أجهز حقيبتي بعدما إنتهت أيام عطلتي السنوية مع أهلي في قريتنا، سأذهب للجامعة، لأعيش في سكن الجامعه مع شخص أخر لا أعرفه و لا أستطيع توقعه. إنها بنظام القرعه، توزيع الغرف و الأسرة يأتي بالقرعة العلنية الساعة التاسعة صباحا من أول يوم في الجامعة. لا تعرف أين ستكون و لا تعرف من سيكون شريكك في السكن.
إختارت القرعة شريكا لي من دولة أخرى، و إختارت له السرير المجاور للشباك. لم أتكلم و لم أعترض، فالموضوع لا يمثل لي مشكلة. و ضعنا أمتعتنا و جهزت سريري و سلمت على شريك الغرفة ثم نزلت للجامعة. و بعد يوم طويل و محاضرات، رجعت لغرفتي متمنيا الهدوء و الراحة لأنام و أجدد طاقتي.
و أنا عند مشارف باب الغرفة و جدت صرصورا يخرج من تحت الباب، و أنا عندي خوف غير مبرر منهم, فأنا لا أقبلهم بدون سبب، فالصراصير تسبب لي حساسية و وسواسا لا أقدر على إحتمالهم. نظرت لباب الغرفة و تسمرت مكاني و قلت في نفسي يجب أن أنادي على مشرف النظافة لينظفها و لكني مرهق بشدة و أريد النوم و إلا سيغمى عليا.
فتحت باب الغرف و لم أصدق ما رأيته. نظرت بذهول و كأنني أرى وحشا تقطر الدماء من فمه. رأيت مجموعة كبيرة من الصراصير و لكنها ليست كأي صراصير. إنها سوداء و كبيرة لدرجة أني أستطيع أن أرى أفواهها و عيونها بدون أي مجهود.
إنهم في كل مكان فوق السرير و تحت المخدة و على البطانية و في الدولاب و على ملابسي و على الحائط و السقف، تسير بسرعة و تحرك أشنابها و تتحسس بعضها. يا له من منظر رهيب، نظرت بشدة ثم صرخت. جاء الناس على صرختي و تجمعوا حولي و هم ينظرون بقرف شديد لغرفتي، لا أستطيع التحرك و لا أستطيع النطق. إنهم في كل مكان.
أغلق مشرف النظافة الغرفة و سد فتحة الباب السفلية و قال سنتصل بزميلك في الغرفة ليأتي و يكون معنا و نحن ننظف الغرفة. فأومئت بنظري بالموافقة و إتصلت عليه فإرتعب و قال سيأتي على الفور.
وصل الزميل و الشريك و العرق يملئ جبهته و ملابسه و كأنه كان يجري ثم فتح الباب مسرعا و دخل الغرفة و صرخ و قال: طعامي، إفطاري. و جلس على ركبتيه و أخذ يلملم الصراصير من الأرض و يمسكهم بحذر و يحملهم و يضعهم في برطمان و أخذ يملئ واحدا ثم الأخر ثم الثالث. أخذ كل الصراصير وكدسهم في برطمانات زجاجية و نحن ننظر له في ذهول غير مصدقين ما يفعل.
و بعدما إنتهى نظر إليهم و أخذ يقبل البرطمانات و يهمس لهم و يقول، ماذا كنت سأفعل من دونكم، كيف سأكل و كيف سأعيش. و أخذ يشكرني لأني إتصلت به قبل أن نأخذ طعامه و نجعله يجوع.