السبت، 13 مايو 2023

قميصا واحدا فقط لا أغيره أبدا


في كل يوم أفتح الدولاب لأختار لنفسي قميصا ألبسه. ألبسه لأخرج من ملابس نومي المزعجة و حياتي التي لم أعد أطيقها. لا أرى فيها نفسي، ولا أعرف فيها شكلي. ملابس نومي ضيقه أحيانا و عارية أحيانا أخرى، عندما أستيقذ لا أستطيع أن أفكر في ما مضى فاليوم الجديد آت بلا أي شك

دولابي لا يحتوي على قمصان جدد و لكنها قمصان لحيوات عشتها فيما مضى أو عاش فيها غيري و كل يوم جديد يكون له قميص جديد لي أو قديم لحياة من سبقني

منذ عام وجدت في نفسي هذه الطاقه الغريبه، أفتح أبواب و أغلق غيرها، أبدل حياتي بحياة أخرى، أتنقل بين الأجسام و كأني ألبسها كما ألبس القميص. إنها متعة، متعة التغير، فلا يوجد عندي روتين و لا شئ عندي يتكرر. لا مسؤولية و لا تفكير

ولكني لا أستطيع أن أرجع لها أبدا من جديد فالتمزق الحاصل في نفسي يعكسه تمزق في القميص. فيجب عليا أن أقوم بالتبديل كل يوم

منذ هذا اليوم فقدت نفسي، لم أستطع أن أجد حلا، كل يوم في جسد جديد و كل يوم مجبر أن ألبس قميصا جديدا، بعضهم أحببته بشدة و الآخر كرهته بشدة

كم تمنيت أن أفقد هذه القدرة، فلم أعد أستطيع أن أكمل. أريد أن أستقر و لكني لا أجد الخيار، لقد تهت من زمن بعيد. لحظة اكتشافي لها و وقوعي في غرامها، لحظة ما كتبت على نفسي ان أتوه و لا يوجد مخرج للرجوع

كل يوم لي جسد جديد و ماض جديد، لكن لا مستقبل. لا أعرف ماذا سيكون غدا و لا من سأكون بعد غد

إنه البؤس في ذاته، فقدت إنسانيتي، فقدت تاريخي و حياتي. لا أقوم بعمل مهم، لا أستطيع أن أتحرك خطوة للأمام، فلا ماض يربطني و لا حاضر ينفعني و لا مستقبل أتوقعه. حتى الأكل لا أعرف إسم الأكلات التي أكلتها و إذا تذكرت واحده فلا أستطيع تكرارها

يوما أجدني أب لأطفال فألعب معهم و أتنزه بهم و اليوم الآخر أجدني مسجونا في جسد مريض لا أهل له ليسألوا عنه. يوم به كل الحرية و يوم به كل السجن و العذاب

كم تمنيت أن أكون إنسانا عاديا، لا أتغير. لي أهل و أصدقاء و أناس أعرفهم. كم تمنيت أن أفقد طاقتي و أعيش بطريقة واحده. كم تمنيت أن ألبس قميصا واحدا فقط لا أغيره أبدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق