السبت، 31 مايو 2025

الهوا نقل الهوى


#بقايا_أفكاري 

في لحظة هادية، والهوا بيعدّي من بين الشبابيك، ساعات بنحس إن في حاجة اتغيرت… كأن ريحة معينة، أو نسمة خفيفة، فكّرتنا بحد. ممكن حد واحشنا، أو حد كنا بنحبه، أو حتى إحساس قديم كنا فاكرينه راح. الهوا ساعات بينقل رائحة ورد أو برفان، و لكن كمان الهوا بينقل الهوى.

الهوى هنا مش مجرد حب، دي مشاعر، ذكريات، شوق، أمل، وخوف… وكل اللي بين أي إتنين. الجواز مثلًا، لما بيبدأ بحب حقيقي، الهوى بيكون عايش في التفاصيل الصغيرة: في نظرة الصبح، في فنجان القهوة اللي بيتحضّر من غير ما يتقال، في "عامل إيه؟" اللي بتتقال بجد، مش مجرد سؤال.

بس مع الوقت، ممكن الهوى يختفي… مش عشان راح، لكن عشان مابقيناش نستمتع بالهوا. بقينا مشغولين، متوترين، عايشين على السريع. بس الهوا لسه بيعدي، وبيشيل معاه حاجات ممكن ترجع تاني لو وقفنا وسكّتنا الدنيا شوية.

الهوا نقل الهوى لما كنا صادقين. لما كنا بنبص لبعض بقلب مفتوح، مش بعين بتدوّر على غلطات. الهوا نقل الهوى لما كنا بنسامح بسرعة، ونضحك من قلبنا، ونحضن من غير حساب.

يمكن لو ركّزنا شوية، نسمع تاني الهوا، ونرجّع الهوى.

لما كنت بتخطط لإجازة وشغلي يمنعي.


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


كان دائمًا عندي عادة إني أرتّب لنفسي أجازة كل كام أسبوع، أهرب فيها من الضغط، أرجع أتنفّس من جديد، وأقابل نفسي اللي بتهرب وسط دوشة الاجتماعات والمواعيد والتسليمات.


بس مش كل مرة كنت بحظى بالرفاهية دي. أوقات كتير كنت بأجهّز نفسي للسفر، أظبط التذاكر، أحجز الفندق، وأعدّ الأيام… وفجأة ييجي شغل طارئ، مشروع لازم يتسلّم، زيارة مفاجئة من إدارة عليا، أو حتى زميل تعب وأنا لازم أغطي مكانه.


وقتها كنت بحس إني محبوس. مش بس لأن الأجازة راحت، لكن لأن مجهودي وتخطيطي وكل لحظة كنت مستنيها… اتلغت في لحظة. بس الحقيقة، كنت باخد القرار الصعب… ألغّي الأجازة وأكمّل.


ليه؟ مش ضعف… بالعكس، قوة والتزام. كنت مؤمن إن المسؤولية مش كلمة بنقولها، دي موقف بنعيشه. بس كمان، ماكنتش بسيب حقي يضيع. كنت أطلب تعويض، أو أختار أيام تانيه في الأسبوع اللي بعده أدي فيه نفسي بريك…


المعادلة مش سهلة، لكن اللي اتعلمته إن الأجازة مش دايمًا هتيجي وقت ما إحنا عايزين… بس إحنا نقدر نخلق لحظات راحة في النص، ندي نفسنا مساحة نتنفس، نرتّب دماغنا، ونرجع أقوى.


التخطيط مهم، بس المرونة أهم. وأنا، رغم كل الإلغاء والتأجيل، ماكنتش بسيب حقي في الراحة… لأني عارف إن اللي بيشتغل بضمير، يستحق يرتاح بنفس الضمير.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/


الجمعة، 30 مايو 2025

يوم قضيت فيه وقتي كله بعيد عن الشغل


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


فاكر يوم كده كنت حاسس فيه إني لازم أفصل تمامًا عن كل حاجة لها علاقة بالشغل. لا موبايل شركه، و لا لاب توب، ولا حتى تفكير في إيميل متأخر أو مشكلة مستنياني الصبح. صحيت بدري بس مش عشان ألحق اجتماع، لأ، عشان ألحق شروق الشمس.


