السبت، 25 يناير 2025

صيدلي رحّال في مملكة المرض



أنا كصيدلي، شغلي خلاني أدخل مملكة مش كتير من الناس بيشوفوها عن قرب: مملكة المرض. المريض، اللي بييجي الصيدلية يشكي من وجع أو يدور على حلّ لمشكلته الصحية، هو البطل الأساسي هنا. لكن خليني أقولك إن كل مريض هو قصة لوحدها، وكل مرض هو تجربة مليانة مشاعر ومعاني.

كل مرض كأنه مملكة لها قوانينها وسكانها وظروفها. فيه مملكة الصداع، اللي كلها ضغط وتوتر، ودايماً سكانها عايزين أي حاجة "تجيب من الآخر" وتخلّصهم من الإحساس المزعج ده. وفيه مملكة نزلات البرد، اللي فيها الناس تعبانة بس لسة شايفة الأمل في شوية علاج وأيام راحة.

وفيه بقى ممالك أصعب، زي مملكة الأمراض المزمنة. هنا بنقابل ناس بتعيش مع المرض سنين، عاملينه "جار" أو يمكن "عدو". كل مرة حد منهم يدخل الصيدلية، بأشوف في عينيه أسئلة: "هل فيه أمل؟ هل في يوم هنعيش من غير ألم؟".

بصراحة، الواحد ساعات بيحس إنه مش مجرد صيدلي، لكنه طبيب نفسي على الماشي. المريض مش بييجي يشتري دوا وبس، بييجي كمان يفضفض، يحكي عن تعبه، عن خوفه، عن لخبطة الحياة بسبب المرض. وبالرغم من إننا بنحاول نحافظ على احترافية الشغل، لكن في لحظات كتير بنبقى بشر زيه، نحس بيه ونتأثر بكلامه.

أصعب حاجة كصيدلي هي لما تبقى عارف إن في أمراض علاجها صعب أو إن حالتها متأخرة. هنا بتقف قدام تحدي كبير: إزاي تبقى دعم نفسي للمريض في نفس الوقت اللي بتحاول فيه تساعده بالعلاج؟

رسالتي لكل اللي بيقروا كلامي ده: المرض مش نهاية الحياة، حتى لو كان صعب. ومع التطور اللي بنشوفه في الطب والعلم، الأمل دايماً موجود. وبالنسبة للصيادلة، إحنا مش بس بنبيع أدوية، إحنا كمان شركاء في الرحلة دي، بنحاول ندي أمل، ونخفف ألم، وندعم كل مريض بكل اللي نقدر عليه.

رحّال في مملكة المرض... ولسة مكملين!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق