الثلاثاء، 16 أبريل 2024

مؤسسة سرطانية متوازنه و جباره


زمان جه واحد إسمه فاربورغ warburg و قدم فكرة إن السرطان كائن يعتمد في تنفسه على الأكسجين - يعني زي أي كائن حي محتاج الأكسجين علشان يعرف ينتج طاقه يعيش بها - بس برضه قال في نفس الوقت إن السرطان ممكن يستغنى عن الأكسجين لو ملقاهوش و يستخدم السكر بدالة علشان ينتج طاقته.

الفكره هنا و إللي أخذ عليها جائزة نوبل إن السرطان عنده قدرة هائله على التكيف حسب الظروف المحيطه به و قدرته على تخطيها. فجواه برمجه جينيه فيها كل حاجه تتخيلها - بس برضه في مواد ممنوع عنه إنتاجها و بيحتاج للمساعدة من الخلايا المجاوره له. السرطان كائن جبار و ذكي و أدرجي على أعلى مستوى .

جوا المؤسسة السرطانيه ده تلاقي النوعين من الخلايا ، نوع بيستخدم الأكسجين و نوع بيستخدم السكر ، شغالين مع بعض ، هما الإتنين بينتجوا طاقه و بيحصل بينهم توازن بدون تنافس . علشان لو حصل حاجه يعرف يتأقلم عليها بسرعه . و طبعا عِد كل الإحتمالات الممكنة و لكل إحتمال هتلاقي شريحه سرطانية شغاله عليه .

الاثنين، 15 أبريل 2024

طنط س ر ... الست المخلصه


طنط س ر، تقريبا خمسين سنة، ست شيك أوي، عايشه في طبقة تعتبر متوسطه عالية شوية، ربنا رزقها الولد و المال. جوزها رجل وقور و طيب و متعايش معها. بيتها ذهبي اللون، نظيف، بيلمع، مرتب، و ذوقه عالي. لما تدخله تحس إنك مبسوط و مستريح. كلامها معسول و ممزوج بروح جميلة، لما تتكلم معاها تحس إنها فهماك و حاسة بكل حاجه. معندهاش مشكله تأكل الفسيخ سندوتشات

طنط س ر ربنا إداها كل حاجه و وفرلها الراحه و الطمأنينة بس هي إختارت حاجه واحده تعملها في حياتها، و هي أكثر حاجه بتعملها و بتعشقها، و هي أنها تعرف أسرار البيوت. و مبدأها أنا عاوزه كل الناس مبسوطه و مستريحه، عاوزه الراجل و الست يعيشوا صح و بسعاده زي ما هي عايشاها. بتتكلم كثير و بتسأل كثير و بتعمل قصص كثيره و طبعا بتكذب كثير. بتقول للست كلام و تقول للراجل كلام تاني خالص، أصلها مُخلِصه أو مُخَلِّصه

هي طبعا إنسانه وحيده، إبنها طول عمره بيتضايق من طريقتها، معندهاش جيران يثقوا فيها و لا أصحاب يزوروها، إبنها لما كبر سافر برا و راح بعيد عنها بحكم دراسته. بيكلمها، بس يادوب سلام عليكم و عامله إيه. محدش يعرف عنها كثير بس كل حاجه معروفه بدون كلام

دعيت بطريق القرابة و الصداقه لحفل زواج بين ولد و بنت. حفل زواج أسري جميل مبني على الحب و الإحترام بين العائلتين. و طنط س ر رقصت فيه و باست و حضنت كل الأخوة و الأخوات. و الكل عارفينها إلا الميؤوس على شبابهم العرسان

و في أول ليلة دخلت بيتهم و دخلت جوا عقولهم. من أول يوم نزلت جوا ودان البنت في مطبخ البيت و من غير ما حد يشوف، و دلقت السم و قالتلها: خلي بالك، أوعي يعمل معاكي كذا و كذا، أوعي تساعديه على كذا و كذا، أوعي يأخذ منك فلوسك و يأخذ وقتك و كل إهتمامك، و خليه دائما محتاجلك و مشتاقلك و مش عارف يتمكن منك. إدبحيله القطه قبل ما يدبحهالك او يدبحك انت شخصيا. خليه لكي لوحدك و ابعديه عن أهله. و كله بالحب و الذوق و الحنية. و الأهم من كل دا لازم توديه عند دكتور نفساني. و البنت سمعت الكلام بحذافيره و شربت كل السم

و راحت في ودان الولد في البلكونه لوحدهم، و قالتله خلي بالك منها، البنت حتة سكره، خفيفه و طرية، و معندهاش حد تتسند عليه. انت أبوها و أخوها دلوقت ، و طبعا جوزها. انت راجل و سيد كل الرجاله، حاول متعودهاش ان كل حاجه سهله، و الفلوس مش سهله برضه. مصروف البيت، الخروجات و الفسح، الإهتمام و الإحتواء، الهزار و الجد، أمها و أمك، أختها و أصحابها، جيرانها و شغلها و إدتله عسل مليان مكسرات مسمومه

و هي ماشيه من عندهم بعد ما باركتلهم، سابت ظرف فيه فلوس كثيره، و قالتلهم بيتكم هيكون بيت سعيد زي بيتي بالظبط، أصلكم لسه مشفتهوش و متعرفهوش. أنتم حبايبي و أولادي

و بعد كام شهر حصلت أول خناقه. خناقه بسيطه، هايفه، و علطول طنط س ر بقت في الصورة بس من في الظل، هي شغاله في التلفون بس. بتكلم البنت لوحدها و بتكلم الولد لوحده و بتسجل للبنت و للولد و جوزها بيسمع و بيفتكر الماضي. طبعا الدنيا ولعت، البنت بقت نار و الولد بقى نار و في لحظة، الشرر مسك في البيت و إتحرق

كلام كثير جدا، مسموح و غير مسموح، حكاوي و قصص ملهمش أول من آخر. كلام حقيقي ممزوج بالكذب و محدش عارف الصدق فين. إتهامات و تبريرات و تأليفات بين الولد و البنت، تراشق بالكلام و بالأخطاء. ياه كل دا حصل في كام شهر بس

طب إيه إللي حصل و إيه أصل الحكاية، أصلها عاوزاه يروح لدكتور نفساني. ليه ، أصلها وعتها يوم فرحها لو عاوزاه تحت رجلكي، لازم يكون بيتعالج، طريقة خبيثة علشان تكسر غروره و تحكماته

البنت النار كلتها و سابت بيتها و راحت لأبوها، و الولد النار كلته و هو كمان ساب بيته و راح لأمه. و البيت بقى محروق و أصبح كالمقبره. و بعد عدة أشهر من المشكله، برته من كل حاجه و إتطلقت. و الغريب إنها قالت بعد كدا لطنط س ر: عاوزه تعرفي إللي قدامك ده راجل ولا ايه، حطيه في موضع إختيار و شوفي هيختار ايه

و بعد شهر لقى محضر من المحكمه بقضية من نوع جديد، أصل البنت رفعت قضية على الولد بتهمتين، واحده قضية طلاق للضرر و الثانية رد إعتبار و عاوزه تعويض. و السؤال هنا جبتي فلوس القضية منين .... طبعا من طنط س ر

طنط س ر شغاله بكل طاقتها و المواضيع مش هتخلص و الدنيا مش هتهدأ و الولد و البنت خسروا حياتهم و بيتهم

القصة لسه منتهتش، و هنكملها مره تانية

الأحد، 14 أبريل 2024

تكلفة خفية للمكافآت ... تعزيز يعكس الدوافع


يتأثر الناس في العموم عند تنشئتهم بفكرة تحديد ذاتهم و فهم أنفسهم و إحتياجاتها، و يحتاجون لمن يرشدهم و يدلهم على دوافعهم و طريقة معرفة ميولهم و إهتماماتهم

فعندما يفهم الإنسان دوافعه و إحتياجات نفسه يميل طبيعيا ناحية إندماجه في إهتماماته و يقضي معظم وقته في هواياته و يبذل جهده في توسيع قدراته و التغلب على تحدياته

و لكن الذي لا يستطيع الإندماج بنفسه نتيجة قدرات ضعيفه أو تحديات كبيرة، يأتي مفهوم المكافأة كفكرة لمساعدته على شحذ قوته و مساعدته على خلق دافع في إتجاه تحقيق الهدف المطلوب، فيندمج في المهمة بسبب ما سيجنيه من مكافآت تتبع نجاحه في مهمته. و المكافآت مثلا قد تكون تلقي الثناء أو الحصول على المال

الفكره هنا أن من يملك دافع ينبع من داخله للمهمة سينهي المطلوب منه بإرادته، دون أن يهتم بوجود أو عدم وجود المكافأة. لأنه سيعتبرها غير ضرورية للتعليم و الإنجاز. و بالتالي فتعزيز فكرة الحصول على مكافأة عند المندمجين ذاتيا قد يقلل من دافعيتهم و قد يغير فكرتهم ناحية المهمة و يغير مسار تفكيرهم في حلها

طبعا انا بتكلم عن أي دافع، سواء دراسي أو إجتماعي. فالتعلم و النجاح الدراسي سيتحقق لمن عنده إراده للنجاح و لن يحتاج للمكافآت، و لو حصل على مكافأة فقد يرتبط النجاح بها و يكون الغرض من النجاح الدراسي هو المكافأة لا أكثر، و بالتالي قد نفقد قيمة العمل و قيمة المهمة المطلوبة. و بالمثل فالدوافع الإجتماعية تعتبر هي خير دليل على دافعية الإنسان فمن ينجز مهامه في وقتها بدون تهديد، او من يصل لموعده بدون ضغط، هي صور لأصحاب الدوافع الذاتيه النابعه من أنفسهم

عندما تعطى للأفراد فرصة لزيادة خبراتهم و كفاءتهم بوصفها إحتياجات نفسية محدِدة لذاتهم من المحتمل أن تزيد دوافعهم و تعزيزاتهم الداخليه، و لكن لو شعروا بأن الغرض من الفرص هو الحصول على المكافأة فقط فلن يتحركوا إلا لو ضمنوها

السبت، 13 أبريل 2024

ساعة آخر نفس


بدون سبب نظر في ساعته، إنه ينظر إليها في اليوم أكثر من مئة مرة، ولكنه لا يعدهم، و لكن من وقت ما إشترى ساعة تعد له ضربات قلبه و تظهر العد مع عقرب الثواني و هو ينظر إليها متعجبا و فرحا

لا جديد يحدث في الأيام و لكن هذا اليوم كانت العقارب تسير بشكل أسرع من المعتاد و عداد قلبه يشير إلى تزايد الضربات. وضع يده على قلبه فشعر بأن الضربات عادية، و نظر في ساعة أخرى فوجدها طبيعية، تعجب و قال أن الساعه قد تعطلت. فتح علبة سجائر و شرب واحده بسرعه

وصل إلى عمله فوجد ساعته تشير على أنه قد تأخر، بدون أن يتأخر فعليا، نظر لها و راقبها فوجد أنها تتحرك بطريقة أسرع من الصباح. فعداد الثواني يزيد نصف ثانية أسرع. سأل الرجل زملائه، و أجمعوا بأن ساعته قد تعطلت

إنتهى يوم العمل سريعا و ذهب لمصلح الساعات ليسأله، فأجاب بأن جميع الساعات في المحل عادية و لم يصبها هذا الجنون، و أنها جميعا تسير بشكل طبيعي و لكن الغريب أن شخصا آخر أتى و سأله نفس السؤال عن ساعته التي تسير بشكل أسرع و تشير أيضا إلى تسارع في ضربات قلبه. فإرتاح الرجل و تأكد بأنه ليس وحده و أن ساعات أخرى قد تعطلت

وصل الرجل لمنزله مستاء لأن الساعة قد تعطلت و أخذ يندم على ما دفعه فيها، ثم أكل عشاءه و فتح علبة سجائرة ليشرب واحده ينهي بها يومه و يهضم بها اكله، فقالت زوجته، لا تشربها في الداخل، إخرج و إشربها خارجا

خرج الرجل و السيجارة في فمه و رفع رأسه في السماء ليخرج الدخان فوجد كوكبا لونه مائل للأزرق، كبير الحجم جدا لدرجة مخيفه، يقترب من الأرض، و الناس تمشي في الشارع و لا تلاحظه. فيسأل نفسه و يقول كيف لا يراه أحد و كأنه هو فقط من يراه

ناد الرجل على زوجته و أطلعها على السماء فلم تجد شيئا عجيبا إلا القمر أصبح منيرا. فتعجب الرجل و قال ألا ترين الكوكب الأزرق، فنظرت إليه و قالت، لا يوجد كوكب أزرق، لا أراه

نظر الرجل إلى ساعته فوجدها تتحرك بطريقة أسرع كثيرا من الصباح و عداد قلبه يزداد و كأن أصابه الجنون. نظر إلي الكوكب الأزرق و هو يقترب أكثر و حجمه يزداد و لا أحد يراه سواه

أخذ الرجل نفسا عميقا من سيجارته ليطفئ خوفه و يزيد تركيزه و نظر إلى ساعته فوجدها أصبحت تتباطئ في لفاتها و وجد عداد قلبه يتباطئ في عده، ثم إهتزت و أنطفئت

شعر الرجل بألم حاد في قلبه و سقط على الأرض و هو يمسكه بيد و باليد الأخرى آخر سيجاره و في رئته آخر نفس

الخميس، 11 أبريل 2024

ماذا بعد أن ... فإذكروا محاسني


مات أحد الجيران وحيدا، كان رجلا وحيدا، بعيدا عن عائلته و أولاده، لا أصدقاء له و لا احباب، يخرج من بيته كل عدة أيام كلما جاع ليشرتي طلبات بيته. إكتشف الجيران رائحه تخرج من شقته فإتصلوا بالشرطة و كسروا الباب ليجدوا جثته سوداء متعفنه و منتفخه. نقلوه للمستشفى ثم للمقبره بدون غسل أو كفن

