الأحد، 1 يونيو 2025

صاحبة بنتي رئيسة عصابة


#طريقتي_في_تربية_أولادي 

في يوم من الأيام. بنتي جاتلي وهي مرعوبة. وشها متغير. وعينيها بتقول "أنا مش فاهمة اللي بيحصل". قالتلي: "بابا، في حد بعتلي على الواتس. بيقول كلام غريب. وعارف حاجات عني كثيرة، و بيهددني!".

طبعا في كلام و أحداث كثيرة ضربت في مخي. خدت منها الموبايل، قرأت الرسائل، كلام تقيل، مرعب، يخض أي حد. خصوصًا بنت صغيرة.

سألتها. "انتي تعرفي الرقم ده؟". قالتلي لأ. روحنا على طول على Truecaller و GetContact. لقينا اسم واحدة ست. بنتي متعرفهاش. ولا عمرنا سمعنا عنها.

الموضوع بدأ يقلب جد، و بنتي بدأت تعيط. هدأتها و قلتلها متخفيش. هندور الرقم ده موجود في أنه جروب كعاكي على الواتس، و هنشوف ايه اللي ورا الموضوع. شوية. و الرقم بيرن. قلت أرد أنا. رديت… وسكوت، محدش بيتكلم.

بس أنا؟ كنت مولّع. اديته كام كلمة بصوت عالي. وحطيت شوية كلام كمان من اللي القلب يحبهم. عشان يفوق، ويعرف إنه الموضوع بقى جد و مفيهوش رجعه.

قفل الخط. ثواني، والتليفون بيرن من تاني. بس المره دي؟ صوت ست، أم واحدة من صاحبات بنتي. صوتها فيه توتر وكسوف. وبتقول: "أنا آسفة جدًا. اللي حصل ده بنتي اللي عملته. كانت بتهزر مع بنتك. ومكنتش تقصد تخوفها. دا رقمي و مكنتش متسجل عند بنتك".

أنا حصلي ايرور في دماغي، و قلت بإستغراب شديد، صاحبة بنتي! هي اللي بعتت الرسائل دي، كتبت الكلام ده، و قالت التهديد ده. بتعمل مقلب؟ بتهزر؟ هزار إيه اللي يخلي بنتي تترعش وتتخض كده؟!

هنا مراتي اخذت الموبيل و تعاملت مع مامة رئيسة العصابة.

و أنا أخذت بنتي و قلت لها. "بصّي. انتي عملتي الصح. لما جيتي وورّيتيلي. وخلتيني أدخل بدل ما تخافي لوحدك. بس خليكي عارفة. مش كل الضحك يبقى هزار. ومش كل المقالب بتكون مقبولة".

وصاحبة بنتي؟ اتعلمت الدرس. وخدت كلام. محترم وصريح. بس يربي ويعلّم. عشان تعرف إنها ماينفعش تلعب بالخوف. خصوصًا في قلوب بنات الناس.

تاني يوم، وديتها المدرسة و البنت جت و سلمت عليا و اعتذرت. و الموضوع خلص و ضحكنا كلنا على المقلب. بس حسيت وقتها أن كل ما اولادنا بيكبرو، مش بس بيكونو محتاجينا كحضن، بيكونو محتاجينا كسند. وإحنا كأهالي، دورنا نبقى السند ده وقت ما يحتاجوه. ونعلّم وقت اللزوم. من غير ما نكسر ولا نجرح.

الهزار لما يبقى على حساب أمان حد، يبقى اسمه تهوّر. والوعي؟ دائمًا بيبدأ من البيت.

أهمية الراحة النفسية والجسدية للعامل.


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


كنت دايمًا بسمع جملة "اللي يشتغل كتير، لازم يرتاح أكتر"، بس ماكنتش فاهم معناها الحقيقي غير لما حسيت بجسمي وعقلي بيصرخوا من جوّا.


الضغط المستمر، التوتر اليومي، والاجتماعات اللي ما بتخلصش… كل ده كان بيأثر على صحتي النفسية والجسدية بشكل ما كنتش ملاحظه في الأول. بقيت أنسى، أتعب بسرعة، أفقد الحماس، وأحيانًا أحس إني موجود جسديًا بس ذهني مش معانا خالص.


وهنا بدأ التغيير… قررت آخد خطوات حقيقية عشان أرجّع التوازن. بدأت أفهم إن الراحة مش رفاهية، دي ضرورة. لما أدي لنفسي وقت أهدئ فيه، أنام كويس، أتحرك، أكل كويس، وأقضي وقت مع أهلي أو حتى لوحدي… كل ده بيفرق. بقيت برجع الشغل وأنا عندي طاقة، دماغي صافية، وقراراتي أسرع وأدق.


الراحة النفسية مش معناها إنك "تتهرب"، معناها إنك بتحافظ على كيانك عشان تقدر تكمّل. وجسمي، اللي بيشيلني في كل مشوار، له حق عليا إني أراعيه، أريّحه، وأسمع له.


تعلمت إن الراحة مش بس أجازة من الشغل… دي أجازة من القلق، من الاستعجال، و من جلد الذات.


والأهم… إن الراحة مش ضعف، بالعكس، دي قمة القوة. إنك تعرف إمتى توقف، وإزاي ترجع أقوى. واللي عايز ينجح، لازم يحافظ على نفسه قبل ما يحافظ على أي شغل. لأنك من غيرك، ولا شغل هيمشي، ولا نجاح هيكمل.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/

السبت، 31 مايو 2025

الهوا نقل الهوى


#بقايا_أفكاري 

في لحظة هادية، والهوا بيعدّي من بين الشبابيك، ساعات بنحس إن في حاجة اتغيرت… كأن ريحة معينة، أو نسمة خفيفة، فكّرتنا بحد. ممكن حد واحشنا، أو حد كنا بنحبه، أو حتى إحساس قديم كنا فاكرينه راح. الهوا ساعات بينقل رائحة ورد أو برفان، و لكن كمان الهوا بينقل الهوى.

الهوى هنا مش مجرد حب، دي مشاعر، ذكريات، شوق، أمل، وخوف… وكل اللي بين أي إتنين. الجواز مثلًا، لما بيبدأ بحب حقيقي، الهوى بيكون عايش في التفاصيل الصغيرة: في نظرة الصبح، في فنجان القهوة اللي بيتحضّر من غير ما يتقال، في "عامل إيه؟" اللي بتتقال بجد، مش مجرد سؤال.

بس مع الوقت، ممكن الهوى يختفي… مش عشان راح، لكن عشان مابقيناش نستمتع بالهوا. بقينا مشغولين، متوترين، عايشين على السريع. بس الهوا لسه بيعدي، وبيشيل معاه حاجات ممكن ترجع تاني لو وقفنا وسكّتنا الدنيا شوية.

الهوا نقل الهوى لما كنا صادقين. لما كنا بنبص لبعض بقلب مفتوح، مش بعين بتدوّر على غلطات. الهوا نقل الهوى لما كنا بنسامح بسرعة، ونضحك من قلبنا، ونحضن من غير حساب.

يمكن لو ركّزنا شوية، نسمع تاني الهوا، ونرجّع الهوى.

لما كنت بتخطط لإجازة وشغلي يمنعي.


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


كان دائمًا عندي عادة إني أرتّب لنفسي أجازة كل كام أسبوع، أهرب فيها من الضغط، أرجع أتنفّس من جديد، وأقابل نفسي اللي بتهرب وسط دوشة الاجتماعات والمواعيد والتسليمات.


بس مش كل مرة كنت بحظى بالرفاهية دي. أوقات كتير كنت بأجهّز نفسي للسفر، أظبط التذاكر، أحجز الفندق، وأعدّ الأيام… وفجأة ييجي شغل طارئ، مشروع لازم يتسلّم، زيارة مفاجئة من إدارة عليا، أو حتى زميل تعب وأنا لازم أغطي مكانه.


وقتها كنت بحس إني محبوس. مش بس لأن الأجازة راحت، لكن لأن مجهودي وتخطيطي وكل لحظة كنت مستنيها… اتلغت في لحظة. بس الحقيقة، كنت باخد القرار الصعب… ألغّي الأجازة وأكمّل.


ليه؟ مش ضعف… بالعكس، قوة والتزام. كنت مؤمن إن المسؤولية مش كلمة بنقولها، دي موقف بنعيشه. بس كمان، ماكنتش بسيب حقي يضيع. كنت أطلب تعويض، أو أختار أيام تانيه في الأسبوع اللي بعده أدي فيه نفسي بريك…


المعادلة مش سهلة، لكن اللي اتعلمته إن الأجازة مش دايمًا هتيجي وقت ما إحنا عايزين… بس إحنا نقدر نخلق لحظات راحة في النص، ندي نفسنا مساحة نتنفس، نرتّب دماغنا، ونرجع أقوى.


التخطيط مهم، بس المرونة أهم. وأنا، رغم كل الإلغاء والتأجيل، ماكنتش بسيب حقي في الراحة… لأني عارف إن اللي بيشتغل بضمير، يستحق يرتاح بنفس الضمير.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/


الجمعة، 30 مايو 2025

يوم قضيت فيه وقتي كله بعيد عن الشغل


سلسلة مقالات: لما كنت موظف، ولما بقيت مدير، و لما بقيت صاحب شغل

#لما_كنت_موظف #التوازن_بين_العمل_والحياة #الإجازات_والراحة


فاكر يوم كده كنت حاسس فيه إني لازم أفصل تمامًا عن كل حاجة لها علاقة بالشغل. لا موبايل شركه، و لا لاب توب، ولا حتى تفكير في إيميل متأخر أو مشكلة مستنياني الصبح. صحيت بدري بس مش عشان ألحق اجتماع، لأ، عشان ألحق شروق الشمس.


قررت أخرج لوحدي، من غير جدول، من غير هدف، غير إني أرجّع نفسي لنفسي. بدأت بفطار في مكان سريع، قهوة من غير استعجال، وبعدها مشيت في الشارع، بشم الهوا ومخي فاضي من الزحمة المعتادة.


دخلت سينما الظهر، فيلم كنت نفسي أشوفه بقاله شهرين، وبعدها قابلت صديق قديم ماكنّاش بنقعد سوا من أيام الجامعة. اتكلمنا عن الحياة، عن الطموح، عن اللي اتغير فينا واللي لسه جوانا زيه.


رجعت آخر اليوم وأنا مش بس مرتاح، لأ، أنا كنت متجدد… كأن روحي اتغسلت من الغبار اليومي اللي بيتركم وإحنا مش واخدين بالنا. اليوم ده علّمني إن أوقاتنا الشخصية دي مش رفاهية، دي صيانة دورية للنفس.


ولما رجعت الشغل تاني يوم، كنت أهدئ، أنضج، وبشتغل بحب مش بإجبار.


الراحة الحقيقية مش بس أجازة من الشغل، دي أجازة من الضغط، من التفكير الزائد، من السباق اللي مالوش خط نهاية.

ادي لنفسك وقتها... عشان تعرف تكمل بقوة.


المقالات هتنزل على صفحتي في لينكدان

https://www.linkedin.com/in/amr-elnashar/


و على صفحتي في الفيسبوك

https://www.facebook.com/amr.adel.elnashar


و كمان هتكون موجوده في البلوج الشخصي 

https://amradelelnashar.blogspot.com/


الخميس، 29 مايو 2025

أدوار الشرف... أجداد الصبر وأبناء الترف


#الأخلاق_القناعات_الإهتمامات_المهارات_القدوات

الشرف، في جوهره، ليس رتبةً تُمنح، ولا وسامًا يُعلّق على الصدور. الشرف حالة وجودية، طاقة متوارثة، وقصةُ صعودٍ وسقوط تُعاد بأشكال مختلفة عبر الأزمان. هو إرثٌ هش، يتغذى من العزيمة ويهلك في الترف، لا يحيا إلا في قلوبٍ تعرف الصبر، وتستشعر المسؤولية كرسالة مقدسة.

