتل ليسرق، ويظهر التفوق، وللحسد واللهو، والتلذذ بالإذلال. وعندما نزلت الأديان لتحقيق الرخاء والتفاؤل والسعادة، عاد الإنسان ليقاتل من أجل تفسيراته الدينية ليثبت تفوقه.

في أوقات الحروب والقتال، تسود الدناءة والانحطاط الأخلاقي. تُنتهك الأعراض، وتُسفك الدماء، وتُدنس الأراضي، ويُمحى الحق والشرف والكرامة. تزدهر التجارة السوداء وتجارة الأسلحة والعبيد، وما تاريخ الهنود الحمر وعبيد أفريقيا، وحروب فيتنام، والقنابل النووية على اليابان، وحروب العراق وسوريا والسودان واليمن وليبيا وكوسوفو والشيشان، إلا عبرات شاهدة على هذه الحقائق.

الأكثر يأسا أن نجد معاهد علمية، تحت مظلة الأخلاق البحثية، تضع نظريات لأفضل الطرق في انتهاك الحريات واستعباد الناس واستغلال ثروات بلادهم وإهانة معتقداتهم وأديانهم. ومن يقاوم أو يرفض، يجد نفسه في السجون والمعتقلات التي يشرف عليها هؤلاء العلماء، ليجرّبوا فيها أحدث الأساليب العلمية والأخلاقية في التعذيب.

إنّ ديستوبيا المستقبل ليست مجرد نبوءة تشاؤمية، بل هي عبرة تستدعي التأمل والتفكير في جوهر الإنسان وطبيعة غريزته، ودعوة للتعلم من أخطاء الماضي، علّنا نجد طريقاً نحو مستقبل أكثر إنسانية وعدلاً.