إنه الموت ببشاعته، بشؤمه، بهدوئه، و بوحدته. أصبح شكل الرجل في بالي كالكابوس، فأصبحت أتمنى موتي وسط أهلي و أحبابي. بت أحسد الأموات على ميتتهم، فيموتوا وسط أهلهم أو يموتوا شهداء، يا لهم من محظوظين

أعرف أنه السخافه فيما أفكر و فيما أتخيل، فالموت ليس مريحا و لا سهلا. أنه يمتلك أقسى وجه. أصبحت أفكر بأنانية وقت موتي، فأريد أن يحزن أهلي و جيراني و أصدقائي، أريد أن ألمس الحزن في قلوبهم، أريد أن يبكي علي من يحبني، و لكني أيضا أريدهم أن يعيشوا بعدي و هم يضحكون

لا أعلم كم هو مؤلم و لكني أصبحت أرى يوميا جثثا لأطفال و كبار مقطعة و مطحونه و مجوفه، جثثا متناثرة الأشلاء و كأنها ممزقه. أرى أشكالا لوحوش بأفواه مفترسه تقطع الأجساد و تنثر الدماء. إنه شعور مفزع و أنت ترى جثة طفل صغير مسودة بتراب الأسمنت و عليها خيوط الدم الحمراء تخرج من محاجر عيونهم البارزة نتيجة سحقها بين صفائح الأسمنت

أصبحت يوميا أتسائل، ماذا بعد هذا الموت. إني مؤمن بالحساب و بالدار الآخرة و لكني لا أستطيع تصور مدى الخوف أو مدى الطمأنينة التي تصاحب الموتى. لا فكرة لدي و لكني أفكر كثيرا كيف يترابط الموتى تحت الأرض. هل سيكون بينهم تواصل بأرواحهم أم سيكون عليهم الإنتظار للنهاية فيقوموا و يجتمعوا و يتعارفوا

مازالت أرهق عقلي يوميا بالتفكير، هل أوصي بدفني في المقابر العامة أم في مقبرة خصوصي، هل أتبرع بجسمي لأهل العلم، أم أتبرع بأعضائي للموتى المحتاجين

لقد بدأت أرى أطفالا يصاحبون الموت و يلعبون كموتى فيُحمَلوا فوق الرؤوس و هم يضحكون. الفكره هنا أصبحت مرعبه، كيف تصاحب الموت، كيف تأمنه و تأمن شره، كيف تتكلم مع ملكه و هل علي أن أتعلم لغته لأكون صاحبه

هل أصبح شبحا غير مخيف لمن يراه كل يوم و يستعد للقائه في كل دقيقة من حياته. هل من يعيش شبه حي و شبه ميت يفقد خوفه منه و يستطيع مواجهته و في بعض الأحيان يعد أنفاسه و عندما تنتهي يقدم روحه بنفسه

إذا كان الموت هو النهاية فلماذا الإستمرار. أنا لن أخترع الذرة و لم أقم بأعمال تغير في حياة الناس و لا حتى إستطعت أن أرمم عظما و لا حتى خشبا. عشت حياتي كأني ممتلئ بالأشواك فلا أفدت نفسي و لا أفدت غيري و لكني مازلت أدخل شوكي في أجساد من يقترب مني. فلِم أرغب بهذه الشدة في البقاء

سؤالي يوميا هو ماذا سأفتقد وقت موتي؟ و إجابتي هي أنني لن أفتقد إلا ذكرياتي، كيف كونتها و كيف جملتها، و زينتها. و كيف صورتها و إستحضرتها. مازلت أرى أني سأعيش بداخل من زرعت ذكرياتي معهم، سأعيش في كلامهم، أحلامهم، و ذكرياتهم. سيكتبون عني و عما حاولت أن أفعله و بالتأكيد سيذكرونني بمحاسني

الاثنين، 8 أبريل 2024

الجنة تحت أقدام المدرسات


حقيقي الواحد بيتعب لما بيعطي محاضره واحده ساعتين. بيحس انه تعب، ما بالك بقى بمحاضرتين في اليوم، تحس إنك خلصت. صوتي بيروح و دماغي بتصدع

والله الواحد بقى يعذر إللي شغالين في التدريس، فعلا بيطحنوا. العمل العضلي أقل إجهادا من العقلي و أقل بكثير من الصوتي. لما تكون شغلتك الكلام و الشرح طول اليوم، كل يوم، حقيقي بيتعبوا

تخيل بقى مدرسه بتتبهدل كدا و بعدها ترجع بيتها لسه هتطبخ و تغسل و تنظف وكمان تشرح و تذاكر للعيال و فلوسها تقريبا مش لها، والله لها الجنه