الاثنين، 30 سبتمبر 2024

وفاء بلا فوائد

 


الزوجة الوفية هي الركيزة الأساسية في أي بيت ناجح. الوفاء عند الزوجة مش مجرد كلام أو وعود بتقولها في بداية الزواج، لكنه تصرفات يومية ومواقف بتثبت بها إنها موجودة جنب زوجها في كل لحظة، سواء في أوقات الفرح أو الحزن، النجاح أو الفشل.


لما نتكلم عن "انتهاء الفوائد" في سياق الحياة الزوجية، ممكن نتكلم عن مراحل بيمر بيها الزوجين، زي لما الأطفال يكبروا وتقل مسؤوليات التربية، أو لما الزوج يمر بظروف صعبة زي فقدان الشغل أو تراجع في حالته الصحية. في المراحل دي، كتير من العلاقات بتتعرض لاختبار حقيقي، لأن الفوائد اللي كانت بتربط الطرفين ببعض ممكن تتغير أو حتى تختفي. لكن الزوجة الوفية بتفضل جنب زوجها حتى لما الحياة مش بتقدم لها نفس المزايا أو الراحة اللي كانت موجودة قبل كده.


الوفاء بالنسبة للزوجة مش مرتبط بالحالة المادية أو الظروف الخارجية. الزوجة الوفية هي اللي بتفهم إن الحياة فيها لحظات من القوة والضعف، وإن الزوج في يوم ممكن يكون في قمة نجاحه، وفي يوم تاني يكون محتاج دعم نفسي وعاطفي. هي اللي بتدرك إن الحب مش بس لما كل حاجة ماشية كويس، لكنه بيظهر بوضوح في الأوقات الصعبة.


ومن أهم الصفات اللي بتميز الزوجة الوفية إنها بتقدر الذكريات والمواقف اللي جمعتها بزوجها على مر السنين. حتى لو حصل تغير في الظروف أو المصالح اللي كانت بتجمعهم، هي بتفكر دايمًا في اللي شاركوه سوا من لحظات حلوة وصعبة. الوفاء هنا بيكون مرتبط بالاحترام والامتنان للماضي، وبالرغبة في الاستمرار مهما كانت التحديات اللي ممكن يواجهوها.


الزوجة الوفية مش بتدور على الفوائد الوقتية أو المكاسب السريعة، هي بتدور على بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والمودة. عارفة إن حياتها مع زوجها رحلة طويلة، وفي الرحلة دي هي مستعدة تدي وتدعم حتى لو مفيش مقابل مادي أو مصلحة واضحة. هي بتبني بيتها على أساس قوي من الحب الصادق، اللي مش بيتغير مع الظروف.


الزوجة الوفية بتكون سند حقيقي، هي اللي بتشجع، بتدعم، وبتقدر تعب شريك حياتها، مهما كانت الصعوبات اللي بيواجهوها سوا. لما الفوائد تنتهي، بتبان قيمة الزوجة الوفية اللي بتفضل ثابتة، لأن الوفاء بالنسبة لها مش مرتبط بمصلحة، لكنه نابع من حبها واحترامها العميق لزوجها ولكل اللي جمعهم سوا.



الأحد، 29 سبتمبر 2024

سؤال جارح ،بتقول لاولادك كام مره في اليوم بحبك


ساعات بنسأل نفسنا أسئلة بتخبط في قلبنا، زي سؤال "بتقول لأولادك كام مرة في اليوم بحبك؟". في ناس بتفتكر إن الكلمة دي مش محتاجة تتقال طول ما هي باينة في الأفعال. بس الحقيقة إن الكلمة دي زي ما هي بسيطة، ليها تأثير كبير على نفسية ولادنا.

الطفل مش بس محتاج يشوف حبك في الأكل اللي بتعملهوله أو اللبس اللي بتشتريهوله. هو كمان محتاج يسمع منك إنك بتحبه، علشان يحس بالأمان والإنتماء. الكلمة دي بتدي الطفل شعور إنه مهم بالنسبالك، وإن وجوده في حياتك له قيمة.

في أيامنا دي، ممكن الحياة تبقى سريعة وصعبة، وممكن ننسى نقول لولادنا "بحبك" وسط المشاغل. بس لو فكرنا شوية، هنلاقي إن كلمة زي دي ممكن تغيّر يومهم وتخليهم يحسوا بالراحة والسعادة.

جرب تقول لولادك "بحبكم" كل يوم، مش لازم تكون حاجة رسمية أو لحظة كبيرة، ممكن تكون وإنت بتلعب معاهم أو قبل النوم. هتحس بفرق كبير في علاقتك معاهم، وهتشوف إزاي الكلمة دي بتقوي الروابط بينكم.

فالسؤال مش "بتقول لولادك كام مرة في اليوم بحبك؟" لكن السؤال الحقيقي هو "إزاي بتأثر فيهم لما تقولها؟". الكلمة البسيطة دي بتفتح قلوبهم وبتبني جسر من الحب والثقة بينك وبينهم.

السبت، 28 سبتمبر 2024

مسلسل أبنائي الأعزاء شكراً



المسلسل بيتكلم عن عبده، الراجل البسيط اللي بيشتغل في شركة حكومية، ولما بيوصل لسن الستين، بيتحال للمعاش. عبده كان متوقع إنه يعيش فترة راحة بعد المعاش، لكن رد فعل أولاده الأربعة على الخبر كان مختلف تماماً.

فكمال، وهو الابن الأكبر الجراح الناجح و صاحب و مدير مستشفى، يحس بالمسؤولية وبيحاول يساعد والده في إيجاد شغل جديد، و لكنه يخشى على سمعته أكثر مما يخشى على أبيه. 

ماجد، الابن التاني والمهندس المشهور و المدرس في الجامعة، متضايق من قرار عمل والده في اي وظيفه بعد المعاش ومش قادر يتقبل إنه ممكن يفقد مكانته الاجتماعية. ماجد، رجل عملي جدا و لا يهتم أبدا بالمشاعر، سواء مشاعر زوجته و أبنه و أبيه. 

أما ممدوح، الابن التالت والصحفي المرموق، كان بيسرق مجهود الصحافيين الأجانب و يترجمها للمصري، و ينشرها بأسمه. و كان يخاف كثيرا من زوجته نظرا لأنها من عائلة غنية و مرموقه. و كانت تكره أبوه جدا لأنه فقيرا و يعمل كموظف في شركة من القطاع العام.

أما عفاف، ابنته الوحيدة والطالبة الجامعية،فهي الوحيده الحزينة على والدها وبتحاول تواسيه وتخفف عنه. و لكنها تقع في حب المهندس الميكانيكي صاحب أبيها. و تقع بين إختيار حبها و زوجها المستقبلي و بين رفض أخواتها الكبار من هذه الزيجة التي تعرهم و تفسد عليهم إعتزازهم بأعمالهم.

و تبدأ أحداث المصادمات من هنا، عندما يواجه الأخوة أبوهم برفضهم زواج هذا الميكانيكي لأختهم، و نتيجة إصراره على هذا الزوج لإبنته، فقد قرروا مقاطعته و العزوف عن رؤيته أو حتى إدخاله في بيتهم. 

و تدور الأحداث و يقع الأب في مشكله في عمله نتيجة رفضه تزوير أوراق الحسابات الموجه للضرائب. فيتم إخراج الأب من وظيفته و طرده من الشركة بطريقة مهينة له، و عندما يشتكي لأولاده ما حدث له، يرفضوا الكلام معه و يوبخوه نتيجة عدم تماشيه مع الدنيا لأنه عنيد و عنده مبادئ، فتحدث له صدمة عصبية و يرفض فيها الكلام و يدخل في غيبوبة لمدة عدة أيام.

تبدأ الأسرة في مواجهة نتائج أفعالهم. كل واحد من الأبناء يتعرض لأزمات شخصية ومهنية. كمال، الجراح الناجح، يكتشف أن مسؤولياته في المستشفى ليست كما كان يعتقد، ويبدأ في الشعور بالذنب تجاه والده الذي كان يعتقد أنه مجرد عبء عليه. ماجد، المهندس، يواجه مشكلات في عمله بسبب التوتر المستمر نتيجة رفضه للواقع الجديد الذي فرضه عليه والده. ممدوح، الصحفي، يجد نفسه في أزمة كبيرة عندما تنكشف ممارساته غير الأخلاقية في الصحافة، مما يهدد سمعته ومكانته. عفاف، التي كانت تحاول أن تكون دعمًا لوالدها، تجد نفسها في صراع داخلي بين حبها للميكانيكي ورغبتها في رضا عائلتها.

مع مرور الوقت، تدرك الأسرة مدى الضرر الذي أحدثوه بقراراتهم وتصرفاتهم، ويبدأون في مراجعة مواقفهم. كمال وماجد وممدوح يتحركون للتصالح مع والدهم والاعتراف بخطأهم، بينما عفاف تقف إلى جانب والدها وتدعمه في فترة تعافيه. الأسرة تتحد في النهاية لمحاولة إصلاح ما تم كسره وتقديم الاعتذار لوالدهم.

المسلسل مشوق و الأحداث أغلبها حزين و يسلط الضوء على العديد من القضايا الاجتماعية والأخلاقية، مثل مسؤولية الأبناء تجاه آبائهم، وأهمية المبادئ، والضغوط الاجتماعية والمهنية. الرسالة الرئيسية للمسلسل هي أن العقوق والأنانية يمكن أن تؤدي إلى تدمير الروابط الأسرية، وأنه يجب على الأفراد أن يتحملوا مسؤوليتهم في تعزيز المحبة والاحترام داخل الأسرة.

الخميس، 26 سبتمبر 2024

ظلمتني فتركتها، طاردتني فنسيتها

 

في حياتنا، بنقابل ناس كتير، بعضهم بيسيبوا أثر إيجابي جوانا، والبعض التاني بيسبب ألم ووجع. لما بنحس بالظلم من حد قريب لينا، أول رد فعل بيكون إننا نسيبهم ونبعد عنهم، بنحاول ننسى الألم ونعرف نكمّل حياتنا. لكن أوقات الشخص اللي ظلمك بيكون مُصر يلاحقك، حتى بعد ما انت تقرر تسيبه وتكمل في طريقك.

تخيل الموقف ده: حد ظلمك بشدة، وقررت تمشي وتبعد من غير ما تعمل مشاكل أو تدور على انتقام. كل اللي عايزه هو إنك تبدأ صفحة جديدة، تريح بالك وتنسى اللي فات. لكن بدل ما تنتهي القصة، تلاقي الشخص ده بيرجع ويطاردك، سواء بكلام أو بتصرفات. مش قادر يستوعب إنك خلاص مش مهتم، وإن حياتك بقت بعيد عنه.

الغريب في الموضوع إن في اللحظة اللي الشخص ده يكون شاغل نفسه بيك، تكون أنت نسيته تمامًا. كل اللي يهمك هو إنك تمشي في طريقك وتبني حياتك من غير أي تأثير من الماضي. وهنا بييجي دور النسيان كأقوى سلاح ممكن تمتلكه. نسيان الألم والظلم بيخليك أقوى، مش بس لأنك مشيت بعيد، لكن لأنك اخترت تكون في سلام مع نفسك.

مش كل مواجهة بتحتاج رد فعل. ساعات الهدوء والسكوت بيكونوا الحل الأمثل. لما تسيب اللي ظلمك يعيش في دوامة أفكاره وانت تكمّل حياتك، بتكون كسبت أكبر معركة، وهي معركة السلام الداخلي.

الزمن بيشفي كل حاجة، والنسيان هو أكبر انتصار.

الأربعاء، 25 سبتمبر 2024

إختيار شجرة

 


ليه الشجرة اختارت إنها تثبت في الأرض وما تتحركش؟


الشجرة مخلوق غريب في تصرفاته، وعمرها ما فكرت تمشي زي باقي المخلوقات. طيب، ليه الشجرة اختارت إنها تفضل واقفة في مكانها؟ ما تحركتش ليه زي الإنسان أو الحيوانات اللي بتسافر من مكان لمكان؟ ده سؤال ممكن يخلينا نفكر في حكمة طبيعية أكبر.


الشجرة مش بتتحرك علشان اختارت إن قوتها تبقى في الجذور. الجذور دي هي اللي بتساعدها تمتص المية والأملاح من الأرض. كل ما الجذور دي بتغوص أكتر في الأرض، كل ما الشجرة بتبقى أقوى وثابتة أكتر. لو الشجرة كانت بتتحرك، جذورها ما كانتش هتقدر تثبت، وبالتالي مش هتعرف تحصل على الأكل والشرب اللي محتاجاهم.


الشجرة أدركت إن الثبات هو مفتاح البقاء. طالما واقفة في مكانها، بتبني علاقة قوية مع الأرض، وده بيديها كل اللي محتاجاه علشان تعيش وتكبر.


الشجرة مش محتاجة تمشي علشان تدور على الأكل أو الشمس. بالعكس، هي بتثبت نفسها في مكان تقدر تاخد منه أكبر كمية من ضوء الشمس. أوراقها بتشتغل زي محطات صغيرة بتجمع النور، وتحوّله لطاقة.


لو كانت الشجرة بتمشي، كان هيبقى صعب عليها تحافظ على التوازن ده بين امتصاص الشمس والمية. فعشان كده، هي بتفضل ثابتة وتسيب الشمس تجي لها.


الشجرة مش كائن لوحده، هي جزء من نظام أكبر بكتير. جذورها بتتواصل مع أشجار تانية تحت الأرض، وبيحصل بينهم نوع من التعاون. الشجرة ممكن "تشوف" الحياة بشكل مختلف عن باقي الكائنات؛ مش محتاجة تتحرك بنفسها علشان تحقق أهدافها. الطبيعة كلها بتساعدها.


الحشرات بتيجي تنقل حبوب اللقاح، الطيور بتاكل الثمار وبتنشر البذور في أماكن تانية. من غير ما تتحرك، الشجرة قدرت تضمن بقاء نسلها، وتنشره في كل مكان.


الشجرة لو كانت بتتحرك، كانت هتبقى عرضة لخطر أكبر. الرياح ممكن تشيلها، الأمطار الشديدة أو الجفاف كانوا هيخلوا حياتها أصعب. لكن لأنها ثابتة في مكانها، جذورها العميقة بتساعدها تصمد في مواجهة كل العواصف والصعاب.


الشجرة فهمت إن القوة مش في الحركة، لكن في الثبات. زي ما بيقولوا: "اللي ثابت في مكانه أقوى من اللي بيدور على مكان يهرب فيه".


الشجرة اختارت الثبات لأنها لقيت إن ده أفضل طريقة للبقاء والتكيف مع البيئة. من خلال جذورها العميقة وتواصلها مع الطبيعة، قدرت تعيش وتزدهر من غير ما تتحرك. هي أدركت إن الحكمة مش في الحركة المستمرة، لكن في إنك تعرف مكانك، وتعرف إزاي تتعايش مع اللي حواليك.


في النهاية علينا أن فكر بعقلانية أكثر، هل توافق ان تكون كالشجرة؟!


الثلاثاء، 24 سبتمبر 2024

اللوكيميا ... بدايات فاربر و نهايات اللوكيميا



في أواخر سنة 1945، بدأ سيدني فاربر، اللي كان عالم باثولوجيا ومؤلف كتاب مشهور اسمه "الفحص التشريحي للجثث"، في وضع الأساس لأبحاث السرطان، وكان مركز اهتمامه اللوكيميا. عمل دراسة على تصنيف الأورام، وركز كل اهتمامه على أنواع اللوكيميا اللي كانت وقتها غير قابلة للعلاج.


فاربر كان مقتنع إن دراسة السرطان لازم تبدأ من أساساته، وقرر يركز على اللوكيميا لأنها كانت سهلة القياس عن طريق تعداد الخلايا السرطانية في الدم. وقتها مكنش فيه أجهزة تصوير زي دلوقتي، فكان مستحيل يقيسوا حجم الأورام غير بالجراحة. عشان كده كان دايمًا يقول: "إنت مش هتعرف تقيس حاجة إلا لو شفتها."


عشان كده، فاربر شاف إن لو قدر يقيس اللوكيميا، هيبقى ممكن يقيم تأثير أي علاج بسهولة، عن طريق متابعة نمو أو موت الخلايا السرطانية من خلال عينات الدم أو النخاع العظمي، ويقدر من خلالها يحدد نجاح أو فشل الدواء.


فاربر استلهم من فكرة عالم الكيمياء الحيوية الفرنسي جاك مونود، اللي قال إن العلماء لازم يدرسوا الظواهر المعقدة من خلال نماذج أبسط. من هنا، فاربر اعتقد إن فهم الأمراض البسيطة ممكن يساعد في فهم السرطانات المعقدة. وهو بيدور على علاج للوكيميا، بدأ يفكر في طرق جديدة. في الوقت ده، كان العلاج الوحيد للسرطان هو الجراحة والإشعاع، ومكنش ليهم تأثير كبير على اللوكيميا.


فاربر كان مقتنع إن استخدام مواد كيميائية معينة ممكن يوقف نمو خلايا اللوكيميا، واستند لفكرة إن اللوكيميا هي نوع من التكاثر غير المنضبط للخلايا. استلهم من تجربة لويس ويلز في علاج أنيميا بومباي، اللي كانت مشابهة للوكيميا في التكاثر غير الطبيعي. لما استخدمت ويلز حمض الفوليك لضبط نمو خلايا الأنيميا، فاربر فكر إنه ممكن يعمل نفس الحاجة مع اللوكيميا.


جاب فاربر كمية من حمض الفوليك وبدأ يحقن المرضى بيه، لكن النتايج كانت عكس اللي توقعها. حالة المرضى تدهورت بسرعة. فاربر اتصدم، بس فضل يدرس عينات الدم ولاحظ تجمع كبير لخلايا الدم البيضاء في العروق لدرجة إن بعضها بدأ يطلع تحت الجلد. فاربر وقف التجربة بسرعة، بس فشلها انتشر بسرعة بين الأطباء، وده أثر على سمعته. لكنه ماستسلمش وبدأ يسأل نفسه: لو حمض الفوليك بيزود نمو خلايا السرطان كده، إيه اللي هيحصل لو وقفنا تأثيره؟


من هنا بدأت أول خطوة حقيقية لعلاج اللوكيميا. فاربر تعاون مع شركة أدوية صغيرة، ونجحوا في إنتاج مادة توقف تأثير حمض الفوليك. لما أخذ عينة من نخاع عظم مريض لوكيميا بعد استخدام المادة دي، اتصدم لما شاف نفس شكل نخاع العظام اللي شافه في مرضى أنيميا بومباي. وقتها قال إن علاج اللوكيميا لازم يكون بالعكس من علاج أنيميا بومباي.


