السبت، 11 مايو 2024

أسير في كأس العفاريت


خرجت لألعب مع الأولاد، أصدقائي في الشارع، نجري و نضحك و نتبارز. لا نهدأ و لا نتعب و لا نمل. أصبح بيننا تحدي، من يمشي على المسامير يصبح هو الرابح. جلسنا نلم المسامير و نبحث عنها في أرجاء الشوارع، ثم فرشناهم على الأرض و تحدينا بعض. من يستطيع أن يمشي عليهم بدون أن يصرخ فهو الرابح.

كان دوري الأخير، فكل من سبقني لم يستطع الإستمرار في المشي، الكل صرخ من الألم، و لم يبقى غيري، فنظرت للمسامير بخوف و نظرت لأصدقائي كأني الوحش يأكل المسامير، فطالما أستطيع أكلهم فلم تستطيع أن تؤلمني.

هممت بالوقوف على حافة المسامير و خلعت حذائي و شمرت بنطالي إستعدادا للمشي، و عندما رفعت قدمي، تفاجئت بأصدقائي يحملونني و يرفعوني في الهواء ثم يتركوني أسقط على المسامير. إرتعبت بشدة و صرخت بأعلى صوتي، لاااااااااااا.

حاولت ألا اسقط على المسامير و لكني فشلت. نزلت عليها واقفا، فدخلت المسامير كاملة في رجليا. شعرت بألم رهيب يجتاحني و يذهب بروحي، فلا أستطيع النظر و لا أستطيع الصراخ و ينهمر العرق من جبهتي و رأسي.

إمتلئت الأرض بالدماء و سقطت على الأرض لا أتحرك. فزع الأولاد من منظر الدم و من صراخي و تركوني وحدي و لاذوا بالفرار. سندت على يدي و زحفت الشارع على بطني و كل ما هممت بالوقوف أشعر بصاعقة تخترق رجلي فأصرخ و أسقط.

وصلت بيتي و فتحت الباب و ناديت على والدي فلم أسمع صوتهم و لم أجدهم. خرج أبي و أمي من المنزل، فأنا أجلس وحدي و قدمي تؤلمني بشدة، لا أعرف ماذا أفعل. هدأت و شعرت بالصمت يجتاح البيت. شعرت بخوف شديد، فالأحلام لا تراودني إلا في وحدتي، نظرت إلى الحوائط و الأثاث و أنا أتخيل العفاريت تخرج منهم و تنظر لي. تخيلت أشباحا تخرج من تحت السرير و تحاول أن تمسك رجلي.

سمعت صوتا يغني و يصفر، تخيلته أحدا يمر في الشارع و يسلي نفسه، فنظرت من الشباك فلم أجد أحدا. ركزت في صوت المغني و طقطقت أذني لأحدد مكانه، و نظرت لباب المطبخ و شعرت بأن عيونا تنظر لي. إرتميت على الكنبة و أدخلت رأسي في وسادتها و صرخت إنه شبح، إنه يغني و يصفر.

دق قلبي بسرعه شديدة، و شعرت به يخترق صدري، لا أستطيع أن أنظر و لا أستطيع أن أجري من البيت، هل هي النهاية، هل سيأكلني العفريت، أم سيأخذني عنده رهينة لأخدمه طوال حياتي و يضعني في كأس و يغلقه و كلما أحب أن يلعب معي مسك الكأس و رجه لأقع بين هزاته فينظر إليا و يضحك. هل هذه نهايتي، أسير في كأس العفريت.

أحسست بالحركة في المطبخ تزداد و أن شيئا يتحرك ناحيتي،فأسمع صوت خطوات ثقيلة تقترب مني، ثم صمت رهيب. شعرت بهواء بارد على جسمي و كأن البرد إجتاح جسدي و إرتعششت و أغمضت عيني و غرقت في نوم عميق.

فتحت عيوني و أنا أقول لا لن تستطيع أكلي و لن تستطيع أخذي، ثم سمعت صوت أمي و هي تقول، إستيقظ يا حبيبي، مالك تنام في الصالة و لست على سريرك، نهضت مسرعا و إرتميت في أحضانها و نسيت أني كنت أحلم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق