الخميس، 11 يوليو 2024

الإستثنائية و الإنتهازية

 

لقد لاحظت في الآونة الأخيرة أن الكثير من الشباب يسعى لتغيير بعض المفاهيم المعروفة إلى مفاهيم جديدة، تستدعي فهمهم الكامل لأهمية الاعتماد على النفس وكيفية تحقيق أحلامهم وفهم شخصياتهم.

يحاول الشباب بناء ثقافة شخصية أكثر استقلالية، وتجهيز أنفسهم للانخراط في مجال العمل بصورة فردية وأكثر تنافسية. نتيجة لهذه الثقافة، تم استحداث معاني جديدة للفشل تعتمد على: قلة الشغف، انعدام الطموح، وعدم القدرة على استغلال الفرص. وفق هذه النظرة، أصبح البحث عن الاستثنائية هو الطريق الوحيد الناجح لتحقيق مكانة في المجتمع وسوق العمل.

وبالتالي، أصبحت معاني الاستثنائية مجردة من القيم الأخلاقية والإنسانية، وأصبح من المسموح تسلق زملائك وأقرانك لاقتناص الفرص منهم. أصبحت الوصولية فضيلة يتشبع بها الشباب للتسابق نحو مراتب الترقي الوظيفي.

لم يعد مهمًا أن تكون لك سمعة طيبة بين الناس أو سيرة جيدة بين الزملاء، بل الأهم هو أن تكون استثنائيًا (أو انتهازيًا) لتثبت قدرتك على الوصول والتحدي واستحقاق الاستثمار في تطويرك، وهذا يعتمد كليًا على مدى قربك من رؤسائك وأصحاب الأعمال.

هذه النظرية تستند على فكرة أن الإنسان يتعرض لقوتين متضادتين في حياته يحاول التملص بينهما: القوة القهرية الجبرية من ناحية، والقوة الناعمة والإغراءات من ناحية أخرى. فأي من القوتين تستطيع أن تضغط لتشوه مفاهيم الشرف والأمانة لتحولها إلى انتهازية أو استثنائية؟ الشخص الناجح في التملص من بينهما يعيش حياته بهدوء، بعيدًا عن أن يكون قاهرًا لمتابعيه أو موظفيه أو حتى أولاده.

أتمنى أن نتذكر أن القيم الأخلاقية والإنسانية هي الأساس الذي نبني عليه حياتنا. النجاح الحقيقي يأتي عندما نحافظ على نزاهتنا ونحترم الآخرين في رحلتنا نحو تحقيق أحلامنا. و نبقى أوفياء لقيمكم، ويجب علينا ان نتذكر أن الاستثنائية الحقيقية تتجلى في قدرتكم على التمسك بالحق والعدالة في مواجهة التحديات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق