الأطفال مثلهم كمثل أي إنسان تتولد بداخلهم مجموعة من الدوافع و القوى المحركة لتلبية أهوائهم و لإشباع رغباتهم. و في أوقات النمو الأولى، من عمر سنتين تقريبا، تكون هذه الدوافع ملحة لدرجة تجعلهم يتباكون في سبيل الحصول عليها
و كأباء و أمهات لا ننظر لهم من ناحية محاولة فهم لدوافعهم و إحتياجاتهم، حتى لو كانت سطحية و طفولية، و ننظر لهم من ناحية خبراتنا الطويلة و كأننا نفهمهم. و طبعا يقابل الصراخ بصراخ و العنف بالعنف و يتحول الإحتياج لصراع نهايته كبت لرغبة الطفل و بالتالي تتولد بداخلهم ذكريات تتصارع فيها رغباتهم مع رغبات والديهم
ينشأ الأطفال و في شخصياتهم هذا الصراع بين الرغبة في التعبير عن إحتياجاتهم و الخوف من الأذى، سواء أذى نفسي نتيجة خصام الأباء أو أذى بدني نتيجة ضرب أو عقاب، و يتمثل الصراع في شكل مشاعر من الخزي و النقد و الرفض و الخجل و الخوف
و عندما تتبلور القيم و تتحكم الأخلاق في ردود أفعال أولادنا، تتحول الذكريات بداخلهم إلى حالة من القلق و تصبح شخصياتهم ضعيفةو هشة. و كمحاولة للتعايش مع دوافعهم و إحتياجاتهم بدون الدخول في صراع آخر، يلجأون لحيل دفاعية لحماية أنفسهم من الشعور بالخزي و الألم
فيلجأون لإنكار و جود هذا الإحتياج أساسا و يقنعون أنفسهم بأن هذا الإحساس خطأ و أنه فكرة شيطانية غرضها التذليل، أو يلجأون لإسقاط الرغبة الملحة على رغبة أخرى و لكنها لم تكتمل فتنشأ سلسلة من الرغبات الغير مكتملة و المنكر وجودها، ثم تأتي الحالة الأخيره و الخطيره فيزيلون الرغبة أصلا من وعيهم و تتحول فكرة وجودها كأنها رغبة غير إنسانية
طبعا هذه الرغبات تتغير مع كل تحول في الشخصية و الصعود في سلم النضج إلى إحساس شديد بالنقص يقابله كره للذات و للمجتمع، أو يتحول إلى شخصية شرهه لا تشبع أبدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق