تنظر إليها و هي بجوارها و تتخيل كم أنها جميلة، ممتعة، عطوفه. إنها تعكس كل معاني البراءة و الجمال. طفلة رقيقة، تتعلم سريعا طرق الكبار و تفقد رويدا رويدا هذه البراءة
تقول في نفسها كم أن الأيام تمر بسرعة، هذه الطفلة قد كبرت و أتمت الثلاث سنوات و كأنها ولدت البارحة، إنها تشبهني كثيرا، كأنها قطعة من وجهي سقطت و تحولت لطفلة
و لكن الإتفاق بيني و بين زوجي مازال قائما، هو لا يتحدث به. و أنا لا أفتحه معه أبدا، و لكني بدأت أشعر به، بالحنين. أحب أن أكون أما، يا ليتني لم أتفق معه، يا ليتني لم أصمم على هذا الرأي. ولكني الآن لا أستطيع، إتفقنا على لا أطفال حتى إشعار آخر
نعم إنه المخرج، إنه الإشعار الآخر، كيف أبين له و أوضح أنه حان الوقت، الحنين بداخلي يقتلني و الشوق يضغط على صدري و قلبي تعتصره الوحده. إني أحبهم و أحب حملهم و أحب رعايتهم و أحب ضحكتهم و بكائهم. و لكني أحب جسمي و أحب عملي و أحب دراستي. كيف سأوازن بينهم، كيف سأكون أما جيدة و زوجة جيدة و ماذا سأفعل في وظيفتي. هل سأتركها لرعايتهم أم أنه سيساعدني. إنه لا يريدهم و بكائهم يستفزه. كيف سأقنعه. و تنظر لها نظرة حب و تعانقها بشدة لتدخلها في قلبها و تطبع قبلة على رقبتها و تأخذ نفسا عميقا مليئ برائحة عرقها و تهمس في أذنها و تقول أحبك بكل ما في الكلمة من معنى. و تغلق عينيها و تنام على حلم ببنتها
تستيقظ صباحا على صوت جرس المنبه و هو يرن في جنون و تقوم و هي منهكة و أسفل ظهرها يؤلمها نتيجة من ينام بجوارها فيتقلب و يضرب و يبكي طوال الليل. تكلم نفسها و تجري لقد تأخرت، أريد أن أذهب للنادي قبل العمل، يا ترى هل سأتخلى عن هواياتي لو أنجبت طفلتي. لن أجد المساعدة من أحد فهل سأكون أمًا أنانية لو جعلتها في رعاية أحدهم. هل سينظر المجتمع لي بنظرة إحتقار لو وضعت رضيعتي في حضانة و تركتها لأمارس هواياتي.
نعم إنها مسؤليتي و لكن ليس من العدل أن أترك عملي و هواياتي و أحلامي للإنجاب و هو لا يترك منهم أي شئ. ليس من الطبيعي أن أضحي وحدي. لا أريد أن أنجب أطفال.
لقد تركت بيت والدي و أنا مصممة على جعل حياتي أسهل من حياة أمي و قد رأيتها تعاني بشدة ليس لعيب فيها إلا أنها أنثى. كيف تتحمل هي وحدها رعاية كل رجال الأسرة، تتحمل مسؤلية كل ما في البيت. لقد سامحتك يا أمي، سامحت عصبيتك، سخطت، غضبك، حتى خوفك الغير مبرر في محاصرتي وقت نضجي و مراهقتي.
سأحاول أن أعيش حياتي بأقل معاناه، سأعيش بإرادتي، و لكني أريد أن أكون أمَّا. أريد أن أسمع كلمة ماما، أريد أن أحضن إبنتي و أساعدها في الأكل و أستمتع بتسريح شعرها، أريد أن أرى الفرحة في عيونها. إني أريد بنتي.
كم تغيرتُ بعد أن ظهرتِ في حياتي و دخلتي قلبي، أصبح لدى رغبة في الجري للبيت بعد يوم العمل الطويل، أريد أن أطبخ لك و أكل معك، أغسل روحي معك، أشحن طاقتي من طاقتك، أحملك بين يدي و أدور، أدور حتى أسقط، أنت روحي و حبي و كل حياتي. يا ليتك كنتي بنتي.
ما زالت أفكر، كيف سيكون هذا الإشعار الأخر، متى سيكون، ماذا سيحدث فيه. إنه إختياري، إختياري أنا، جسمي و حياتي أنا، أنا سأحمل وحدي و سأولد و سأرعى. و لكني سأعاني وحدي فهو لن يوافق، سيغضب، سيثور وقد يذهب.
هل أستبدله، ولكني أحبه و أحب بنتي. نعم سأستبدله، سأستبدل من يرفض بنتي و يرفض عيشتي و يرفض مسؤلياتي. لا سأستسلم، سأستسلم لمشاعري، سأترك من يربكني و يغيرني. لا أريد أن أتعلق بأحد و لا حتى أتعلق بها، إنها غير موجوده، إنها مازالت في العالم الأخر.
لا أريد سوا رسالة واحده تأتيني لتبين لي الطريق، هل سأكون أمَّا، هل سأحبها و ستحبني، هل سأعيش وحيدة بدونها و بدونه. سأنتظر هذه الرسالة و سأدعوك كل يوم، إبعث لي بها، أريدها، و أريدها بشدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق