#بقايا_أفكاري
كان فيه وزة عادية جدًا، عايشة وسط قطيعها، تاكل عيشها على قدها، وتتمشى على راحتها جنب المية. عمرها ما كانت تحلم بأكتر من كده. لحد ما في يوم، صادفها صقر، اعجبت بقوته، و بنظرته. و قالت له علمني اكون صقر.
الصقر ده علمها ازاي ترفرف بجناحاتها زيه، ازاي تاخد نفسها جامد، وازاي تقاوم الهوا وتطير.
الوزة فكرت و اتشجعت. حاولت مرة واتنين وعشرة، ولحد ما في يوم، طارت!
مش طيران خفيف كده زي باقي الوز، لا، طيران عالي بجد. وشافها القطيع كله، وانبهر بيها.
لكن مع الطيران، حصل حاجة غريبة... الوزة وهي فوق، بدأت تحس إنها مش وزة خالص.
بدأت تقول لنفسها: أنا مش زيهم. أنا أعلى. أنا صقر!
ابتدت تبعد عن القطيع، تترفّع عليهم، تشوفهم بعين تانية... عين فيها تعالي.
نسيِت ضحكتها وسطهم، نسيت خطواتها التقيلة على الأرض، نسيت إنها كانت واحدة منهم.
ومع كل يوم بيعدي، كان جواها بيكبر شعور مش طبيعي... شعور بالنشوه أو بالمعنى الحقيقي بالتشوه.
مش في شكلها ولا في صوتها، لا... التشوه كان في عقلها وفي أفكارها و في قلبها.
بقت تحس إن الوز اللي في المية مش شبهها، والانعكاس اللي بتشوفه مش بيمثلها. كانت عايزة تصدق إنها صقر، بس كل حاجة حواليها بتفكرها إنها وزة...
رقبتها الطويلة، مشيتها المتختره، منقارها العريض... كلها حاجات بتشدها للأرض، وهيا بتحاول تطلع للسما ...
بالعافية.
وبدل ما الطيران يبقى فرحة ليها، بقى عذاب. كل ما تطير، تحس إنها بتهرب من حقيقتها. وكل ما تبص تحت، تحس بقرف...
هي دلوقتي لا بقت صقر، ولا فضلت وزة.
بقت كائن مشوه، تايه بين السما والأرض.
لحد ما في الآخر، الصقر كَلها. مكنتش تعرف أنه علمها علشان يستمتع و هو بيطاردها. كان عاوز شوية تحدي في الصيد.
هو دور كتير و مكنش عارف يهجم على الوز و يخطف واحده. لان عندهم تكنيك بيخليها تشوفه من بعيد، و تلحق تستخبى.
و لما قربت منه الوزة، عينه لمعت. لقى اللي نفسه فيه من زمان. وزة كارهه نفسها، عاوزه الأحسن و الأقوى، عاوزة المختلف.
وفي الآخر، و هي جناحها بيتكسر فهمت الدرس القاسي: الطيران مش بيغير الأصل. و الكبرياء اللي مالهوش أساس، بيكسر الروح قبل ما يكسر الجناح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق