السبت، 10 فبراير 2024

آدم ... الحب الأول و الأخير


إستيقظ الولد حوالي الثالثة صباحا، يشعر بعطش شديد، فخرج من غرفته و إتجه للمطبخ ليشرب. دخله فرآى شعاع نور قوي يدخل من الشباك

تعجب و ذهب ليلقى نظرة من الشباك على مصدر هذا الضوء العجيب. رآى أمامه في البيت المقابل لهم أجمل بنت في الوجود. إنها تشع بياضا و جمال. يخرج منها الضوء و كأنها شمس الصباح. غاص الولد في حب جمالها ثم قال في نفسه بصوت غير مسموع، ما أحلاك و ما أجمل جمالك. سمعته الفتاة ثم رفعت عينيها و نظرت إليه نظرة قاسيه ثم أغلقت شباك غرفتها بعنف

لم يعرف الولد طعم النوم في هذه الليلة و جلس يفكر فيها و يسرح في جمالها. و في الصباح ذهب لشباك المطبخ ليسرق نظرة أخرى على غرفتها لعلها فتحت شباكها

نظر من شباك المطبخ و دخل في قلبه الفزع، ما هذا، لا أرى شيئا. لا يوجد أمام الشباك إلا منزلا قديما متهالك بدون شبابيك و يبدو أنه غير مسكون. تعجب الولد من المنظر و كاد أن يخرج من شباك مطبخه يتفقد المكان بوضوح، أين إختفت غرفة الفتاة. لقد رآها بعينيه. كيف تعيش في هذا المكان الموحش و الغريب

و في المساء بعد أن نام جميع أفراد عائلته، جلس بهدوء شديد في المطبخ يسترق النظر من الشباك، منتظرا نورا يخرج من الغرفه. إنتظر حتى نام

و بعد منتصف الليل بقليل، إستيقظ على صوت همهمة غريبه، كأنه يفهمها و لكنه لا يستطيع تميز كلماتها، قفز من مكانه و نظر في الشباك. رأى البنت، رآها ثانية، دقق النظر فيما رآه هذه المره و لكنه ذهل

رأى شعرها الأصفر الناعم يتدلى من سماء حجرتها و كأنها تقف بالمقلوب و شعر بأنها تترنح للأمام و للخلف و تضع يدها حول وجهها و تتكلم بصوت منخفض جدا. شعر الولد بريبة شديدة و دخل الفزع في أحشائه و دق قلبه. تراجع و جلس على بلاط المطبخ ليفكر، ما هذا الذي أراه

حاول أن يهدأ من روعه، حاول أن يتكلم مع نفسه و لكنه لا يستطيع أن يفهم، أقنع نفسه بصعوبه أن يعاود النظر من جديد، ينظر لفتاته، لحبه. ينظر من جديد لعله يفهم لماذا تقف بالمقلوب

رفع رأسه ببطء من شباك المطبخ و لكنه لم يرى شيئا، لقد إختفت الفتاة، إختفى الضوء و إختفى الشعر الأصفر. هدء قلبه و شعر بإرتياح و لكن عينيه وقعت على عيون غريبه في ظلمة الغرفه. عيون كأنها خضراء لامعه و لكن لونها خافت، دقق النظر و أجمع تركيزه على مكان العيون

و بسرعه شديده خرج من الغرفه طائر، قفز أمامه بسرعة البرق. طائر أبيض غريب، كأنها بومه و لكنها بيضاء و عيونها خضراء. أطلقت صرخه سمعها جيدا، سمعها و كأنها تقول آدم أيها اللص سوف آتي إليك

أضاء آدم نور غرفته و جلس فيها يفكر، لم ينم في ليلته، لقد دخل الرعب في قلبه، كيف تكون بومه، و هل هي البنت، هل تتحول البومه لبنت، و كيف تكون بهذا الجمال، و لكنها .... كيف تعرف إسمي، و لماذا قالت أني لص

هدأ خوفه بعد فترة و قرر أن يستلقى على السرير لينام، أطفئ نور غرفته و إستلقى. و في هدوء الليل سمع صوتا داخل غرفته، صوتا كأنه همهمه و لكنه لا يسمعه ليفهمه.

فتح عينيه على آخرهم، إنه نفس الصوت، صوتها. إنها تعرفني، لقد قالت سوف آتي إليك و لقد جاءت، سوف تقتلني، سوف تأكلني. تجمد آدم على سريره كأنه لوح من الخشب، لا يحرك حتى جفون عينيه، يتنفس بعمق وكاد قلبه أن ينفجر

شعر بأن شيئا يمشي في الغرفه، يسمعه و لكنه لا يراه. إنه لا يريد أن يراه، سيتجمد و يتحول لصخره إذا رأى عيونها، إنها بومة الموت

هدأ الصوت و هدأ قلب الولد، نظر لباب غرفته فرآى شيئا معلقا في الظلام من سقف غرفته و كأنها ورقه مربوطه بخيط. تخرج من الورقه رائحة نفاذه و غريبه. قفز من سريره و أمسك بالورقه و فتحها فوجد فيها كلمات تشع ضوءا أخضر باهتا. مكتوب فيها لقد سرقتي و سرقت ضوئي مني، إنه ملكي أنا. لقد دخل الضوء في عينيك و يوما ما سأسترده

السبت، 3 فبراير 2024

أنتِ روح حياتي


عرفتك أول ما عرفتك من خلال نور إنبعث من كتاب أحزاني، كتاب أكتب فيه خواطري و أيامي. مصادفة كتبت فيه إسمك فخرج نور من حروفه. في لحظة رأيتك، رأيت روحك و عيونك. أضأت لي فكري و وجداني، تملكني اليقين بأنه أنتِ و لا أحد سواك

أضاءت لي سبل السعادة و الحكمة. لقد فهمت أفكاري، تخليت عن نظرياتي و إيماناتي، أيقنت بنفسي و بقدراتي. أحببتك. و أصبحت أتغذى من حبك، وقتها عرفت معنى الحياة و عرفت و فهمت مصيري

قبل أن أراى نورك كنت أتصارع مع عقلي و قلبي، مع المكتوم و اللامعقول، كنت أرفض و أنقد و أعترض و أثور. شعرن بكلمات حبك فتآلفت و تآخيت مع كل الأشياء. أصبحت أرى الحب في منطقية تناقضي و لامعقولي

أنا الذي إخترتك، بإرادتي و بقراري، بحريتي و بوعي. أول ما رأيتك شعرت بحريتي، شعرت بإنسانيتي، رأيت وجودي. أتمتع و أسعد برؤيا إسمك فأغمض عيني و أغرق في تأملك. أنتِ ملكتي كل تأملاتي

قبلك كنت منشغلا بفكرة موتي، هي موضوعي و كلماتي، كنت أرفض حياتي و أقبل فنائي. كنت أتأرجح بين تشبثي بحياتي و إختيار طريقة لنهايتي. و حين عرفتك تيقنت من إختياري

أنتِ كل حياتي و كل وجداني. علمتني فن الحياة و فن الحب. أنا لن أصارعك و إنما أصادقك، لن آمرك و لكني أشاركك، لن أستقوى عليك بل أتعاطف معك، لن أشك و إنما أتفهم، و لن أخون أبدا

حين أحببتك، خرجت من جمودي،إستيقظت من سباتي، و تحركت من ركودي. تغيرت، و تجددت، و تطورت. لم أعد أفكر كما كنت، تخلصت من كل أفعالي الساذجة، تساميت بفطرتي حتى وصلت للنقاء. حبيبتي أنتِ روحي، و أنتِ حياتي، و أنتِ روح حياتي

السبت، 27 يناير 2024

ملجأ الوعي


في إحدى الأماكن البعيدة، في وسط الصحراء، يعيش عدد من الأطفال اليتامى داخل ملجأ. إنه في الحقيقة ليس ملجأ واحدا و لكنه عبارة عن مدينة بها عدة مباني و كل مبنى يضم عددا كبيرا من الأطفال. أطفال من كل مكان، تقريبا بنفس الأعمار، من عمر عام إلى عشرة أعوام. من يأتي لهذا الملجأ بعمر أصغر يختفي و من يصل للعمر الأخير يخرج من الملجأ و أيضا يختفي. و كان القول الملقى في أذان الأطفال أن من يخرج يقوم بدوره كما تربى عليه

يتربى الأطفال منذ نعومة أظافرهم على تقديم المساعده في كل المجالات. فيتعلموا الزراعه، و الصناعه، و النجارة، و الحدادة، و السباكه، و الطبخ، و الخياطه. من يراهم من الخارج يجد أنهم في مكان نموذجي لتربيتهم و تنشئتهم ليصبحوا أصحاب أعمال في المستقبل، و يعتمدوا على أنفسهم

و كان يزور هذا الملجأ الكثير من الناس المعجبين بظام المكان و ترتيبة و ديكوره، و يتركوا الكثير و الكتير جدا من الأموال لدعم هذه المنشأة و دعم رؤيتها و طريقتها، فهو يضم ألاف الأطفال المرتبين و النظاميين و المهتمين بأنفسهم و بمكانهم. إنه المكان المثالي لتضع فيه إبنك أو بنتك ليتربوا و يتعلموا. و لكنه فقط ملجأ، يلجأ إليه الأطفال الملقين في الشارع أو المستغنى عنهم أو من فقدوا والديهم ولا تريدهم أسرهم فلن يُقبل أبدا أي طفل قد يسأل عنه أحد من أقاربه

و في إحدى الليالي، دوت في الأرجاء صرخه عاليه، عاليه لدرجة أن جميع الأطفال و المشرفين إستيقذوا من نومهم بفزع. الصرخة أتت من مبنى د ، إنه المبنى الذي يضم الأطفال من فئة س.ف. لا يعرف أحد معنى هذه الأحرف إلا ثلاثة فقط في الملجأ كله و لا يجرؤ أحد على السؤال، فمن يسأل ينتهي عمله و يرحل بغير عوده

مبنى د عبارة عن ستة طوابق، ليس به نوافذ و لا أي فتحات، و لكنها مجرد أشكال ديكورية لخداع الناظرين. في كل طابق عشرة غرف، و في كل غرفه ينام طفلين فقط، واحد تعدي سن السبع سنين و الآخر أصغر من أربع سنين. المبنى د له نظامه الخاص، فلا يدخله أحد و لا يخرج منه أحد إلا بموافقة شخصية من المدير، إنه النظام القائم في هذا المبنى، لا أحد يعرف لماذا و لا يجرؤ أحد على السؤال و لكن المعروف أن المختارين فقط من يعملوا في هذا المبنى

تجمع المشرفين أمام باب المبنى بعد الصرخه و لكنهم لم يدخلوه خوفا من بطش مديرهم، وانتظروا أن يأتى أحد من المسؤلين الكبار، و لكنهم لم يأتوا و بعد مرور أكثر من نصف ساعه حاول واحد من المشرفين أن يفتح باب المبنى لعله يسمع أو يرى و لكنه وجد أن الباب مجرد ديكور آخر فلا يوجد باب حقيقي للمبنى

أصبح القلق ظاهر على وجوههم و أصبحت الحيرة تملئ صدورهم و الخوف يدق قلوبهم و رجعوا لغرفهم يتمتموا بأقوال غريبه، كيف لا توجد أبواب و كيف يخرج و يدخل الأطفال و لكن لم ينطق منهم أحد بشئ و لا حتى لشريك غرفته

و في الصباح خرج أطفال س.ف إلى أماكن التعليم و العمل و لكنهم كأنهم لا يرون و لا يسمعون، كأنهم روبوتات تعمل و تأكل و لكن أحد المشرفين كان لهم رقيب و كان يتابعهم بحذر شديد و يلاحظ مسارهم و أكلهم و كلامهم. و بعد إنتهاء اليوم سار وراء أحدهم ليرى كيف سيدخل للمبنى

وقف الطفل أمام حائط من المبنى و إستمر ساكنا لا يتحرك و لا ينظر في أي إتجاه لمده ليست طويلة و المشرف يتابعه بحذر و فتحت الحائط من الداخل و خرجت يد إخطبوطية و لفت الطفل و أدخلته إلى المبنى، تسمر المشرف مكانه كأنه لا يصدق ما يراه، هل في ملجأنا هذا الحيوان الرهيب و ماذا يفعل داخل المبنى و هل يعذب الأطفال و كيف يعرف المدير و يسكت

تسلل الرجل بخوف ليقف أمام الحائط و يضع أذنه عليها ليحاول أن يسمع أو يلتقط أي إشارة لما يحدث خلفها و لكنه لم يسمع أي شئ و لما بادر بالرجوع فتحت الحائط و خرجت اليد الإخطبوطية و لفت حوله حتى كاد أن يختنق ثم سحبته

شعر الرجل بأن عظامه تتهشم من شدة العصر و حاول أن يركز بصره على شئ و لكن سرعه السحب كانت شديدة فلم يستطع أن يرى و لا أن يسمع سوى أنه رأى ممرا طويلا أبيض بارد بشدة و به فتحات صغيره في أسفل الحوائط لا تنفع حتى للأطفال أن يمروا من خلالها، و تحول الممر فجأة إلى الظلام و شم رائحه سيئة ثم نام

إستيقظ الرجل بعد فترة فوجد نفسه على سرير المستشفى الخاص بالملجأ و يديه و أرجله مربوطين في السرير و قالت له الممرضه، أخيرا إستيقظت لقد وجدك أصدقائك على الطريق و جسمك يهتز بشدة فحملوك للمستشفى و للسيطره على حركتك السريعه إضطررنا لربطك. أنت الآن مستيقظ أخيرا، سأنبه الطبيب ليأتي للكشف عليك

رأى الرجل من باب غرفته المفتوح عددا كبيرا من رجال الأمن يحيطون بالطبيب و كان واقفا مع رجل يشبه المدير كثيرا و لكنهم لا يتكلمون بأفواهم، ولكن تتلامس أيدي إخطبوطية صغيره تخرج من تحت أفواههم، صعق الرجل من هذا المنظر و هاج و أصبح يتحرك بسرعة و قوة فكسرت يديه و أرجله، فنظر لهم بذهول كادت أن تخرج عيونه من مكانهم، كسرت يدي و لم أشعر بهم و كسرت أرجلي و مازلت أشعر بأني أحركهم. ثم دخلت عليه الممرضه بسرعه و حقنته بماده أدخلته في ثبات عميق

إستيقظ الرجل للمره الثانيه فوجد نفسه في غرفه بها كرسي و سرير و لكنهم بالمقلوب، نظر لهم و كأنه لا يفهم ما يراه، إنهم بالمقلوب، و لكنه نظر حوله فوجد أنه هو من يقف بالقلوب في غرفته. نظر لقدميه فوجد أرجل إخطبوطية تلتصق بسقف الغرفه و رأسه للأسفل. دب الفزع في قلب الرجل و أرخى أرجله فسقط على الأرض ثم نظر لنفسه فوجد جسمه تحول لإخطابوط بأيدي و أرجل كثيره، فهاج و أخذ يكسر السرير و الكرسي و يخبط على الخائط بشده ليحاول كسرها و لكنه لم يستطع أن يقاوم أكثر بعد حقنه بمخدر، فغاب عن وعيه

إستيقظ الرجل من غيبوبته و فتح عينه و حاول تحريك جسده الإخطابوطي و لكنه فشل ثم سمع صوتا غريبا عليه و لكنه فهمه و أدرك معناه، نظر الرجل لصاحب الصوت فوجد أنه أمام أفعى ضخمه ففزع و حاول التحرك للهرب فوجد نفسه يزحف هاربا و يلف جسده ليتحرك فنظر لنفسه فوجده تحول لأفعى، كاد قلب الرجل أن يتوقف من الذهول ثم وجد فأرا صغيرا فنظر إليه و إشتم رائحته فشعر بجوع غريب و أراد أن يأكله فزحف ناحيته و فتح فمه و لكنه أحس بقرف و لم يستطع أن يصدق أنه سيأكل فأرا فتركه لتأكله الأفعى الأخرى و قالت له مرحبا بك يا صديقي في عالم الأفاعي. أنت جديد معي