وبدأ يجرب مركبات كيميائية مختلفة على مرضى اللوكيميا، وبكده وضع أساس للعلاج الكيميائي. اكتشف دور حمض الفوليك في نمو خلايا اللوكيميا، ولما قدر يمنع تأثيره، طوّر أول دواء مضاد للوكيميا اسمه "أمينوبترين"، وحقق نتائج أولية مشجعة.


ورغم إن تأثير "أمينوبترين" ماكانش دايم، بس الخطوة دي كانت بداية حقبة جديدة في علاج السرطان. تجارب فاربر كانت الشرارة اللي بدأت سباق البحث عن علاجات فعالة، وأثبتت إن العلاج الكيميائي ممكن يبقى سلاح قوي ضد السرطان. اللي عمله فاربر ماكنش مجرد تجربة علمية، ده كان بداية ثورة في فهم وعلاج السرطان، خصوصًا اللوكيميا، وأثبت إن المرض اللي كان بيعتبر مميت ملوش علاج، ممكن يخضع لقوانين الكيمياء والبيولوجيا، ويفتح باب الأمل لعلاج آلاف المرضى.


و يبقى الأمل ...




الاثنين، 23 سبتمبر 2024

كلام و ودان

 

بطبيعة الحال الإنسان كائن يعتمد على حواسه للتعامل و الإكتفاء . و بطبيعة الحال كل واحد فينا محتاح حد يتكلم معاه و في نفس الوقت يسمعه - مش مجرد أتكلم وخلاص بدون رد فعل - يعني يسمع بقول إيه و بقوله إزاي و المعنى إلى عاوز أوصله .

و حقيقي من أصعب الحواس إللي ممكن الواحد يتحكم فيها هي السمع ، طبعا محدش بيقدر يقفل ودانه بس ممكن أقفل عقلي ، أسمع و في نفس الوقت مش بسمع و كمان أديلك إنطباع إني بسمع بإنصات .

هنا الواحد بيشوف من أكثر واحد ممكن ينصت لكلامه و يعطي رد فعل حقيقي لكلامه فيتقرب منه جدا لدرجة أن أوقات كثيره أن شخصيات الأصدقاء بتكون متشابهة ، أصل إحنا مش هنتكلم دقيقة ، دا إحنا هنتكلم من بالليل للصبح .

الفكرة هنا أنه كلما كان الزوجان أصدقاء و يقدروا ينصتوا لبعض كلما كانوا متقاربين . و كلما كانت الثقة متبادلة بينهم كبيره و عميقه كلما إستطاعوا أن يفصحوا عن كامل مكنوناتهم لبعض و مش هيكتموا حاجه . و مع الوقت هتكون الحياة فيها حرية ، و سهلة ، و من غير خوف .

الأحد، 22 سبتمبر 2024

الخروج من الدائرة


طبيعي إنك تفشل في حياتك، طبيعي تقع وتقوم كتير، بس اللي مش طبيعي إنك تفضل مستسلم للفشل ومكمل فيه. كلنا بنغلط وناخد قرارات غلط، ممكن نكون متسرعين، أو مش بنبص كويس قبل ما نخطو، بس اللي مش طبيعي إننا نفضل واقفين عند نفس الغلط، مكملين فيه من غير ما نتعلم حاجة.

كلنا ممكن نخسر، نخسر حاجة عزيزة علينا، فرصة، أو حتى شخص. الخسارة جزء من الحياة، بس اللي مش طبيعي إنك تفضل تغرق في الحزن، وتستسلم للإحساس ده، وما تحاولش تتجاوز ولا تتعلم من اللي فات.

الفشل، الغلط، والخسارة، كلهم دروس ممكن نتعلم منها. المهم إننا نقف مع نفسنا، نعرف أسباب اللي حصل، ونسأل: "إيه اللي خلاني أفشل؟ ليه اخترت الغلط؟ ليه خسرت الحاجة دي؟" الإجابة ممكن تكون مؤلمة، بس لازم تكون صادقة. لازم نواجه نفسنا بالحقيقة، من غير ما نهرب منها.

من هنا، هنعرف نبدأ المعالجة، هنعرف نغير تفكيرنا ونصلح اللي فسد. يعني بدل ما نلوم الظروف، نلوم نفسنا بشكل بناء، ونشتغل على تحسين الوضع. كل مرة هتكون خطوة لقدام، حتى لو صغيرة.

اللي بيبدأ يفكر بالطريقة دي، وبيشتغل على نفسه، هيلاقي نفسه بيمشي في طريق مختلف. طريق النجاح ممكن يكون طويل وصعب، بس خطوة بخطوة، هتلاقي نفسك أقوى، أكتر وعيا، وأقرب لهدفك. الفشل ما بقاش عدوك، لكن بقى معلمك، والغلط مش نهايتك، لكنه بداية جديدة لتصحيح المسار. والخسارة مش عيب، بس هي فرصة تانية علشان تبني حاجة أقوى.

المهم تكون مؤمن إن كل خطوة ليها معنى، وإنك دايما قادر تبدأ من جديد، المهم متسبش نفسك غرقان في نفس الدايرة من غير ما تحاول تطلع منها.

السبت، 21 سبتمبر 2024

ألام الماضي هي تاريخ المستقبل

 

آلام الماضي حاجة كلنا بنمر بيها، وكل واحد فينا عنده تجاربه الخاصة واللي اتعلم منها، وأكيد كل واحد عدى بمواقف تركت جروح في قلبه ونفسه. ساعات بنتعامل مع الألم كأنه حاجة بنهرب منها، بنحاول ننساها أو نداريها، لكن الحقيقة إن آلام الماضي هي اللي بتشكلنا وبتحدد إحنا مين النهاردة. كل جرح أو ذكرى مؤلمة هو نقطة في قصة حياتنا، نقطة بتبين إحنا وصلنا لفين وازاي اتغيرنا.

الماضي مش مجرد أحداث حصلت وخلاص، ده هو اللي بيصنع المستقبل. التجارب الصعبة هي اللي بتخلينا نعيد التفكير في اختياراتنا، بتخلينا نتعلم نقوى، نتجنب الأخطاء، ونشوف الحياة من منظور أعمق. لو كل حاجة كانت بتمشي زي ما إحنا عايزين، مكنّاش هنحس بقيمة الحاجة اللي عندنا، مكنّاش هنقدر نفرّق بين الصح والغلط، أو نعرف نقيم الناس اللي حوالينا.

اللي بيحاول يهرب من الماضي، هو في الحقيقة بيهرب من جزء من نفسه. اللي حصل في الماضي مش هيختفي، هيظل موجود جوانا. لكن لما نقف قدام الماضي ونواجهه بشجاعة، هنقدر نفهمه، ونستفيد منه بدل ما نكون ضحيته.

التحدي الحقيقي هو إننا نعرف إزاي نحول آلام الماضي لمصدر قوة، لدرس بنتعلمه عشان نبني بيه مستقبل أحسن. لما نتقبل إن مفيش حاجة بتحصل من غير سبب، وإن كل موقف صعب بنمر بيه هو خطوة نحو نضوجنا، هنقدر وقتها نشوف المستقبل بشكل أوضح. مش هيكون مجرد خوف من اللي جاي، لكن هيكون أمل في بكره، مبني على خبرة وتجربة.

الماضي بيشكل المستقبل. ألم النهاردة ممكن يكون هو السبب في نجاح بكره. عشان كده لازم نتعلم من آلامنا، نحاول نفهمها، ونعرف إنها جزء من الحكاية بتاعتنا، وإنها هي اللي بتحدد إزاي المستقبل ممكن يكون أحسن، لو احنا اخترنا نتعلم ونمشي للأمام.

طموح يد

 

في يوم من الأيام، كانت هناك يد تعمل بجد وإخلاص في جسد إنسان. كانت تساعد في الكتابة، وتناول الطعام، وأداء المهام اليومية. لكن مع مرور الوقت، بدأت اليد تشعر بالملل من الروتين اليومي وأرادت تجربة شيء جديد. كانت تحلم بالحرية التي تحظى بها القدمين وتطمح لأن تتحول إلى قدم.

في إحدى الأيام، قررت اليد التمرد ورفضت القيام بعملها المعتاد. عندما حاول الإنسان الكتابة، رفضت اليد التحرك. وعندما حاول تناول الطعام، لم تلتقط اليد الشوكة. شعر الإنسان بالحيرة والانزعاج وقرر استشارة الطبيب، الذي أخبره أنه لا توجد مشكلة جسدية.

بدأت اليد تفكر في كيفية الخروج من الجسد لتصبح قدمًا. في الليل، بينما كان الجسد نائمًا، بدأت اليد تتسلل وتحاول الانفصال عن الجسم. كانت تحاول الانزلاق بعيدًا عن المعصم، لكنها اكتشفت أن الأمر ليس بهذه السهولة. الأوتار والعظام والجلد كانوا يمنعونها من الانفصال. شعرت اليد بالإحباط، لكنها لم تستسلم.

قررت اليد أن تتحدث مع العقل، الذي يسيطر على كل الأعضاء، وتطلب منه السماح لها بالتحول إلى قدم. في الليل، عندما كان الجسد نائمًا، بدأت اليد تتواصل مع العقل. قالت له: "يا عقل، أعلم أنني يد وأقوم بوظيفتي بكل تفانٍ، لكنني أرغب في أن أكون قدمًا. أريد أن أتحرك بحرية، وأستكشف العالم من منظور مختلف. هل يمكنك مساعدتي في تحقيق حلمي؟"

استمع العقل إلى اليد بعناية ورد قائلاً: "أفهم رغبتك يا يد، لكن لكل عضو في الجسد وظيفته الفريدة والمهمة. إذا تحولت إلى قدم، فسيختل توازن الجسد وستتعطل وظائفه. لكنني أقدر طموحك وأرغب في مساعدتك بطريقة أخرى."

حاول العقل إقناع اليد بتجربة أشياء جديدة وتعلم مهارات مختلفة، لكن اليد رفضت. كانت مصممة على تحقيق حلمها بأن تكون قدمًا. مع مرور الوقت، أصيبت اليد بالاكتئاب ولم تتحرك. توقفت عن القيام بأي عمل ورفضت التعاون مع الجسد.

في يوم من الأيام، لاحظت اليد سكينًا موضوعًا على الطاولة. قررت أن تأخذ الأمور بيدها وتحقق حلمها بأي ثمن. تسللت اليد نحو السكين وأخذته. بكل شجاعة، قطعت نفسها من الجسد وهربت لتبحث عن ذاتها وتعيش كقدم.

بدأت اليد رحلتها وحيدة، مصممة على أن تجد طريقها وتصبح قدمًا. لكنها سرعان ما اكتشفت أن تركيبتها لا تؤهلها لأن تكون قدمًا. لم تستطع التحرك كما كانت القدم تتحرك، ولم تستطع القيام بالوظائف التي تقوم بها القدم. شعرت بالضياع والإحباط، فقدت طموحها وتمنت لو لم تترك مكانها في الجسد.

في النهاية، أدركت اليد أنها قد فقدت مكانها ووظيفتها الفريدة التي كانت تؤديها بمهارة وإتقان. كانت تائهة وغير قادرة على العودة إلى الجسد. تعيش اليد الآن بمفردها، تحمل ندوب القرار الذي اتخذته، وتفكر في الأيام التي كانت فيها جزءًا من الجسد، تؤدي دورها بفرح ورضا.

مغزى القصة

تُظهر هذه القصة مغزى هامًا حول القبول والتقدير للذات والدور الذي نلعبه في الحياة. نعيش في مجتمع يتطلب منا أحيانًا تلبية توقعات محددة أو السعي وراء تغييرات جذرية لتحقيق السعادة، لكن هذه القصة تذكرنا بأن السعادة والرضا يمكن أن تأتي من القبول والتفاني في أداء دورنا الحالي.

تعلم اليد، بعد محاولتها الفاشلة للتحول إلى قدم، أن لكل عضو في الجسد وظيفته الفريدة والمهمة التي لا يمكن للآخرين القيام بها بنفس الكفاءة. السعي وراء شيء غير ممكن قد يؤدي إلى فقدان الذات والندم. القبول والتقدير للقدرات الفريدة والمهارات التي نمتلكها يمكن أن يجلب لنا الرضا الداخلي والسعادة الحقيقية.

الحياة ليست دائمًا عن السعي لتكون شيئًا آخر، بل عن الاحتفاء بما نحن عليه وبما نقدمه من مساهمات فريدة للعالم من حولنا.

الجمعة، 20 سبتمبر 2024

المدير الصديق

 


المدير اللي يقف جنب موظفيه ويكون دايمًا سند ليهم ده مش بس بيبقى مدير ناجح، ده بيبقى صديق بجد. في زمن أغلب الناس بقت بتفكر في نفسها وبس، وبقى كل واحد بيدور على مصلحته الشخصية، المدير اللي عنده ضمير وبيساند موظفيه ده بيبقى حاجة نادرة ومميزة. فكرة إن المدير يبقى عارف إن الموظف مش مجرد رقم، إنما بني آدم عنده مشاكل وهموم واحتياجات، دي بتفرق كتير.


الصديق المدير ده ممكن يبقى واقف في ضهر موظفه في أي موقف، سواء كان شغل ولا حاجة شخصية. يمكن يديله نصيحة من قلبه، يسمعه لما يكون محتاج حد يفضفض له، أو حتى يساعده في تخطي أزمة. ساعات ممكن يكون الدعم ده مجرد كلمة تشجيع أو حتى إيماءة بسيطة تديله إحساس إنه مش لوحده في اللي بيعدي بيه.


المدير اللي بيقف بضمير ورا موظفه مش بس بيأثر في الموظف نفسه، ده كمان بيأثر في الفريق كله. بيخلق جو من الثقة والاحترام، والموظف لما يحس إن مديره معاه هيبقى مستعد يدي أكتر ويشتغل بحماس أكتر. لأن لما الموظف يحس إن شغله متقدر، وإنه مش لوحده في مواجهة المشاكل، ده بيديله طاقة إنه يكمل.


وبرغم إننا بنسمع كتير عن المدير اللي بيبقى ضاغط على موظفيه، أو اللي ميبقاش عنده اعتبار لمشاعرهم، لازم نفكر ونقول إن المدير الصديق بيدي مثال حقيقي لقيادة محترمة وإنسانية. هو اللي بيفكر في نجاح فريقه قبل أي حاجة، واللي دايمًا بيشجعهم على التطور وبيكون أول واحد يدافع عنهم لو حصل أي موقف.


المدير الصديق ده هو اللي بيقدر يخلي مكان العمل بيئة مريحة وآمنة. وده اللي بيخلي الموظفين يحسوا إنهم مش مجرد تروس في ماكينة، إنما أفراد ليهم قيمة ومكانة. وده بيخلينا نقول إن المدير اللي بيقف بضمير ورا موظفه، ده مش بس بيساهم في نجاح العمل، إنما بيساهم في بناء فريق قوي ومستقر، وعلاقة إنسانية محترمة ممكن تفضل لسنين طويلة.


شكرا لكل مدير كان و يظل صديقا لموظفيه ....


الخميس، 19 سبتمبر 2024

حضارة لا تغيب عنها الشمس

 

في كل مجتمع، توجد ثلاث طبقات: الطبقة الغنية، الطبقة الوسطى، والطبقة الفقيرة. بشكل عام، تشكل الطبقة الوسطى الأغلبية من العاملين والمتعلمين في المجتمع. لذا، عندما يركز المفكرون في عمليات الإصلاح، يبدأون عادةً بالطبقة الوسطى.

إذا أخذنا أقوى دولة في العصر الحديث، وهي إنجلترا، ونظرنا إلى بداياتها، سنرى كيف استطاع مفكرو عصر الأنوار تغييرها وجعل نجاحها يبهر الجميع.

كانت الخطوة الأولى هي إطلاق فكرة الحرية: الحرية المالية، حرية المعتقد، وحرية القول. والخطوة الثانية كانت بإطلاق العدل وتحديد حقوق الناس.

تمكن الناس من العمل بالتجارة والصناعة بحرية، وأسسوا شركات ضخمة وضعت رؤوس أموالها في بنوك الدولة، وهم آمنون من أن تسرقها الدولة. أصبحت الجهات الحكومية في خدمة هذا النشاط الاقتصادي الواسع والمتسارع.

بدأت دورات رأس المال تدر أرباحًا عادت للدولة كضرائب، استخدمتها في صيانة البنية التحتية للمجتمع. وأصبح الأسطول البريطاني في خدمة الأسطول التجاري، وكانوا يد العون في فتح أسواق جديدة للتجار، وفتح أراضٍ جديدة غنية بالمواد الخام للصناعة والتجارة والزراعة.

كسب الإنجليز حرية الحركة والعمل والقول، وشعروا بالأمان، وانتقلت الطبقة الوسطى من طبقة كادحة إلى طبقة مزدهرة.

وبهذا الازدهار التجاري، ازدهر النشاط المجتمعي والسياسي، ووضع دستور البلد الذي احترمه الحكام والمحكومين. أصبحت بريطانيا العظمى تسيطر على أراضٍ في الشرق والغرب والشمال والجنوب، وأصبحت حضارة لا تغيب عنها الشمس.

هذا الازدهار لم يكن مجرد نتيجة للعوامل الاقتصادية فحسب، بل كان أيضًا نتاجًا للتقدم العلمي والثقافي الذي دعم هذه النهضة. فالعلماء والمفكرون البريطانيون أسهموا في الاكتشافات والاختراعات التي دفعت بالعجلة الصناعية والتجارية إلى الأمام. كما أن نظام التعليم المتطور أتاح للطبقة الوسطى فرصًا أكبر للتعلم والتطور المهني، مما عزز من قدرتهم على المساهمة في الاقتصاد والمجتمع بشكل عام.

الاستقرار السياسي الذي تميزت به بريطانيا خلال هذه الفترة كان أيضًا عاملًا أساسيًا في تحقيق هذا النجاح. فقد تمكنت من تجنب الكثير من الصراعات الداخلية والخارجية التي كانت تعاني منها الدول الأخرى في ذلك الوقت. هذا الاستقرار أتاح لها التركيز على التنمية والتوسع.

الاستعمار البريطاني، رغم كونه موضوعًا مثيرًا للجدل، كان له دور كبير في هذا الازدهار. فقد أمنت بريطانيا الموارد الطبيعية والأسواق الجديدة لمنتجاتها، مما زاد من ثروتها وقوتها. ومع مرور الوقت، أصبحت الإمبراطورية البريطانية أكبر إمبراطورية في التاريخ، تمتد عبر قارات العالم، وحققت مقولة "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس" بجدارة.

يمكن القول إن نجاح بريطانيا العظمى كان نتاجًا لتضافر عدة عوامل: الحرية والعدل، الابتكار والتقدم العلمي، الاستقرار السياسي، والتوسع الاستعماري. هذه العوامل مجتمعة صنعت حضارة ازدهرت وأثرت في العالم بأسره، وخلدت اسمها في التاريخ كحضارة لا تغيب عنها الشمس.

الأربعاء، 18 سبتمبر 2024

أمواج من الحكم النباتية... تناغم و نزاهة


لما أمواج البحر تعدي فوقنا، إحنا نباتات الميه بنحس بارتباط قوي بينا وبين العالم المائي اللي عايشين فيه. بنقعد نراقب الأمواج وهي رايحة وجاية، كل مرة بتعلمنا درس أخلاقي جديد.

كل ما أوراقنا تتحرك مع تيار الميه بهدوء، بنتعلم إن المرونة هي الحل عشان نستمر. إحنا مش بنقاوم التيار، بنمشي معاه، زي ما الإنسان المفروض يتعامل مع تحديات حياته، بمرونة من غير ما يخسر نفسه.

إحنا عايشين في الميه، بننقيه بقدرتنا على الامتصاص والترشيح، وده بيعلمنا أهمية النقاء والصفا. بنتعلم إننا نكون صادقين وأمناء، زي الميه اللي شايلانا، صافية وشفافة، مش بتخبي حاجة.

ولما أشعة الشمس تعدي في الميه وتنور جوانا، بنحس بالتواضع، لإننا عارفين إن قوتنا الحقيقية جاية من التعاون بينا وبين البحر. العلاقة دي بتعلمنا قيمة الاحترام ودور كل حد فينا في الحفاظ على التوازن.

إحنا بنتعلم من البحر إزاي نعيش مع بعض في سلام، بنستمد قوتنا من الاتصال العميق بالطبيعة. الأمواج بتجيب لنا الحكمة، وإحنا بننقلها بهدوء من جذورنا وأوراقنا، عشان نفكر العالم إن الحياة أحلى لما بتكون متناغمة ونزيهة.

الاثنين، 16 سبتمبر 2024

تزوج الرجل الخشبي مع المرأة الطين

 

كان يا ما كان، في زمن بعيد، تزوج رجل مصنوع من الخشب وامرأة من الطين. كان الرجل الخشبي فخورًا جدًا بنفسه وبصلابته، يواجه الرياح والعواصف دون أن ينحني أو ينكسر. كلما اشتدت الرياح عليه، كان يقف بشموخ، يشعر بأنه لا شيء يستطيع أن يهزه. كان دائمًا يردد في نفسه: "أنا الصلب، لا يمكن أن أنحني أمام العالم مهما اشتدت التحديات."

أما المرأة الطينية، فكانت تنظر إلى نفسها بإعجاب أيضًا. كلما شعرت بلمسات الماء على جسدها، كانت تستمتع بقدرتها على إعادة تشكيل نفسها. كانت تعتبر نفسها رمزًا للجمال والمرونة، قادرة على التأقلم مع الطبيعة، وتقول في نفسها: "أنا الطينة الناعمة، الماء يزيدني جمالاً وحيوية، وكل قطرة تعيد لي نضارتي وتمنحني بريقًا جديدًا."

وفي يوم من الأيام، بدأ المطر ينزل بلطف على الأرض. كانت قطراته الأولى أشبه بلمسات حانية على جسد المرأة الطينية، وكأن الطبيعة تحتفي بها. شعرت بالانتعاش، وكأن كل قطرة تعيد إليها الحياة، تنعش بشرتها، وتزيد من نعومتها وجمالها. كانت تقف تحت السماء المفتوحة، تبتسم بصفاء، مستمتعة بكل قطرة تتساقط عليها.

كلما نزل المطر، كان جسدها الطيني يزداد ليونة، وكان قلبها يفيض بالشعور بالحرية والمرونة. كان بإمكانها أن تتشكل كيفما أرادت، والمطر كان يشكلها بأجمل صورة. شعرت وكأنها في انسجام تام مع الطبيعة، وكأنها جزء من هذا الكون المتجدد.

لكن سرعان ما تغير كل شيء. المطر الذي كان في البداية لطيفًا ومبهجًا، تحول إلى سيل قوي لا يتوقف. قطراته الخفيفة أصبحت مثل دفقات من الماء الغزير، تضربها بقوة. بدأت المرأة الطينية تشعر بشيء غريب، جسدها لم يعد يحتفظ بتلك المرونة والجمال المعتاد. كلما اشتد المطر، كانت تشعر وكأنها تذوب ببطء، تفقد شيئًا من نفسها مع كل قطرة.

لم يعد شكلها ثابتًا، بل كانت ترى نفسها تتلاشى تدريجيًا. حاولت أن تتمسك بما تبقى منها، لكنها لم تستطع. شعرت بالخوف، خوف من أن تختفي تمامًا، أن تتحول إلى مجرد طين بلا شكل، بلا هوية. كانت تراقب نفسها وهي تفقد كيانها أمام عينيها، تذوب وسط الماء الذي كان في البداية سبب جمالها وحياتها، لكنه الآن كان يهدد وجودها.

في تلك اللحظة، شاهدها الرجل الخشبي وهي تتلاشى تحت المطر. لم يكن يفهم تمامًا ما تشعر به، لكنه رأى خوفها وفقدانها. بدون تفكير، اقترب منها ليغطيها بظل جسده الخشبي، يحاول حمايتها من المطر. قطرات المطر كانت تتساقط على جسده الخشبي بلا هواده، لكنه لم يهتم. كان يريد فقط حمايتها، متأكدًا أن صلابته هي الحل. شعر بالفخر بنفسه وبقدرته على إنقاذها، وقال في داخله: "أنا الدرع الذي سيحميها من الذوبان و الفقدان."

لكن المرأة الطينية، حتى وهي تحتمي بظله، كانت تعرف أن الماء كان جزءًا منها، وأنها ستعود لنضارتها يومًا ما. كانت تعلم أن قوتها الحقيقية تكمن في قدرتها على التكيف والتجدد، لكن في تلك اللحظة، كانت بحاجة لصلابته ليمنحها وقتًا لتستعيد ذاتها.

ثم فجأة، اشتد البرق في السماء، وانقض بصاعقة على الأرض بالقرب منهما. كانت الصاعقة قوية، أشعلت النيران في الأشجار الجافة من حولهم. النار بدأت تنتشر بسرعة، تقترب من الرجل الخشبي، وهو يعلم أن النار قد تحوله إلى رماد في لحظات. المطر لم يكن كافيًا ليطفئ النيران، وكانت الألسنة تزداد اقترابًا منه.

وفي تلك اللحظة، شعرت المرأة الطينية بالخطر يقترب، وبينما كانت تحت ذراعه الخشبية، انطلقت بخفة من بين ذراعيه، لتلف جسدها الطيني حول جسده الخشبي. الطين بدأ يتشكل حوله كدرع حامي، يبرد النار ويمنعها من التهام خشبه.

ومن ذلك اليوم، تعلم كل منهما أن قوتهما الحقيقية ليست في صلابته أو مرونتها وحدها، بل في تكاملهما معًا. الرجل الخشبي كان يحميها من المطر، وهي كانت تحميه من النار. ومع كل تحدٍ يواجهانه، كانا يزدادان إعجابًا بصفاتهما الخاصة، فالرجل الخشبي أحب صلابته التي تميزه، والمرأة الطينية كانت فخورة بمرونتها وقدرتها على التجدد. لكن في نهاية المطاف، كانا يعلمان أن ما يجعلهما أقوى هو وجودهما معًا، حيث يكمل كل منهما الآخر.

الأحد، 15 سبتمبر 2024

لما الضحك يتحول لوجع

 


التنمر في الأسر هو واحد من المشاكل اللي ممكن تكون صعبة جدًا، لإنه بيجي من أقرب الناس لينا، أهلنا اللي المفروض يكونوا أكتر ناس بتحبنا وبتدعمنا. ساعات بيبقى فيه نوع من التنمر مش مقصود، زي لما حد في العيلة يتريق على شكل أو جسم حد تاني، ويقول كلام زي "إنت رفيع أوي" أو "رجلك الرفيعة دي مش بتاعت بني آدم طبيعي". الكلمة دي ممكن تعدي عند اللي قالها، لكنها تسيب علامة و وجع في قلب اللي سمعها، وده بيكون تنمر.


التنمر العائلي بيجي في صور كتير، مش بس على الجسم، ممكن يكون على التصرفات أو طريقة التفكير أو حتى الميول الشخصية. المشكلة الكبيرة إنه بيتغطى تحت شعار "إحنا بنهزر" أو "أنا بقول كده عشان بحبك". بس في الحقيقة، الحب عمره ما يكون مؤذي، وكلمة مؤذية بتوجع أكتر من أي حاجة تانية، خاصة لو جاية من حد المفروض إنه يقف جنبك.


لما الأهل أو الأخوات بيتنمروا على حد في العيلة، ده ممكن يسبب ضعف في ثقة الشخص بنفسه. وده ممكن يظهر في تصرفاته، يبقى مش عارف يتكلم أو يعبر عن نفسه، وكل مرة حد يوجه له ملاحظة يحس إنه أقل أو إنه غلطان. التنمر العائلي ممكن يسيب أثر طويل الأمد، وأحيانًا بيحتاج الشخص لسنين عشان يتعافى من الجروح دي.


عشان كده، لازم دايمًا نحاسب على كلامنا وسط أهلنا، خصوصًا مع الأطفال أو الشباب اللي لسه بيكونوا شخصيتهم. لو فيه ملاحظة أو حاجة عايزين نقولها، نتأكد إنها بطريقة لطيفة وبنّاءة. وفي نفس الوقت، لو حسينا إن حد بيتنمر علينا في العيلة، لازم نقف ونقول "لا". نحط حدود، ونفهمهم إن الحب الحقيقي هو اللي بيبني، مش اللي بيهد.


الحب اللي بنشوفه في العيلة لازم يكون حب من غير شروط، ومن غير أي نوع من الأذى النفسي. في الآخر، إحنا كلنا بنكبر سوا وعايشين مع بعض، ودي أحسن فرصة نكون فيها السند لبعضنا، مش نكون السبب في ألم حد مننا.

السبت، 14 سبتمبر 2024

الصياد و شجرة الأحلام

 


في ذات يوم سرحت مع نفسي و تخيلتني و أنا أصيد القمر، قلت في نفسي و لم لا، فأنا صياد و أستطيع صيد القمر.


 رتبت سنارتي و وضعت طعمي، و رميت به لأعلى نقطة في السماء. حاولت مرارا أن أصل بالسنارة للقمر، في بدره مرة و في هلاله مره. كل مرة أفشل في إمساكه على الرغم من ثباته و عدم تحركه.


و في يوم رميت طعما فيه حِلم فأمسك به القمر، و شد سنارتي بقوة. تمسكت بها و عافرتها و غلبتها. نعم، لم أصدق نفسي في هذا اليوم، أني إصطدت القمر.


سحبته بكل قوة و سرعة، فلا أريد أن يراني أحد، فيأخذوه مني. أمسكته بيدي، كم هو كبيرا في السماء و لكنه صغيرا في يدي. وضعته أمام بيتي تحت التراب لأخفيه عن عيون الناس.


و في الصباح، فتشت التراب عنه و حاولت ان أرفعه، و لكنه تثاقل بين ذرات الطين. تعجبت و حاولت ان أشده بقوة، فظهر لي و كأنه نما به جذورا. تعجبت و أصبحت أحفر حوله لأرى كم جذرا له نما تحت الأرض.


نما للقمر جذور، و كأنه شجرة. تعجب ثم و ضعته مكانه و صببت عليه الماء. و في اليوم التالي ظهرت شجرة صغيرة في مكانه، شجرة عجيبة. و كأنها ليست ككل الأشجار، إنها فضية اللون و أوراقها بيضاء لامعه.


تجمع الناس حول بيتي ليروا ما هذه الشجرة العجيبة. أمسك أحدهم بورقة منها و قطعها، و قال أن بها كتابة صغيره. و ضعها أمام عينه و نظر فيها و قرأ.


قرأ كلام حب و كلام عتاب و سؤال. تسأل ما هذا؟ فهل هي رسالة محب لحبيبته؟ ثم أخذ آخر ورقة و قرأها، إنها أم تدعوا لإبنها. و أصبح الناس يتهافتون على قطع الأوراق من شجرتي، شجرة القمر و الأحلام.


ثم جاء الليل، و لم يظهر فيها القمر. تجمع الناس و الكل ينظر للسماء يبحث عن القمر، قال أحدهم، إن ضوءا يخرج من تحت شجرة الصياد الفضية، شجرتي. تجمع الناس حول الشجرة ثانية، ثم حفروا تحتها فوجودا القمر مدفونا تحت التراب و الشجرة تخرج منه. حاولوا إنتزاعه و لكن جذوره إمتدت لداخل الأرض بقوة و ثبات.


*** باقي القصة في صفحة قصة الصياد و شجرة الأحلام ***

الجمعة، 13 سبتمبر 2024

من أكون


منذ حوالي سنتين قررت ان العب رياضه و ان اشد عضلاتي و اخس شوية. فشلت في الرياضه وهزمتني عضلاتي و لكني نجحت ان اخس.

اكتشف وقتها ان افضل حل لي هو ان اكتب، اكتب اي شئ، و في كل شيء اهتم به، و افكر فيه.

اكتشفت كم كنت بعيدا عن مهارة جميلة و كانها مهارة رياضيه، بعمل فيها عضلات برضه، بس عضلات دماغيه. كل كتاب اقراه و اي فيلم اشاهده و اي اغنيه اسمعها بتتحول جوايا لكلمات مبعثره و بحاول ان ارتبها، بدون معاير و لا ارشادات. اكتب و خلاص.

اكتشفت ان ذاكرتي دائما ما تتلاعب بالماضي بشكل مضحك ، و اني استطيع ان ارى شكل الماضي في صور عشوائية، كوميدية احيانا و احيانا مرعبه.

استطعت ان ارى مشاعري امامي تتحرك في كلمات، فنسجت بها معاني الحب و الكره و وضعتها بجمل تحمل في طياتها كثيرا منها. و كل ما احاول ان اكون حياديا في موضوع، تقوم عضلات مخي بمصارعتي لتتلف ذاكرتي و تقطع أحبال افكاري.

سألت نفسي مما اخاف، هل اخاف من المجهول؟ من الخسارة؟ من القدر؟ هل استطيع ان اراهن الحياة؟ هل خياراتي المستقبليه هي مصدر خوفي و رعبي؟

اكتشفت اني اخاف من التردد. و لو اردت ان انصح نفسي، فسأقول لها: لا تترددي و دعي خوفك وراء ظهرك، و لا تنسحبي، و حاولي، فالنجاح في المحاولة، و لا تحزني من الخساره، فكل الخسائر مكاسب.

بدأت بحب نفسي، ذاتي. بحثت في داخلي. رايت عظمة الخالق في الحياة، اخترت التأمل هواية. به رأيت الحب الذي يربط الأشياء ببعضها، مهدت لنفسي طريقا لحب أسرتي و اولادي و اصدقائي. و اقتنعت ان من لا يحب نفسه، فلن يحب احدا و لن يرى صور الجمال فيما حوله.

انها رحلة قصيره (مهما اصبحت طويله)، لن تفهم مكانك فيها إلا عند منتصفها، فوقتما تدرك، سيكون امامك فقط نصف الحياة او اقل قليلا. 

ستنظر بعين الحكمه الى ما فاتك منها، و بعين الندم على ما فرطت فيها، و بعين الرهبه فيما عرفته، و لكنك ستتجاهل، و ستتحول للهدوء و التقبل. ستختار مساحتك، و تهتم بهواياتك و بنفسك.

تذكر ان الجميع يقوم بتقييمك طوال الوقت، في البيت و الشارع و السوق و العمل. سيقيمك كل من ينظر اليك، بعين الحب او بعين الكره. سيقوم الجميع بوزنك، فهل انت ثقيل في الميزان فيختاروك، ام انك خفيف بلا قيمة كالهفئ و الصعلوك.

لن تكون ابدا كافيا، لا لنفسك و لا لأقرب الناس لك، فالراحه لن تكون صديقا، انها اختيار. ابحث دائما عن السكينة في احضان ابنائك و لو حتى للحظات. ضع بين يديك الفن النابع من الأنامل الصغيره، و توقف عند حكايات الطفولة، فهي البراءه.

ستجد ان مشاعرك تتضخم، حزنا و فرحا، كل الخيبات ستتذكرها، و كل الانكسارات ستكون امام عينيك، ستكتب عنها و تحولها لقصص ليس لها معاني حقيقية سوى خيبة امل في شكل بقيا أفكار.

الخميس، 12 سبتمبر 2024

فصل الأرواح

 


تخيل لو اكتشفنا سر رهيب و غريب، أن كل مرض له روح. روح تحاول تتلبس جسم الإنسان، عشان تلاقي لها شكل أو وجود ملموس. كل عرض بيصيب جسمنا ما هو إلا صراع بين الروح اللي بتحاول تفهم الجسم و تتحكم فيه، و بين الخلايا اللي بتحاول تدافع عن نفسها. كل ده في حرب غير مرئية داخل جسم الإنسان.


طيب لو لقينا طريقة نفصل الروح دي عن الجسم، مش العلاج هيبقى مختلف تماماً؟ هيظهر نوعين من الدكاترة و رجال الأعمال. النوع الأول هيقول: "نقتل الروح"، و ده هدفه الشفاء بأي ثمن، حتى لو مكسبه قليل. والنوع التاني هيفكر بطريقة أكثر براغماتية، يقول: "خلينا نفصل الروح و نحطها في جسم تاني لشخص أقل قيمة!"، و كأن حياة بعض الناس بقت مجرد أداة لعلاج الآخرين.


بمرور الوقت، العلاجات هتتقسم: علاج بيدمر الروح المرضية، و علاج بيحول المرض لجسم آخر، شخص آخر يموت بدالك عشان أنت تعيش.


فجأة، تلاقي نفسك قدام اختيارين لما تدخل مستشفى. يا إما تقتل الروح اللي جواك بالدواء المعتاد، أو تسلم شخص تاني ياخد مكانك و يشيل المرض عنك... و انت تخرج سليم.


تفتكر هتختار إيه؟

الأربعاء، 11 سبتمبر 2024

لو كنت مديرًا لشجرة

 


تخيل كده يوم تصحى وتلاقي نفسك مدير لشجرة! يعني إيه تكون مدير لشجرة؟ خلي بالك، الموضوع أكبر من مجرد ري أوراق وتقليم أغصان. دي مسؤولية ضخمة، كأنك ماسك فريق عمل كله عبارة عن فروع وجذور وأوراق، وكل جزء فيهم ليه مهمة خاصة.


أول حاجة لازم تركز عليها هي الجذور. آه الجذور! دي اللي مش بتبان، لكنها الأساس في كل حاجة. بالظبط زي المبادئ اللي بتحرك فريق العمل، الجذور هي اللي بتمتص المياه والغذاء من الأرض وتخلي الشجرة قوية. مسؤوليتك هنا إنك تضمن إن الجذور دي تاخد كل التغذية اللي محتاجاها. يعني لو الجذور سعيدة، الشجرة كلها سعيدة!


نيجي بقى للجذع. ده العمود الفقري، اللي بيربط كل حاجة ببعض. الجذع لازم يكون قوي، زي ما أنت لازم تكون صلب عشان تقدر تواجه الرياح والتحديات اللي بتيجي على الشجرة. لو إنت بتعمل شغلك صح، الجذع هيبقى زي الحديد، مستحمل كل حاجة!


ننتقل للأغصان، دي بقى الطموحات والآمال. الأغصان عايزة تطول وتكبر، بس لازم يكون فيه شوية تنظيم. متخليش الأغصان تكبر زي ما هي عايزة، لازم يكون فيه خطة منظمة. وتوزع الشمس والهواء والمياه بالتساوي عشان كل غصن ياخد فرصته في النمو. ده زي الفريق اللي كل فرد فيه محتاج دعم وتوجيه.


أما الزهور والثمار؟ دول بقى الـ"تشكيلة النهائية"، الإنجازات اللي الكل مستنيها. بعد كل التعب والاهتمام، لازم تراقب النتائج وتبقى مطمئن إن الثمار اللي هتطلع هتكون حلوة وجميلة. لأن دي الحاجات اللي الناس هتشوفها وتقول: "الله! شجرة دي جامدة، أكيد المدير بتاعها شاطر!"


إدارة شجرة هي مسؤولية تتطلب نظرة شاملة لكل مكوناتها. الجذور تحتاج للتغذية، والجذع يحتاج للصمود، والأغصان تحتاج للنمو بطريقة متوازنة، والثمار تحتاج للرعاية حتى تخرج بشكل جيد. وكل هذه الأدوار تتداخل مع بعضها البعض بشكل معقد، حيث يكون لكل جزء تأثير على الآخر.


فكما أن الشجرة لا تزدهر دون الاهتمام بكل أجزائها، كذلك المنظومة التي تديرها لن تحقق النجاح دون أن تهتم بكل تفاصيلها، من القيم الأساسية إلى النتائج النهائية.


إدارة شجرة مش مجرد مهمة روتينية، ده فن! لازم تهتم بكل حاجة، من الجذور لحد الزهور.

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024

الفضاء و السرطان ... بين الإستلهام و الإلتهام

  

كان أحد أصدقائي بيتكلم عن الفضاء والكون، وبدأ يربط بين جزيئات تكوين الحياة على الأرض وجزيئات تكوين الكون من كواكب ونجوم وأقمار. وقتها لمعت فكرة في دماغي، وهي: لو اعتبرنا الكون جسد حي ليه فسيولوجيا خاصة بيه (ممكن نسميها فيزياء الفضاء مثلًا)، ليه مايبقاش فيه أمراض زي السرطان؟

سخن عقلي وقتها، وحسيت إن الفكرة كبيرة لدرجة إني بدأت أفكر فيها بجنون. الكون فيه حاجة اسمها الثقوب السوداء، اللي بتمتص أي حاجة قريبة منها، حتى الضوء، وكأنها تبتلع كل اللي حواليها.

فوقتها سألت نفسي نفس السؤال بس بشكل معاكس: ليه مايبقاش في أجسامنا "ثقوب سوداء" تقدر تبتلع مسببات الأمراض والخلايا المريضة وتخرجها من نظام الحياة اللي في جسمنا؟!

تخيل معايا، لو الثقوب السوداء في الكون زي خلايا مناعية ضخمة، دورها زي الأجسام المضادة اللي بتحاصر وتلتهم الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض. في جسمنا، الجهاز المناعي بيحاول دايمًا يتخلص من الحاجات اللي تهدد حياتنا، لكنه مش دايمًا بينجح في مواجهة السرطان.

السرطان هو في الأساس خلل في الخلايا، بتخرج عن السيطرة وبتبدأ تتكاثر بشكل غير طبيعي من غير ما تتوقف. فلو فكرنا في الكون من نفس المنظور، ممكن نبص على الثقوب السوداء كأنها طريقة الكون في الحفاظ على النظام عن طريق امتصاص أي حاجة "تخرج عن النظام". وكأن الثقوب السوداء هي وسيلة الكون الطبيعية لعلاج نفسه من أي فوضى.

ولو جينا لجسم الإنسان، فين الثقوب السوداء اللي تقدر تخلصنا من الأمراض؟ ممكن نبدأ نتخيل علاج مستقبلي يكون شبيه بالثقوب السوداء، حاجة تبتلع الخلايا المريضة أو مسببات الأمراض وتخرجها من الجسد بدون ضرر لباقي الخلايا.

الفكرة دي بتفتح الباب لفهم أعمق لكوننا، وإزاي ممكن الكون يلهمنا في ابتكار حلول جديدة لأمراض معقدة زي السرطان. زي ما الكون عنده طرقه الخاصة في الحفاظ على توازنه، إحنا كمان ممكن نطور طرق تحافظ على توازن أجسامنا وتحمينا من الأمراض اللي بتخرج عن سيطرتنا.

فمين عارف، يمكن العلم في يوم من الأيام نستلهم من فيزياء الفضاء طريقة لإلتهام أمراض زي السرطان بطريقة مش بنقدر نتخيلها دلوقتي!

و يبقى الأمل ...

الاثنين، 9 سبتمبر 2024

أحب حبك

 

في كثير من الأحيان أجلس و أتفكر في معنى كلمة أحبك. قرأت عن الحب و أنواعه، الحب الديني التصوفي، الحب العذري الهرموني، الحب من طرف واحد الأفلاطوني. و لكني مازلت لم أعرف المعنى الدقيق لكلمة أحبك.

في نوع من الحب نقع فيه بشكل لا إرادي، نوع من الحب لا يمكنك أن تلمسه و لا تحسه، يدخل بين خلاياك و يجعلك تحب نفسك. تسائلت دوما ماذا يحدث لنا فسيولوجيا عندما نقول لأحد، أحبك. يقول العلم (المجرد من المشاعر) أن الحب شعور ينبع من القلب، يعمل كمسكن لحلات العقل، فينتج تفاعلات تقاوم الألم و تدخلك في حالة من الهدوء و السكينة.

إذن فالحب هو قرار، هو جملة تضعها داخل قلبك، ببساطة و فطرة و براءة محبة الطفل. ,و بالتالي فهو الإعتناء بالقلب (ليس مجرد الإنجذاب و التعلق)، فهو خليط من المشاعر العاطفية والعقلية المرتبطة بمن نحب. لذلك فالحب لا يظهر إلا من خلال نتائجه، كما قال محيي الدين بن عربي.

السؤال هنا، هل أحب أن أكون في الحبّ دوماً؟ هل أحتاج الحب لأستمرّ على قيد الحياة؟ أجاوب نفسي و أنا أسمع عبدالحليم و هو يقول الحب سيبقى يا ولدي ... أحلا الأقدار، فتسكن ألامي و تهدأ أفكاري، و ترجع مؤشراتي الحيوية لطبيعتها.

و لكن الحب ليس شعور أناني، فحبي ليس فقط لقلبي، و لكن لإعطاء السكينة لقلب من أحب. فحبي يجب ترجمته على من أحب، و يصل له كما يحب، فيشعر به و يطمئن به. وفي نهاية المطاف، أدركت أن أجمل ما في الحب هو أن يقول لك بكل صدق: أحب حبك الذي يسكن قلبي ويجعل حياتي أكثر جمالاً وسعادة.

الأحد، 8 سبتمبر 2024

صفات زوج المستقبل في عقل بنتي

 

أول ما سألت بنتي، اللي عندها 11 سنة، عن صفات زوجها في عقلها، شفت لمعة في عينيها وضحكة خفيفة كده. كانت متحمسة تفكر في الموضوع، بس في نفس الوقت، الموضوع كان بالنسبة لها لسه حاجة بعيدة وغريبة.

أول حاجة قالتها: "يكون طيب ويحبني"، بنتي كانت مركزة قوي على إن الشخص اللي تتجوزه في المستقبل يكون طيب. الفكرة دي طلعت عفوية وبسيطة، لأن الأطفال دايمًا بيدوروا على الحب والاهتمام. هما عايزين حد يكون معاهم في السراء والضراء، حد يحبهم من قلبه.

بعدين قالت: "يكون زي بابا... بس مش كله!"، هنا كانت المفاجأة. بنتي بتحبني وبتشوف فيا صفات كتير كويسة، وعايزة شريك حياتها يكون عنده صفات زي دي. بس في نفس الوقت، هي عارفة إن مش كل صفاتي بتعجبها. فيه حاجات في شخصيتي هي مش عايزاها تكون موجودة في زوجها. وده حاجة فرحتني، لأنها بتبين إنها بتفكر بعقلها في اللي يناسبها. بنتي عايزة شخص يشبهني في حاجات معينة، زي طيبتي واهتمامي بيها، بس هي مش عايزة كل صفاتي، لأنها بتدور على حاجات تكون أقرب لرؤيتها هي للحياة والسعادة.

ده بيدل على نضج كبير منها في التفكير، وإنها مش بس بتتبع اللي قدامها، لكنها بترسم طريقها بنفسها. بنتي مش عايزة تكون نسخة من اللي حواليها، لكنها عايزة تختار بحرص الصفات اللي تضمن لها حياة سعيدة ومليانة حب واهتمام بالطريقة اللي تتماشى مع شخصيتها وأفكارها.

الموضوع ده خلاني أفكر قد إيه أطفالنا بيشوفوا الحياة بنظرة نقية وبسيطة، وبياخدوا الأمور على طبيعتها. وفي النهاية، بنتي شايفة جزء من مثلها الأعلى في شريك حياتها هو والدها، لكنها برضو عارفة تختار اللي يناسبها ويخلي حياتها سعيدة زي ما بتحلم.

السبت، 7 سبتمبر 2024

قلب الوجود

 

بحثت طويلا عن المكان الذي ينبع منه الحب، و سألت كثيرا عن من علّمنا الحب، و فكرت كثيرا عن أول من أوجد الحب. رأيت حلما في أحد الأيام بأني أحفر في الأرض، في صحراء واسعه و قاحله، لا فيها زرع و لا حياة.

حفرت كثيرا و التراب غمرني من رأسي حتى قدمي، و لكني مازلت مشدودا كأن أحدا يقودني للحفر. حفرت نفقا يسير تحت الصحراء، أيام و ليالي و عرق و مجهود.

و عندها وجدت بابا صغيرا، صغيرا جدا، لا أستطيع حتى أن أفتحه من صغره. رقدت على الأرض و نظفت أصابعي من التراب، و حاولت جاهدا أن أمسك القفل. شددته بقوة، حاولت كسره و لكنه كان قويا للغاية. لم أعرف وقتها كيف أفتحه. لم أيأس و حاولت أن أحفر حوله و لكن الأرض كانت صخرية لا تتفتت و كأن الباب يخفي ورأه غرفة كبيره.

و لما هدأت و هدأت رغبتي في كسره، سمعت صوتا يأتي من داخله، صوتا كأنه صوت إمرأة. إنها تتكلم بلغة أعرفها و لكني لا أسمعها جيدا، صوتها كأني سمعته من قبل و لكني لا أتذكره. أريد أن أقترب من البابا، التصق به. حاولت جاهدا بأن أضع أذني على الباب لأسمع جيدا.

كتمت أنفاسي و حاولت أن أسمع الصوت و أُدخله في أذناي، تنصت بكل جوارحي، حتى قلبي لا أريد أن أسمع دقاته. دخل الصوت إلى قلبي و كأنه كان يكلمني، و تعرفت على ما كانت هذه المرأه تقوله.

كانت تقول: لقد عرفت مكاني، عرفت كيف تجدني، و لكنك لم تعرف كيف تفتح بابي، الباب إلي قلبي، فإحتياجات قلبي بسيطه، هو مفتاح، مفتاح واحد، و لكنك يجب ان تعرفه، فليس له بديل.

وجدت قلبي يرد عليها و يسألها من أنت و كيف أجد مفتاح قلبك. قالت: أنا قلب الوجود، قلب كل قلوب المحبين، قلوب التائهين و المحتارين. ستجد مفتاحي عندما تجد مفتاح قلب حبيبتك. 

حبيبتك التي تنتظرك، إذهب إليها، تكلم معها، و تعلم منها كيف تستمع لدقات قلبها. وقتها و وقتها فقط ستهدي هي إليك مفتاح قلبها و وقتها ستحصل على مفتاح قلبي. قلب الوجود.

الخميس، 5 سبتمبر 2024

النطاق المحدود بين رومنسية الزمن و منطقيته

 


الزمن، دايمًا بنشوفه بنظرتين: رومانسية ومنطقية، وكل واحدة فيهم ليها طريقة مختلفة في التعامل مع الوقت. من ناحية، الرومانسية بتخلينا نفتكر اللحظات الجميلة اللي عشناها، أو حتى اللي تمنينا نعيشها. بنعيش في الذكريات ونشوفها بألوان مختلفة، بنحس إن اللحظة دي كانت أحلى مما هي عليه في الحقيقة، زي لما نفتكر مكان كنا بنروحه وإحنا صغيرين ونحس إنه كان أكبر وأحلى بكتير.


على الناحية التانية، المنطق بيقول لنا إن الزمن ماشي على طول، مش بيقف لحد ولا بيرجع، بيمشي بخط ثابت وبيعدي بدون ما يهتم بمشاعرنا. الوقت بالنسباله عبارة عن أرقام وحسابات، وتخطيط للمستقبل ومسؤوليات لازم نعملها. النظرة دي أوقات بتخلينا نحس إن الزمن بيضغط علينا، وإننا لازم نجري ورا كل حاجة قبل ما الوقت يسبقنا.


التوتر بين النظرتين دول بنحسه في حياتنا كل يوم. ساعات بنبقى عايزين نستمتع باللحظة اللي إحنا فيها، نفصل ونعيش زي ما نفسنا، وساعات تانية بنبقى مجبرين نفكر في اللي جاي ونخطط له بخطوات مدروسة. الرومانسية بتدينا إحساس بالجمال في اللحظات اللي فاتت، أما المنطق بيفكرنا إن في حاجات لسة قدامنا محتاجين ننجزها.


اللي ممكن يكون غريب إننا نلاقي إن الاتنين دول مش ضد بعض زي ما بنفكر. بالعكس، هما بيكملوا بعض. الرومانسية بتخلينا نعيش اللحظة ونستمتع بيها، والمنطق بيدينا القدرة على التخطيط والنجاح في المستقبل.التوازن بين الرومانسية والمنطق هو اللي بيخلينا نعيش الزمن كحاجة فريدة، ما بين الحلم والواقع، وما بين الأمل والتفكير، و ما بين الرومانسيه و المنطقية.



الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

إدارة الزرع ... الإتقان والإخلاص

 

الزراعة تعلّم الأفراد قيم الإتقان والإخلاص في العمل بشكل عميق وملموس، وهي قيم يمكن تطبيقها في مختلف المجالات الإدارية. للحصول على إنتاج مثالي من الزراعة، يجب اتباع خطوات دقيقة ومنهجية بانتظام، مما يعكس أهمية الإدارة الجيدة والتخطيط الاستراتيجي.

أولاً، يجب البدء بتنظيف الحشائش والنباتات المتطفلة. من الناحية الإدارية، يشبه هذا تحديد وإزالة العقبات التي تعيق سير العمل بكفاءة. إذا لم تتم إزالة الحشائش بشكل صحيح، فإنها تستنزف الموارد وتؤثر سلباً على الإنتاجية. لذلك، يجب التعامل مع المشكلات من جذورها لضمان عدم تكرارها مستقبلاً، وهو ما يعكس أهمية الحلول الجذرية والمستدامة في الإدارة.

الالتزام بمواعيد الري والرش يعتبر مثالا على أهمية الالتزام بالجدول الزمني في إدارة المشاريع. كل نوع من النباتات يحتاج إلى كمية معينة من الماء في توقيتات محددة، تماماً كما تحتاج المهام المختلفة إلى موارد محددة في أوقات معينة لضمان النجاح. عدم الالتزام بالمواعيد يمكن أن يؤدي إلى خسائر، سواء كان ذلك في الزراعة أو في المشاريع الإدارية.

في حال زراعة أشجار الليمون مثلا، يُظهر تفقد الأشجار وقطف الليمون الناضج أهمية المراقبة المستمرة وتقييم الأداء. عند قطف الليمون، يجب الحرص على عدم إتلاف الفروع لضمان استمرار الإنتاج. هذا يعكس أهمية الحفاظ على الموارد البشرية والمادية لضمان استدامة الإنتاجية في المنظمة.

تقليم الأشجار بانتظام لتحفيز نمو الفروع الجديدة وزيادة الإنتاجية يشبه عملية تقييم الأداء الوظيفي وتطوير الموظفين. كما أن التسميد الجيد يوفر العناصر الغذائية الضرورية للنباتات، مما يشبه توفير التدريب والتطوير المستمر للموظفين لزيادة كفاءتهم وإنتاجيتهم.

إدارة الآفات والأمراض في الزراعة تتطلب مراقبة منتظمة واستخدام المبيدات الطبيعية أو العضوية للحفاظ على صحة النباتات بدون الإضرار بالبيئة. في الإدارة، يشبه هذا مراقبة بيئة العمل ومعالجة المشكلات بطريقة لا تضر بالثقافة التنظيمية أو البيئة العامة للعمل.

في النهاية، تتطلب الزراعة صبراً وإخلاصاً كبيرين، وهما قيمتان جوهريتان في الإدارة الناجحة. الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والعناية اليومية بالنباتات يضمن الحصول على محاصيل جيدة وصحية، كما أن الاهتمام بالتفاصيل والتفاني في العمل الإداري يضمن تحقيق أهداف المنظمة بفعالية وكفاءة. من خلال تطبيق هذه المبادئ الزراعية بشكل منتظم، يمكن للإداريين تعلم الكثير عن الإتقان والإخلاص في العمل، مما يعزز من قدرتهم على إدارة فرقهم ومشاريعهم بنجاح.