السبت، 14 ديسمبر 2024

نداء الفأر الصامت

 

كان هناك فأر صغير، يعيش طوال حياته في الجحور المظلمة والشوارع المكتظة. كان يشعر بالملل من حياته الروتينية والبحث الدائم عن الطعام. كل يوم كان يبدو مثل الآخر، ومع مرور الوقت، بدأ يشعر بالكآبة واليأس. لم يكن هناك شيء يثير إهتمامه، ولا مغامرة يمكن أن تغير من حاله. كان يبحث عن نهاية مختلفة، نهاية تليق بشعوره المتزايد بعدم الجدوى.

في يوم من الأيام، بينما كان يتجول في أحد الأحياء، رأى مختبرًا علميًا. كانت النوافذ الكبيرة تضيء بالأضواء الساطعة والأجهزة الغريبة التي تملأ المكان. قرر الفأر أن هذه قد تكون فرصته للخروج من حياته الرتيبة. أراد شيئًا جديدًا، حتى لو كان يعني نهايته. لم يكن يبحث عن الموت فقط، بل كان يبحث عن مغامرة أخيرة، عن تجربة تعطي لحياته معنى في لحظاتها الأخيرة.

تسلل الفأر الصغير إلى المختبر عبر فتحة صغيرة جدا في الجدار. شعر بالخوف والتوتر، لكن الفضول تغلب عليه. داخل المختبر، رأى العلماء يعملون بجد على تجاربهم، وأدرك أن هذا هو المكان الذي يمكن أن يجد فيه شيئًا مختلفًا. ربما كانت هذه التجارب العلمية هي ما سيمنحه نهاية ملحمية، نهاية تجعله يشعر بأنه فعل شيئًا مختلفًا عن باقي فئران مجموعته.

بينما كان يتجول بين الطاولات والأجهزة، لاحظ قفصًا يحتوي على مواد غريبة ومختلفة. قفز إلى الداخل وبدأ يفحص ما حوله. كانت هناك حقنة صغيرة تحتوي على سائل لامع. قرر أن يجرب حظه وأخذ الحقنة بين أسنانه وحقن نفسه بالسائل.

بدأ يشعر بتغيرات غريبة في جسده. في البداية، كان هناك إحساس بالراحة، ثم بدأت الأضواء حوله تتلاشى. أدرك أنه حصل أخيرًا على ما كان يبحث عنه، موتًا مختلفًا ونهاية لحياة لم يكن سعيدًا بها. كان يشعر بأنه بطل في قصة علمية، وأن نهايته ستكون مميزة كما كان يحلم.

استلقى في القفص، وابتسم للمرة الأولى منذ زمن طويل. وأغمض عينيه بهدوء، تاركًا وراءه عالم الجحور المظلمة والحياة المتعبة، ومتجهًا إلى المجهول بنهاية جديدة وغير متوقعة.

عندما اكتشف العلماء ما حدث للفأر، أصيبوا بصدمة كبيرة. لم يكن أحد يتوقع أن فأرًا يمكن أن يتصرف بهذه الطريقة. بدأت الأسئلة تتراكم حول أخلاقيات استخدام الفئران في التجارب العلمية. أدرك العلماء أنه لم يكن مجرد فأر عادي، بل كان رمزًا لكل الفئران التي تعاني في صمت.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق