الأربعاء، 14 أغسطس 2024

جيران السعد و الهنا

 

بما ان الزرع كائن ذاتي التغذية، يعني يعرف كيف يعيش وحيدا، الا انه اذا ما وجد جيرانا له من البكتريا و الفطريات و ايضا من الدود فانه يعتبرهم جيران الهنا.

هؤلاء الجيران يكون لهم فوائد للزرع. بداية من مساعدة الزرعه على تثبيت نيتروجين اكثر، من الهواء، و انتاج انزيمات و هرمونات تمتصها الزرعه لمساعدتها على النمو، و زيادة معدل امتصاص الماء، و اخيرا الحماية من اللصوص و المتطفلين من الحشرات و بقية الكائنات.

تعتبر الميكروريزا (Mycorrhiza) جارة السعد و الهنا، و تعتبر من أهم أنواع الفطريات التي تتعايش مع جذور النباتات وتقدم لها فوائد عديدة. الميكروريزا تعزز امتصاص الماء والمواد المغذية، خصوصًا الفوسفور، من التربة إلى النبات. هذه الفطريات تشكل شبكة دقيقة من الخيوط الفطرية التي تتغلغل في التربة وتوسع نطاق امتصاص الجذور.

بالإضافة إلى ذلك، تساهم الميكروريزا في تحسين بنية التربة وتعزيز مقاومتها للتآكل. تفرز الفطريات مواد لزجة تعمل على لصق جزيئات التربة ببعضها البعض، مما يؤدي إلى تشكيل تربة أكثر استقرارًا وتماسكًا.

واحدة من الفوائد الأخرى هي الحماية من الأمراض النباتية. الفطريات الميكروريزية يمكن أن تعزز مقاومة النبات للأمراض من خلال إفراز مواد كيميائية تحفز دفاعات النبات أو من خلال منافسة مسببات الأمراض على المكان والمغذيات.

عندما تتعايش الميكروريزا مع النباتات، يصبح النمو أكثر صحة وكفاءة، مما ينعكس بشكل إيجابي على الإنتاجية والجودة. تعتبر هذه العلاقة التكافلية نموذجًا مثاليًا للتعاون بين الكائنات الحية في الطبيعة، حيث يستفيد كل من الطرفين من وجود الآخر.

الثلاثاء، 13 أغسطس 2024

هيلا ... شكل من الخلود

  

الخطوة الأولى في ابتكار أي دواء جديد هي تحديد التأثير المرجو منه. لعلاج السرطان، يجب تحديد تأثير الدواء على خلايا السرطان. وبما أن الدواء موجه للاستخدام البشري، يجب أن تكون الخلايا السرطانية المستهدفة من أصل بشري. لذا، يتم أخذ جزء من ورم سرطاني تم استئصاله جراحياً ووضعه في مستنبت خلوي في المختبر.

هناك العديد من السلالات السرطانية التي تم زراعتها والحفاظ عليها، لكن معظمها يفشل في التعبير بدقة عن طبيعة تشكل السرطان. ومع ذلك، فإن أشهر سلالة تم الحفاظ عليها بنجاح هي سلالة "هيلا"، التي سميت تيمناً بصاحبتها. تُستخدم خلايا هيلا على نطاق واسع جداً في الدراسات الدوائية والبيولوجية منذ أوائل التسعينيات وحتى الآن.

وفقاً للحسابات البسيطة، تم زراعة عدد كبير جداً من خلايا هيلا، حتى تجاوز عددها عدد خلايا هيلا التي عاشت طوال حياتها. هذا الأمر منحها شكلاً من أشكال الخلود، حيث ستظل تُذكر بها حتى بعد وفاة صاحبتها.

إرث خلايا هيلا يمتد إلى ما هو أبعد من الأبحاث الطبية والبيولوجية؛ فقد أثرت هذه الخلايا في تطوير العديد من العلاجات والأدوية، وأسهمت في فهم أفضل لأمراض عديدة غير السرطان، مثل الإيدز وشلل الأطفال. إن استخدام خلايا هيلا لم يكن مقتصراً على المختبرات فقط، بل أصبحت رمزاً للتقدم العلمي وأهمية البحث المستمر في إيجاد حلول جديدة للأمراض المستعصية. بذلك، تظل خلايا هيلا مثالاً حياً على كيف يمكن للعلم أن يخلد ذكرى الأفراد بطرق غير تقليدية، محولة إياها إلى أداة لا تقدر بثمن في خدمة الإنسانية.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 12 أغسطس 2024

المرأة المرآه


المعروف أن الرجال بيحبوا يتكلموا كثيرا عن نفسهم و عن إنجازاتهم و يتمنظروا أوي بكل حاجه عندهم و بيحاولوا يحولوها لمميزات في شخصياتهم. دا مش نقص، دا جينات.

في أدوار بتلعبها السيدات (الجامدين أوي) و بيفتكروا أنها مريحة للرجل و عن طريقها تقدر تكسبه و هي أنها مستمعة جيده لكلامه. و أنها بتقدر تمتص صدماته النفسيه و مشاكله الاجتماعية.

هنا السيدات بيلعبوا دور المراية و دا سلاح ذو حدين، من ناحية هي فاكره أنها لما بتسمعه بتقرب منه لأنه بيحكيلها، و من الناحية الثانية الراجل يلاقي نفسه بيتكلم معها كأنه بيكلم نفسه في المرآه لأنها مجرد مستمعة جيدة و لكنها جامدة لا تتحرك.

هنا الست وقعت في مأزق إن الرجل مش هيشوفها لأنه مش بيشوف غير نفسه و مع الوقت تلاقي الراجل بيستغرب لما تتكلم معاه و تناقشه لأنه معتبرها مجرد مرآه.

الأحد، 11 أغسطس 2024

التعلق ... قاعدة للأمان و الإستكشاف

 


التعلق هو اللبنة الأولى في بناء علاقة الطفل بالعالم من حوله. إنه الرابط العاطفي الذي يجمع الطفل بشخص يكبره سنًا ويهتم به بحنان ورعاية، وغالبًا ما تكون هذه العلاقة مع الأم. هذا التعلق ليس مجرد شعور عابر، بل هو غريزة مبرمجة داخل كل طفل، تساعده على الشعور بالأمان والراحة.


قام أحد الباحثين في المجال الإثولوجي (و هو العلم القائم على دراسة السلوك في البيئة الطبيعية و الآمنة) بصياغة نظرية عن سلوك التعلق عند الأطفال. 


و وفق هذه النظرية، يمر الطفل عبر سلسلة من مراحل التعلق بشخص يكبره سنا و يرعاه بإستمرار، و في الغالب تكون أمه.


قدم هذا الباحث دليلا على ان التعلق شعور مبرمج داخلنا، و أنه عبارة عن سلوك له قيمة تكيفية، و أن الطفل يستخدم هذا التعلق كقاعدة ليشعر بالأمان و يقوم بالإستكشاف. بخلاف كيفية تعبير الطفل عن حالة التعلق، سواء بالصراخ او البكاء او الشد و الجذب.


يبدأ الطفل في نهاية عامه الأول بإستكشاف العالم حوله و يتجه لما يجذب إنتباهه سواء بالصوت أو بالصورة. وقتها يبدأ الطفل في الإستجابة للمؤثر الخارجي، و لكنه في نفس الوقت يظل متمسكا بأمه لحاجته ان يشعر بالأمان و بالراحه.


و عندما ينمو في العمر، يكتسب خبرة أكثر عن حركته و تفاعلاته، فيتعرف على الأمور المؤلمة و الأمور الغير مؤذية. هنا يطور لنفسه تصورا ذهنيا نحو أفعاله و نحو من يرعاه و يزود نفسه بقدرة على توقع الأفعال و مردودها في المستقبل.


و بالتالي يعتبر التعلق جزءًا أساسيًا من نموهم العاطفي والاجتماعي. فمع مرور الوقت، يتعلم الطفل كيفية توقع ردود الأفعال والتفاعلات من خلال تجاربه الشخصية، مما يساعده على تطوير تصوّر ذهني أكثر نضوجًا لمحيطه ولعلاقاته الاجتماعية.

السبت، 10 أغسطس 2024

غريب في قطرة قرمزية



وصل الرجل لأقصى إرتفاع يصل إليه إنسان في تسلق الجبال، إنه أعلى جبل في كامل الأرض. الهواء قليل و الجو قارس البرودة و لا يوجد أحد غيره. أنه الأول الذي يصل لهذا العلو. و مع هذا قرر أن يقفز، يريد أن يشعر بالسقوط وسط السحاب، يريد أن يلمسهم و يحاول أن يمسكهم.


قفز برشاقه كبيره من الجبل، سقط بسرعه شديدة وسط السحاب، يشعر بالهواء الشديد يخبط وجهه و يزيح نظارته بقوة. ظل يسقط بسرعة حتى فقد وعيه.

أفاق الرجل صاحب القرار العجيب فوجد نفسه يسقط في بحر غريب. إنه ليس كالبحر المعروف فلونه قرمزي جميل، لا يعرف من أين جاء و كيف سقط فيه.

خاف الرجل كثيرا و حاول أن يسبح و لكنه لا يرى أي شاطئ، فلا توجد أي أرض على بعد النظر، تعجب بشدة و قرر أن ينزل تحت الماء ليرى.

غاص الرجل الغريب في البحر الغريب و فتح عينيه فرأى مالا عين رأته من قبل. رأى رجليه معلقه في الهواء، إنه يسبح في الهواء و لكنه وسط الماء. شعر الرجل بشعور غريب و مخيف، وظن أنه سيسقط.

نظر مرة أخرى أسفل الماء و أطال النظر فوجد في آخر المكان ظل لشعاع نور يخترق المكان من فتحات صغيره. غاص بداخل الماء أو قل الهواء و حاول أن يسبح أو قل يطير. حاول الرجل بكل جهده أن يصل للنور و لما وصل نظر في الفتحة الصغيره فرأى الجبل الذي تسلقه و رأى الأرض التي مشى عليها و رأى بحرا على سطحه يسبح سمك قرمزي كثير. و شعر بأنه يتحرك ناحيتهم. أدرك الآن أنه بداخل سحابه.

فرح الرجل و خاف بشدة و قرر أن يصعد لسطح الماء. قرر أن يسبح في فراغه و الوصول لآخر حد في هذا البحر أو السحابة. ظل يسبح طويلا و ظن أنه لن يصل أبدا.

لما تعب و قرر أن يستريح، رآى ضوءا يخرج من فضاء السحابة، و شعر ببرودة الجو تأتيه من فوقه و من تحت أرجله، فإرتعش جسده بشده. و بدأت الماء تهتز ثم ظهرت فقاقيع صغيره بها مادة قرمزيه اللون، إنها سائلة و كأنها تشبه الماء.

هذا الفقاقيع بدأت تطير في الهواء و تقترب منه و تتشكل على شكله. و بدأت تلتصق به واحده تلو الأخرى، حاول أن ينتزعها من جسده و لكنه كلما قاومها كلما أحاطته و إلتحمت مع بعضها.

أحاطته بالكامل من رأسه لقدمه ثم إهتزت بشدة و تقلصت. بدا كل شئ بعدها غريبا، كل شئ يكبر حجمه بطريقة غير طبيعية و بسرعه شديده. حاول الرجل أن يقاوم و حاول أن يفقئ الفقاعه القرمزية الغريبة و لكنه فشل.

دخلت الفقاعه تحت سطح الماء و خرجت من فتحة من الفتحات الصغيره ثم طارت في الهواء.

حاول الرجل أن يصرخ بأعلى صوته، لا أريد، لا أريد أن أموت، أنقذوني. و لكن لا أحد يسمعه، فهو في قطرة ماء قرمزي غريب، تخرج من سحابة تطير فوق البحر.

ثم سقط و لكنه لم يمت، سقط في فم سمكه لونها قرمزي، فهي تتغذي على هذا الماء العجيب. أخذته السمكه و غاصت لجحرها و أخرجت هذه الفقاعه من فمها و خزنتها ليأكلها صغارها.

الخميس، 8 أغسطس 2024

أعضاء و كلمات


اللسان، عضو خلق في الأجسام، نعمة من الله للإنسان. به يظهر الكفر و الإيمان، و هو غاية الطاعة و العصيان. له عذوبة و مرض عنان. يسلكه الشيطان في كل ميدان ولا ينجو به إلا مريدي الجنان.

أما اليد فبها تُجنى الأعمال والأحلام، و هي وسيلة البناء والهدم والقيام. تعمر بالخير أو تهدم بالآثام، تفتح أبواب النور أو الظلام، ويصل بها الإنسان إلى المرام، فيسير في طريق الأبرار أو اللئام.

و العين بها يُرى جمال الأكوان، و تميز بين الحق والبهتان. تنير دروب الحق و العرفان، و تفتح أبواب الفتان. هي مرآة الروح والوجدان، تحفظ السر و تفضح الكتمان، وتبصر بها ما وراء الألوان، وتكون سبيلاً للرضوان أو الخسران.

إنما الأذن فبها يُسمع الكلمات والألحان، و تفرق بين الطيب والعدوان. تسمع بها آيات القرآن، وتدرك بها معاني البيان. تستقبل الأصوات في كل مكان، وهي بوابة للتعلم والإحسان، تعين على الخير و تدفع للأدران، وتكون سبباً في الهداية أو الطغيان.

الأنف به تُستنشق الروائح والريحان، ويتميز به الطيب من النكران. يرافق الحواس في كل مكان، ويميز به العطور والألوان. يفتح أبواب الشم والعرفان، ويكون سبباً في السعادة أو الهذيان.

القلب به تدب الحياة في الأبدان، و ينبض بالحب والإيمان. هو موطن المشاعر والأحزان، وميزان الطمأنينة والهيجان. يحيا بالصدق والإحسان، ويموت بالغدر والخسران. يسكن به السكينة والأمان، أو يغمره الظلم والنكران، ويكون مفتاحاً للجنة أو النيران.

و أخيرا العقل به تميز الحق من البهتان، ويدرك به كل الأزمان. هو مصدر الحكمة والفطان، وموطن الأفكار والبنيان. يُقوِّم السلوك والأذهان، ويهدي إلى الصواب والبيان. يعين على الاختيار والاختبار، ويقود إلى النجاح والازدهار. يكون سبيلاً للهدى والريحان، أو يقود إلى الضلال والخسران.