السبت، 13 يناير 2024

أُحب البحر و أعشَق أنصاف الأسماك


على شاطئ أحد البحار، شربت كوبا من الشاي أبهج روحي، و ساعدتني رائحة البحر على إثارة مزيج من الشجن و الفرح بداخلي، و مع هبوط الليل و زوال الشمس بهدوء، إهتز قلبي لمَّا رأيتها من بعيد

فركت عيني بشدة و نظرت و تشككت في أمري كثيرا و قلت لنفسي هل فقدت وعي أم أنني مازلت مدركا. ثبَّت عيني علي رأس خرج نصفه من الماء بعيدا بإتجاه الشمس. إنني بالفعل أرى رأس إنسان و لكنها رأس ذهبية و لامعه. أكاد أَفقد بصري من شدة التركيز و لكنها رفعت رأسها عاليا، إنها بيضاء و لها عيون زرقاء و فم صغير وردي مبتسم، لقد تطايرت بعض شعيراتها في الهواء. ما هذا هل هي إنسية أم إنها جنية

إقتربت أكثر و دخلت الماء و أنا غير مدرك لخطواتي، أنازع الأمواج و أقاوم السقوط. إنها تقترب، إنها حقا تقترب. لو مددت يدي لمسكتها، إنها الآن على بعد ذراع واحد مني، ثم إنزلقت، سقطت في الماء بغير وعي، لا أفكر في نفسي و كل ما في ذهني إنني وصلت، وصلت أخيرا لجنيتي. ثم تذكرت، سأموت لو لم أقاوم، إني أغرق و لكنها تستحق الغرق

بدفعة قوية للأعلى خرجت من الماء و أخذت نفسا عميقا، من دفعني و أين هي جنيتي. بحثت عنها في كل مكان، ثم دخلت الماء من جديد، أريد أن أغرق، أريد أن أراها

رأيت بين إنكسارات أشعة الشمس داخل الماء وجها يفيض بالنور مع إبتسامه في شدة العذوبية و الجمال. تسمرت و كتمت أنفاسي و إنكمشت أكتافي و رفعت يدي لأمسكها و رفعت هي يدها لتمسكني، ما هذا هل أنا سأمسك بجنيتي

إقشعر جسدي و إزداد رأسي حرارة و قلبي فرحه و تمايلت في رقصة معها داخل الماء. نسيت أنفاسي و نسيت موتي. سحبتني للداخل عميقا، إنتفض جسمي و بدأت أفقد وعي، فهَمست في أذني بكلام لم أفهمه و بصوت لم أسمعه و لكني شعرت به في كل خلية مني. شعرت أن جسمي قد إستجاب لكلامها، إنه تحول، لم أعد أريد الهواء

لا أفهم، هل تحولت لسمكه. أشعر ببرودة شديدة تجتاح جسمي، أشعر بأنفاسها على وجهي. حاولت العوم بلا فائدة، ما زلت أري رجلي، لم تتحول. فنظرت لها، نعم اني رأيتها، رأيتها بالكامل، رأيتها بلا أرجل، رأيت ما أسَرًَني و أسرني، رأيت ذيلها، ذيل جنيتي. هل هي فعلا كما يحدث في الأفلام، جنية بجسم أنثى و ذيل سمكة. هل ستفقد ذيلها و صوتها لو لمست الرمال. لا اعرف و لا أريد أعرف. سأحميها من غدر الرمال. إنني الآن في أحسن الأحوال، إني أغرق و لكني لا أتألم. إنني أحب البحر و أعشق أنصاف الأسماك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق