الخميس، 13 يوليو 2023

ماذا بعد الفساد ...


سألت نفسي لماذا يفسد الناس عندما يفسد الحكام و ماذا سيحدث إذا ظل الفساد مستمرا؟ حاولت مرارا الإجابة و سألت العديد من
الناس و توصلت لعدة إجابات

الناس لا تفسد بسهولة، و فساد الطبقة الحاكمة لا يعني فساد الأمه، و إذا كان من الصعب علاج فساد الحكام، فليس صعبا علاج فساد
المجتمع

ثانيا، لا يفسد الناس إلا عندما يشتد عليهم الظلم و تقل حرياتهم و يزداد طمع الحكام في أموالهم، فيقل نشاطهم و تقل تجارتهم و بالتالي يخفون أموالهم. فيصبح الحكام أكثر شراسة و تكون المصادرات و الإعتقالات و سفك الدماء، فيختفي الأغنياء و ينتشر الفقر

و يتحول الطامحين من أصحاب الأموال إلى خدمة الحكام و تتحول التجارة و الصناعة من خدمة الناس إلى خدمت نفوذهم فيزدادون ثراء و يزداد عامة الناس فقرا

طبعا لا أقصد بالفساد هنا هو الإنصراف للملاهي و الملذات فمعظم الحكام لا يتجهون لهذه الأنواع إلا إذا إطمئنوا من الناس، فخوفهم و خوف حاشيتهم على مكانتهم و خوف التُجار على أموالهم لا يدع لهم راحة بال للإستمتاع و التلذذ. أقصد هنا بالفساد هو إتباع منهج مصمم للإفقار و النهب

ثالثا، إذا ظل الفساد مستمرا و الناس تزداد فقرا و جوعا و مرضا، ففي هذه الحالة لن يكون لهم إلا حلين لهم نفس النهاية، الأول هو المطالبة بحاكم آخر أكثر قوة فيظهر على الساحه من يستطيع فرض سلطته و يقضي على الحريات تماما و يحكم بالناس على الناس و لمصلحة نفسه و جماعته، ثم يأتي غيره أكثر إستبدادا و طغيانا، ثم يأتي آخر أكثر عنفا، و عندما يجد الناس من يصلح فيثوروا لتنصيبه، سيكون مصيره التنكيل و الغدر و القتل

و لنا عبرة في أيام حكم الأمويين و المروانيين و حصول الغدر للخليفة الراشد عمر إبن عبد العزيز. و لنا عبرة أخرى في تدهور حالة الرومانيين بعد الامبراطور أغسطس لما أصبح الحكم بالعنف و القهر و القتل و الإفقار هو عنوان كل حاكم، فإنتهت الدولة و سقطت

و الحل الثاني هو الفوضى و الحروب بين الناس و بالتالي إنقسام البلاد لقطع صغيره يحكمها المستبدون و تظهر الإقطاعيات من جديد و لنا أن ننظر إلى الأندلس بعد نهاية الحكم الإسلامي و بداية ظهور الدويلات القطاعية و حدوث الحرب العالمية الأولى

و كلا الحلين يؤديان في النهاية إلى نفس النتيجة و هي التفكك و الإنحلال و فقد الناس ثقتها في القادة سولء المتمسكين بالسياسة أو المتمسكين بالدين



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق