الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

جاذبية سرطانية

 

كل حاجة على الأرض بتتأثر بالجاذبية، وده قانون ما حدش يقدر يهرب منه. أي حاجة عايشة هنا لازم تلتزم بالقانون ده، سواء جسمك، الأشجار، الحيوانات، وحتى الأشياء اللي مش بتتحرك. طيب ده على مستوى الأرض كلها، لكن هل ممكن جوه جسمنا يكون الوضع مختلف؟

تخيل معايا إن جوه جسمك فيه أماكن كأنها خارج النظام ده. أماكن مش بتخضع لقانون الجاذبية اللي كل خلية تانية بتلتزم بيه. لو في خلية جوه جسمك بدأت تنمو بطريقة غريبة، مختلفة عن باقي الخلايا، ممكن ده يحصل بسبب إنها عايشة في ظروف مختلفة عن باقي الجسم.

الخلية دي ممكن تكون بتتصرف بشكل متمرد. بدل ما تنمو و"تمشي" مع باقي الخلايا في نظام واحد، تبدأ تخزن معلومات عن نفسها، وتنسخ نفسها بسرعة، وتكبر بشكل غير طبيعي. طيب ليه ده بيحصل؟ ممكن الجاذبية اللي بتأثر عليها تكون أقل أو أكتر من الطبيعي، أو إنها خلقت لنفسها "بيئة" خاصة بيها جوه جسمك.

المشكلة بقى إن الخلايا دي لما تبدأ تنتشر في باقي الجسم، بتلاقي نفسها في أماكن بتطبق قوانين مختلفة عنها. بدل ما تتأقلم وتشتغل زي باقي الجسم، بتتمرد أكتر. تبدأ تنقسم بسرعة شديدة، تحاول تبني بيئة حواليها تناسبها هي، وتخلق لنفسها نظام جديد. وده اللي بنسميه السرطان: خلايا بتخرج عن السيطرة الطبيعية، وبتبني لنفسها عالم خاص جوه الجسم.

العلاج هنا ممكن يكون فكرة ثورية. بدل ما نحارب الخلايا دي مباشرة، نفكر نغير البيئة اللي حواليها. نحاول نعيد ضبط "الجاذبية" أو الظروف اللي بتعيش فيها، بحيث ترجع تشتغل زي الخلايا الطبيعية. لكن ده مش سهل طبعًا، لأنك محتاج تفهم الخلايا دي بتفكر إزاي، بتتأثر بإيه، وإيه اللي ممكن يخليها تستجيب للتغيير.

الفكرة كلها إن السرطان مش مجرد مرض، لكنه تمرد على قوانين الجسم. ولو قدرنا نفهم التمرد ده بشكل أعمق، ممكن نوصل لطريقة جديدة لعلاجه.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

إسقاط في الخيال

 

في علاقاتنا اليومية، وبالذات العلاقات القريبة زي الجواز، كتير بنحاول نفهم اللي قدامنا من خلال تحليل ردود أفعاله على مواقف معينة. أحيانًا المواقف دي بتكون واضحة، وأحيان تانية بتكون مجرد افتراضات أو تخيلات في دماغنا. الفكرة دي رغم إنها ممكن تبان وسيلة للفهم، لكنها للأسف بتتحول لمصدر كبير للمشاكل لو اتبنت على أحكام شخصية أو قناعات فردية.

كتير من الناس بيقعوا في فخ الإسقاط ده، وبيحللوا ردود أفعال الطرف التاني بناءً على قناعاتهم وأفكارهم هما، وبيعتبروا إن ردود الأفعال دي دليل على رغبات الشخص، احتياجاته، أو حتى أخلاقه. الطريقة دي خطيرة جدًا، خصوصًا لما بتحصل بين الأزواج، لأنها بتمس الزوج زي ما بتمس الزوجة.

شريك حياتك مش تجربة بتعملها، ولا حد بتحاول تغيّره أو تعدّل عليه. العلاقة الزوجية لازم تقوم على التفاهم والاحترام، كل طرف لازم يشوف الطرف التاني كشخص كامل ليه كيانه وخصوصيته. البيوت السليمة بتتبني على الثقة المتبادلة، وعلى إن كل طرف يقبل التاني زي ما هو، ويتعامل معاه بحب وصدق بعيدًا عن الافتراضات والأحكام.

