الأربعاء، 7 أغسطس 2024

البوتاسيوم ... عامل ازدهار أو انهيار


البوتاسيوم يعتبر من أهم العناصر الغذائية الضرورية لجميع أنواع النباتات، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وفي مختلف الأعمار والمراحل والدورات. فهو يلعب دورًا حاسمًا في النمو الخضري، عمليات التنفس، التزهير، الإثمار، إنتاج الخشب، الجذور، التفريع، ومواجهة الظروف القاسية.

نقص البوتاسيوم يمكن أن يكون قاتلًا للنبات، حيث تتوقف جميع العمليات الفسيولوجية داخل كل خلية، مما يؤدي إلى موت النبات بشكل حتمي.

تبدأ أعراض نقص البوتاسيوم بظهور موت للأوراق القديمة، حيث يختفي اللون الأخضر من طرف الورقة ويتحول إلى البني، ثم تفقد الورقة الماء بسهولة ويتكسر طرفها. تستمر عملية الجفاف في الانتشار داخل الورقة حتى تصل إلى الفرع الجانبي، ثم الفرع الرئيسي، وأخيرًا إلى الساق. يتواصل الجفاف حتى يصل إلى الجذور، مما يؤدي إلى موت النبات بالكامل.

إعادة بناء النبات بعد انتشار الجفاف تعتبر من أصعب العمليات، حيث يتعامل النبات مع موته بشكل سريع من خلال نقل كل ما يمكنه من السكر والبروتين والدهون إلى الجذور بعيدًا عن مناطق الجفاف.

لكن عند استشعار النبات لتواجد البوتاسيوم مرة أخرى، يبدأ في إنتاج فرع جانبي جديد يعمل كساق رئيسية ويبدأ في النمو مجددًا. مع ذلك، سيظل النبات يعاني من آثار الجفاف حتى يتخلص من الساق القديمة.

في هذه المرحلة، لن يستطيع النبات التراجع عن الأجزاء التي أمر بموتها، لأنه يحاول بذلك تخفيف حدة الموت الحتمي. وعندما يستشعر وجود الحياة من جديد، يبني أفرعًا جديدة بحياة جديدة بعيدًا عن الأفرع القديمة.

الثلاثاء، 6 أغسطس 2024

الهروب من تحت الراية ... ابقى حيا ثم خطط لكي تبقى حيا

 

السرطان حياة، او السرطان مشروع حياة. بعيدا عن التعريف العلمي للسرطان بأنه مرض يصيب الجسم فيكون سببا في موته، و لكن التعريف الفلسفي له أنه عبارة عن خلايا تريد أن تحيا و لا تريد أن تموت.

طبعا الخلايا السرطانية هي خلايا شاذة عن طبيعة باقي خلايا الجسم، و أيضا خارجه عن قوانينها البيولوجية، و لكنها في نفس الوقت تسعى جاهدة لتكوين حياة.

نحن لا نعرف لماذا تخرج الخلايا عن طبيعتها، و لا نعرف أيضا السبب المادي الملموس لنشوء السرطان. و لكننا نحاول ان نواجه حقيقة وجوده، و نحاربه بإطار قانون الحياة الأساسي، و هو البقاء للأقوى.

و لهذا فكل ما يفعله السرطان، تفعله بقية الكائنات، و هو الصراع من أجل البقاء. حتى لو إستخدم أساليب التدمير و المقاومة. و لكن يظهر سؤال ملح جدا: و هو اذا كان السرطان يسعى للبقاء، فلماذا يقوم بقتل الكائن الذي ينشأ بداخله و بالتالي يقتل نفسه؟

و الإجابة، في حروب البقاء تُستخدم إستراتيجية ابق حيا ثم خطط لكي تبقى على قيد الحياة. فالموت يعني النهاية الأبدية، حتى في جولة واحد من جولات الحرب، فمن يمت أولا يفقد القدرة تماما على مواصلة الصراع من أجل الحياة.

إن الخلية السرطانية هي خلية حية بكامل المعنى البيولوجي للكلمة و تتخطى ذلك أيضا و تدخل في معنى الحياة الأبدية و الخالدة. و لكن، أوليس نحن أيضا نسعى للخلود و الحياة الأبدية و لكننا نستسلم تحت راية المنظومة، أما هو فدائما يهرب.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 5 أغسطس 2024

ملحوظة شخصية


الأب في الحياة العائلية، منذ بداية تكوينها، يحتاج إلى إظهار ومزج صفتي الالتزام والتواضع في علاقته مع زوجته وأولاده. الالتزام بتحقيق أهداف معينة أو لإثبات آراء في مواضيع مختلفة، وفي نفس الوقت التواضع في تقدير أننا قد نكون مخطئين تمامًا وأن الآراء والأهداف قد تتغير بالكامل.


بهذه الطريقة، يمكننا الوصول إلى أسلوب يسهل فيه التعامل مع بعضنا البعض، بأسلوب يقوم على الاحترام والود والثقة. يمكننا إزالة حواجز الخوف وفهم أخطائنا وتجاوزها لبعضنا البعض، وهذا هو بداية طريق التفاهم الأسري.


الحياة بدون التزام تكون خالية من العواطف، وبدون تواضع يصبح الشخص أسيرًا لأفكاره وغير قابل للتغيير. والحياة من دونهما تصبح حياة مليئة بالكراهية والانتقام.


عندما يلتزم الأب بأهداف الأسرة وقيمها، فإنه يوفر لأفراد الأسرة إحساسًا بالأمان والاستقرار. الالتزام هنا ليس مجرد القيام بالواجبات، بل يتجاوز ذلك إلى تقديم الدعم العاطفي والنفسي. يظهر الالتزام في السعي المستمر لتحسين الحياة العائلية، والاستماع الجيد لأفراد الأسرة، والاهتمام بمشاعرهم واحتياجاتهم.


ومن ناحية أخرى، يأتي التواضع ليلعب دورًا مكملًا، حيث يتيح للأب الاعتراف بأخطائه وتقبل آراء أولاده. التواضع يجعل الشخص أكثر انفتاحًا على النقد البناء وأكثر قدرة على التعلم والتطور. عندما يرى الأطفال تواضع الأب، يتعلمون بدورهم قيمة التواضع ويتبنون نفس النهج في تعاملاتهم مع الآخرين.


المزيج المتوازن بين الالتزام والتواضع يخلق بيئة عائلية يسودها التفاهم والتعاون. إنه يفتح الباب أمام الحوار الصريح والبناء، ويساعد في حل النزاعات بطرق ودية وفعالة. بدلاً من التمسك بالآراء الجامدة والاعتزاز الزائد بالنفس، يمكن للأب أن يقود أسرته بروح من التعاون والشراكة.


بإلتزام الأب بمسؤولياته وتواضعه في مواقفه، يمكن للأسرة أن تبني أساسًا قويًا من الثقة والاحترام المتبادل. هذه هي الأسس التي تساعد في نمو الأسرة وتماسكها، وتجعل الحياة العائلية مليئة بالحب والتفاهم، بعيدًا عن الكراهية والانتقام. و هذا كله مجرد ملحوظة شخصية.

الأحد، 4 أغسطس 2024

عندما سألني إبني عن ما هي الأخلاق

 


لكل إنسان طبيعة و شخصية، بعضها مختلفا و بعضها متشابها. لكل شخصية عدة جوانب محبوبة، و أخرى مذمومة. فأي جانب تحب أن تظهره و في أي وقت. تلك هي الأخلاق (من وجهة نظري).


