الثلاثاء، 23 يوليو 2024

جبروت خلية ... الإخلاص إلى الظلال



من الطبيعي أن جسد الكائن الحي يحكمه صفات و خواص لا يستطيع أن يخرج منها أو حتى يحيد عنها. و هذه الصفات تكون مغروزة في جينات الخلية المؤسسه للجسد.

ستحكم هذه الخلية حكم مطلق و سائد حتى نهاية حياتها. و لن تقبل أن يكون لها وريث فتتغير الجينات الأصلية و الحاكمة للصفات و الخواص.

فتدخل الخلية في مرحلة من تكرار نفسها و لتظل مسيطرة على أنسالها أو ظلالها. و لتكون لها السيادة الدائمة حتى بعد وفاتها، قامت بتوزيع مهام معينة لكل خلية مكررة منها و وضعت قوانين تحكم كل إنقساماتهم لتتكون الأعضاء و تكون مستقلة بذاتها. 

و لكي يحافظ كل عضو على حياته، يجب عليه أن يظل مخلصا لسيادتها و مخلصا لظلها الموجود القابع في وسطه. فيكون في إحتياج دائم لبقية الأعضاء و يكون في تكامل معهم.

و لكن مهما طال الزمان أو بعد المكان فالظلال ستتلاشى و الأنسال ستفنى و تحدث طفرة. ستظهر الطفرة التي تجعل الأنسال تتغير، فيظهر من يكون فكره مغاير لفكر القدماء، و إذا ملك القوة، و إستطاع التغلب على المقاومة، ستُمحى الذاكرة الأساسية للخلية السائدة و تُدمج ذاكرة جديدة للفائز القوي، و سينشر ظلاله في كل الأعضاء و سيجعل جنيع الخلايا تحت رحمته أو إنتقامه. 

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 22 يوليو 2024

الأحد، 21 يوليو 2024

أحبكم بكل ما في قلبي ... حب الأب

 


الحب بين الأب وأولاده هو نوع خاص وفريد من نوعه، ينبع من أعماق القلب ويترسخ في الروح. إنه حب لا يعتمد على الشروط ولا يتغير بمرور الزمن. عندما ينظر الأب في عيون أطفاله، يشعر بشعور قوي بالمسؤولية والحماية، مشاعر تملأ قلبه بالدفء والسكينة.


العلم يخبرنا أن حب الأب لأبنائه يتجاوز العاطفة البسيطة؛ إنه شعور محفور في جيناتنا. عند قول الأب "أحبكم"، يطلق جسمه هرمون الحب الذي يعزز الروابط العائلية ويخفف من التوتر. هذه التفاعلات الكيميائية تساعد في بناء علاقة قوية ومتينة بين الأب وأولاده، علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل.


الحب الأبوي هو قرار واعٍ بالاهتمام والرعاية المستمرة. إنه ليس مجرد شعور عابر، بل هو التزام يومي بتقديم الحب والدعم بكل الطرق الممكنة. الأب يظهر حبه من خلال أفعاله، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، مما يعكس تفانيه واستعداده للتضحية من أجل سعادة أبنائه.


السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يمكنني أن أحب أولادي بنفس القوة والعمق في كل الأوقات؟ الإجابة هي نعم. الحب الأبوي هو قوة دافعة تملأ حياة الأب بالهدف والمعنى. إنه يشكل جزءاً أساسياً من هويته، ويعطيه القوة لمواجهة تحديات الحياة.


أدركت أن جمال الحب الأبوي يكمن في البساطة والصدق، في قول الأب لأبنائه: "أحبكم بكل ما في قلبي". هذا الحب هو النور الذي يضيء حياتهم ويوجههم نحو مستقبل مشرق ومليء بالحب والسعادة.


انما عن حب الأم، فهذا موضوع تالي ...


السبت، 20 يوليو 2024

واحد من سبعة


في يوم من أيام الصيف الحار جدًا، كانت الشمس تسطع في السماء وكأنها بركان يلقي الحمم. كانت شظايا الحر والحرارة تلفح الجميع، حتى من لجأ إلى الظلال ليبحث عن الراحة عانى من سخونة الهواء.

كان الرجل مستغربًا بشدة؛ في العادة كان يعرق مثل بقية الأيام، ولكنه اليوم لم يشعر بالحر ولم يعرق جسده. رفع نظره إلى السماء فوجد سحابة بيضاء صغيرة تتحرك معه وتظلله. كانت تلك السحابة تتبعه أينما ذهب وتحجب عنه شعاع الشمس الساقط عليه فقط.

مشى مسرعًا فطارت السحابة مسرعة، جرى فتبعته ولم تسمح للشمس بملامسته. توقف فجأة فتوقفت السحابة معه. تعجب الرجل بشدة وشعر بأن هذا اليوم سيكون يومًا استثنائيًا. دخل المسجد ليصلي، ولما خرج وجد السحابة منتظرة عند الباب. الأغرب من ذلك، أن بقية السحب لم تقترب منها أو أنها كانت تستطيع شق طريقها وسطهم.

لم يفهم الرجل ما سر هذه السحابة، ثم تذكر أن السحابة تحجب عنه أشعة الشمس فكيف لها أن تحجب عنه حرارة الهواء الساخن؟ عزم على معرفة السر. وقف أمام صنبور الماء وأغرق نفسه تمامًا بالماء على أمل أن يبقى رطبًا، لكن ملابسه جفت بسرعة كبيرة. وعندما لمسها وجدها باردة.

تعجب أكثر وقال كيف تكون ملابسي باردة والهواء من حولي ساخن؟ جلس ورفع رأسه ليتابع سحابته. دقق النظر فيها وتخيل أشكالًا، ثم أحس بالنعاس وغرق في نوم عميق.

في منامه، رأى أنه يصعد سلمًا إلى السماء، وصعد على السحابة وجلس عليها. شعر ببرودتها ونعومتها ووجد عليها ورقة مكتوب عليها اسمه. فتح الورقة وقرأ ما كان مكتوبًا فيها.

كان المكتوب: "لا تحزن، فأنت واحد من السبعة". ثم استيقظ.

الثلاثاء، 16 يوليو 2024

العلم بين المختبر والعيادة... أميال طويلة مربعة و أطنان علمية مستطيلة


في عالمٍ يتسارع فيه التقدم العلمي بوتيرةٍ مذهلة، تتجلى المراكز البحثية العالمية كحصونٍ شامخة للمعرفة، تحتل مساحات شاسعة وتتخلل نسيج المدن الكبرى. هذه المؤسسات، التي تمتد لأميالٍ طويلة، ليست مجرد مبانٍ ضخمة بل هي عقول نابضة وقلوبٌ متفانية، تعمل بلا كلل لتفكيك أسرار الحياة وتعقيداتها. من هنا، ينبع العلم ويتجسد في أطباق مختبرية ومخططات معقدة وأجهزة دقيقة، تتحد جميعها لفهم أعماق الخلية الحية وإنتاج الأبحاث التي تُثري معرفة البشرية.

إذا تأملنا أفضل المراكز البحثية الأمريكية، مثل مركز إم دي أندرسون، ومعهد دانا فاربر للسرطان، وأبرشية بيث، ومستشفى ومركز ومعهد ماساتشوستس، ومعهد وايتهيد، ومعهد برود، وجامعة هارفارد، سنرى مشهدًا مهيبًا من الأطباق المختبرية، والمخططات الكروماتوغرافية الغازية، وأجهزة تحديد التتابع الجيني، والميكروسكوبات الإلكترونية. هذه المؤسسات تنتج كميات هائلة من الأبحاث والأوراق العلمية، تزن بالأطنان، مكرسة لفهم الاتصالات المعقدة داخل الخلية الحية.

ومع ذلك، فإن نتائج هذه الجهود الهائلة تستغرق وقتًا طويلًا لتجد طريقها إلى المستشفيات العلاجية. هناك، نجد أن العديد من العلاجات الكيميائية والإشعاعية السائدة تُعتبر وحشية وشرسة، إن لم تكن قاتلة. مرض السرطان يُعد مثالًا صارخًا على ذلك، حيث تتضمن معظم العلاجات التقليدية تأثيرات جانبية قاسية تتسبب في معاناة كبيرة للمرضى.

من هنا، انبثق نوع جديد من العلوم البحثية يُعرف بـ "البحث التحويلي" (translational research). هذا العلم يسعى إلى تحويل فيض العلوم البحثية المجردة إلى تطبيقات عملية في المستشفيات. الأطباء المعالجون يقسمون أوقاتهم بين تطوير طرق وأدوية جديدة في المعامل وبين تطبيق هذه الطرق في العيادات لتحقيق العلاج الفعلي.

البحث التحويلي يعبر عن الجسر الذي يمتد من المختبر إلى العيادة، حيث تتحول الأفكار إلى علاجات، والأبحاث إلى أمل. في حالة السرطان، نجد أن هذا النوع من الأبحاث قد أدى إلى تطورات ملموسة، مثل تطوير أدوية تستهدف الخلايا السرطانية بشكل دقيق وتقلل من التأثيرات الجانبية. بفضل البحث التحويلي، أصبح من الممكن تحويل الاكتشافات الجينية إلى علاجات مبتكرة تمنح المرضى فرصًا أفضل للشفاء والحياة.

العلم، بأمياله الطويلة المربعة وأطنانه العلمية المستطيلة و الثمينة، ليس مجرد سردٍ للأرقام والبيانات، بل هو رحلة مستمرة نحو الأفضل. وبينما نخطو خطواتنا على هذا الجسر الرفيع بين المعرفة والتطبيق، يتجلى أمامنا أفق جديد من الأمل والشفاء. البحث التحويلي ليس نهاية الطريق، بل هو البداية، حيث تتحول الأميال إلى إنجازات، والأطنان إلى إنجازات تُنير دروب البشرية. مرض السرطان، كدليل حي، يظهر لنا كيف يمكن للعلم أن يصنع فرقًا حقيقيًا في حياة المرضى، محولًا الرؤى العلمية إلى واقع ملموس، ومجسدًا الأمل في غدٍ أفضل.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 15 يوليو 2024

بناء بيئة أسرية صحية: أساسيات التفاهم والراحة

 

الإختلافات بين شخصياتنا تعكس تنوعنا كأفراد، وهي نتيجة لعدة عوامل متداخلة مثل الوراثة الجينية، العوامل الاجتماعية، والخلفية النفسية. هذه الاختلافات قد تكون عائقًا لحياة هادئة ومريحة إذا لم تتم إدارتها بشكل صحيح.

البيئة المنزلية تعتمد على التفاهم، الود، والرحمة لتعزيز الراحة والاستقرار. عندما تسود صفات سلبية مثل الشك، الغيرة، وسوء الظن، يمكن أن تؤثر سلبًا على هذه البيئة وتقلل من مستوى الراحة والاستقرار.

الصفات السلبية غالبًا ما تترافق مع حالات مستمرة من القلق، مما يولّد توقعات غير مريحة ويزيد من التوتر النفسي. في حالات مثل هذه، قد تتعارض الأفكار وتتصادم النفوس، مما يؤدي إلى تفاقم الصراعات والاحتكام إلى الصراعات الدائمة.

لتجنب هذه السيناريوهات، من المهم تعزيز التواصل الفعّال والاحترام المتبادل داخل الأسرة، والعمل على بناء الثقة والتفهم المتبادل. كما يمكن أن تساعد الاستراتيجيات المعتمدة على التسامح والصبر في التعامل مع التباينات بين الأفراد وتحقيق بيئة أسرية صحية ومريحة.