تمر دورة حياة الشرف بأربع مراحل، تمثل كل واحدة منها طبقة زمنية تحمل طابعها، وتسير في مسار محتوم إن غاب عنها الوعي.

الجيل الأول: النشأة في العدم، والانطلاق من الحلم.
هؤلاء هم بناة المجد، الأجداد الذين صنعوا من الألم طريقًا، ومن المعاناة معنى. كانوا يرون في الصبر فضيلة وفي الشقاء ضرورة. تواطؤوا مع الحرمان، وصادقوا الجهد، فجعلوا من الشرف حصنًا يُبنى لا غنيمة تُورث.

الجيل الثاني: أبناء الرواه.
تربوا على حكايات النضال، لكنهم لم يذوقوا مرارة الطريق. يحملون الشعور بالشرف، لكن دون جذوره. يملكون القوة، لكنهم يجهلون كيف تولد. فترى صبرهم متآكلًا، وإحساسهم بالمسؤولية مائعًا، كأنهم يعيشون في ظلال بطولةٍ لا يفهمونها.

الجيل الثالث: ورثة النعيم.
هؤلاء لا يرَون المجد إلا من شرفة الراحة. الترف أصبح قاعدة حياتهم، والاعتداد بالماضي غلافًا هشًا لا يحتمل الرياح. يُنفقون بلا حساب، ويفكرون بلا عمق، ويعيشون اللحظة كأنها دائمة، متناسين أن الشرف إذا لم يُسقَ بالجهد يذبل.

الجيل الرابع: مستهلكو الرماد.
هم أبناء الوفرة العمياء. لا يعرفون من المجد إلا صوره القديمة، ومن الشرف إلا شعاراته المستهلكة. يبدأون ببيع الذاكرة، ثم القيم، ثم الكرامة. وعندما ينفد كل شيء، يجدون أنفسهم عبيدًا في عالمٍ لم يعودوا يملكون فيه حتى حق الحلم.

هذا الإنغماس في الترف والاستسلام لحياة النعيم يضعف النفوس، ويقلل من إحساس الجهاد والمسؤولية، ويطبع فيها الفساد والاستغلال. يتدهور الحال إلى حد استباحة كل شيء، من قتل وهتك أعراض، في محاولة يائسة لاستعادة الأمجاد الضائعة، لكنهم يجدون أنفسهم في نهاية المطاف مُستعبَدين في مجتمعهم، وقد فقدوا كل شيء.

النهاية المأساوية لهذا الجيل تجعلهم يواجهون حقيقة أنهم ضيعوا ما كان يمكن الحفاظ عليه بالاجتهاد والعمل الجاد. الشرف لا يورث فقط، بل يحتاج إلى صبر وجهد للحفاظ عليه وتنميته، وإلا فإن الترف قد يصبح سببًا في فقدانه.

هكذا يُهدر الشرف، لا بضربة قاسية من عدو، بل بانحلال داخلي بطيء، يبدأ من لحظة الاستغناء عن المعاناة، وانتهاءً بلحظة بيع المعنى مقابل متعةٍ عابرة.

الشرف لا يُحفظ في خزائن الذهب، بل في خزائن الوعي. هو التزام لا يُفرض، بل يُختار. وإذا لم يلتفت الأحفاد إلى جوهر ما ورثوه، سيتحول المجد إلى قناع، والنعيم إلى لعنة.

فما بين صبر الأجداد وترف الأحفاد، تُكتب ملحمة الشرف... ويتقرر مصير العائلات.