عندما تأخذ بيد رجل أعمى أو مسن من جانب الطريق و تصل به إلى الجانب الآخر، ألا يدخل ذاك عليك بالسرور؟ عندما ترى طفلا يبكي بحثا عن أمه، فتأخذ بيده و تحافظ عليه و تبحث معه عن أمه، ألا تفرح من ذلك؟


مع أن المسن و الأعمى و الطفل و الأم لا يعرفونك، و لن يدفعوا لك مالا لمساعدتهم، فلماذا كل هذا السرور و الإنبساط؟


الطبيعي ان الإنسان يفرح عندما يأخذ مالا، فهو محب للمال. و الطبيعي ان الإنسان يفرح عندما يتحدث عنه الجميع و يمدحونه، فهو محب للمديح. و لكن مساعدة المحتاج، ليس بها مال و لا مديح.


الأخلاق هي قوة و ملكة تدفعك للقيام بالأعمال الحسنة و تنهاك عن الأفعال السيئة. فعندما تختار الأفعال الحسنة و تترك السيئة فذلك معناه إمتلاكك لقوة الأخلاق.

السبت، 3 أغسطس 2024

عروق الألم


المقدمة 

في زمن بعيد، في مدينة غارقة في التناقضات، حيث الترف والبؤس يتجاوران، كان الفقر يسلب الأرواح ويغمرها في الظلمات. في تلك المدينة، عاش أغنياء مستمتعون بكل نعم الدنيا، لا يشغلهم شيء سوى البحث عن الخلود وسبل إطالة حياتهم المرفهة.


وفي يومٍ مشؤوم، اكتشف عالمٌ غني جهازًا غريبًا، يمكنه أن يربط شرايين الأغنياء بأعضاء الفقراء، بحيث يستأجر الأغنياء أعضاء الفقراء لتجديد حياتهم المنهكة. كان هذا الجهاز المعقد يمتد كشبكة من الأنابيب والشرايين، يربط دم الغني بقلب الفقير، وكليته و رئتيه، بكلية و رئة الفقير، فيستخدم الغني قوة و حيوية أعضاء الفقيرو يصبح الفقير عالقًا بالجهاز، رهينة لحياة الغني. هذا الجهاز لم يكن مجرد وسيلة للاستئجار، بل كان يجعل جسد الفقير يلتصق فعليًا بجسد الغني، بحيث يصبح الاثنان كيانًا واحدًا. كان الغني يحصل على الطاقة والحياة من أعضاء الفقير، بينما يبقى الفقير عالقًا بالجهاز، لا يستطيع الفكاك منه.

بألمٍ وخضوع، وافق الفقراء على هذا الاستئجار القاسي، مضطرين لقبول الفتات الذي يدفعه الأغنياء لقاء حياة مهدورة. أصبحوا مرتبطين بالجهاز، غير قادرين على الفكاك منه، حياتهم متوقفة على استمرار الجهاز في العمل دون خلل. إذا تعطّل الجهاز، فإن الفقير يموت، ويخسر الأغنياء وسيلتهم لتمديد حياتهم. مع مرور الزمن، أصبح هذا الواقع المظلم جزءًا لا يتجزأ من المدينة، حيث يعيش الأغنياء أعمارًا مديدة بصحة ونشاط، بينما يتلاشى الفقراء ببطء، يعانون من الألم والعجز بسبب أعضائهم المستأجرة و المستهلكة. الفجوة بين الأغنياء والفقراء اتسعت بشكل مرعب، والمدينة أصبحت مسرحًا للمعاناة والتناقضات.

مراد

كان هناك رجلٌ غني يُدعى السيد مراد. مراد كان يعيش حياة ترف لا حدود لها، لكنه كان يسعى دائمًا وراء الشباب الدائم والصحة المتجددة. امتلك مراد جهاز الاستئجار الذي اخترعه العالم الغني، والذي يربط شرايينه وأوردته بأعضاء الفقراء. ولكنه كان يسعى لأكثر من ذلك.

كان مراد يستخدم مواد كيميائية منشطة. و كان ..........


بقية القصة هتلاقيها في صفحة عروق الألم

الخميس، 1 أغسطس 2024

خُلق الإنسان لصناعة التاريخ

 

هل للتاريخ حركة واتجاه، وهل يمكن معرفتها؟ بمعنى آخر، هل التاريخ يعيد نفسه في حلقة دائرية مفرغة إلى ما لا نهاية، أم أنه متغير؟

في البداية، كلنا نؤمن بوحدانية الخالق وقدرته ومشيئته، فكل شيء خُلق بقدر، وكل مخلوق مُيسر لما خُلق له، فالبداية عند الخالق والنهاية أيضًا عنده. وكل شيء يسير وفقًا لمشيئته وإرادته. وبما أن التاريخ يتجه إلى الإله الخالق في النهاية، فهذا يدل على أنه يفضي بالإنسان إلى سعادته. ولكن العالم يسير من سيئ إلى أسوأ، ولولا تدخل الخالق لإنقاذ البشر لحدثت الفوضى ولتغير المسار المكتوب، كما في شق البحر لموسى وتبريد النار لإبراهيم وخروج ماء زمزم، التي ستكون المآل الأخير للإنسانية.

هناك وجهتان نظر للإجابة عن هذا السؤال: الأولى هي نظرة رجال الدين والمفكرين المعتمدين على العقائد في التفسير، مثل الطبري. إنهم يقولون أن للتاريخ مسارًا محددًا واتجاهًا واحدًا مُقررًا منذ الأزل قبل بداية الخلق أجمعين، لأنه ليس من العقل أن الخالق يخلق هذا كله ويتركه يسير نحو الفوضى بدون ضوابط.

طبعًا هذا تفسير ديني مريح ولكنه لا يعطي الإجابة الكاملة على السؤال، فهم أخذوا التفكير السهل بدون عناء وساروا نحو التسليم خوفًا من الدخول في شبهات التفكير.

أما المنظور الآخر فيرى أن التاريخ دائمًا في صراع مع الحضارة، وأن المصارعين هم طلاب العلم والعلماء. وعند النظر عميقًا لشمولية التعليم نجد أن أعمال كل من فرانسيس بيكون المنطقي وديكارت المفكر الرياضي والميكانيكي البارع، ومؤلفاتهم عن تحويل أعمال الصناعة والتجارة إلى أعمال تُدرَس وتأسيس ما يسمى بالإسكولاريين أو المدرسين الذين ينقلون العلم إلى الأجيال، أدت لجعل الكثير من الناس يدرسون الكيمياء والفيزياء والنبات والحيوان والطب والهندسة والجيولوجيا، وأصبحت العلوم لها مكانة توازي الصناعة والتجارة. وتحول تفكير الناس من الحدس والظن والاستسلام إلى التجربة والدقة والضبط.

وهذا لا يمنع من التفكير ومحاولة الإجابة على السؤال، وإلا سنكون كمن يرى أن الخالق يمنح الصحة والمرض، ولكنه يمنع الناس من دراسة الطب والتداوي. ولولا كوبرنيكوس وجاليليو لما زلنا نعتقد أن الأرض مركز الكون والشمس تدور حولها. فكل تفكير سيؤدي إلى تعميق الإيمان بالخالق العظيم.

وعلى هذا الأساس ظهر مسار مختلف من التاريخ، مسار الاكتشافات والاختراعات التي تطورت وتداخلت في جميع المجالات فأنتجت حضارات في الدول التي دعمت العلم والعلماء، واندثرت الأخرى التي قاومت دخول التعليم وأيدت الجهل والتسليم. وهذا يدل على أن التاريخ يأخذ مسارًا مختلفًا حسب مقدار العلوم المعمول بها في كل دولة.

هذا يأخذنا إلى أن مسار التاريخ ليس دائريًا، ولا يعيد نفسه، وأنه في تغير مستمر. لأن للتاريخ صانع ومغير، وهو الإنسان.