الاثنين، 30 ديسمبر 2024

علشان نفهم بعض جزء ٢

١٤٠ نصيحة علشان تفهمي الراجل
١٤٠ نصيحة علشان تفهم الست
الجزء رقم ٢ 

علشان تفهميه :

١- إبعدي عن المنظرة سواء بالفلوس أو الشهرة أو العلاقات أو الشهادات ... شكلك هيبقى وحش في الآخر
٢- بلاش تتكلمي في الأبراج ... الرجالة الحقيقية مش بتصدق في الطالع و النازل
٤- خلي أحكامك النفسية و بارانوياتك جواكي و أوعي تخرجيها عليه ... هيقول عليكي مجنونه و هيجري
٥- بصي و ركزي في مميزات شخصيته ، و إتكي عليها كل شوية ... مقامك هيرتفع في دماغه و هيكون الكلام معاكي من الملذات
٦- متسأليش كثير و خلي عندك شوية لامبالاه ، حتى لو هتفطسي ... على الهادي يا زبادي و خليه براحته هيجي لوحده
٧- كلمة شكرا و لو سمحت معناها إن عندك ذوق و بلاش إتفلق و وريني عرض كتافك ... لأنه هيتفلق و هيوركي عرض كتافه
٨- متخليهوش يمد إيده عليكي و لا إنت تمدي إيدك عليه ... كدا هيبقى فيه تهزيق أو تمزيق و الإثنين إنت مش قدهم
٩- تعاملي على طبيعتك و من غير تمثيل ... الأدوار بتتفضح
١٠- خليكي واثقة في نفسك بس بلاش كلمة طز فيك ... لأنها بتجرح و هو طائر جارح و مش هيقبل يتجرح

علشان تفهمها:

١- الإستحمام مهم للرجل و مزيل العرق أساسي في حياتك ... لو شمت عرقك هتفطس منك
٢- الست بتحب البرفيوم الرجالي جدا ، حط برفيوم ... و لو هي بتحب الخمس خمسات يبقى ربنا معاك و معانا
٣- بلاش فكرة الديرتي لوك علشان هتبقى ديرتي في عيونها
٤- مصمصة السنان مقرفه و صوتها مزعج جدا ... متقرفهاش منك
٥- البنات بتمر بدورة هرمونية كل شهر فحاسة الشم عندها بتزيد ... بتزيد لدرجة أنها هتشم شرابك إللي جوا جزمتك ، خد بالك
٦- البنات بتلاحظ الرجل من مناخيرها و بتعرف الزوج المناسب من رائحة شخصيته ... إهتم برائحة شخصيتك و متخليش الكلام عنك يكون رائحته زبالة
٧- لو شعرك فيه قشرة يبقى عليك بكريم فطريات ... أسوء لوك إنك تبقى الرجل الغامض إللي مليان قشرة
٨- سنانك مرايتك و فمك عنوانك ، مش لازم البنت تعرف إنك واكل بصل و خلي بالك لأنها هتأخذ بالها
٩- مفيش أي مانع في الحياة إنك تكون بتغسل إيدك و بتقص أظافرك . أنت إنسان يا مان و النظافه من الإيمان
١٠- لو عندك مشكلة و بتفتف في كلامك ، إبقى إعمل حسابك و خد مسافة أمان

الأحد، 29 ديسمبر 2024

تعامل ابنك كامير أم كعبد أم ...

 

لما بنيجي نتكلم عن التربية، بنلاقي كتير من الآباء والأمهات بيتسائلوا: "إزاي أربي ابني صح؟". بس السؤال اللي محتاج تفكير أعمق هو: "إنت بتتعامل مع ابنك على إنه إيه؟". يعني، هل شايفه أمير وتعامله بكل حب واحترام، ولا شايفه عبد تحاسبه على كل حاجة زي ما يكون شغال عندك، ولا حاجة في النص؟

لو بتعامل ابنك كأمير، ده معناه إنك بتديله حب غير مشروط. بتحسسّه إنه مهم، إنه له قيمة، وإن رأيه ليه وزن في البيت. بتسمع له، بتدي له فرصة يعبر عن نفسه، وبتحترم مشاعره حتى لو مش متفق معاه. ده مش معناه إنك تدلّعه أو تخليه فوق الصح والغلط، لا. لكن بتعلمه المسئولية بطريقة فيها دعم وحب.

للأسف، فيه ناس بتشوف التربية عبارة عن أوامر ونواهي، وكأن الطفل لازم ينفذ بدون نقاش، هنا الطفل بيتعامل كأنه عبد. "اعمل كده"، "متعملش كده"، ولو الطفل اعترض أو عبر عن رأيه، يتقال له "أنا الكبير وانت صغير". هنا الطفل بيكبر وهو حاسس إنه مالوش صوت، وده ممكن يخليه يا يتمرد في المستقبل، يا يعيش بشخصية ضعيفة طول حياته.

فيه بقى اللي بيحاول يوازن، بس ساعات بيغلط ويروح ناحية السيطرة أو التدليل. يمكن يكون مش عارف يعبر عن حبه لابنه بشكل صحي، أو خايف يبان ضعيف قدامه. التربية هنا بتبقى عشوائية، وبتسيب الطفل في حالة تخبط بين إنه عايز يرضي أهله وبين إنه يلاقي نفسه.

الحل ببساطة إنك تتعامل مع ابنك كإنسان. إنسان صغير لسه بيتعلم الدنيا، بيغلط ويتعلم، بيحتاج حد يدعمه، يرشده، بس من غير ما يسلبه حريته أو يحرمه من حب غير مشروط.

اسمع له أكتر ما تتكلم. اديله فرصة يعبر عن نفسه حتى لو رأيه غلط. علّمه إن الحزم مش ضد الحب، وإن الحريّة لازم تكون مسئولة. ابنك مش أمير مدلل ولا عبد مكسور، هو شريك في رحلة الحياة دي. ربنا اداك نعمة التربية عشان تبني إنسان، فاختار تبني بحب ووعي، مش بخوف وسيطرة.

الخميس، 26 ديسمبر 2024

الشيروفوبيا: ليه بنخاف من السعادة؟

 

كتير من الناس ممكن يستغربوا فكرة إن فيه ناس بتخاف من السعادة، بس فعلاً فيه ناس عندها حالة اسمها الشيروفوبيا، واللي بتخليهم يحسوا بالخوف أو القلق لما يفكروا في الفرح. الموضوع ممكن يبدو غريب، بس ليه بعض الناس بيحسوا كده؟ وإيه الأسباب اللي ورا الخوف ده؟ وإزاي ممكن نتعامل معاه؟

الخوف هو شعور طبيعي جداً عند أي بني آدم، بيساعدنا نكون واعيين للمخاطر حوالينا. لكن لما يبقى الخوف من السعادة نفسها، ده بيكون موضوع معقد شوية. الناس اللي عندها الشيروفوبيا ممكن يكونوا مروا بتجارب سابقة خلتهم يربطوا السعادة بحاجات وحشة حصلت بعد كده. زي مثلاً لما الواحد يكون مبسوط جداً وبعدين تحصل حاجة تزعله، فيبدأ يربط بين اللحظتين.

فيه كذا سبب للشيروفوبيا. أول سبب هو الخوف من التغيير، لأن السعادة بتجيب معاها تغييرات، والناس عادة بتخاف من الحاجات اللي مش متوقعة. وكمان فيه التجارب اللي فاتت، زي ما قلنا، اللي ممكن تخلي الواحد متردد إنه يفرح تاني. المجتمع كمان له دور في الموضوع، لأنه ساعات بيفرض علينا معايير عالية جداً للسعادة، وده بيخلينا نحس إننا مش هنقدر نوصل للتوقعات دي.

الاعتقادات الشخصية ممكن كمان تأثر. فيه ناس بتفكر إنها مش تستاهل تكون مبسوطة أو خايفة من الحسد والعين. عشان كده، مهم إننا نشتغل على تفكيرنا ونغير نظرتنا للسعادة. نبدأ ننظر للسعادة كجزء طبيعي من حياتنا ونستمتع باللحظات البسيطة اللي بتجيب لنا الفرح.

أول خطوة في التعامل مع الخوف ده هي إننا نكون واعيين بوجوده ونحاول نفهمه. كمان نحاول نستمتع باللحظات الصغيرة في حياتنا، ونعيشها بدون ما نحط توقعات كبيرة عليها.

الشيروفوبيا حاجة ممكن نتغلب عليها بالوعي والدعم. السعادة جزء مهم من حياتنا، ومهم ندي نفسنا فرصة نستمتع بيها. الحياة مليانة تحديات، لكن السعادة هي اللي بتدينا الطاقة إننا نكمل ونواجه كل اللي بيحصل حوالينا.

الأربعاء، 25 ديسمبر 2024

شجرة صرخت فأخرجت عطرا


 

الأشجار كائنات صامتة، أو هكذا بنفتكر. لكن لو ركزت كويس، هتلاقي إن الطبيعة ليها طرق غريبة في إنها تتكلم. شجرة الأكاسيا، اللي بتعيش وسط الصحرا والنباتات التانية، ليها صوت مختلف تمامًا. صوتها مش بالكلام، لكنه عطر بيحمل معاه رسالة خاصة.

تخيل إنك ماشي في مزرعة، والشمس عالية، فجأة تيجي ريحة جميلة تخطف أنفاسك. ريحة غريبة، بتشبه تحذير مش مفهوم. دي ريحة الأكاسيا لما "تصرخ". لكن ليه بتعمل كده؟

شجرة الأكاسيا ما بتتكلمش بالكلام اللي إحنا فاهمينه، لكنها بتتكلم بلغة خاصة جدًا، لغة العطر. العطر ده مش أي حد يفهمه، هو رسالة بتتغير حسب اللي بيشمها. لأصحابها، ريحة الأكاسيا بتكون زي همسة دافئة، زي وعد بالحماية والاستمرار. لكن لأعدائها، نفس الريحة بتتحول لتحذير واضح، تهديد بإنهم لو قربوا منها هيلاقوا نفسهم قدام مقاومة عنيدة.

لما اي حيوان يحاول ياكل من أوراق الأكاسيا، الشجرة دي بتطلق عطرها الفريد. الريحة دي بتقول للحيوان: "أنا مش للأكل"، وبتوصل الرسالة بسرعة مش بس للحيوان ده، لكن كمان للأشجار اللي حواليها. الأشجار التانية تفهم وتبدأ هي كمان في إطلاق نفس الريحة، كأنها شبكة سرية بتتواصل بلغة محدش يقدر يفسرها غيرهم.

وفي نفس الوقت، العطر ده مش دايمًا بيكون عدواني. لما الريح تحمله بعيد، الحشرات بتحسه بطريقة تانية تمامًا. بالنسبة ليهم، الريحة دي دعوة للحياة، للمساعدة في تلقيح الشجرة وضمان استمرارها.

الأكاسيا بتعلمنا درس جميل: إن التعبير عن الذات مش لازم يكون بالكلام، وإن القوة أحيانًا بتكمن في الطريقة اللي بنوصل بيها رسائلنا للعالم. أصحابها هيفهموها حب وارتباط، وأعداؤها هيشوفوا فيها تحذير وخطر.

ريحة الأكاسيا، رمز لغموض الطبيعة وجمالها، حاجة مينفعش غير اللي فعلاً بيحسوا بيها يفهموها.

الثلاثاء، 24 ديسمبر 2024

لعبة هرمونات ... سرطان الثدي

 

السرطان، خصوصًا سرطان الثدي، مش مجرد مرض بيظهر وخلاص؛ ده لاعب شاطر جدًا في ملعب الجسم، وبيفهم كويس قوي في لعبة الهرمونات. السرطان بيلعب علشان يكبر نفسه، يكبر حجمه، وينتشر في الجسم كأنه بيبني إمبراطوريته الخاصة.

خلينا نبدأ من الأول: سرطان الثدي بيستغل هرمونات الجسم، زي الإستروجين، اللي بيعتبر وقود لنمو الخلايا السرطانية. كل ما الهرمون ده يزيد، السرطان يفرح ويكبر أكتر. كأنه بيلاقي فرصته علشان يسيطر ويغزو الجسم.

لكن إحنا كمان مش بنقف ساكتين. إحنا بنرد على لعبته بنفس الأسلوب، ونبدأ نحاربه بالهرمونات. الأدوية اللي بتتسمى "مضادات الهرمونات"، زي التاموكسيفين أو مثبطات الأروماتيز، بتشتغل على إنها تمنع السرطان من استخدام الهرمونات لصالحه. كأننا بنقفل عليه الباب اللي كان بيستغلّه علشان يكبر.

وفي بعض الحالات، بنروح لخطوة أكبر: العمليات الجراحية اللي بتشيل المبايض أو بتمنع إنتاج الإستروجين نهائي. دي حركة قوية جدًا في المباراة، لكن مش بنلعبها إلا لو كانت ضرورة قصوى.

الموضوع مش مجرد صراع بين طرفين، هو أشبه بماتش شطرنج، وكل خطوة محسوبة. السرطان ممكن يغيّر خطته ويحاول يلاقي ثغرة، لكن إحنا بالعلم والأدوية بنرد عليه، وكل ما فهمنا اللعبة أكتر، كل ما كانت فرصتنا في الفوز أكبر.

في النهاية، اللي بيلعب أحسن هو اللي بيكسب. السرطان قوي، لكن إحنا كمان أقوى لما نلعب صح، بخطة واضحة، وبإصرار على الفوز.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 23 ديسمبر 2024

علشان نفهم بعض ١

١٤٠ نصيحة علشان تفهمي الراجل
١٤٠ نصيحة علشان تفهم الست
الجزء رقم ١ 

علشان تفهميه :

١- حبي نفسك الأول ، لما تحبي نفسك هتخليها أحسن و أجمل و أذكى و أجدع ... هو كدا هيحبك
٢- بصي في المراية كل يوم ، لو عجبك إللي هتشوفيه ، هيعجبه هو كمان إللي هيشوفه
٣- سايري الدنيا و إقرأي الأخبار اليومية و تابعي الأحداث و إعرفي عن كل حاجها - حتى لو رياضة - المعرفة سلاح فالأحسن تستخدميه
٤- متكونيش أنتيكة في نفسك و غيري من شكلك كل شوية بدون برود و لا جنون و لوني ما هي الألوان جميلة خليكي بهية
٥- لازم تكوني فاهمة إن الأنوثه عبارة عن شكل و كلام و شوية سحر ... الأحسن تتقنيهم
٦- الإهتمام برائحتك و نظافتك علشان محدش يجري منك ، خفيف خفيف و من غير سد مناخير
٧- العيون مش أي نظرة و السلام ، دي لغة ... إتعلميها هتفرق جدا
٨- سمعتك رأس مالك ، متولعيش فيها و لا تصرفي منها
٩- دوري عليه عند إهتماماتك أنت الشخصية ... و متغلسيش عليه فتخنقيه
١٠- التقدير المعنوي مهم لأن الراجل بيحب التفخيم ... أنفخيه بالراحة و حافظي عليه ليفرقع منك

علشان تفهمها:

١- خليك رجل و إعرف أن الرجولة مش معناها ذكورة ... المعادلة مختلفه يا مان
٢- الست مش هتشوفك بعينها يا جميل ... يعني جمالك خليه لمرايتك ، الرجل الوسيم ملهوش فوله تكمله
٣- لو إشتريت الست هتشيلك جوا عيونها و على رأي المثل البياض أحلى و لا السمار أحلى ، قلت إللي شاريني جوا العيون يحلى
٤- ثق في نفسك يا معلم و حب نفسك ، إنت معلم و هتفضل طول عمرك معلم 
٥- سمعتك و قميصك رأس مالك ... يعني إهتم بهم و خليك معاصر و بلاش تقفل زرار الياقه إنت مش عبد الحليم
٦- سرح شعرك و لو إتنكش سرحه تاني ... إنت مش قرد ، يا تسرحه يا تحلقه
٧- أوعى البنات تشوف بوكسرك ، دي حاجه مش كول ... دي حاجه تقرف
٨- شكل الرجل يبدأ من الأسفل ... البنات بتحب الراجل إللي بيعرف يلبس جزم
٩- الرجل لو إحترم كرشه هيجبر البنت تحترمه و لو هنته أدامها هتهينهولك
١٠- خليك عارف إن مفيش علاقة بين الرجولة و الألوان ... البنات بتحب الألوان ، إلبس ألوان و خلي شكلك جميل

الأحد، 22 ديسمبر 2024

تربية الولاء عند الأطفال

 

الولاء هو أحد القيم الأساسية اللي بيحتاج كل طفل يتربى عليها من وهو صغير، عشان يكبر وهو عنده إحساس بالمسؤولية تجاه أهله، وطنه، ومجتمعه. الولاء مش مجرد كلمة، لكنه سلوك وممارسة يومية بتبدأ في البيت وبتكبر مع الوقت والتجارب. التربية الأبوية بتلعب دور كبير في زرع القيم دي في نفوس الأطفال، وبتبدأ من لحظة ولادتهم.

أول وأهم خطوة في تربية الولاء عند الأطفال هي القدوة الحسنة. الأطفال بطبعهم بيحبوا يقلدوا أهاليهم في كل حاجة. لو الأهل أظهروا ولاء للأسرة والتزام تجاه القيم والمبادئ، الأطفال هيقلدوهم بشكل طبيعي. على سبيل المثال، لما يشوفوا الأب والأم بيعملوا مع بعض بروح الفريق وبيهتموا بمصلحة الأسرة، هيتعلموا أهمية التعاون والالتزام.

تاني حاجة هي التعليم والتوجيه. الأهل لازم يشرحوا للأطفال يعني إيه ولاء وأهميته في حياتهم. ممكن من خلال القصص والحكايات اللي بتوضح أمثلة من الحياة اليومية أو التاريخية لشخصيات أظهرت ولاء كبير. القصص دي بتكون طريقة جميلة وسهلة لفهم المعاني الكبيرة بطريقة مبسطة.

كمان، من المهم تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة المجتمعية والوطنية. لما الطفل يشارك في أنشطة تطوعية أو فعاليات مدرسية بتحفز روح الولاء والانتماء عنده. المشاركة في الاحتفالات الوطنية وزيارات المتاحف والمعالم التاريخية بتعزز من إحساسه بالفخر والولاء للوطن.

التواصل المستمر مع الطفل بيساعد كمان في تربية الولاء. لازم الأهل يكونوا دايمًا مستعدين يسمعوا لأفكار ومشاعر أطفالهم ويوجهوهم بالطريقة الصحيحة. الحوار المفتوح بيخلق جسر من الثقة بين الأهل والطفل، وبيساعد في تعزيز القيم والمبادئ.

وأخيرًا، الأهل لازم يعرفوا إن تربية الولاء بتحتاج صبر ومثابرة. القيم والمبادئ مش بتتزرع في يوم وليلة، لكنها بتكبر وتترسخ مع الوقت والتجارب. تقديم الدعم والتشجيع المستمر للأطفال بيخليهم يحسوا بالثقة والمسؤولية، وده بيكون أساس ولائهم في المستقبل. تربية الولاء عند الأطفال هي عملية مستمرة تبدأ من البيت وتمتد للمدرسة والمجتمع. الأطفال اللي بيتربوا على الولاء بيكونوا دايمًا مستعدين يبذلوا كل جهدهم لتحقيق المصلحة العامة، وده بيساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.

السبت، 21 ديسمبر 2024

حبيسته، حبيبته، نسمته


نظر ليلا إلى السماء و مال برأسه على جانبه ميلا شديدا حتى كاد أن يسقط. غاب في السواد الشديد، أثاره الشجن و تذكر حبيبته. حاول أن يتكلم مع الهواء، و حاول إقناعه بتوصيل رسالة لها. في البداية رفض الهواء و لكنه بعد أن عرف إسمها ضحك و وافق على التوصيل.
نسمة، هذا هو إسمك، هو بعض من الهواء العليل، يشفي القلب و يمحي الحزن و يملئ الروح بالحنين. سامحيني، لقد كنت جاهلا لا أعلم، لقد ظلمتك و ظلمت معكي نفسي. كم أنت صابرة و عطوفه، أرجوكي تذكريني و تذكري معي حياتنا السابقة. لقد كنتي لي كل شئ.
أطلق عنان تفكيره فتخيلها من ساكنات السماء. سبح معها في الفضاء بين ذرات النجوم و الهواء. كل شئ هنا جميل و نظيف، نظام مرتب و ألوان بديعه. لا أريد أن أعود للأرض، لا أريد أن أفقد متعتي معك مرة أخرى. أنت وَنَسي و أنت أُنسي و أنت رائحة حبي.
أمسك بيديه الحديد الموجود على شباك غرفته و تعلق به بشدة. صرخ عاليا و بكى بحرقة، أريد أن أخرج من هنا، أريد أن أراها، لن أعيش سواها، لا أستطيع العيش.
فُتح بابا غرفته سريعا و دخل إثنين بأجساد كالثيران و ألصقوه في الحائط و حقنوه بمخدر ليهدأ و ينام و ينسى و لكن هيهات أن ينسى. إنها حبيسته، حبيبته، نسمته.

الخميس، 19 ديسمبر 2024

لولا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس


في حياتنا اليومية بنقابل ناس كتير وعلاقات مختلفة، بس مش دايمًا كل الناس دول بيكونوا على نفس الدرجة من الصدق والوضوح. كلنا بنشوف ونسمع عن الغدر والخيانة، سواء في الشغل أو بين الأصحاب أو حتى في العلاقات العاطفية. بنقول لنفسنا ساعات "ليه الناس بتغدر؟" والإجابة ممكن تكون إن الغدر أحيانًا بيكون أسهل طريق للوصول للأهداف اللي الناس عايزاها.
بس الحقيقة اللي الكل لازم يفهمها إن الغدر مش طريقة صح للوصول لأي حاجة في الحياة. رغم إنه ممكن يجيب نتائج على المدى القصير، إلا إنه على المدى الطويل بيدمر العلاقات وبيدمر الثقة. وده لأن الثقة، لما بتنكسر، صعب ترجع تاني زي الأول.
في ناس كتير ممكن يكونوا أذكياء جدًا ويقدروا يلعبوا على الكروت المستخبية ويخدعوا اللي حواليهم، لكنهم بيختاروا ما يعملوش كده لأنهم بيكرهوا الغدر والخيانة. القيم والمبادئ اللي بتخلي الواحد يحترم نفسه والناس اللي حواليه، هي اللي بتحميه من إنه يكون شخص غدار.
الشخص اللي بيكره الغدر بيكون عنده احترام لنفسه وللآخرين، وده بيخليه يبني علاقات قوية وصادقة، وده اللي فعلاً بيديله القوة والتأثير في حياته.
ممكن نقول إن الأذكياء فعلاً هم اللي بيختاروا يكونوا صادقين ونبلاء في تعاملاتهم، حتى لو كان الغدر ممكن يديهم فرصة إنهم يكونوا أدهى الناس. القيم والمبادئ أهم من أي مكسب ممكن ييجي عن طريق الخداع والغدر. الحياة مش سباق للفوز بأي طريقة، لكن هي سباق إن الواحد يكون أحسن نسخة من نفسه، ويحترم اللي حواليه. و زي ما الحسين بن علي قال "لولا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس".

الأربعاء، 18 ديسمبر 2024

الشجر لا يستسلم

 


كنت ماشي في طريق طويل مليان شجر. الشجر حواليّ واقف كإنه جنود في معركة، عالي ورُغم الرياح اللي بتلعب بأغصانه، واقف مش بيتحرك من مكانه. وقفت قدام شجرة قديمة، جزعها مليان شروخ، وأوراقها قليلة قوي، لكن رغم كل ده، لقيت غصن صغير طالع جديد. غصن أخضر، فيه حياة.


فكرت: الشجرة دي عايشة سنين طويلة، عدّت عليها عواصف، حرّ، مطر، ويمكن حتى حاولوا يقطعوها. لكن هي صامدة، بتحارب بطريقتها. بتعرف إزاي تلم نفسها وتكمل، حتى لو فقدت فروع وأوراق. الجزع بتاعها مليان علامات المعارك، لكن العلامات دي مش دليل ضعف، دي دليل إنها ما استسلمتش.


الشجر ما بيستسلمش، لأنه فاهم حاجة إحنا ساعات كتير بننساها: الحياة فيها وجع وخساير، لكن فيها برضو فرص جديدة للنمو. الشجر بيتعلم يمتص الألم ويحوّله لغذاء ينفعه. حتى الشجرة اللي بتتقطع، بتسيب بذورها للأرض عشان تزرع حياة جديدة.


طب ليه إحنا ساعات بنستسلم؟ ليه لما نقع بنفتكر إننا مش هنعرف نقوم؟ يمكن الشجر بيحاول يقولنا حاجة. بيقولنا إن الكسر مش النهاية، وإن الوجع مش معناه الموت. دائماً فيه فرصة للنمو، دايماً فيه غصن جديد ممكن يطلع.


لو حسيت إنك واقع أو ضعيف، افتكر الشجر. اتعلم منه. جدد جواك الغصن الأخضر، حتى لو كنت شايف نفسك شجرة مليانة شروخ. مش مهم شكلك إيه دلوقتي، المهم إنك تكمل. لإن الحياة مش بتقف لحد، والحكاية ما بتنتهيش مع أول عاصفة.


الثلاثاء، 17 ديسمبر 2024

السرطان لا يفكر في مستقبله

 

السرطان مرض قاسي، بيدخل حياة الناس بدون استئذان، يغير كل حاجة فجأة، وبيجبرك تعيد ترتيب أولوياتك. لكن لو فكرنا فيه ككائن حي، هنلاقي إنه مش بيخطط، ولا بيفكر في المستقبل زي ما إحنا بنعمل. السرطان عايش اللحظة، شغال على هدف واحد بس: النمو والسيطرة.

هو مش مهتم إذا كان اللي بيعمله هيؤدي لنهايته أو حتى لنهاية الجسم اللي هو جزء منه. عايش كأنه عنده شهوة حياة بس حياة قصيرة الأمد، ودي يمكن أكتر حاجة بتفرق بينه وبين الكائنات التانية. إحنا بنخطط، بنبني، بنفكر في بكرة، لكن السرطان مجرد اندفاع أعمى.

الغريب إن تفكيره البسيط ده هو اللي بيخليه مدمر جدًا. لأنه لو فكر، لو حسب العواقب، كان هيعرف إنه لما يدمر الجسم اللي عايش فيه، هو كمان هينتهي. لكن طبيعته كده، مبرمج على فكرة واحدة: استغل الموارد من غير تفكير.

لو بصينا للسرطان كرمز، ممكن نتعلم حاجة مهمة. كل مرة بنعيش فيها يومنا بس من غير تخطيط، بنسيب مشاكلنا تكبر زي السرطان. كل مرة بنهدر مواردنا أو وقتنا من غير ما نحسب تأثير ده على المستقبل، بنكرر نفس الفكرة: النمو الأعمى اللي في الآخر هيخلينا ندفع تمن غالي.

السرطان مش بيفكر في مستقبله لأنه ببساطة مش هيعيش عشان يشوفه. السؤال هنا: إحنا بنفكر في مستقبلنا؟ ولا سايبين الحياة تاخدنا زي موجة ماشيه على طريقة السرطان؟

الاثنين، 16 ديسمبر 2024

أبراج داخل أنفاق

 

داخل نفق طويل مليان حكايات ونصايح، واحدة بتحكي للتانية بحماس وكأنها ماسكة مفتاح أسرار الحياة. بتقولها: "بصي يا حبيبتي، قبل ما تفكري تدخلي أي علاقة جدية، لازم تذاكري الأبراج كويس جدًا. الأبراج في الأول بتوفر عليكي وقت كبير ومجهود، لأنها بتخليكي تعرفي كتير عن الشخص اللي قدامك من غير ما تسأليه ولا تحطيه في مواقف."

بتكمل كلامها وكأنها عالمة في الموضوع: "الأبراج مش مجرد كلام فاضي، دي تجارب متكررة بتثبت أن الشخصيات بتتشابه على حسب البرج. تعرفي تصرفاته، طريقة تفكيره، وحتى ردود أفعاله في المواقف المختلفة. بس طبعًا، لكل قاعدة شواذ."

وتبدأ تقدم نصايح عملية: "إتمرني على معرفة الأبراج من طريقة كلام الناس، حركاتهم، وحتى أسلوبهم. ولو قدرتي تعرفي برجه من غير ما تسأليه وطلع صح، يبقى كسبتي قلبه قبل ما تكسب عقله. قولي له كام صفة حلوة عن برجه، وشوفي الفرح في عينيه. هيصدقك على طول ويطلب منك تقولي أكتر. بس خليكي ذكية، ركزي على المميزات، وسيبي العيوب على جنب."

بتضحك وهي تضيف: "الصفات الحلوة دي هتشبع غروره وتخليه يحس إنه مميز جدًا في عيونك، وإنك الوحيدة اللي شايفة جماله الحقيقي، الجمال اللي حتى أهله وأصحابه مش شايفينه. بس خلي بالك، متصدقيش الكلام ده كله إلا لما يثبته بنفسه، لأن الرجال أوقات بيكونوا... عارفين، مش مضمونين. دي أصول اللعبة يا قمر!"

وأنا واقف، مستغرب، مش لاقي كلام أرد بيه. بس طالما قالت إنه "علم" و"تجارب وخبرات"، شكلي هسكت وأتفرج.

الأحد، 15 ديسمبر 2024

زنقة الأطفال بين خناقات الكبار

 

ممكن الطفل يلاقي نفسه خايف ومش فاهم لما يشوف أبوه وأمه بيتخانقوا، وده حاجة طبيعية جدًا. الطفل بطبعه حساس، وبيشعر بكل حاجة بتحصل حواليه، وخصوصًا لما يتعلق الأمر بالناس اللي بيحبهم وبيحس بالأمان معاهم. لما الأب والأم يتخانقوا، الطفل بيحس إن فيه حاجة غلط، وده بيخليه خايف على عيلته وبيته.

الطفل بيخاف إن الخناقات دي ممكن تؤثر على حياته اليومية، زي إنه مش هيحس بالراحة في البيت، أو إن أبوه وأمه ممكن ينفصلوا، وده ممكن يغير حياته كلها. الخوف ده بيجي من إنه مش فاهم الخناقات دي ليه بتحصل أو هتنتهي إزاي.

لما الطفل يشوف الخناقات دي، ممكن يترجمها بطريقته الخاصة ويبدأ يحس بالقلق على أبوه وأمه. ممكن يفكر إنهم مش بيحبوا بعض زي الأول، أو إن البيت ممكن يبقى أقل أمانًا بالنسبة له. كل الحاجات دي بتعمل له قلق وتوتر، وبيكون محتاج حد يطمنه.

من المهم جدًا إن الأب والأم ياخدوا بالهم من شعور طفلهم لما يحصل أي خلاف بينهم. لازم يوضحوا له إن الخلافات دي حاجة طبيعية بتحصل بين الكبار، وإنهم بيحبوا بعض مهما حصل. كمان مهم يطمنوه إن البيت هيكون دايمًا مكان آمن له، وإنهم موجودين معاه وبيحبوه.

الطفل محتاج يسمع كلام مطمئن من أهله، زي إنهم بيحاولوا يحلوا المشاكل بطريقة كويسة، وإن الخناقات دي مش هتأثر عليه أو على حياتهم سوا. التواصل مع الطفل بشكل صريح ومباشر بيقدر يخفف من خوفه وقلقه، ويخليه يحس بالراحة والأمان في بيته وعيلته.

لازم نفهم إن الخوف ده طبيعي جدًا، ومهم إننا نحاول نتعامل معاه بالطريقة الصح، عشان نساعد الطفل يحس بالأمان والراحة في وسط عيلته مهما كانت الظروف.

السبت، 14 ديسمبر 2024

نداء الفأر الصامت

 

كان هناك فأر صغير، يعيش طوال حياته في الجحور المظلمة والشوارع المكتظة. كان يشعر بالملل من حياته الروتينية والبحث الدائم عن الطعام. كل يوم كان يبدو مثل الآخر، ومع مرور الوقت، بدأ يشعر بالكآبة واليأس. لم يكن هناك شيء يثير إهتمامه، ولا مغامرة يمكن أن تغير من حاله. كان يبحث عن نهاية مختلفة، نهاية تليق بشعوره المتزايد بعدم الجدوى.

في يوم من الأيام، بينما كان يتجول في أحد الأحياء، رأى مختبرًا علميًا. كانت النوافذ الكبيرة تضيء بالأضواء الساطعة والأجهزة الغريبة التي تملأ المكان. قرر الفأر أن هذه قد تكون فرصته للخروج من حياته الرتيبة. أراد شيئًا جديدًا، حتى لو كان يعني نهايته. لم يكن يبحث عن الموت فقط، بل كان يبحث عن مغامرة أخيرة، عن تجربة تعطي لحياته معنى في لحظاتها الأخيرة.

تسلل الفأر الصغير إلى المختبر عبر فتحة صغيرة جدا في الجدار. شعر بالخوف والتوتر، لكن الفضول تغلب عليه. داخل المختبر، رأى العلماء يعملون بجد على تجاربهم، وأدرك أن هذا هو المكان الذي يمكن أن يجد فيه شيئًا مختلفًا. ربما كانت هذه التجارب العلمية هي ما سيمنحه نهاية ملحمية، نهاية تجعله يشعر بأنه فعل شيئًا مختلفًا عن باقي فئران مجموعته.

بينما كان يتجول بين الطاولات والأجهزة، لاحظ قفصًا يحتوي على مواد غريبة ومختلفة. قفز إلى الداخل وبدأ يفحص ما حوله. كانت هناك حقنة صغيرة تحتوي على سائل لامع. قرر أن يجرب حظه وأخذ الحقنة بين أسنانه وحقن نفسه بالسائل.

بدأ يشعر بتغيرات غريبة في جسده. في البداية، كان هناك إحساس بالراحة، ثم بدأت الأضواء حوله تتلاشى. أدرك أنه حصل أخيرًا على ما كان يبحث عنه، موتًا مختلفًا ونهاية لحياة لم يكن سعيدًا بها. كان يشعر بأنه بطل في قصة علمية، وأن نهايته ستكون مميزة كما كان يحلم.

استلقى في القفص، وابتسم للمرة الأولى منذ زمن طويل. وأغمض عينيه بهدوء، تاركًا وراءه عالم الجحور المظلمة والحياة المتعبة، ومتجهًا إلى المجهول بنهاية جديدة وغير متوقعة.

عندما اكتشف العلماء ما حدث للفأر، أصيبوا بصدمة كبيرة. لم يكن أحد يتوقع أن فأرًا يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة. بدأت الأسئلة تتراكم حول أخلاقيات استخدام الفئران في التجارب العلمية. أدرك العلماء أنه لم يكن مجرد فأر عادي، بل كان رمزًا لكل الفئران التي تعاني في صمت.

الخميس، 12 ديسمبر 2024

الأسد لا يليق بك

 

الأسد دايمًا رمز للقوة والهيبة، بس الحقيقة قوته الحقيقة مش في حجمه ولا شكله، إنما في صوته. زئير الأسد هو اللي بيزرع الرهبة في قلب كل اللي حواليه، وبيخلي حضوره طاغي رغم إن فيه حيوانات أسرع وأقوى منه. الصوت ده هو اللي بيعمل التأثير وبيخلينا نشوفه كملك الغابة.

لكن لو شلنا صوت الأسد، هيبقى مجرد حيوان كبير. قوته هتقل لأن الزئير هو مصدر الرهبة اللي بيسيطر بيها. وده يخلينا نفكر، هل القوة الحقيقة محتاجة تكون شكل معين أو صوت عالي؟ مش شرط. القوة ليها أشكال كتير، مش بس اللي بنشوفه أو بنسمعه.

زي ما الأسد قوته في صوته، فيه ناس قوتها في صمتها، في عقلها، أو في مواقفها اللي بتسيب أثر. الإنسان القوي مش لازم يكون شبه الأسد، ولا لازم يكون صوته عالي علشان يتشاف. المهم إنه يعرف قوته الحقيقية، سواء كانت في كلمة حكيمة، صبر على المواقف الصعبة، أو تصرف في اللحظة الصح.

الأربعاء، 11 ديسمبر 2024

الشجرة الضخمة تعطي ظلا لا ثمرا

 


لما نبص للشجرة الضخمة من زاوية إدارية، هنلاقي إنها بتدينا مثال واضح على مشكلة شائعة في أي نظام أو مؤسسة: الحجم الكبير مش دايمًا دليل على الكفاءة أو الإنتاجية. الشجرة الضخمة صحيح بتدي ظل، وبتشكل مظهر مبهر، لكنها في نفس الوقت مش بتدي ثمار، وده بيخلينا نسأل سؤال مهم: هل الحجم وحده كفاية؟


في الإدارة، كتير بنشوف كيانات ضخمة، عندها موارد كبيرة وأعداد موظفين هائلة، لكن لما تيجي تقيم إنتاجيتها أو تأثيرها الحقيقي، تلاقيها أقل بكتير من المتوقع. السبب هنا بيكون في التركيز على الشكل الخارجي بدل الجوهر. زي الشجرة اللي صرفت كل طاقتها على النمو الجانبي والطول، لكنها نسيت دورها الأساسي: إنتاج الثمار.


الدرس الإداري هنا هو أهمية التوازن. الحجم الكبير مش عيب في حد ذاته، لكنه لازم يكون مدعوم بفعالية. المؤسسات، زي الشجرة، لو ركزت بس على التوسع والشكل من غير ما تطور من قدراتها الإنتاجية، هتلاقي نفسها مجرد كيان بيستهلك الموارد من غير عائد حقيقي.


كمان فيه نقطة تانية مهمة: الظل اللي بتوفره الشجرة الضخمة ممكن يكون مفيد لفترة، لكنه ما يحلش مكان الثمار. في عالم الإدارة، ده يشبه الكيانات اللي بتوفر راحة مؤقتة أو حلول ظاهرية، لكنها ما بتضيفش قيمة طويلة المدى.


عشان كده، الإدارة الناجحة لازم تسأل نفسها دايمًا: هل إحنا بنزرع ثمار؟ ولا بنكتفي بالشكل الخارجي؟ وهل الموارد اللي بنستهلكها بتترجم لعائد ملموس؟ من غير الإجابة عن الأسئلة دي، أي مؤسسة هتبقى زي الشجرة الضخمة: منظر جميل، لكن من غير فايدة حقيقية.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

من كبد الدجاج لعلاج السرطان: هل الحل في التفاصيل الصغيرة

 

في واحدة من أغرب الدراسات الطبية اللي حصلت في القرن العشرين، جورج مينوت، عالم متخصص في أمراض الدم، قدر يحل لغز مرض كان بيقتل الناس وقتها وهو الأنيميا الخبيثة. الاسم لوحده يوحي إنها حاجة سرطانية أو معقدة جدًا، لكن الحقيقة إن سبب المرض كان حاجة بسيطة جدًا: نقص فيتامين ب12.

مينوت كان بيشتغل لسنين طويلة على علاج الأنيميا بكل أنواعها، وكان دايمًا بينجح لحد ما وقف قدام النوع ده اللي فضل يقاوم أي علاج لدرجة إنه تسمى على اسمه (أنيميا مينوت). وقتها كان الطب بيعتمد على الحديد لعلاج الأنيميا، لكن المرة دي المشكلة ماكانتش فيه. الفكرة كلها كانت في نقص عنصر واحد بس، وعلشان يكتشف ده عمل حاجة غريبة جدًا.

قرر مينوت يطعم المرضى كبد دجاج نِيّ ولحوم غير مطهية. حاجة طبعًا كانت تعتبر مجازفة وقتها، لكن النتيجة كانت مذهلة. المرضى خفوا، واتضح إن الكبد مليان بفيتامين ب12 اللي الجسم كان محتاجه. العلاج كان بسيط جدًا مقارنة بحجم المشكلة.

طيب السرطان ممكن نعالجه إزاي؟

لما نفكر في القصة دي، بنلاقي إن الحل ساعات بيكون في تفاصيل صغيرة. مينوت شاف المشكلة من زاوية تانية وركز على عنصر واحد كان مفقود، وده اللي خلى المرض اللي كان قاتل يتعالج ببساطة. السرطان يمكن يكون فيه نفس الفكرة: مش لازم دايمًا الحل يكون معقد أو مستحيل.

الطب دلوقتي ماشي في اتجاهات زي العلاج المناعي والجيني، وفيه أبحاث كتير بتدور حوالين ازاي نلاقي نقطة ضعف في الخلايا السرطانية ونهاجمها. القصة دي بتعلمنا إن الحل ممكن يكون قدامنا، بس محتاجين شوية تفكير برة الصندوق وشجاعة نجرب حاجة جديدة.

لو الأنيميا الخبيثة اللي كانت بتقتل الناس زمان اتحلت بكبد دجاج، مين عارف؟ يمكن السرطان يوم ما يجي علاجه نلاقيه حاجة بسيطة برضه، بس محتاجين نفهم جسمنا أكتر ونركز على التفاصيل الصغيرة اللي ممكن تكون مفتاح الحل.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 9 ديسمبر 2024

خطوبة متزوقة

 

الخطوبة بالنسبة لكثير من الناس هي المرحلة الأولى لبناء حياة جديدة مع شريك العمر. لكنها كمان ممكن تكون أكتر مرحلة مليانة تمثيل وتجمل، لأن كل طرف بيحاول يظهر بأحسن صورة قدام التاني. وهنا بتيجي المشكلة: هل الصورة دي هي الحقيقة؟ ولا مجرد قناع متزوق ممكن يقع في أي لحظة؟

فترة الخطوبة في الحقيقة زي مرحلة تزويق كده، كل واحد فيهم بيحاول يظهر بأحسن صورة قدام التاني. تلاقيه بيزوق لبسه، طريقته في الكلام، طريقته في التفكير وحتى نظراته بتبقى متزوقة، وكل ده عشان يسيب انطباع حلو.

في الوقت ده، كل طرف بيجتهد يكون الشخص اللي التاني نفسه يشوفه، مش الشخص الحقيقي اللي هو عليه. يعني باختصار، فترة الخطوبة ممكن تبقى شوية تمثيل وتلميع وتزييف للواقع.

لكن اللي بيحصل غالبًا إن لو الفترة طالت شوية، الأقنعة بتبدأ تقع. لأن مش منطقي تفضل متمسك بالقناع ده طول الوقت. بيجي وقت والتعاملات اليومية والمواقف المختلفة بتبدأ تكشف الحقيقة. الصفات الحقيقية للشخصية بتظهر، وكمان المشاكل اللي كان الواحد بيحاول يخبيها بتبدأ تبان.

علامات الشخصية المضطربة أو المشاكل اللي كانت مستخبية بتبدأ تطلع على السطح. الخلافات بتزيد، والمواقف بتوضح إذا كان الشخص ده على حقيقته فعلاً شخص مناسب وجيد ولا مجرد صورة متزوقة مفيش فيها أي أصالة.

المواقف الحقيقية هي اللي بتحدد جودة الشخصية. إما يبقى في توافق حقيقي وصادق أو تظهر الحقيقة اللي ساعات بتبقى صادمة جدًا.

خلي فترة الخطوبة فرصة للتعارف الحقيقي، مش للتمثيل. حاول تكون صادق مع نفسك ومع الطرف التاني. لأن الحب الحقيقي أساسه الصدق، ولو البداية كانت على حقيقتك، النهاية دايمًا هتكون أسعد وأثبت.

الشخص اللي حبك على حقيقتك هو اللي هيقدر يكمل معاك الطريق، أما اللي حب الصورة اللي انت زوقتها، هيمشي أول ما الصورة تتغير.

الأحد، 8 ديسمبر 2024

أبني إبني



تخيل إن أجسامنا عبارة عن قطع تركيب، زي البازل، وكل يوم بيعدي بنفكك نفسنا ونقدم جزء من القطع لأولادنا عشان يبنوا حياتهم. كأننا بنقدم نفسنا قطعة قطعة، بحب وبإرادة، وبنشوف قدام عنينا كيف بيتشكلوا ويكبروا باستخدام اللي احنا بنسيبه ليهم.

كل يوم، بتدي لطفلك قطعة جديدة منك، يمكن تكون عينك، اللي شايف بيها العالم بوضوح، بتفكها من عندك وتديها ليه عشان يشوف بيها بعيونه، وكل ما يكبر، عيونه تقوى على حساب عينك اللي بدأت تضعف. قلبك برضه، كأنك بتطلع منه قطعة وبتحطها فيه، عشان دقاته تقوى، ويكون قلبه صلب وقادر يواجه الحياة، بينما قلبك إنت بيشيل أثقال الأيام.

وكل ما تمر الأيام، بتبدأ تلاحظ إن جسمك بيبقى فاضي شوية شوية، وكل قطعة نقصت منك، بتظهر فيهم، بتكبر جواهم. وبتيجي لحظة تلاقيهم كبروا، بقى عندهم الكتير من اللي كان فيك، وساعات يمشوا في طريق مختلف. بس ساعتها، هتفتكر إنهم شايلين كل اللي انت ضحيت بيه، لأن حياتك بقت مبنية جوه أجسامهم.

ورغم التعب، ورغم إنك بقيت تحس نفسك بتتفتت، بتبقى عارف إن كل قطعة راحت لهم كانت جزء من حبك. انت مش بس بنيت حياتك، لكن رسمت مستقبلهم بقطع من جسدك، وفضلت عايش جواهم حتى لو هم بعدوا.

السبت، 7 ديسمبر 2024

عمرو عجينة


وأنا بتخيل نفسي عجينة، بحس إن رحلتي تبدأ بخطوات بسيطة لكنها مليانة معنى. أول خطوة بتكون الدقيق، زي الأساس اللي حياتي مبنية عليه. الدقيق ده ممكن يكون أحلامي، أفكاري، أو حتى ذكرياتي. بعد كده، ييجي الميه. المياه دي بتضيف ليّ حياة، زي الأشخاص اللي بيعدوا في حياتي، اللي بيعلموني ويغيروني من غير ما يحسوا.
بعد كده، أضيف شوية ملح. الملح ده يمكن صغير في كميته، لكنه ضروري، زي الدروس اللي أتعلمها من التحديات والمواقف الصعبة. الدروس دي بتديني طعم مختلف، حاجة تخلي شخصيتي مميزة.
ييجي دور الخميرة، وده الجزء اللي بيعبر عن الفرص اللي بتحصل لي. ممكن تبقى فرصة شغل، لقاء غير متوقع، أو حتى فكرة جديدة تخليني أنمو وأعلى، زي ما الخميرة بتعلي العجينة.
بعد ما أخلط كل ده، يبدأ العجن. العجن هو الضغط، التوتر، الأيام اللي بتشدني وتخليني أحس إني مش قادر أكمّل. بس في وسط العجن ده، بلاقي نفسي بتماسك أكتر، بشوف إزاي الضغط ده مش بيكسرني، بل بيجهزني للمرحلة اللي جاية.
بعد كده أسيب نفسي (العجينة) ترتاح. الراحة دي مش رفاهية، لكنها ضرورة. وقت للتفكير، للتأمل، لإعادة ترتيب أولوياتي. الراحة دي هي اللي بتديني القوة أكمل وأواجه اللي جاي.
وأخيرًا، أتحط في الفرن. النار دي صعبة، حرارتها شديدة، لكنها هي اللي بتحوّل العجينة من مجرد كتلة لخبز ناضج. دي اللحظة اللي بعرف فيها قد إيه أنا قوي، وقد إيه التجارب دي كلها كانت لازمة عشان أوصل للشكل النهائي، مستعد أدي أفضل ما عندي.
كل خطوة في العجن بتعلمني حاجة، وكل ضغطة بتحفر جوايا درس جديد. وفي الآخر، بأخرج من الفرن، عيش جاهز، بسيط في شكله لكن مليان معاني.

الخميس، 5 ديسمبر 2024

ارفض أن أجري وراء ظلي

 

أوقات الواحد بيحس إنه بيجري ورا حاجات زي خياله، حاجة مفيش منها فايدة فعلية، مجرد وهم بيوهم نفسه إنه لازم يوصل له. بس ليه؟ ليه كل السعي ده ورا حاجة مالهاش وجود أو مش بتستاهل؟

في حياتنا فيه حاجات بنكون شايفينها هدف، حلم، حاجة عايزين نحققها بأي طريقة، لكن الحقيقة ساعات بتكون خيالات بنخدع نفسنا بها. زي ما تكون بتجري ورا ضلك، حاجة عمرك ما هتوصلها لإنها مجرد انعكاس، حاجة مش ملموسة، وهم بنستنزف عمرنا وطاقتنا عشانه.

الفكرة بتيجي من رغبتنا إننا نحقق حاجة، نبقى مميزين، نثبت لنفسنا وللعالم إننا قادرين. بس للأسف، لو الهدف ده مش مبني على أساس واضح ومش مرتبط بواقعنا واحتياجاتنا الحقيقية، يبقى مجرد سراب. بنمشي وراه لحد ما نضيع في الطريق وننسى أصلاً إحنا مين وعايزين إيه بجد.

في وقت لازم الواحد يقف مع نفسه ويشوف إذا كان فعلاً بيجري ورا حاجة تستحق ولا مجرد خيالات. هل الضل اللي بتطارده ده بيديك قيمة، بيفيدك، بيسعدك؟ ولا هو مجرد وهم خايف تواجهه وتكتشف إنه كان مجرد حاجة فاضية؟

القرارات دي صعبة، مش أي حد عنده الجرأة إنه يسيب حاجة كان بيجري وراها فترة طويلة. بس لو قررت تسيب الوهم ده وتركز على حاجات حقيقية، هتلاقي نفسك في مكان أحسن، بتحقق حاجة حقيقية بتفيدك وتكبرك.

الأربعاء، 4 ديسمبر 2024

ليس للأشجار هرم اداري

  

الأشجار، رغم بساطتها الظاهرة، بتخبي في طيّاتها حكمة عميقة، بتخلينا نفكر: ليه الشجر ما عندوش هرم إداري؟ مفيش رئيس، مفيش مرؤوس، وكل ورقة وكل فرع شغالين بتناغم غريب. الشجرة بتكبر في صمت، الجذور بتغوص في الأرض تدور على المياه، الفروع بتتمد للسماء، وكل جزء فيها عارف دوره من غير أوامر.

لو بصينا للشجرة هنلاقيها بتشتغل بنظام مختلف تمامًا عن اللي احنا متعودين عليه في عالمنا. مفيش ورقة بتحس إنها أهم من غيرها، ولا فرع بيقول إنه القائد، ومفيش جزء بيتباهى إنه الأساس. الكل بيشتغل مع بعض علشان الشجرة تفضل عايشة. حتى لو ورقة وقعت، مش بتشتكي، بالعكس، بتسيب مكانها بهدوء علشان تدي مساحة للورقة الجديدة.

التناغم ده بيعلمنا حاجة مهمة جدًا: الإدارة مش دايمًا محتاجة تسلسل هرمي وتعقيدات. ساعات البساطة والتناغم الطبيعي هما الحل. كل ورقة، كل فرع، وكل جذر عارف مهمته، وده بيخلي الشجرة تكبر في صمت، بإصرار وثبات. مفيش صراعات، مفيش منافسة غير صحية، كله بيشتغل لمصلحة الكل.

لو فكرنا شوية، هنلاقي إن الحياة بتاعتنا ممكن تبقى أبسط وأجمل لو تعاملنا زي الأشجار. نشتغل مع بعض بتفاهم، من غير تنافس مؤذي، وكل حد فينا يبقى عارف دوره ويؤديه بحب وإخلاص. الشجرة بتقول لنا إن النجاح الحقيقي هو إن الكل يكمل بعض، مش حد يعلو على حد.

فيمكن، في عالم الإدارة، نحتاج نتعلم شوية من الشجر: البساطة، التفاهم، والتعاون الحقيقي اللي ما بيعرفش الغيرة ولا السلطة.

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2024

سجين السرطان ... إستبداد أم إستبعاد

 

السرطان كائن يستطيع بكل بساطه أن يغزو كل مخيلاتك، يشغل ذكرياتك، و يتغلغل في ثنايا جميع محادثاتك. إنه يستنفذ منك الحياة. هذا حال من يعمل معه، أما من يمرض به فهو سجين بمعنى الكلمه.

حياة سجين السرطان كحياة أي سجين آخر ( محبوس)، مستبعد عن الحياة، محكوم عليه بالوحده. عند دخول المريض لعالم السرطان فقد دخل لمعسكر إستبداد. معسكر فيه مشاعر العجز الجسدي و الإنهاك الفكري لا حدود لهما.

يحاول كثيرا من يعمل في علاج السرطان كيفية رعاية مريض السرطان، و لكنه لن يتعلم في البداية إلا كيف يكون سجانا، ثم يختار البعض منهم الرحمه، فيكون سجانا رحيما، فيبتعد عن الإستبداد و لكنه يأمر بالإستبعاد.

السرطان كائن قوي، له حبلا سميكا، يرتبط بالمريض و الطبيب و يربطهم معا، يسحبهم حوله، يجعلهم يدورون حوله. يفرض سيطرته عليهم، يغرقهم تماما في عالمه و في دوامته.

السرطان ككائن متسلط، يمسك بزمام الأمور ويفرض سيطرته على جميع من حوله. حياة المريض تتغير بالكامل، وكأنها أصبحت تدور في فلك جديد مليء بالتحديات والآلام. حتى الأطباء، الذين يُفترض أن يكونوا القادة في هذه المعركة، يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان متحكمين بتوجيهات المرض أكثر من كونهم قادة في مسيرة العلاج.

في هذا السياق، نجد أن العلاقة بين المريض والطبيب معقدة للغاية. الطبيب يسعى جاهدًا لفهم آليات السرطان وتقديم أفضل العلاجات، لكنه أيضًا محكوم بحدود العلم والتكنولوجيا الحالية. يتعلم الطبيب كيف يكون رحيمًا مع مريضه، يحاول تخفيف معاناته الجسدية والنفسية، لكن تبقى الحقيقة أنه يعمل ضمن نظام صارم، نظام يستبعد أحيانًا الأمل.

السرطان كإمبراطور لا يكتفي فقط بتأثيره على الجسد، بل يمتد ليشمل الحياة الاجتماعية والنفسية للمريض. المريض يشعر بالعزلة، وكأنه مستبعد عن الحياة الطبيعية، حيث يصبح كل شيء يدور حول المرض والعلاج. الأصدقاء والعائلة قد يجدون صعوبة في فهم المعاناة الكاملة، مما يزيد من شعور المريض بالوحدة.

معركة السرطان ليست فقط معركة جسدية، بل هي معركة نفسية واجتماعية أيضًا. المجتمع الطبي يسعى جاهدًا لتقديم الدعم والرعاية، ولكن التحدي يبقى كبيرًا. السرطان يفرض واقعه القاسي، ولكن بإرادة قوية وتفهم من الجميع، يمكن التخفيف من وطأة هذا الاستبداد وتحقيق بعض من الراحة والأمل للمريض.

السرطان قد يكون سجانًا قاسيًا، لكن العزيمة والإرادة والتضامن يمكن أن تكون الأسلحة الأقوى في مواجهة هذا العدو. الأمل يكمن في استمرار الأبحاث والتطورات الطبية التي قد تقودنا يومًا ما إلى كسر قيود هذا السجن، وتحرير من يعاني من هذا المرض اللعين.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 2 ديسمبر 2024

من ضحية إلى شريكة ... من ثقة مفقودة إلى أمل متجدد

  

في مجتمع مليان ضغوط وتوقعات، بتظهر أحيانًا شخصية "الضحية"، خصوصًا عند الزوجة اللي بتعاني من فقدان الثقة في نفسها، وده بيكون نتيجة لتربية قاسية أو بيت مفكك، وأحيانًا المجتمع نفسه بيكون جزء من المشكلة. الزوجة اللي حاسة إنها ضحية بتبقى شايلة جواها إحساس بالضعف والكسر، وده بيأثر مش بس عليها، لكن كمان على جوزها وبيتها كله.

الزوجة الضحية هي اللي حبت وخلصت لجوزها، لكن جوه عقلها وقلبها دايمًا في صوت بيقولها إنها مش كفاية، وده بيخليها في حالة عطش مستمر للثقة والاهتمام، بتدور عليهم كأنهم مش موجودين أصلاً. النتيجة؟ جوزها اللي بيحبها بيلقي نفسه قدام تحدي كبير، هو شايف جمالها وطيبتها، لكن مش قادر يريحها من شكوكها، وبيفضل دايمًا يحاول ويفشل.

المشكلة إن العلاقة دي بتتحول لدائرة مقفولة من الألم، الزوجة بتكون متعطشة للاهتمام، والزوج بيحاول بكل طاقته، لكن برضه بيحس إنه مقصر. وفي الآخر، كل طرف بيتحول لضحية، وبدل ما البيت يبقى مكان للراحة والحب، بيتحول لساحة مليانة توتر وقلق.

علشان نكسر الدائرة دي، لازم الطرفين يكون عندهم وعي وجهد مشترك. الزوجة محتاجة تشتغل على نفسها، تتعلم تحب ذاتها وتصدق إنها تستحق الحب والاهتمام اللي جوزها بيقدمهم. والزوج بدوره لازم يكون صبور، ويبقى الدعم اللي محتاجاه وهي بتتعلم تعيد بناء ثقتها بنفسها.

بالتفاهم والصبر، العلاقة ممكن تتحول لشراكة حقيقية، فيها احترام متبادل وثقة، وده اللي هيخلي البيت مليان حب وهدوء، بدل ما يكون مليان خوف وقلق.

الأحد، 1 ديسمبر 2024

خَرجْت مني و تَفرجْت عليا



عندما أصبحت أبًا، كنت أعتقد أن الأبوة تعني القيادة والسيطرة، وأن دوري هو أن أكون الشخص الذي يحمل جميع الإجابات. وضعت لنفسي توقعات عالية، ورسمت صورة مثالية عن القدوة التي يجب أن أكونها. لكن مع مرور الوقت، وجدت أن الأبوّة ليست كذلك. أدركت أنها ليست مجرد توجيه أو فرض للقواعد، بل هي رحلة تعلم مستمرة، مليئة بالتحديات والمفاجآت.

خرجت من جسدي يومًا، ونظرت إلى أبوتي كأنني مشاهد. رأيت أخطائي، لحظات ضعفي، وتلك اللحظات التي شعرت فيها بالقصور. لم يكن هدفي أن أكون مثاليًا، بل أن أتعلم كيف أستمع، ليس فقط لما يقال، بل لما لا يقال. تعلمت أن الأبوّة ليست سبيلًا للسيطرة، بل هي مساحة للنمو المشترك بيني وبين أطفالي. كل يوم أتعلم كيف أكون حاضراً بصدق، كيف أترك لهم مساحة ليكتشفوا العالم بأنفسهم، وكيف أكون سندًا لهم عند تعثرهم.

الأبوة هي درس مستمر في التموضع والتفهم، رحلة تتطلب الصبر والإصغاء. ليس المطلوب أن أكون كاملاً، بل أن أقبل ضعفي وأتعلم منه. أدركت أن الأبوّة ليست نهاية المطاف، بل هي فرصة يومية لأكون أفضل، وأكثر صبرًا وتفهمًا، وأكثر قدرة على تقديم الحب دون شروط.

الجمعة، 29 نوفمبر 2024

أسى أسيرة في أسرة ميسورة

 

في المجتمعات الميسورة، أحيانًا بنلاقي تناقض بين الرفاهية المادية والحرية الشخصية. رغم إن البنات في العائلات دي بيكون عندهم كل وسائل الراحة، زي الفلوس والتعليم الجيد والسفر، بيظهر نوع تاني من القيود اللي مش باين للوهلة الأولى. القيود دي بتتمثل في التقاليد الاجتماعية والأفكار اللي بتفرضها الأسرة على بناتها، وبتمنعهم من التعبير عن نفسهم بحرية.

الأسرة، في كتير من الحالات، بتكون مصدر حب ودعم، لكن في نفس الوقت بتكون كمان مصدر لتوقعات وضغوط بتحدد "الطريق الصح" للحياة من وجهة نظرهم. الأهل بيكونوا مقتنعين إنهم عارفين الأفضل لبنتهم، وإنهم بيوجهوها لتحقيق النجاح والسعادة، لكن الحقيقة، مش دايمًا اللي هم شايفينه "صح" بيكون مناسب لكل واحدة.

اللي بيحصل إن البنت الأسيرة ممكن تحس إنها محبوسة جوه إطار مرسوم لها، مش قادرة تاخد قراراتها بنفسها أو تعيش بالطريقة اللي هي عايزاها. الأفكار دي ممكن تخليها تحس إنها مش بتحقق ذاتها، وإن حياتها مش بتعبر عن رغباتها وأحلامها، لكن عن توقعات الأسرة والمجتمع.

الصراع هنا بيظهر لما تبدأ تحاول تخرج عن الأفكار اللي اتحطت لها. المواجهة مش سهلة، لأن دايمًا فيه خوف من فقدان دعم الأسرة أو الشعور بالذنب تجاههم. لكن في نفس الوقت، بتبدأ تفهم إن الحرية الحقيقية هي إنها تعيش حياتها زي ما هي عايزة، مش زي ما أهلها عايزينها تعيش.

التحرر من القيود دي مش معناه رفض الأسرة أو تقاليدها بشكل كامل، لكن هو محاولة لتحقيق توازن بين احترام العائلة وبين بناء حياة خاصة بيها، حياة تعبر عن رغباتها واختياراتها الشخصية.

الأربعاء، 27 نوفمبر 2024

الشجر لا يطلب الشكر

 

الشجر كائن صامت، لكنه يحمل حكمة عميقة تُعلّمنا عن الصبر والعطاء بلا مقابل. الشجرة بتقف وحيدة في قلب الطبيعة، ثابتة في مكانها، لا بتشتكي ولا بتطلب حاجة، لكن رغم الوحدة والإهمال، بتظل تعطي ثمارها في هدوء. كأنها بتقول لنا: "أنا موجودة عشان أعطي، مش عشان آخد".

في أوقات كتير، ممكن نمرّ بفترات بنحس فيها إننا لوحدنا، محدش مهتم، ولا حد شايف اللي بنعمله. زي الشجرة، ممكن نحس إن مفيش حد بيعتني بينا، لكن الحقيقة إن العطاء مش محتاج مقابل دايمًا. الشجرة بتطرح ثمارها، سواء حد اعتنى بيها أو سابها، لأنها بتفهم إن قيمتها في اللي بتقدمه، مش في اللي بتاخده.

التربة الجافة، والشمس الحارقة، والرياح القاسية، كلها عوامل بتواجه الشجرة، لكنها بتفضل واقفة، جذورها غايرة في الأرض، وأغصانها ممدودة للسما. كأنها بتعلّمنا إن القوة الحقيقية مش في الحماية الخارجية، لكن في الجذور اللي بتثبتنا مهما كانت الظروف.

الشجرة الوحيدة مش بتحتاج حد يقولها شكرًا، لأنها بتفهم إن الحياة مش دايمًا عادلة، لكن ده مش سبب يمنعها عن إنها تطرح وتزهر وتدي. يمكن ده يكون درس لنا كبشر، إننا نقدر نكمل ونطرح ثمار جهودنا حتى لو مفيش حد شايف أو مقدر. العطاء في حد ذاته سعادة، ولو فضلنا ننظر لثمارنا على إنها دليل على قوتنا، هنلاقي إن الحياة دايمًا فيها معنى حتى لو كنا لوحدنا.

الشجرة بتقول لنا بصمتها: "ما تيأسش. طول ما انت بتعطي، انت عايش، انت قوي، وانت أكتر من مجرد حد محتاج حد."

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024

جاذبية سرطانية

 

كل حاجة على الأرض بتتأثر بالجاذبية، وده قانون ما حدش يقدر يهرب منه. أي حاجة عايشة هنا لازم تلتزم بالقانون ده، سواء جسمك، الأشجار، الحيوانات، وحتى الأشياء اللي مش بتتحرك. طيب ده على مستوى الأرض كلها، لكن هل ممكن جوه جسمنا يكون الوضع مختلف؟

تخيل معايا إن جوه جسمك فيه أماكن كأنها خارج النظام ده. أماكن مش بتخضع لقانون الجاذبية اللي كل خلية تانية بتلتزم بيه. لو في خلية جوه جسمك بدأت تنمو بطريقة غريبة، مختلفة عن باقي الخلايا، ممكن ده يحصل بسبب إنها عايشة في ظروف مختلفة عن باقي الجسم.

الخلية دي ممكن تكون بتتصرف بشكل متمرد. بدل ما تنمو و"تمشي" مع باقي الخلايا في نظام واحد، تبدأ تخزن معلومات عن نفسها، وتنسخ نفسها بسرعة، وتكبر بشكل غير طبيعي. طيب ليه ده بيحصل؟ ممكن الجاذبية اللي بتأثر عليها تكون أقل أو أكتر من الطبيعي، أو إنها خلقت لنفسها "بيئة" خاصة بيها جوه جسمك.

المشكلة بقى إن الخلايا دي لما تبدأ تنتشر في باقي الجسم، بتلاقي نفسها في أماكن بتطبق قوانين مختلفة عنها. بدل ما تتأقلم وتشتغل زي باقي الجسم، بتتمرد أكتر. تبدأ تنقسم بسرعة شديدة، تحاول تبني بيئة حواليها تناسبها هي، وتخلق لنفسها نظام جديد. وده اللي بنسميه السرطان: خلايا بتخرج عن السيطرة الطبيعية، وبتبني لنفسها عالم خاص جوه الجسم.

العلاج هنا ممكن يكون فكرة ثورية. بدل ما نحارب الخلايا دي مباشرة، نفكر نغير البيئة اللي حواليها. نحاول نعيد ضبط "الجاذبية" أو الظروف اللي بتعيش فيها، بحيث ترجع تشتغل زي الخلايا الطبيعية. لكن ده مش سهل طبعًا، لأنك محتاج تفهم الخلايا دي بتفكر إزاي، بتتأثر بإيه، وإيه اللي ممكن يخليها تستجيب للتغيير.

الفكرة كلها إن السرطان مش مجرد مرض، لكنه تمرد على قوانين الجسم. ولو قدرنا نفهم التمرد ده بشكل أعمق، ممكن نوصل لطريقة جديدة لعلاجه.

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 25 نوفمبر 2024

إسقاط في الخيال

 

في علاقاتنا اليومية، وبالذات العلاقات القريبة زي الجواز، كتير بنحاول نفهم اللي قدامنا من خلال تحليل ردود أفعاله على مواقف معينة. أحيانًا المواقف دي بتكون واضحة، وأحيان تانية بتكون مجرد افتراضات أو تخيلات في دماغنا. الفكرة دي رغم إنها ممكن تبان وسيلة للفهم، لكنها للأسف بتتحول لمصدر كبير للمشاكل لو اتبنت على أحكام شخصية أو قناعات فردية.

كتير من الناس بيقعوا في فخ الإسقاط ده، وبيحللوا ردود أفعال الطرف التاني بناءً على قناعاتهم وأفكارهم هما، وبيعتبروا إن ردود الأفعال دي دليل على رغبات الشخص، احتياجاته، أو حتى أخلاقه. الطريقة دي خطيرة جدًا، خصوصًا لما بتحصل بين الأزواج، لأنها بتمس الزوج زي ما بتمس الزوجة.

شريك حياتك مش تجربة بتعملها، ولا حد بتحاول تغيّره أو تعدّل عليه. العلاقة الزوجية لازم تقوم على التفاهم والاحترام، كل طرف لازم يشوف الطرف التاني كشخص كامل ليه كيانه وخصوصيته. البيوت السليمة بتتبني على الثقة المتبادلة، وعلى إن كل طرف يقبل التاني زي ما هو، ويتعامل معاه بحب وصدق بعيدًا عن الافتراضات والأحكام.

الأحد، 24 نوفمبر 2024

حضن وعشرة أيدي



في حياة مليانة ناس، بنلاقي اللي يحضنوك وكأنهم السند والظهر. الحضن دايمًا بيبان علامة على الأمان، بس ساعات الأمان ده بيبقى وهم. اللي بيحضنك قدامك عنده ثمانية أيدي، يدين ظاهرين للأحضان، ووراهم الباقي مستخبين، كل واحدة مستعدة تخونك أو تأذيك و أنت مش واخد بالك.

أنت، بيدينك الاتنين بس، حاول تكون بسيط وصادق. يد للسلام بتقدمها بكل نية صافية، ويد للتوديع بتفضل جاهزة، عارفة إن الرحيل ممكن يبقى ضروري لما الخيانة تظهر. المشكلة مش في إنك متبقاش قادر تحمي نفسك، المشكلة في إنك تتعامل بقلب نقي وسط ناس متعودة على الخداع.

هم هيحضنوك بحذر، وأنت هتحضن بثقة. هم هيحسبوا خطواتهم بالأيدي المخفية، وأنت هتمد يد واحدة وتخلي التانية تحميك من بعيد. مش عيب إنك تكون مختلف، إنك تختار الصدق على المكر. العيب الحقيقي هو إنك تتحول لنسخة منهم، تخسر نقاءك وتحاول تلعب لعبتهم.

في عالم مليان عناكب، خليك أنت الشخص اللي يمد يد واحدة للسلام وهو عارف إنه لو اضطُر، التانية جاهزة للتوديع بدون أي خوف. لأن القوة الحقيقية مش في عدد الأيدي، لكن في نقاء القلب اللي بيحركها.

السبت، 23 نوفمبر 2024

مكتبة الظلال



 الجزء الأول
كريم و التجربة 

في مدينة بعيدة ومخفية عن الأنظار، كانت هناك مكتبة غامضة تعرف بـ"مكتبة الظلال". كانت هذه المكتبة تقع في زقاق ضيق لا يدخله الضوء، وكان الوصول إليها يتطلب شجاعة وجرأة. الناس في المدينة كانوا يعرفون الأسطورة، أن المكتبة تستقبل الجميع، لكن الخروج منها مستحيل.

ذات يوم، وصل إلى المدينة شاب مغامر يدعى كريم. كان كريم مفتونًا بالأساطير والقصص القديمة، وكان دائمًا يبحث عن مغامرات جديدة. عندما سمع عن مكتبة الظلال، قرر أن يكتشف سرها بنفسه. توجه كريم إلى الزقاق الضيق ودخل المكتبة بشجاعة، رغم التحذيرات التي سمعها.

عند دخوله المكتبة، شعر كريم ببرودة تسري في جسده، وكأن المكان ممتلئ بالأرواح. كانت الأرفف مملوءة بكتب مغبرة، وكل كتاب يحمل اسمًا مختلفًا. بدأ كريم يتجول بين الأرفف، وعيناه تتجولان على عناوين الكتب التي بدت مألوفة بشكل غريب.

سمع صوتًا هادئًا يقول: "أهلًا بك في مكتبة الظلال، يا كريم". استدار بسرعة و رأى امرأة غامضة تقف أمامه. كانت ترتدي ثوبًا أسودا وعينيها تلمعان بالغموض. قالت: "أنا حارسة المكتبة، وهذه الكتب هي ذكريات أولئك الذين دخلوها ولم يخرجوا منها أبدًا".

تساءل كريم بدهشة: "ما الذي يحدث هنا؟". أجابت الحارسة: "المكتبة تأخذ ذكرياتك وتضعها في كتاب، ثم تخفي جسدك في عالم الظلال. لن تخرج من هنا أبدًا، لكن قصتك ستبقى محفوظة بين الأرفف إلى الأبد".

حاول كريم التراجع، لكنه شعر بأنه لا يستطيع الحركة. بدأت ذكرياته تتلاشى واحدة تلو الأخرى، وبدأ يشعر بأن جسده يتلاشى مع كل ذكرى تُسحب منه. رأى الكتاب الذي يحمل اسمه يظهر على رفٍ فارغ، وبدأت صفحاته تُملأ بذكرياته.

في اللحظات الأخيرة، همس كريم لنفسه: "على الأقل، ستبقى قصتي هنا". ومع اختفائه التام، انضم كريم إلى الأرواح التي تسكن مكتبة الظلال، تاركًا وراءه عالم (الأحياء) للأبد.

وهكذا، استمرت مكتبة الظلال في استقبال الزوار الفضوليين، محتفظة بذكرياتهم في كتبها، ومخفية أجسادهم في عالم الغموض الذي لا يُعرف عنه شيء. كانت المكتبة سرًا خفيًا، تروي قصص من دخلوا، لكنها لم تترك لأحد الفرصة للعودة إلى الحياة خارجها.

إقرأ بقية القصة في صفحة القصة

الخميس، 21 نوفمبر 2024

بنخاف

  

بنخاف من المجهول، من المستقبل، من التغيرات اللي ممكن تيجي وتقلب حياتنا رأساً على عقب. بنخاف من الفشل، من إننا ما نحققش أحلامنا، من إننا نخذل نفسنا واللي حوالينا. بنخاف من الوحدة، من إننا ما نلاقيش حد يفهمنا ويكون جنبنا في لحظات ضعفنا.

الخوف جزء من الطبيعة الإنسانية، جزء من الفطرة اللي جوانا. لكن الخوف ممكن يكون معيق، يوقفنا عن المحاولة وعن المغامرة وعن تحقيق أحلامنا. كل واحد فينا عنده مخاوفه الخاصة، وعنده طريقته في مواجهتها أو الهروب منها.

الأكيد إننا بنخاف، بس الأهم هو إننا ما نسمحش للخوف يسيطر علينا ويحبسنا في مكان واحد. لازم نتعلم نواجه مخاوفنا، حتى لو كان الموضوع صعب ومؤلم. المواجهة هي اللي بتخلينا ننمو ونتقدم ونتعلم.

المخاوف ممكن تكون فرص. فرص للتعلم، للتطور، لاكتشاف جوانب جديدة في نفسنا ما كناش نعرفها. لما بنواجه مخاوفنا، بنكتشف قوتنا الحقيقية، وبنعرف إننا أقوى بكتير مما كنا نتصور.

الخوف طبيعي، لكن الشجاعة هي اللي بتخلينا نتخطى حدودنا ونحقق أحلامنا. وكل مرة بنواجه فيها خوفنا، بنفتح باب جديد للحياة، باب مليان بالإمكانيات والفرص. بنخاف، بس بنقدر نكون شجعان ونواجه مخاوفنا، ونمشي في طريق الحياة بثقة وأمل.

الأربعاء، 20 نوفمبر 2024

الأشجار لا تنظر خلفها

 

الأشجار فعلا ما بتبصش لورا، عمرها ما بتوقف عشان تفكر في الفروع اللي وقعت أو الورق اللي طار مع الريح. هي طول الوقت بتنمو لفوق، بتدور على الشمس، وبتحاول تمد جذورها أعمق عشان تثبّت نفسها أكتر. تخيل لو الشجرة كل شوية تبص على الورق اللي طار أو الأغصان اللي انكسرت، أكيد مش هتقدر تكمل نموها، وهتفضل واقفة مكانها، مابتتحركش لقدام.

الشجرة كأنها بتقولنا إن الماضي مجرد فصل في كتاب حياتنا. أوقات كتير بنفضل متعلقين بحاجات عدت، بنفكر فيها وندور على تفسيرات أو نتمنى إنها كانت انتهت بشكل أحسن. بس الحقيقة إن التفكير في اللي فات بيبقى مجرد عبء، بيمنعنا إننا نكمل ونواجه اللي جاي.

الأشجار بتعلّمنا إن الحياة هي خطوات لقدام، هي فروع جديدة وورق أخضر بيطلع كل يوم. وده مش معناه إن اللي فات مالوش قيمة، بالعكس، اللي فات هو اللي عمل مننا اللي إحنا فيه النهارده. بس كفاية إنه يبقى ذكرى في ضهرنا، مش حاجة نعيش معاها كل يوم.

كل واحد فينا محتاج يتعلّم من الأشجار، إننا نحط طاقتنا في اللي جاي، في إننا نكبر ونقوى، وإننا ندّي نفسنا الفرصة إننا نبص لقدام، من غير ما نتقل بحمل الماضي.

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

السرطان ... مخير أم مسير أم مبرمج

 

السرطان، المرض اللي بيخوف الناس بمجرد ذكر اسمه، دايماً بيخلينا نتساءل: هو المرض ده مخير ولا مسير؟ أو ممكن كمان يكون مبرمج؟ هل هو نتيجة اختياراتنا وأسلوب حياتنا، ولا حاجة مكتوبة علينا ومقدر لنا؟ وهل فيه نظام معين بيشتغل عليه المرض ده زي ما يكون مبرمج جوه جسمنا؟

أولاً: فكرة "المخير"

في ناس بتقول إن السرطان نتيجة عاداتنا اليومية. يعني لو بنشرب سجاير كتير، بنأكل أكل مش صحي، أو بنعرض نفسنا لحاجات مضرة زي المواد الكيماوية أو الشمس لفترات طويلة، فإحنا بنختار طريقنا للمرض ده. العلم نفسه بيأكد إن فيه عوامل كتير بتزود فرصة الإصابة، زي مثلاً التدخين اللي مرتبط بسرطان الرئة أو الأكل اللي مليان دهون وسكريات اللي ممكن يسبب سرطان القولون. فلو بصينا من الزاوية دي، هنلاقي إن السرطان ممكن يكون "مخير" جزئياً على الأقل، لأننا إحنا اللي بنحدد أسلوب حياتنا.

ثانياً: فكرة "المسير"

لكن فيه ناس تانية بتؤمن إن السرطان مسير، حاجة مكتوبة في القدر ومش بإيدينا نغيرها. كتير من الناس اللي بيصابوا بالسرطان بيكونوا عايشين حياة صحية، بيأكلوا أكل كويس، رياضيين، وماعندهمش أي عادات مضرة، ومع ذلك المرض بيجي لهم. كمان فيه عوامل وراثية بتلعب دور كبير، يعني لو فيه تاريخ عائلي للسرطان، فرص الإصابة بتكون أعلى، حتى لو كنت بتعيش حياة مثالية. في الحالة دي، السرطان بيبان كأنه قدر محتوم.

ثالثاً: فكرة "المبرمج"

العلم الحديث بقى بيشوف السرطان بشكل أعمق. السرطان ممكن يكون مبرمج جوه الجسم بسبب أخطاء في الحمض النووي (DNA)، الأخطاء دي بتحصل نتيجة خلل في الشيفرة الجينية اللي بتتحكم في انقسام الخلايا ونموها. يعني، زي ما الكمبيوتر ممكن يعلق بسبب خطأ في الكود، الجسم ممكن يحصل فيه خلل بسبب مشكلة في البرمجة الجينية. أحياناً الأخطاء دي بتحصل بسبب عوامل خارجية زي الإشعاعات أو المواد السامة، وأحياناً بتحصل لوحدها من غير سبب واضح. ده بيخلينا نفكر إن السرطان ممكن يكون نتيجة برمجة اتكتبت جوانا من البداية، بس الظروف هي اللي بتشغلها.

الحقيقة في النص

الواقع يمكن يكون خليط بين التلاتة: المخير، المسير، والمبرمج. يعني فيه جزء كبير من المرض مرتبط باختياراتنا وأسلوب حياتنا، لكن فيه جزء تاني خارج عن إرادتنا زي العوامل الوراثية أو الخلل المبرمج في الجينات اللي مش بإيدينا نتحكم فيه.

السرطان مش مجرد مرض، هو رسالة بتخلينا نفكر في عمق الحياة: هل إحنا فعلاً أحرار في اختياراتنا؟ هل كل حاجة مكتوبة؟ وهل جوانا أسرار أكبر من اللي بنقدر نفهمه؟ في النهاية، الأهم مش نصنفه، لكن نواجهه بإرادة وعلم، ونحاول نتعلم من وجوده.

الاثنين، 18 نوفمبر 2024

إدارة الأخطاء في البيت ... صبر و لا ندم؟



البيوت اللي بتعيش بسلام وراحة دايمًا بيكون فيها أب وأم شايلين مسؤولية حياتهم وحياة ولادهم. مش بس بيتابعوا الأكل والشرب والدراسة، لكن كمان بيهتموا بتحسين كل حاجة في حياتهم، سواء ماديًا أو معنويًا. بيقعدوا مع بعض بهدوء، يناقشوا أي مشكلة تظهر، ويدوروا على حلول بدل ما يهربوا منها أو يكبروها. دي العيلة اللي عارفة معنى الإدارة الحقيقية.

الصبر هو أساس أي نجاح في البيت. الصبر على الأخطاء وعدم الاستعجال في اتخاذ قرارات ممكن نندم عليها بعدين. لازم نصبر على بعضنا، نصبر على التغيير اللي دايمًا بيبقى صعب في الأول، ونصبر على الطريق الصح حتى لو طويل وممل. كل حاجة في الدنيا بتحتاج وقتها، سواء كان تصحيح غلط، أو تغيير عادة، أو حتى بناء الثقة من جديد. مع الصبر والوقت، النفوس بتتغير، والطباع بتلين، لأن الإرادة لوحدها مش دايمًا كفاية. ومن هنا، إدارة الوقت كمان بتبقى حاجة أساسية، لأنها هي اللي بتحدد إحنا ماشيين في الطريق الصح ولا لأ.

لكن لو بصينا للنقطة العكسية، هنلاقي إن التسرع هو العدو الأول لأي بيت. التسرع في الحكم على الكلام، أو في ردود الأفعال، أو حتى في نقل كلام بين أفراد العيلة، ده بيخلق فجوات كبيرة بين الناس. والغلط مش بيتصلح بغلط تاني، وده اللي بيحصل لما نتسرع. التسرع دايمًا نهايته ندم ووجع قلب، وكتير بيكون فات الأوان إننا نرجع نصحح اللي اتكسر.

إدارة الأخطاء مش معناها إننا منغلطش، لكن معناها إننا نعرف نعالج الغلط بحكمة وصبر، ونحافظ على البيت اللي بنبنيه يوم بعد يوم، عشان يكون مكان للأمان والحب مش للخلاف والندم.

الأحد، 17 نوفمبر 2024

شيلني يا بابا

 

طلبت بنتي، وهي مبتسمة وعينيها مليانة شوق للحنان والاهتمام، نفس الطلب اللي كانت بتقوله زمان، وهي صغيرة وخفيفة "شيلني يا بابا". دلوقتي، البنت بقت شابة، طويلة، ثقيلة، وكلها طموح وحكايات كتيرة جوة قلبها الكبير.

وأنا بشيلها، حسيت بالفرق بين الزمن ده واللي فات، لكن برضو حسيت بنفسي كأني أبوها اللي لسه قادر أديها الأمان ده. بلف بيها وبضحك، و هي بتضحك معايا، كأن الزمن واقف، وبنرجع شوية لحظات للطفولة اللي جريت منا من غير ما نحس.

بصيت لها وأنا شايلها كأني شايل الدنيا كلها بين إيديا. بنتي اللي زمان كنت بشيلها بسهولة من غير ما أحس، بقت دلوقتي طويلة و ثقيلة.

لفيت بيها بسرعة وهي بتصوت وتضحك، وأنا بحاول أحس إنها لسه الطفلة اللي كانت بتجري عليا، تطلب مني أشيلها. وأنا بلف، قربت أكتر، سندت راسها على كتفي، كأنها بتجدد ذكريات الطفولة اللي عمرها ما بتختفي. كل لحظة وأنا شايلها حسيت كأني بعيش الماضي من تاني، وبشيل معاها الذكريات الجميلة اللي فاكرها كلها كويس.

ولما وقفت، لقيتها بتبص لي من غير ما تنطق. وأدتني بوسة. وقتها، حسيت بفرحة طلعت بدموع مالهاش نهاية، كأن اللحظة دي اتجمعت فيها كل الذكريات، وقتها قالتلي إن مهما كبرت، دايماً حتفضل حتة مني، ودايماً حفضل سندها وحضنها الثابت اللي بيرجع بيها لأيام الطفولة.

وقتها بصيت لها، وهي لسه دايخه من اللفة اللي عملتها، وقلبي اتشد. فكرت في نفسي: يا ترى مين هيجي يشيلك مكاني بعد كده؟ السؤال ده لوحده خلاني أغير عليها، غيرة الأب اللي شايف بنته بتكبر قدامه، وبيبقى صعب عليه يتخيل إن في يوم حد تاني هيكون مكانه في حياتها.

بنتي دخلت في مرحلة المراهقة، المرحلة اللي فيها بتبدأ تتغير وتاخد خطواتها ناحية الاستقلال. لكن مهما حصل، بالنسبة لي هي لسه الطفلة اللي بتجري تطلب مني أشيلها، اللي بتعيط لما تقع، واللي بتحس إنها في أمان أول ما تلاقي نفسها في حضني. دلوقتي بقت أطول، وكلامها فيه نضج ما كنتش متعود عليه، لكن ضحكتها لسه هي نفس الضحكة اللي كانت بتطمنني إن كل حاجة بخير.

حسيت إن الزمن اللي كنت مستني أشوفها فيه وهي كبيرة، جاي بسرعة أكبر من اللي تخيلتها. الغيرة دي مش عشان خايف من اللي جاي، لكن عشان عارف إن حياتها هتاخد شكل جديد، ويمكن حضني ما يبقاش أول اختيار تلجأ له. بس اللي متأكد منه إن علاقتنا مش هتتغير، وإنها دايماً هتفتكر اللحظات البسيطة دي، اللحظات اللي شالت فيها الذكريات نفسها لما أنا شلتها.

بصيت لها بعد ما نزلتها من حضني، وهي لسه مبتسمة وفرحانة باللحظة اللي عشناها. وقلت لها بهدوء:

"حبي بنتك زي ما أنا بحبك."

كلامي طلع بسيط، بس كان مليان معنى. عايزها تفهم إن الحب اللي بيني وبينها مش مجرد عاطفة، ده حب مليان تضحية، خوف، أمان، وذكريات بتتبني يوم بعد يوم. عايزها تعرف إن الحب الحقيقي هو اللي بيدي من غير ما يستنى مقابل، هو اللي بيشيلك لما تتعبي، واللي بيبقى معاك حتى وأنتي بتكبري وبتاخدي طريقك بعيد.

بصت لي، وابتسامتها اتحولت لضحكة خفيفة، وقالت: "أكيد يا بابا." كأنها فهمت كل اللي جوايا من غير ما أحتاج أشرح. اللحظة دي علمتني إن الكلام اللي طالع من القلب بيوصل، حتى لو بسيط.

وأنا ببصلها، كنت عارف إن مع الزمن هتتغير حاجات كتير، وإنها في يوم هتكون أم وهتفهم كل كلمة قلتها. لكنها دايمًا هتفضل بنتي، طفلة في عيني، حتى لو شالت الدنيا كلها على أكتافها.