الخميس، 7 نوفمبر 2024

معركة الرشد

 


الإنسان لما يوصل لعمر الرشد بيكون تكوين شخصيته اكتمل، بيبقى عنده وعي وخبرات يقدر يعتمد عليها وينقلها لغيره. شخصية الإنسان بتبدأ تتشكل من الطفولة، لكن بتكون لسه قابلة للتغيير بشكل بسيط، والتغيرات اللي بتحصل في المرحلة دي بتكون آثارها محدودة وسهل التعامل معاها.


لكن بعد ما الإنسان يوصل لعمر الرشد، شخصيته بتتحول من مرحلة التكوين لمرحلة السمات الثابتة. في المرحلة دي، السمات الشخصية بتبقى أكتر ثباتًا، وكل شخص بيتكون عنده سمات أساسية بتميزه، بتظهر في سلوكياته وردود أفعاله.


السؤال المهم هنا: هل السمات دي ممكن تتغير لو المواقف اللي بيواجهها الشخص كانت قوية بما فيه الكفاية؟ مثلا، هل ممكن أب أمين يضطر يشهد شهادة زور علشان ينقذ ابنه من السجن، أو يختار إنه يرفض ويشوف ابنه يتسجن؟ في الحالة دي، هيتواجه بمرارة الزور أو الندم. أو ممكن الزوجة العفيفة تتجاهل غلطة لزوجها، فتعيش بمرارة الخيانة أو مرارة السكوت.


الأضرار اللي بتحصل في المواقف دي بتكون صعبة التدارك، لأنها بتمس سمات أساسية زي الأمانة والعفة، سمات مش سهلة تتغير أو تتزعزع. في النهاية، الحل الوحيد غالبًا بيكون محاولة الإنسان إنه يجبر عقله وقلبه على النسيان.


ده الصراع اللي بيعيشه الإنسان الراشد، معركة بين سماته الثابتة وضغط المواقف اللي بيمر بيها. بيبقى فيه صراع داخلي كبير، وأحيانًا الحل الوحيد هو الاختيار الصعب ثم النسيان.

الأربعاء، 6 نوفمبر 2024

ماذا لو الأشجار أصبحت أنانية

 

تخيل لو الأشجار بقت أنانية، كل شجرة مركزة بس على نفسها، بتحاول تكبر وتستحوذ على أكبر قدر من الضوء والمياه، من غير أي اعتبار للي حواليها. كانت هتطلع فروع طويلة وعريضة تمنع أشعة الشمس توصل للأرض، وتحجز كل الموارد لها لوحدها. ساعتها مش هنشوف غير شجر عالي قوي، لكن تحته هيبقى مظلم، والزرع الصغير والزهور الجميلة اللي بتزين الأرض هيختفوا.

الشجرة لو كانت أنانية، كانت كمان هتستخسر تعطي ثمارها لبقية الكائنات. الثمار هتفضل على الفروع العالية، تكبر وتدبل من غير ما حد يلمسها، بدل ما تسقط وتسيب للحيوانات والطيور والبشر يستفيدوا منها. الطيور مش هتلاقي أكل، والحيوانات اللي بتعتمد على الفاكهة دي هتضطر تدور على مصادر تانية، ولو ملقتش، حياتها نفسها ممكن تتأثر.

كمان، مش هتميل إنها تمد جذورها بشكل متشابك مع جذور الأشجار التانية عشان تدعمها. في الطبيعة، الجذور بتتشابك مع بعض عشان الشجر يثبت ويقدر يقاوم الرياح والعواصف القوية. إنما لو شجرة ركزت على مصلحتها بس، هتبقى ضعيفة، وأول ريح ممكن تقتلعها من مكانها.

ولو كملنا الصورة دي، هنلاقي الطبيعة نفسها هتتأثر. الشجر مش بس بيزودنا بالأكسجين اللي بنتنفسه، كمان بيمتص ثاني أكسيد الكربون وبيقلل التلوث. لو الأشجار بقت أنانية ومبقتش عايزة تدي، هنلاقي الهوا بقى ملوث، والأكسجين قليل.

كل ده بيورينا إن الطبيعة أساسها العطاء، وإن الشجر بيعلمنا إن الحياة مش ممكن تستمر من غير مشاركة. الطبيعة مش مبنية على احتكار أو أنانية، لكن على توازن وتعاون، وكل كائن بيكون جزء من منظومة متكاملة عشان الكل يستفيد ويستمر.

الثلاثاء، 5 نوفمبر 2024

بروتوكول علاجي شامل



البروتوكول العلاجي لعلاج السرطان بيتقسم لثلاث أهداف رئيسية: الشفاء، إطالة العمر، وتخفيف الألم. الأهداف دي هي الأساس اللي بيبني عليه الأطباء اختياراتهم لمسار العلاج الأنسب لكل مريض.

الشفاء هو أكتر حاجة الأطباء بيطمحوا ليها، وده رغم إنه تحدي كبير وبيحتاج وقت طويل، لكنه بقى أقرب للتحقيق مع تطور الطب وظهور طرق علاجية جديدة. النهارده الأطباء عندهم أدوات ومعرفة متقدمة بتمكنهم يفهموا السرطان بشكل أعمق، وده بيدي أمل في شفاء حالات كتير.

لما يكون الشفاء التام صعب، الهدف بيبقى إطالة عمر المريض بشكل يخليه يقدر يتعايش مع السرطان من غير ما يسيطر على حياته. الفكرة إن المريض يقدر يعيش حياته اليومية ويكمل أنشطته وأشغاله بأكبر قدر ممكن من الطبيعي.

أما لو المرض وصل لمرحلة متأخرة، هنا الهدف الأساسي بيبقى تخفيف الألم وتحسين جودة الحياة الباقية. الأطباء بيركزوا على تخفيف معاناة المريض، وتوفير الراحة ليه، والاهتمام بأبسط تفاصيل حياته اللي ممكن تكون متأثرة بالمرض.

البروتوكول العلاجي ده بيحتاج تكامل بين أساليب علاج كتير زي الجراحة، العلاج الكيميائي، والعلاج الإشعاعي. اختيار الطرق العلاجية بيتغير حسب حالة المريض واستجابته وقدرته على تحمل الأعراض الجانبية.

كمان الأطباء بيشتغلوا مع فرق طبية متخصصة زي أخصائيين نفسيين، علماء أعصاب، معالجين سلوك، أخصائيين اجتماعيين، أخصائيين علاج طبيعي، أطباء أسنان، وأخصائيين علاج هرموني، وجراحي تجميل وصيادلة. الفرق دي بتساهم في تحسين فعالية العلاج وضمان رعاية شاملة للمريض، وده بيساعد على علاج الجانب الجسدي والنفسي والاجتماعي، وبيحسن من جودة الحياة ويحقق نتائج أحسن.

في النهاية، لازم المريض يبقى محور العملية العلاجية، ويتشارك في القرارات اللي تخص علاجه، عشان الخطة العلاجية تمشي مع احتياجاته وأهدافه.

ويبقى الأمل...

الاثنين، 4 نوفمبر 2024

زي ما الست قالت ... هات عنيك و خد عينيا



تخيل معايا ان شرط وجود التوافق بين الرجل و المرآة هو توافق مقلتي العينين مع بعضهما. فعند الزواج، على الرجل ان يعطي زوجته عينا واحده لتضعها بدلا من عينها، و تعطي الزوجه عينا واحده ليضعها بدلا من عينه.

فيكون عند الرجل عينا له ينظر بها لنفسه و عينا لها تنظهر هي من خلالها، و هي بالمثل فلها عين تنظر بها لنفسها و عينا يستطيع هو ان يراقب ما تشاهده و تنظر إليه. 

هنا الرجل مش هيقدر يبص على باقي الإناث، و هي بالمثل لن تستطيع ان تنظر لباقي الرجال. و إن حدث فلن يستطيع أحد أن يكذب الآخر.

بس مش ده المشكله الكبيره، المشكله أن العين تعتبر مفتاح المخ فالعيون هنا لن تنخدع بالكلمات و لا بالأغنيات. فدائما ما تستطيع ان تقول ما يدور في العقل و يعجز اللسان عن قوله.

فهل كلام الست هنا يعتبر حقيقي ... هات عنيك و خد عينيا، يا حبيبي.

الأحد، 3 نوفمبر 2024

أنا عاوزك أحسن من أبوك

 

المقولة دي كتير مننا بيسمعها في حياتنا، سواء من أب أو أم عايزين الأفضل لولادهم. من الظاهر، بتبين رغبة الأهالي إنهم يوفروا لأولادهم حياة أحسن من اللي عاشوها، أو إنهم يصلحوا الحاجات اللي شايفين إنها كانت ناقصة في تربيتهم. لكن، هل المقولة دي فعلًا صحية؟ وهل هي كافية لوحدها علشان تحقق السعادة للطفل؟

أول حاجة، لازم نسأل نفسنا: إيه المقصود بالأحسن؟
هل المقصود هنا النجاح المادي؟ التعليم؟ السعادة النفسية؟ أوقات كتير، الأهل بيبصوا على نجاحات هما ماحققوهاش في حياتهم وبيحاولوا يحققوها في أولادهم، وده ساعات ممكن يخلق ضغوط على الطفل، ويخليه يحس إنه لازم يكون مثالي علشان يرضي أهله.