الأحد، 24 نوفمبر 2024

حضن وعشرة أيدي



في حياة مليانة ناس، بنلاقي اللي يحضنوك وكأنهم السند والظهر. الحضن دايمًا بيبان علامة على الأمان، بس ساعات الأمان ده بيبقى وهم. اللي بيحضنك قدامك عنده ثمانية أيدي، يدين ظاهرين للأحضان، ووراهم الباقي مستخبين، كل واحدة مستعدة تخونك أو تأذيك و أنت مش واخد بالك.

أنت، بيدينك الاتنين بس، حاول تكون بسيط وصادق. يد للسلام بتقدمها بكل نية صافية، ويد للتوديع بتفضل جاهزة، عارفة إن الرحيل ممكن يبقى ضروري لما الخيانة تظهر. المشكلة مش في إنك متبقاش قادر تحمي نفسك، المشكلة في إنك تتعامل بقلب نقي وسط ناس متعودة على الخداع.

هم هيحضنوك بحذر، وأنت هتحضن بثقة. هم هيحسبوا خطواتهم بالأيدي المخفية، وأنت هتمد يد واحدة وتخلي التانية تحميك من بعيد. مش عيب إنك تكون مختلف، إنك تختار الصدق على المكر. العيب الحقيقي هو إنك تتحول لنسخة منهم، تخسر نقاءك وتحاول تلعب لعبتهم.

في عالم مليان عناكب، خليك أنت الشخص اللي يمد يد واحدة للسلام وهو عارف إنه لو اضطُر، التانية جاهزة للتوديع بدون أي خوف. لأن القوة الحقيقية مش في عدد الأيدي، لكن في نقاء القلب اللي بيحركها.

السبت، 23 نوفمبر 2024

مكتبة الظلال



 الجزء الأول
كريم و التجربة 

في مدينة بعيدة ومخفية عن الأنظار، كانت هناك مكتبة غامضة تعرف بـ"مكتبة الظلال". كانت هذه المكتبة تقع في زقاق ضيق لا يدخله الضوء، وكان الوصول إليها يتطلب شجاعة وجرأة. الناس في المدينة كانوا يعرفون الأسطورة، أن المكتبة تستقبل الجميع، لكن الخروج منها مستحيل.

ذات يوم، وصل إلى المدينة شاب مغامر يدعى كريم. كان كريم مفتونًا بالأساطير والقصص القديمة، وكان دائمًا يبحث عن مغامرات جديدة. عندما سمع عن مكتبة الظلال، قرر أن يكتشف سرها بنفسه. توجه كريم إلى الزقاق الضيق ودخل المكتبة بشجاعة، رغم التحذيرات التي سمعها.

عند دخوله المكتبة، شعر كريم ببرودة تسري في جسده، وكأن المكان ممتلئ بالأرواح. كانت الأرفف مملوءة بكتب مغبرة، وكل كتاب يحمل اسمًا مختلفًا. بدأ كريم يتجول بين الأرفف، وعيناه تتجولان على عناوين الكتب التي بدت مألوفة بشكل غريب.

سمع صوتًا هادئًا يقول: "أهلًا بك في مكتبة الظلال، يا كريم". استدار بسرعة و رأى امرأة غامضة تقف أمامه. كانت ترتدي ثوبًا أسودا وعينيها تلمعان بالغموض. قالت: "أنا حارسة المكتبة، وهذه الكتب هي ذكريات أولئك الذين دخلوها ولم يخرجوا منها أبدًا".

تساءل كريم بدهشة: "ما الذي يحدث هنا؟". أجابت الحارسة: "المكتبة تأخذ ذكرياتك وتضعها في كتاب، ثم تخفي جسدك في عالم الظلال. لن تخرج من هنا أبدًا، لكن قصتك ستبقى محفوظة بين الأرفف إلى الأبد".

حاول كريم التراجع، لكنه شعر بأنه لا يستطيع الحركة. بدأت ذكرياته تتلاشى واحدة تلو الأخرى، وبدأ يشعر بأن جسده يتلاشى مع كل ذكرى تُسحب منه. رأى الكتاب الذي يحمل اسمه يظهر على رفٍ فارغ، وبدأت صفحاته تُملأ بذكرياته.

في اللحظات الأخيرة، همس كريم لنفسه: "على الأقل، ستبقى قصتي هنا". ومع اختفائه التام، انضم كريم إلى الأرواح التي تسكن مكتبة الظلال، تاركًا وراءه عالم (الأحياء) للأبد.

وهكذا، استمرت مكتبة الظلال في استقبال الزوار الفضوليين، محتفظة بذكرياتهم في كتبها، ومخفية أجسادهم في عالم الغموض الذي لا يُعرف عنه شيء. كانت المكتبة سرًا خفيًا، تروي قصص من دخلوا، لكنها لم تترك لأحد الفرصة للعودة إلى الحياة خارجها.

إقرأ بقية القصة في صفحة القصة

الخميس، 21 نوفمبر 2024

بنخاف

  

بنخاف من المجهول، من المستقبل، من التغيرات اللي ممكن تيجي وتقلب حياتنا رأساً على عقب. بنخاف من الفشل، من إننا ما نحققش أحلامنا، من إننا نخذل نفسنا واللي حوالينا. بنخاف من الوحدة، من إننا ما نلاقيش حد يفهمنا ويكون جنبنا في لحظات ضعفنا.

الخوف جزء من الطبيعة الإنسانية، جزء من الفطرة اللي جوانا. لكن الخوف ممكن يكون معيق، يوقفنا عن المحاولة وعن المغامرة وعن تحقيق أحلامنا. كل واحد فينا عنده مخاوفه الخاصة، وعنده طريقته في مواجهتها أو الهروب منها.

الأكيد إننا بنخاف، بس الأهم هو إننا ما نسمحش للخوف يسيطر علينا ويحبسنا في مكان واحد. لازم نتعلم نواجه مخاوفنا، حتى لو كان الموضوع صعب ومؤلم. المواجهة هي اللي بتخلينا ننمو ونتقدم ونتعلم.

المخاوف ممكن تكون فرص. فرص للتعلم، للتطور، لاكتشاف جوانب جديدة في نفسنا ما كناش نعرفها. لما بنواجه مخاوفنا، بنكتشف قوتنا الحقيقية، وبنعرف إننا أقوى بكتير مما كنا نتصور.

الخوف طبيعي، لكن الشجاعة هي اللي بتخلينا نتخطى حدودنا ونحقق أحلامنا. وكل مرة بنواجه فيها خوفنا، بنفتح باب جديد للحياة، باب مليان بالإمكانيات والفرص. بنخاف، بس بنقدر نكون شجعان ونواجه مخاوفنا، ونمشي في طريق الحياة بثقة وأمل.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

الأشجار لا تنظر خلفها

 

الأشجار فعلا ما بتبصش لورا، عمرها ما بتوقف عشان تفكر في الفروع اللي وقعت أو الورق اللي طار مع الريح. هي طول الوقت بتنمو لفوق، بتدور على الشمس، وبتحاول تمد جذورها أعمق عشان تثبّت نفسها أكتر. تخيل لو الشجرة كل شوية تبص على الورق اللي طار أو الأغصان اللي انكسرت، أكيد مش هتقدر تكمل نموها، وهتفضل واقفة مكانها، مابتتحركش لقدام.

الشجرة كأنها بتقولنا إن الماضي مجرد فصل في كتاب حياتنا. أوقات كتير بنفضل متعلقين بحاجات عدت، بنفكر فيها وندور على تفسيرات أو نتمنى إنها كانت انتهت بشكل أحسن. بس الحقيقة إن التفكير في اللي فات بيبقى مجرد عبء، بيمنعنا إننا نكمل ونواجه اللي جاي.

الأشجار بتعلّمنا إن الحياة هي خطوات لقدام، هي فروع جديدة وورق أخضر بيطلع كل يوم. وده مش معناه إن اللي فات مالوش قيمة، بالعكس، اللي فات هو اللي عمل مننا اللي إحنا فيه النهارده. بس كفاية إنه يبقى ذكرى في ضهرنا، مش حاجة نعيش معاها كل يوم.

كل واحد فينا محتاج يتعلّم من الأشجار، إننا نحط طاقتنا في اللي جاي، في إننا نكبر ونقوى، وإننا ندّي نفسنا الفرصة إننا نبص لقدام، من غير ما نتقل بحمل الماضي.