قررت أخرج لوحدي، من غير جدول، من غير هدف، غير إني أرجّع نفسي لنفسي. بدأت بفطار في مكان سريع، قهوة من غير استعجال، وبعدها مشيت في الشارع، بشم الهوا ومخي فاضي من الزحمة المعتادة.


دخلت سينما الظهر، فيلم كنت نفسي أشوفه بقاله شهرين، وبعدها قابلت صديق قديم ماكنّاش بنقعد سوا من أيام الجامعة. اتكلمنا عن الحياة، عن الطموح، عن اللي اتغير فينا واللي لسه جوانا زيه.


رجعت آخر اليوم وأنا مش بس مرتاح، لأ، أنا كنت متجدد… كأن روحي اتغسلت من الغبار اليومي اللي بيتركم وإحنا مش واخدين بالنا. اليوم ده علّمني إن أوقاتنا الشخصية دي مش رفاهية، دي صيانة دورية للنفس.


ولما رجعت الشغل تاني يوم، كنت أهدئ، أنضج، وبشتغل بحب مش بإجبار.


الراحة الحقيقية مش بس أجازة من الشغل، دي أجازة من الضغط، من التفكير الزائد، من السباق اللي مالوش خط نهاية.

ادي لنفسك وقتها... عشان تعرف تكمل بقوة.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/


الخميس، 29 مايو 2025

أدوار الشرف... أجداد الصبر وأبناء الترف


#الأخلاق_القناعات_الإهتمامات_المهارات_القدوات

الشرف، في جوهره، ليس رتبةً تُمنح، ولا وسامًا يُعلّق على الصدور. الشرف حالة وجودية، طاقة متوارثة، وقصةُ صعودٍ وسقوط تُعاد بأشكال مختلفة عبر الأزمان. هو إرثٌ هش، يتغذى من العزيمة ويهلك في الترف، لا يحيا إلا في قلوبٍ تعرف الصبر، وتستشعر المسؤولية كرسالة مقدسة.

تمر دورة حياة الشرف بأربع مراحل، تمثل كل واحدة منها طبقة زمنية تحمل طابعها، وتسير في مسار محتوم إن غاب عنها الوعي.

الجيل الأول: النشأة في العدم، والانطلاق من الحلم.
هؤلاء هم بناة المجد، الأجداد الذين صنعوا من الألم طريقًا، ومن المعاناة معنى. كانوا يرون في الصبر فضيلة وفي الشقاء ضرورة. تواطؤوا مع الحرمان، وصادقوا الجهد، فجعلوا من الشرف حصنًا يُبنى لا غنيمة تُورث.

الجيل الثاني: أبناء الرواه.
تربوا على حكايات النضال، لكنهم لم يذوقوا مرارة الطريق. يحملون الشعور بالشرف، لكن دون جذوره. يملكون القوة، لكنهم يجهلون كيف تولد. فترى صبرهم متآكلًا، وإحساسهم بالمسؤولية مائعًا، كأنهم يعيشون في ظلال بطولةٍ لا يفهمونها.

الجيل الثالث: ورثة النعيم.
هؤلاء لا يرَون المجد إلا من شرفة الراحة. الترف أصبح قاعدة حياتهم، والاعتداد بالماضي غلافًا هشًا لا يحتمل الرياح. يُنفقون بلا حساب، ويفكرون بلا عمق، ويعيشون اللحظة كأنها دائمة، متناسين أن الشرف إذا لم يُسقَ بالجهد يذبل.

الجيل الرابع: مستهلكو الرماد.
هم أبناء الوفرة العمياء. لا يعرفون من المجد إلا صوره القديمة، ومن الشرف إلا شعاراته المستهلكة. يبدأون ببيع الذاكرة، ثم القيم، ثم الكرامة. وعندما ينفد كل شيء، يجدون أنفسهم عبيدًا في عالمٍ لم يعودوا يملكون فيه حتى حق الحلم.

هذا الإنغماس في الترف والاستسلام لحياة النعيم يضعف النفوس، ويقلل من إحساس الجهاد والمسؤولية، ويطبع فيها الفساد والاستغلال. يتدهور الحال إلى حد استباحة كل شيء، من قتل وهتك أعراض، في محاولة يائسة لاستعادة الأمجاد الضائعة، لكنهم يجدون أنفسهم في نهاية المطاف مُستعبَدين في مجتمعهم، وقد فقدوا كل شيء.

