الأحد، 12 مايو 2024
التربية ... بين الصدفة و التحكم في الأسباب
السبت، 11 مايو 2024
أسير في كأس العفاريت
الخميس، 9 مايو 2024
سلحفاتي التي أحببتها بعدما كرهتها
منذ فترة تعتبر طويلة نسبيا أُهدى إليا سلحفاة. لم أحبها في البداية، و إستشعرت غرابة شخصيتها. فهي بطيئه في كل شئ، مشيتها، أكلها، نومها. شعرت بإشمئزاز كبير حين تأملت جسدها لأول مرة، كم هي ثقيلة و كم هي غريبة. فعظامها خارجها و لا يظهر منها إلا رأسها و رقبتها و أظافر أقدامها.
لم ارى بوضوح وقتها كم تعيش هذه السلحفاه حرية لم ألمسها قط، فحياتها هادئة و معيشتها بسيطة و ثقل صدفتها لا تمثل لها مشكله.
كيف وصلت هذه السلحفة لهذا القدر من الصمت فتعيش بلا كلام و بلا سمع على ما أعتقد. فلا تتأثر بكلام و لا بنظرات و لا بالقيل و القال. ليس لها طموح و لا تفكر في المستقبل و لا تهتم لتاريخ السلاحف العظيم. هي بداخل صدفه، محشورة و لكني أعتقد أنها سعيده.
في يوم من الأيام كنت حزينا للغاية، فرأيتها تأتي لب مسرعة بكل جهدها لكي تعضني في قدمي، فهل تستأنس بوجودي؟ أم انها مجرد جائعه و تريد الأكل؟
رفعتها على الطاولة و وضعت رأسي أمام رأسها و نظرت في عيونها، فرأيتها كبيره، مستديره، و سوداء، لا تعكس اي ضوء. حاولت ان أرى أفكارها و أعرف ماذا تريد، و لكني تيقنت وقتها أنها تريد الأكل.
وضعت يدي على صدفتها لأمنعها من التحرك ناحية الأكل البسيط، ثم بدأت أحكي لها لما أنا حزين لهذه الدرجة. سمعتني في صمت و لكنها تثائبت! نعم فتحت فمها و تثائبت! كم هذا الفعل أضحكني و أدهشني.
هل ما اقوله و أفعله ممل لهذه الدرجة التي تجعل سلحفاتي تتثائب. هذه السلحفاء البطيئة و الصامته و المملة تتثائب من مشاكلي. فيال العجب عندما فهمت للحظة كم ان مشاكلي فعلا صغيره و انها لا تحتمل كل هذا الحزن و الألم بداخلي. فكرت كم أنا فعلا محبوس داخل صدفتي، صدفة أفكاري و علاقاتي.
عندما انظر الي لسلحفاتي كل صباح، لم أعد ارى بطئها و لكني ارى قدرتها على حمل ثقل صدفتها و التحرك بها و التأقلم معها و عدم محاولة كسرها او الإبتعاد عنها.
كم أحبك الآن ايتها السلحفاه و كم كرهتك من قبل.
الثلاثاء، 7 مايو 2024
ناجين بجسد مسكين
من فترة ليست طويلة لم يعد يطلق على المصابين بالسرطان إسم مريض أو ضحية بل ناجي survival و كأنهم كانوا في حرب . في كل مكان تجدهم يلبسون قمصانا بلون موحد حسب نوع السرطان و مكتوب عليه كلمة " الأمل" .
و لما تنظر لهم و تتأمل أجسادهم بعمق تجد عظامهم قد لانت و عضلاتهم هانت و مفاصلهم مالت . تجد أعينهم قد إنغمست في محاجرها و شعرهم أصبح خفيفا بلون أصفر فاتح .
كأنهم تحولوا من الحياة المترفه العادية عند أغلب الناس إلى حياة التعب و الشقاء و المقاومة . تجد عندهم قناعة كامله بأنه العلاج الكيماوي و الإشعاعي أبدا لم يكن تسوية سيئة مقابل أن تظل على قيد الحياة .
كأنهم وجدوا أنفسهم في وسط معركة غريزية غرضها مقاومة الإنكسار و الإنحناء . وجدوا أنفسهم يواجهون و يجاهدون بأنفسهم و بأجسادهم لمواجهة أنفسهم و أجسادهم . تجدهم في بداية العلاج كأنهم قد إستسلموا للموت و فقدوا الأمل و ضاعوا بغياهب الصحراء و لكن عند ملاحظة الشفاء و لمس الأمل يدخل شعاع الطمأنينة بقلوبهم فتجدهم قد خلعوا قبعاتهم كاشفين رؤوسهم الصلعاء نتيجة الجراحه او الكيماوي او الإشعاع غير بالين بعيون و ألسنة الناس .
الاثنين، 6 مايو 2024
شخصية نرجسية لا تصلح
الشخص النرجسي هو المختال الفخور الذي يمشي على الأرض مرحا كأنه قادر على أن يخرق الأرض أو يبلغ الجبال طولا. هو المغرور و المتعالي و المتكبر، عنده شعور طاغي بأهميته، هو الأوحد النادر صاحب أغلى المواهب. لا يضاهيه أحد و لا يوجد له منافس.
يرى نفسه عملاقا و الناس أقزام، مزهو بذاته، مجنون بنفسه، الويل لمن يحاول أن يبرز بجواره أو أن يتعداه. خياله غير محدود. هو في القمة و الناس ساجدين و مهنئين و معجبين و مباركين.
كل المحيطين يجب عليهم خدمته و يسخروا أنفسهم في راحته و العناية به، يعيش في صورة المبدع الخلاق العالم المفكر البارز. تعرفه من كلامه و مشيته و صوته و طريقة حديثه .
لا يتعاطف و لا يتألم و لا يضحي و لا يتنازل و لا يعطي و لا يتورع.
هو المتميز و المتفضل و العلي، هو متضخم و متورم و خال و خاو، لا يحقق إبداعا و لا عنده أي إنجاز . لا يضيف شيئا، مقلد و مزور. محترف تلميع الأسطح و مهتم بالقشور، مبالغ في قدراته و يستغل الآخرين في قضاء أعماله. يتبع صدقته بالمن و الأذى. هو غاضب و ثائر و متوعد و مستغل و إنتهازي و أناني و مصاص دماء.
عدوه الوحيد هو الزمن فهو يعرف أنه يسير إلى الضعف، فسلطانه يزول و ماله يقل و قوته تضمحل و جماله يذوي و صحته تعتل.
الشخصية النرجسية لا تصلح لزواج و لا لأبوة و لا لصحبة و لا لجيره.
السبت، 4 مايو 2024
دماء في أوراق وردة
عند شروق الشمس خرج رجل مع كلبيه للتسكع و لينزههم. و من طبيعة الكلاب فإن تشم كل شئ تقابله، فذهبت لحديقة صغيره أمام بيت غريب، و شمت الزرع فيها و عندما إقتربت من زرعة معينة، صعقت الكلاب و قفزت من الخوف ثم هربت.
تعجب الرجل و أخذ كلبيه و إقترب من وردة جميلة و أمسكها بيده فشعر كأن بها عروقا نابضة، فأمسك زهرتها و كان لونها حمر فاقع و لامع كلون الدم بالتمام. أنزل أنفه ليشم الوردة ففتحت فمها و قضمت أنفه.
صرخ الرجل بشدة و أمسك أنفه و سقط على ظهره يتلوى من الألم. إستجمع قواه بعد فترة ثم نهض و أمسك الزرعة من ساقها و حاول خلعها فلم يستطع فكسرها و ألقى بها على الأرض.
تعلقت الزرعه بفمها من أسفل أحد الكلبين ووصلت معهم للبيت ثم ألقت نفسها عند المدخل و إنتظرت. و بعد فترة جاءت زوجة الرجل و رأت الوردة فأعجبت بلونها جدا و أخذتها و وضعتها في إبريق به ماء لتشرب و تروى.
و في صباح اليوم التالي، نظر الرجل إلى الطاولة فوجد الوردة موضوعه فوقها، فنظر إليها بدهشة و تعجب كيف وصلت لطاولته، فذهب إليها و حاول أن يمسك بها.
فمالت عليه و فتحت فمها و ظهرت أسنان حادة بداخله ثم قالت له بوضوح، لا تحاول قتلي، و لكن تمنى أمنية لأحققها لك. تردد الرجل بشدة، و قال هل تتكلمي؟ ثم قال أي أمنية، فأومئت الوردة برأسها و فتحت فمها بإبتسامه شريرة للغاية، و قالت أي شئ.
نظر لها الرجل لبضع ثواني ثم قال أريد القوة، أريد أن أكون أقوى رجل في العالم. رفعت الوردة رأسها و مالت نصف دائرة ثم قالت لك ما طلبت، و لكن لكل طلب مقابل، أريد دما، أريد أن أشرب الدم، مد يدك لأقضمك، ثم تكون لك القوة. فقال لها لن أمد يدي و لن تأكليني. فقالت آتني بأحد الكلبين فطعم دمائهم لذيذ كطعم دمك.
نظر لها بخوف و قال كيف ستمنحيني القوة مقابل دم كلبي، فردت و قالت عليك أن تأخذ ورقة من أوراقي و تمضغها فتكون لك أمنيتك. لم يتردد الرجل في إحضار كلبه ثم ذبحه و وجمع دمه و وضعه أمامه فمالت برأسها و جعلت تشرب من الدم و تتلذذ بصوت مخيف.
كان الرجل ينظر بشدة و رهبة منها و لكنه إنتظرها حتى إنتهت فكبر حجمها و إزدادت طولا و جمالا و مدت له ورقة كبيرة منها ليأكلها. أخذ الورقة منها و شعر و كأنها مليئة بعصارة من الدم فلم يتردد في أكلها فشعر بطعم جميل و كأنه يأكل عسلا.
جلس الرجل على الأرض أمام الوردة و ينظر لها في صمت و هي أمامه تتمايل في رقصات و تصدر من فمها عدة أصوات. ثم أمسك بدماغه و أخذ يصيح بشدة من شدة الألم و تلونت عيناه بلون الدم و نظر إليها فقالت له إذهب لتكن الأقوى.
ركض الرجل مسرعا خارج بيته و هو يمسك رأسه بشدة، ثم رقد في حديقته و أخذ يحفر في التراب، حتى حفر حفرة تساوي حجم جسمه بالكامل، و رقد بداخلها و أخذ ينزل عليه التراب حتى إختفى.
و قبل أن يغلق التراب عليه، مدّ لسانه خارج فمه و خرج منه ساق وردة جديدة، و مالت عليه و قضمته لتشرب من دمه، ثم إزداد حجمها و طولها بسرعه جعلتها تظهر من على الأرض لتغلق باقي الحفرة علي وجهه و تظهر هي كأنها أجمل وردة تنتظر فريستها الجديدة.