فنظر إليها مستغربا من قولها وقال أي عالم تقصدين و أنا لست صديقك، أنا إنسان و لست أفعي و قد كنت من قبل إخطابوطا، فلفت الأفعي نفسها و قالت، ألم تعرفني، أعرف أن صوتي قد تغير، و لكنك ستدرك أنك لست إنسانا و أنك أفعى بعدما تأكل. يجب أن تأكل حتى تستريح

نظر لها الرجل و قال، أنا لا أفهم من أنت، و كيف أنا صديقك. قالت له لقد كنت أعمل معك في الإشراف، و كنت صديقك في نفس الغرفه. أحس الرجل بأن روحه قد قبضت و أن حياته قد إنتهت، وقال هل أنت ....، فأومئت الأفعى بنعم، لم يسمحوا لي بالخروج، و أوهمومكم بأنني رحلت و لكنهم قبضوا على و سحبوني لمبنى د و وضعوني في مكان غريب و حقننوني بأشياء غريبه و مؤلمه. سمعت أحدهم يقول أنهم يحاولوا إخراج أفكاري و لكنهم في كل مره يفشلوا، حتى نجح طبيب منهم بإخراج جزء من عقلي و زرعه في قرد

فنظر إليه الرجل بكل عيونه و قال و ماذا حدث. فردت الأفعى و قالت لما أفاق القرد من تخديره و جدتني كأني بداخله و كأني أفكر كإنسان و جسدي يقاوم تفكيري فأنا في جسد قرد، فهجت و صرخت صرخه عاليه جدا و جعلت أكسر المكان و ضربت الأطباء حتى إني أعتقد أني قتلت واحدا منهم و لكنهم إستطاعوا حقني بمخدر فنمت و إستيقظت لأجدني في جسد ثعبان

بكى الرجل لحاله و لحال صديقه و تذكر أنه الآن أفعى مثله و لو هاج و ماج لنقلوه في حيوان آخر بلا أي شفقه و لا رحمه. و لما رأى فأرا آخر نظر لصديقه و إلتهمه

السبت، 20 يناير 2024

هل رأني أحد


تمنى أن يكون ضمن أهل الكهف، سادسهم أو سابعهم أو حتى ثامنهم. ليس المهم ترتيبه، المهم أن يكون معهم. يريد أن ينفرد بنفسه و دينه مع أصحاب يشبهونه

دخل على أصدقائه و عرض عليهم أن يدخلوا الكهف و يناموا معه، فرفضوا و إمتنعوا. فنظر إلى كلبه، فتوجس منه الكلب خيفة و هرب. فقرر أن يذهب بمفرده، فلبس جلبابا أبيض و جهز من المال الوفير و لم يأخذ طعاما أو شرابا. و دخل الكهف و سبّح و نام

إستيقظ بعد شروق الشمس، نظر للباسه فلم يتغير، قال في نفسه، أحس بجوع كبير، سأذهب للسوق و أشتري بمالي، و لكن عساني أن أُضرَب لو إكتشفوا عملتي القديمه. هل إستطعت النوم ثلاثمئة سنة و أكثر بتسعة

ذهب للسوق و إشترى أكل بالمال و كأن شيئا لم يحدث، ذهب لبيت أصدقائه فلم يجدهم و قالوا له الأولاد لا نعرفهم و لكنهم بنفس أسمائنا. تعجب من قولهم و إحتار، أحقا مِت أم أنني فقط نِمت

ذهب لبيته و دق الباب، فتحت له طفله صغيره. عرفها و لكنه أنكر رؤياه، صرخت الطفله بأعلى صوتها، فأتى أباها و أتت أمها بسرعه، نظروا إليه بشدة، و قالو من أنت. نظر متعجبا و قال أنا ...... إبنكم

السبت، 13 يناير 2024

أُحب البحر و أعشَق أنصاف الأسماك


على شاطئ أحد البحار، شربت كوبا من الشاي أبهج روحي، و ساعدتني رائحة البحر على إثارة مزيج من الشجن و الفرح بداخلي، و مع هبوط الليل و زوال الشمس بهدوء، إهتز قلبي لمَّا رأيتها من بعيد

فركت عيني بشدة و نظرت و تشككت في أمري كثيرا و قلت لنفسي هل فقدت وعي أم أنني مازلت مدركا. ثبَّت عيني علي رأس خرج نصفه من الماء بعيدا بإتجاه الشمس. إنني بالفعل أرى رأس إنسان و لكنها رأس ذهبية و لامعه. أكاد أَفقد بصري من شدة التركيز و لكنها رفعت رأسها عاليا، إنها بيضاء و لها عيون زرقاء و فم صغير وردي مبتسم، لقد تطايرت بعض شعيراتها في الهواء. ما هذا هل هي إنسية أم إنها جنية

إقتربت أكثر و دخلت الماء و أنا غير مدرك لخطواتي، أنازع الأمواج و أقاوم السقوط. إنها تقترب، إنها حقا تقترب. لو مددت يدي لمسكتها، إنها الآن على بعد ذراع واحد مني، ثم إنزلقت، سقطت في الماء بغير وعي، لا أفكر في نفسي و كل ما في ذهني إنني وصلت، وصلت أخيرا لجنيتي. ثم تذكرت، سأموت لو لم أقاوم، إني أغرق و لكنها تستحق الغرق

بدفعة قوية للأعلى خرجت من الماء و أخذت نفسا عميقا، من دفعني و أين هي جنيتي. بحثت عنها في كل مكان، ثم دخلت الماء من جديد، أريد أن أغرق، أريد أن أراها

رأيت بين إنكسارات أشعة الشمس داخل الماء وجها يفيض بالنور مع إبتسامه في شدة العذوبية و الجمال. تسمرت و كتمت أنفاسي و إنكمشت أكتافي و رفعت يدي لأمسكها و رفعت هي يدها لتمسكني، ما هذا هل أنا سأمسك بجنيتي

إقشعر جسدي و إزداد رأسي حرارة و قلبي فرحه و تمايلت في رقصة معها داخل الماء. نسيت أنفاسي و نسيت موتي. سحبتني للداخل عميقا، إنتفض جسمي و بدأت أفقد وعي، فهَمست في أذني بكلام لم أفهمه و بصوت لم أسمعه و لكني شعرت به في كل خلية مني. شعرت أن جسمي قد إستجاب لكلامها، إنه تحول، لم أعد أريد الهواء

لا أفهم، هل تحولت لسمكه. أشعر ببرودة شديدة تجتاح جسمي، أشعر بأنفاسها على وجهي. حاولت العوم بلا فائدة، ما زلت أري رجلي، لم تتحول. فنظرت لها، نعم اني رأيتها، رأيتها بالكامل، رأيتها بلا أرجل، رأيت ما أسَرًَني و أسرني، رأيت ذيلها، ذيل جنيتي. هل هي فعلا كما يحدث في الأفلام، جنية بجسم أنثى و ذيل سمكة. هل ستفقد ذيلها و صوتها لو لمست الرمال. لا اعرف و لا أريد أعرف. سأحميها من غدر الرمال. إنني الآن في أحسن الأحوال، إني أغرق و لكني لا أتألم. إنني أحب البحر و أعشق أنصاف الأسماك

السبت، 6 يناير 2024

حتى إشعار آخر


تنظر إليها و هي بجوارها و تتخيل كم أنها جميلة، ممتعة، عطوفه. إنها تعكس كل معاني البراءة و الجمال. طفلة رقيقة، تتعلم سريعا طرق الكبار و تفقد رويدا رويدا هذه البراءة

تقول في نفسها كم أن الأيام تمر بسرعة، هذه الطفلة قد كبرت و أتمت الثلاث سنوات و كأنها ولدت البارحة، إنها تشبهني كثيرا، كأنها قطعة من وجهي سقطت و تحولت لطفلة

و لكن الإتفاق بيني و بين زوجي مازال قائما، هو لا يتحدث به. و أنا لا أفتحه معه أبدا، و لكني بدأت أشعر به، بالحنين. أحب أن أكون أما، يا ليتني لم أتفق معه، يا ليتني لم أصمم على هذا الرأي. ولكني الآن لا أستطيع، إتفقنا على لا أطفال حتى إشعار آخر

نعم إنه المخرج، إنه الإشعار الآخر، كيف أبين له و أوضح أنه حان الوقت، الحنين بداخلي يقتلني و الشوق يضغط على صدري و قلبي تعتصره الوحده. إني أحبهم و أحب حملهم و أحب رعايتهم و أحب ضحكتهم و بكائهم. و لكني أحب جسمي و أحب عملي و أحب دراستي. كيف سأوازن بينهم، كيف سأكون أما جيدة و زوجة جيدة و ماذا سأفعل في وظيفتي. هل سأتركها لرعايتهم أم أنه سيساعدني. إنه لا يريدهم و بكائهم يستفزه. كيف سأقنعه. و تنظر لها نظرة حب و تعانقها بشدة لتدخلها في قلبها و تطبع قبلة على رقبتها و تأخذ نفسا عميقا مليئ برائحة عرقها و تهمس في أذنها و تقول أحبك بكل ما في الكلمة من معنى. و تغلق عينيها و تنام على حلم ببنتها

تستيقظ صباحا على صوت جرس المنبه و هو يرن في جنون و تقوم و هي منهكة و أسفل ظهرها يؤلمها نتيجة من ينام بجوارها فيتقلب و يضرب و يبكي طوال الليل. تكلم نفسها و تجري لقد تأخرت، أريد أن أذهب للنادي قبل العمل، يا ترى هل سأتخلى عن هواياتي لو أنجبت طفلتي. لن أجد المساعدة من أحد فهل سأكون أمًا أنانية لو جعلتها في رعاية أحدهم. هل سينظر المجتمع لي بنظرة إحتقار لو وضعت رضيعتي في حضانة و تركتها لأمارس هواياتي.

نعم إنها مسؤليتي و لكن ليس من العدل أن أترك عملي و هواياتي و أحلامي للإنجاب و هو لا يترك منهم أي شئ. ليس من الطبيعي أن أضحي وحدي. لا أريد أن أنجب أطفال.

لقد تركت بيت والدي و أنا مصممة على جعل حياتي أسهل من حياة أمي و قد رأيتها تعاني بشدة ليس لعيب فيها إلا أنها أنثى. كيف تتحمل هي وحدها رعاية كل رجال الأسرة، تتحمل مسؤلية كل ما في البيت. لقد سامحتك يا أمي، سامحت عصبيتك، سخطت، غضبك، حتى خوفك الغير مبرر في محاصرتي وقت نضجي و مراهقتي.

سأحاول أن أعيش حياتي بأقل معاناه، سأعيش بإرادتي، و لكني أريد أن أكون أمَّا. أريد أن أسمع كلمة ماما، أريد أن أحضن إبنتي و أساعدها في الأكل و أستمتع بتسريح شعرها، أريد أن أرى الفرحة في عيونها. إني أريد بنتي.

كم تغيرتُ بعد أن ظهرتِ في حياتي و دخلتي قلبي، أصبح لدى رغبة في الجري للبيت بعد يوم العمل الطويل، أريد أن أطبخ لك و أكل معك، أغسل روحي معك، أشحن طاقتي من طاقتك، أحملك بين يدي و أدور، أدور حتى أسقط، أنت روحي و حبي و كل حياتي. يا ليتك كنتي بنتي.

ما زالت أفكر، كيف سيكون هذا الإشعار الأخر، متى سيكون، ماذا سيحدث فيه. إنه إختياري، إختياري أنا، جسمي و حياتي أنا، أنا سأحمل وحدي و سأولد و سأرعى. و لكني سأعاني وحدي فهو لن يوافق، سيغضب، سيثور وقد يذهب.

هل أستبدله، ولكني أحبه و أحب بنتي. نعم سأستبدله، سأستبدل من يرفض بنتي و يرفض عيشتي و يرفض مسؤلياتي. لا سأستسلم، سأستسلم لمشاعري، سأترك من يربكني و يغيرني. لا أريد أن أتعلق بأحد و لا حتى أتعلق بها، إنها غير موجوده، إنها مازالت في العالم الأخر.

لا أريد سوا رسالة واحده تأتيني لتبين لي الطريق، هل سأكون أمَّا، هل سأحبها و ستحبني، هل سأعيش وحيدة بدونها و بدونه. سأنتظر هذه الرسالة و سأدعوك كل يوم، إبعث لي بها، أريدها، و أريدها بشدة.