الكهانه و الأمن الزائف

بعض الناس إلي عاشين في أماكن نائية أو فقيره أو تحت ظروف معيشة صعبة و قاسيه بيكثر عندهم أسباب الموت من جوع و مرض و كمان بيكون عندهم جهل و شر و غرور

و نتيجة خوفهم المتنامي من الموت المحقق و نتيجة التجارب الحياتية اليومية المؤلمة إستطاعوا تنمية سلاح فتاك - في وجهة نظرهم فقط - لدفع هذه الأرواح الشريرة التي تحصد أنفاسهم و أنفاس أحبابهم

وكان سلاحهم المجدي و الوحيد هو إستخدام السحر و الشعوذة . و أصبح للسحرة كبير فكان الكاهن . و طبعا الكاهن هو المسيطر الوحيد على الأرواح الشريرة . و لتثبيت الصورة أمام الناس إبتعد الكاهن عن الأنظار و قام ببناء تماثيل ضخمه لنفسه و لإنجازاته و أقام الحفلات و الموسيقى حولهم ليتعود الناس عليهم و يستطيع من خلالهم إجبار الناس بترك أموالهم كعطايا و تبرعات أو كجزية حماية . و أصبح إسم الكاهن يمثل خوف الناس و أمنهم و لكنه في الحقيقة أمن زائف

تفكير شجري ليتماشى مع الطبيعة

الشجر دائما بيكون في حالة نمو، يا إما ينمو بسرعة أو ببطء و دا بيكون على حسب العوامل الخارجية إللي موجود فيها زي كمية الماء و حرارة الجو مثلا

سرعة النمو في الشجر بتظهر في حلقات الخشب ، لما تشوف حلقات الخشب الدائرية هتلاقي في نوعين من حلقات الخشب مرتبين مع بعض ، حلقة عباره عن خشب ينمو في الصيف ثم حلقة تانيه خشب ينمو في الربيع

حلقات الخشب ده بتمثل سرعة نمو الشجرة ، يعني حلقات خشب الصيف بتكون حلقات رفيعة و الخلايا فيها صغيره و لها جدار سميك و لونها غامق و حلقات الربيع بتكون حلقات واسعه و الخلايا كبيرة و لها جدار أرفع و لونها بيكون أفتح

نمو الشجر بيكون بطئ في الصيف و سريع في الربيع ، يعني وقت الحر و شح الماء الشجر بيحاول يبطء من نموه علشان يحافظ على الموجود و لكن في الربيع لما تتوفر كل الظروف أمامه ينمو بسرعة لإستغلال كل الوقت و الظروف

الجميل في الموضوع إن خشب الصيف هو المسؤول عن تدعيم الشجرة و تثبيتها و تقويتها فالشجر بيتجه لتكوين خلايا لها جدار سميك و قوي . إنما في الربيع الشجرة بتواجه نمو جانبي زي نمو أغصان جديدة و أوراق و كمان أزهار و ثمار و بالتالي فنمو الخشب يكون أضعف نسبيا

و بالتالي الشجر بيفكر بطريقة ذكية و عملية فينتج خلايا كبيره مع تدعيم أقل ثم خلايا صغيره بتدعيم قوي فتتكون طبقات من الخلايا القوية التي تتحمل الصدمات ثم خلايا كبيره تستخدم في دورة الحياة

لفلفات سرطانية في الحلزون المزدوج

الشفرة الوراثيه في جميع الكائنات الحية بتكون عباره عن صف واحد من الأكواد جنب بعضه. و علشان الصف الواحد دا يفضل متين من غير ما يتكسر، في صف تاني معمول و شابك فيه و ملفوف على بعضه زي الحلزون

زي ما تجيب حبل و تعمل منه حبلين و تلفهم على بعض، هيعمل شكل حلزون. لف أكثر و أكثر و أكثر هتلاقي عمل شكل دائره متكوره على نفسها و حجمها بقى صغير بالنسبه لطول الحبل. و الكروموسم الواحد بيكون عبارة عن مجموعة من اللفلفات متكومة فوق بعضها

هو دا شكل الشفره الوراثيه و الدنا DNA جوا خلايانا. و علشان الخليه تستخدم الجينات الموجوده جوا اللفلفات دي كلها هتكون محتاجه تفك اللفلفات لحد ما توصل للخيط الواحد و تفرده و تقرأ الأكواد و تحولها لبروتينات أو هرمونات او انزيمات. طبعا مش هتفك كل الشفره، هتفك بس الجين إلي محتجاه

و الخلية مش هتقعد تلف وراء الجين إللي عاوزاه و علشان تعرف مكانه و سط التعقيدات اللفلفية دي كلها هتكون محتاجه لأدوات تعرف تفك و تربط و تنسخ بسرعه و دقه و من غير مشاكل

الفكرة هنا إن السرطان بيكون عارف و حافظ الخريطة الجينية اللي هيحتاجها في عملية الغزو بتاعه، فيعمل لنفسه لفلفاته الخاصه و بيكومها في كروموسوماته الخاصه. و لما نعمل تحليل الكروموسومات داخل الخلية السرطانية هتلاقي اشكال سرطانية و أعداد سرطانية و كمان تركيبات سرطانية

و المخيف في الموضوع ان السرطان بيقدر ينتج أدوات الفك و الربط و النسخ زي الموجوده في الجسم و يستخدمها لفك الحينات العادية بتاعتنا و يستخدمها لصالحه

و طبعا التطور إللي بيحصل في علاج السرطان بيعتمد دلوقتي على معرفتنا بمدى إعتماد السرطان على لفلفاته و بالتالي نعمل دواء نقدر نوقفها او نبوظ شكلها

و يبقى الأمل

البت أنتيكة و صاحبها الفابريكة

البت أنتيكة عندها يجي عشرتاشر سنة ، عامله نفسها كائن فريد من نوعه ، ملكة متوجة و نجمة في السما ، أنتيكة بقى ، و علشان الولاد يوصلولها لازم يتعبوا جدا جدا

كل يوم تبص لنفسها في المراية و تدلع و تقول إيه الحلاوه ده و تكشر و تبوز زي البطة و تقول لازم أخس شوية من هنا بس أتخن شويتين من هنا و تطرقع بلبانتها و تقول محتاجه أفرد شعري و أصبغه ، ما أنا لازم أعجب بنفسي الأول علشان الناس تعجب بيا . أنا لازم أحبني علشان أتحب يعني ولا إيه . و تسيب المراية و تمشي مرفوعة الرأس

البت أنتيكة بتقعد مع الناس و عامله نفسها مكسوفه و صوتها واطي و مش لاقية حاجه تقولها ، بس هي جوا نفسها فعلا مش لاقيه حاجه تقولها . هي مش بتعرف تتكلم أصلا - نحنوحه بس - و لما بتمسك كتاب مش بتعرف تقرأه و بتفهم عكس الكلام إللي بتسمعه ملهاش غير في الروايات و متابعه المسلسلات على السوشيالات . عايشة في نفسها بين دور الست أمينة و الست ياسمينه

شايفه أنوثتها طاغية و لكنها نابعة من ذكائها العاطفي لرقتها في الرد و حنيتها في التعامل . هي شايفه الأنوثة شخصية مش هز كتاف أووومال . بتحوش علشان تعمل عملية تجميل ترفع به حواجبها علشان قافلين على عينيها و حلاوتهم مش باينين بس دلوقتي بتحط ميك أب خفيف - جدا - مع رسمة عين خفيفة و حسنة صغيرة خفيفة علشان تخطف العين

تهتم بمزيلات العرق و مطهرات اليد أكثر من الصابون علشان بينشف الجلد بس المهم أن مفيهوش كحول و متظبلته ال PH رائحة نيفيا هي رائحة الحب و الأنوثة عندها و الخمس خمسات هي رائحة الرجولة

إنما بقى صاحبها الفابريكة فدا موضوع تاني هو طويل ، شعره بني كثيف ، عيونه عسلية ، بيتكلم بكل هدوء ، صوته أجش ، حازم ، عريض ، فارد كتافه ، مهتم بعضلاته و خاصة عضلات بطنه و إيده ، بيلبس ضيق ، عنده شنب متحدد و ذقن متوسطة ، بيحب اللبس الكلاسيك على الكاجوال ، بيلبس ساعة كبيره مع حظاظة . حاطط سجايره في علبة مارلبورو

بيمشوا مع بعض في الشارع و هي على يمينه علشان العربيات متخبطهاش أو موتوسكل ميسرقهاش و ميسحلهاش . بيبص شذرا في عيون الناس لحسن حد يتطلع و يسرق منه هيز أنتيكة . يهتم جدا بالكرة و لاكنه غير منحاز ، لأنه وسطي في حياته

الواد فابريكة مش بيشتغل أصله لسه بيدرس ، بقاله يجي عشرين سنيه بيتعلم ، ممكن يسوق عربية أو يقعد يحرس باب بس في وقت فراغه و تحت إلحاح من أهله . بيعرف يفسر الأحلام ، له ذاكره صورية و بيفهم في الطالع و الأحوال . بيحب كل الألوان إلا اللون الأحمر و الأسود و الأبيض لأنه بيتشائم منهم و بيعتبرهم مش ألوان أصلا

عايش لوحده ، بيعرف يطبخ ، أمه ميته و أخته مدفونة مع عيالها . أبوه عنده عزبة و عمارة و عيادة و عربية وعنده صاحبه حلاق و المهم المهم جدا أنه بيحب الكوفي جدا و كل ما يشربوا مع بعض يتكلموا في الكورنر كوفي بتعاهم لأن هو دا الموضوع المشترك بينهم و إللي هيخليهم قريبيبن من بعضهم و في المستقبل أزواجا سعداء.

محضر تخلي ... هل نمتلكهم

مش عارف أبدء منين بس حد سمع قبل كدا عن عمل محضر تخلي عن الأولاد . إتفاجئت جدا بالكلام ده ، هل فعلا في أب و أم بيتفقوا - بعد طلاقهم طبعا - على ترك أولادهم و يتخلوا عنهم في محضر رسمي

أنا أعرف عن قانون اللقطاء و هم الأطفال المولودين خارج الزواج و تم تخلى عنهم بعد الولادة بهروب الأب و الأم و لكن أن الأب و الأم يتفقوا، بعد ما قطعوا بعض في الطلاق، على التوجه لإدارة الدفاع الإجتماعي بوزارة التضامن و يطلبوا بشكل رسمي التخلي عن أطفالهم بحجة عدم القدرة على المصاريف

طبعا بيكون في برنامج لإعادة دمج الطفل مع أمه عن طريق ربط الأم ببرنامج للدعم النقدي أو المشروعات بشرط إحتفاظها بإبنها أو أن الطفل يتحط في دار رعاية. و طبعا دار الرعاية ستخلي سبيلة عند وصوله لسن الثامنة عشر

سؤالي هنا هل ممكن أب و أم يصل بهم الحال لهذه الدرجة من إيذاء أولادهم. أنا مش بقارن بين التخلي بمحضر رسمي و تركه في الشارع للتسول، أنا مش قادر أصدق القانون، لأنه يجرم التخلي عن الطفل و لكن ثغرته تتضمن إثبات تعريضه للخطر فيلجأ الأب و الأم بعمل محضر رسمي و تسليمه للتضامن

هل أولادنا يعتبروا جزء من ممتلكاتنا و يجوز لنا التخلي عنهم و بمحضر رسمي لا يجرمه القانون

لله الأمر من قبل و من بعد

قميصا واحدا فقط لا أغيره أبدا

في كل يوم أفتح الدولاب لأختار لنفسي قميصا ألبسه. ألبسه لأخرج من ملابس نومي المزعجة و حياتي التي لم أعد أطيقها. لا أرى فيها نفسي، ولا أعرف فيها شكلي. ملابس نومي ضيقه أحيانا و عارية أحيانا أخرى، عندما أستيقذ لا أستطيع أن أفكر في ما مضى فاليوم الجديد آت بلا أي شك

دولابي لا يحتوي على قمصان جدد و لكنها قمصان لحيوات عشتها فيما مضى أو عاش فيها غيري و كل يوم جديد يكون له قميص جديد لي أو قديم لحياة من سبقني

منذ عام وجدت في نفسي هذه الطاقه الغريبه، أفتح أبواب و أغلق غيرها، أبدل حياتي بحياة أخرى، أتنقل بين الأجسام و كأني ألبسها كما ألبس القميص. إنها متعة، متعة التغير، فلا يوجد عندي روتين و لا شئ عندي يتكرر. لا مسؤولية و لا تفكير

ولكني لا أستطيع أن أرجع لها أبدا من جديد فالتمزق الحاصل في نفسي يعكسه تمزق في القميص. فيجب عليا أن أقوم بالتبديل كل يوم

منذ هذا اليوم فقدت نفسي، لم أستطع أن أجد حلا، كل يوم في جسد جديد و كل يوم مجبر أن ألبس قميصا جديدا، بعضهم أحببته بشدة و الآخر كرهته بشدة

كم تمنيت أن أفقد هذه القدرة، فلم أعد أستطيع أن أكمل. أريد أن أستقر و لكني لا أجد الخيار، لقد تهت من زمن بعيد. لحظة اكتشافي لها و وقوعي في غرامها، لحظة ما كتبت على نفسي ان أتوه و لا يوجد مخرج للرجوع

كل يوم لي جسد جديد و ماض جديد، لكن لا مستقبل. لا أعرف ماذا سيكون غدا و لا من سأكون بعد غد

إنه البؤس في ذاته، فقدت إنسانيتي، فقدت تاريخي و حياتي. لا أقوم بعمل مهم، لا أستطيع أن أتحرك خطوة للأمام، فلا ماض يربطني و لا حاضر ينفعني و لا مستقبل أتوقعه. حتى الأكل لا أعرف إسم الأكلات التي أكلتها و إذا تذكرت واحده فلا أستطيع تكرارها

يوما أجدني أب لأطفال فألعب معهم و أتنزه بهم و اليوم الآخر أجدني مسجونا في جسد مريض لا أهل له ليسألوا عنه. يوم به كل الحرية و يوم به كل السجن و العذاب

كم تمنيت أن أكون إنسانا عاديا، لا أتغير. لي أهل و أصدقاء و أناس أعرفهم. كم تمنيت أن أفقد طاقتي و أعيش بطريقة واحده. كم تمنيت أن ألبس قميصا واحدا فقط لا أغيره أبدا