في رحلة تربية الأطفال وتوجيههم نحو النمو النفسي السليم، يُعتبر التحكم في الأنا ومرونتها من العوامل الأساسية التي تساعد في بناء شخصية قوية ومستقرة.
التحكم في الأنا، ببساطة، هو قدرة الفرد على كبح مشاعره والسيطرة على انفعالاته، مما يعني تأجيل إشباع الرغبات الفورية لتحقيق أهداف أكبر وأهم. هذه المهارة تعتبر حجر الزاوية في النمو الشخصي والنفسي للأطفال، وتلعب دوراً مهماً في حياتهم المستقبلية.
يقول علماء النفس إن قدرة الأفراد على التحكم في أنفسهم تتراوح بين التحكم الشديد والتفريط الشديد. فالأشخاص ذوو القدرة العالية على التحكم بالنفس غالباً ما يكونون منعزلين ومنغلقين وغير راضين عن أنفسهم. في المقابل، الأشخاص الذين يفرطون في التعبير عن انفعالاتهم يتصرفون بتلقائية ويجدون صعوبة في تأجيل إشباع رغباتهم. هذا التباين يعكس أهمية تطوير مستوى متوازن من التحكم في الأنا، حيث يتعلم الأطفال كيفية التحكم في انفعالاتهم بطرق صحية.
أما مرونة الأنا، فإنها تعبر عن مدى قدرة الفرد على تغيير مستوى تحكمه بنفسه لمواجهة متطلبات موقف محدد. الشخص ذو مرونة الأنا العالية يستطيع التأقلم مع التغيرات في حياته بسهولة وهدوء، فيكون مندفعاً في بعض الأوقات ومنظماً بدقة في أوقات أخرى حسب ما يتطلبه الموقف. هذه المرونة تساعد الأطفال على مواجهة التحديات اليومية بفعالية وثقة، مما يسهم في تطوير شخصية متوازنة وقادرة على التكيف مع مختلف الظروف.
الأطفال الذين يظهرون قدرة عالية على التحكم في النفس و عندهم مرونة جيدة في الأنا يميلون إلى أن يكونوا مسؤولين وقادرين على مواجهة الإغراءات. هؤلاء الأطفال غالباً ما يظهرون وعياً وأخلاقاً عالية منذ سن مبكرة.
ينعكس هذا في سلوكياتهم الإيجابية وقدرتهم على التعامل مع المواقف الصعبة بهدوء وثبات. بالإضافة إلى ذلك، يساعد التحكم في الأنا الأطفال على تطوير مهارات اجتماعية قوية، مما يسهم في نجاحهم الأكاديمي والاجتماعي.
التحكم في الأنا ومرونتها يرتبطان باستقرار الانفعالات وحب الفرد لنفسه وثقته فيها. وهنا يأتي دور الأبوين، حيث يمكنهما من خلال فهم طبيعة الطفل وتوجيهه بشكل صحيح، دعم شخصيته في مراحل مبكرة ومساعدته على التأقلم مع التغيرات في حياته. الآباء والأمهات الذين يقدمون نموذجاً جيداً في كيفية التحكم في النفس والتعبير عن المشاعر بطرق صحية يساهمون في تعزيز هذه الصفات لدى أطفالهم.