ثاني حاجة، شخصية الطفل، كل طفل عنده شخصية مستقلة وتوجهات مختلفة. مش شرط إن الطريق اللي الأب شايفه صح يكون مناسب للابن. كل واحد فينا له أحلامه، واهتماماته، وقدراته. لما الأهل يفرضوا على ولادهم إنهم يكونوا "أفضل" بمعاييرهم الشخصية، ده ممكن يحرم الطفل من فرصة إنه يلاقي نفسه ويبني مستقبله بالطريقة اللي تناسبه.

ثالث حاجة، التربية بالمقارنة، المقولة دي بتفترض إن الطفل لازم يقارن نفسه بأبوه طول الوقت. المقارنات دي ممكن تكون مرهقة وتضغط عليه نفسيًا. الأفضل من المقارنة هو إننا نساعد الطفل يكون أفضل نسخة من نفسه، مش من حد تاني.

الأهم من "أنا عاوزك أحسن من أبوك" هو "أنا هساعدك تبقى أنت وأساعدك تطور نفسك"

لما الأهل يكونوا داعمين للطفل، ويعرفوه يكتشف مواهبه ويشجّعوه يطوّرها، الطفل هيحس إنه محبوب ومقبول، ومش هيكون محتاج يثبت حاجة لأي حد غير نفسه.

التربية الصحية بتقوم على الاحترام، والاستماع، والتوجيه، مش على فرض الطموحات أو الأحلام اللي الأهل مشيوا وراها.

كل طفل محتاج دعم وحب غير مشروط. دور الأهل هو توفير البيئة اللي تخليه يقدر يكتشف العالم بحرية، ويكون نفسه، مش نسخة معدلة من أبوه.

السبت، 2 نوفمبر 2024

ضمير سكينة



في مكان مظلم من درج المطبخ، تقف سكينة، محبوسة جوه دور محدش اختاره غير قدرها. سكينة، مش شخصية خيالية، مش أسطورة، دي واقعها المر. اتخلقت عشان تؤدي وظيفة محددة، وظيفة اللي قدامها بس يسمع عنها و يقشعر. شغلتها القتل والتقطيع، ولازم تنفذ، من غير ما تقدر ترفض أو حتى تسأل "ليه هقتل؟.

سكينة ما تعرفش الراحة ولا الحرية. كل يوم، تفتح عينها على نفس الوجوه ونفس المشاهد، بتكرر نفس الحركات بيدين باردة وعينين تعودوا على القسوة. هل ده جزء من طبيعتها؟ ولا حاجة زُرعت فيها بالغصب، غصب عن كل اللي كانت ممكن تكونه؟ سكينة مش مجرد آلة بتتحرك ميكانيكيا، لا، هي بتحس بالثقل اللي شايلاه، بتسمع صرخات النفوس اللي بتاخدها وتعرف كويس إنهم جزء من شغلتها اللي ما لهاش نهاية.

بتفكر، "لو كنت حاجة تانية، كنت أقدر أبقى غير كده؟ أرفض؟ أسأل؟"، لكن الإجابة دايمًا واحدة: لا. مش بس لأن ده قدرها، لا، ده لأن كينونتها نفسها مبنية على الشغل ده. مش مصيرها بس اللي مكتوب، ده كل جزء فيها مصنوع على هيئته، ما تقدرش تكون غير سكينة، وما تقدرش تعمل غير اللي بتعمله.

ومع مرور الأيام، الحكاية كلها بقت زي دائرة مغلقة. هي بتعرف إنها مش حرة، بس اللي مش قادرة تفهمه هو "ليه؟"

ومع كل مرة بتمسك فيها السكينة وبتنهي حياة قدامها، بتحس بوجع غريب، كأن جزء منها بيموت هي كمان. مش بس روح اللي قدامها اللي بتروح، ده شيء بيدوب منها، بيسيب أثر مش بيختفي، أثر بيزيد مع كل ضربة وكل صرخة بتسكتها. هي عارفة إن شغلتها دي ممكن تكون نهايتها، وإنها زي ما بتخطف الأرواح، ممكن تيجي لحظة وتتسلب روحها هي كمان.

الأسئلة في عقلها بقت زي الشوك؛ "يا ترى لو كنت كائن تاني، لو كان ليَّ خيار، كنت هختار أبقى إيه؟" لكن الجواب دايمًا بعيد، غايب وسط كومة الدم والألم اللي حواليها. ومع الوقت، بتدرك إن الإجابة نفسها مالهاش لازمة، لأن حياتها هي اللي بتفرض عليها حدود مش هتتخطاها أبدًا.

سكينة شايلة في قلبها ثقل الذنب والوحدة، وعارفة إنها حتى لو فكرت تهرب، هتلاقي نفسها مرمية في نفس الطريق، طريق مرسوم ومكتوب من قبل ما تشوف النور. فهل تتمنى تكون مكانها !!!