النهاية المأساوية لهذا الجيل تجعلهم يواجهون حقيقة أنهم ضيعوا ما كان يمكن الحفاظ عليه بالاجتهاد والعمل الجاد. الشرف لا يورث فقط، بل يحتاج إلى صبر وجهد للحفاظ عليه وتنميته، وإلا فإن الترف قد يصبح سببًا في فقدانه.

هكذا يُهدر الشرف، لا بضربة قاسية من عدو، بل بانحلال داخلي بطيء، يبدأ من لحظة الاستغناء عن المعاناة، وانتهاءً بلحظة بيع المعنى مقابل متعةٍ عابرة.

الشرف لا يُحفظ في خزائن الذهب، بل في خزائن الوعي. هو التزام لا يُفرض، بل يُختار. وإذا لم يلتفت الأحفاد إلى جوهر ما ورثوه، سيتحول المجد إلى قناع، والنعيم إلى لعنة.

فما بين صبر الأجداد وترف الأحفاد، تُكتب ملحمة الشرف... ويتقرر مصير العائلات.

تأثير الإجازات على تحسين الأداء


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


فاكر أول مرة خدت أجازة بعد فترة ضغط شغل مستمرة، كنت حاسس إني عامل زي عربية ماشية على آخر نقطة بنزين، وكل يوم كنت بقول لنفسي "هشد حيلك شوية كمان"، لحد ما وصلت لمرحلة بقيت مش قادر أركز، ولا أسمع كويس، ولا حتى أتكلم من غير ما أعصب.


لما أخدت الأجازة، حتى لو كانت أسبوع بس، حسّيت الفرق فورًا. نمت بعمق، اتفسحت، قضيت وقت مع الناس اللي بحبهم، قريت كتاب كنت مأجّله بقاله شهور، وكل ده ساعدني أرجع شغلي وأنا نشيط، ومخّي صافي، وقلبي خفيف.


كنت ملاحظ إزاي بعد الأجازة بقيت بحل مشاكل أسرع، وبرد بهدوء، وباخد قرارات أنضج. الإنتاجية زادت، والإبداع رجع، حتى زمايلي لاحظوا الفرق. كأن الجهاز اللي كان بيهنج، اتعمله ريستارت.


اللي اتعلمته؟ إن الراحة مش رفاهية، ولا ضعف. دي وقفة محارب، بيرجع منها أقوى وأوضح. الأجازة مش بتاخدك من شغلك، الأجازة بترجعكله بطاقة أعلى، وتركيز أعمق.


كل موظف لازم يعرف إمتى يوقف، عشان يعرف يكمل. الأجازة مش كسل، دي جزء من الخطة.

خد أجازتك، وارجع تاني تنور مكانك.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/

الأربعاء، 28 مايو 2025

الشجر باقٍ ببقاء الزمان



#إدارة_نباتية 

في عالم بيتغيّر كل ثانية، في وجوه بتمشي، وأصوات بتسكت، ومباني بتتهدّ، وحكايات بتتنسى… فيه كائن وحيد واقف، ساكت، بس بيحكي... الشجر.

عارف يعني إيه شجرة؟
يعني كائن ما بيجريش، ما بيهربش، ما بيغيرش مكانه… بس جوّاه عمق، حكمة، صبر، وسكون بيغيظ الزمن.

الشجرة مش بس ورق وخُضرة، الشجرة تاريخ.
بتبدأ من بذرة ضايعة وسط التراب، لا صوت ولا شكل، بس عندها يقين غريب إنها في يوم هتخرج للنور. مش مستعجلة، مش قلقانة.

بتستنى الميّه، وتستقبل الشمس، وتسمع للرياح، وتتعلم من كل فصل يعدّي عليها.

الناس بتفتكر إن الشجر ساكت. لكن اللي يسمع بصدق، هيلاقي إن الشجرة بتتكلم. بتحكي عن اللي عدى واللي جاي، عن اللي كان واللي لسه بيحصل. كل عقدة في جزعها، كل غصن مكسور، كل ورقة وقعت… شهادة.

في عزّ الضلمة، الشجرة بتفضل واقفة. وفي عزّ النور، ما بتتغرّش. زي العارف اللي شاف كل حاجة، وقرر يسكت، مش عجز، لكن احترامًا للصمت.

عشان كده الشجر باقٍ ببقاء الزمان. مش لأنه الأقوى، لكن لأنه الأعمق.