يوجد سؤال مهم يجب الإجابة عليه بمنطق التاريخ و هو هل يعد قبول الظلم و عدم الثورة عليه دليلا على الخضوع و الضعف و هل يطمئن المستبد بهذا الهدوء أم يعتبره هدوء ما قبل الكارثة.
تقول إحدى وجهات النظر الانثروبولوجية التاريخية أن المواجهات العنيفة التي تحدث بين الأقوياء و الضعفاء لا تأتي بثمارها. فالضعيف يكون ضعيفا في المواجهة، ولكنه هو نفسه قوي في التحمل و الصبر، و المكسب يحصل عليه صاحب النفس الأطول و ليس الأقوى.
الضعيف الخداع و الإنسان الخائف من آراءه و الغير حر عند حضور السلطة يعتمد على حيلة لبس الأقنعة فيلبس أمام السلطة الغاشمة وجه الذل و المهانة لخوفه من ثوراتها و ليبتعد عن مشاكلها و من خلفها يلبس قناع السخرية و التهكم ليحول بطشها و طغيانها إلى أضحوكه و نكات فيقلل من هيبتها و يكشف أسرارها. و طبعا يزداد سمك القناع بزيادة حدة القمع و القتل.
تعتبر هذه الطريقة واحده من طرق المقاومة المستترة للأمم فتظهر التلميحات و المجازات و تنسج الحكايات و الأغاني و الكثير من حيل الغمز و اللمز و لكنها تنذر بوقت تتحول فيه كل هذه السخرية من السُّخرة إلى الصخرة التي يتحرر عندها المهدَّد و يتحول إلى مهدِّد.
يظل سلاح السخرية في الظل و الخفاء سلاح بارع في مقاومة السُّخرة و الإستبداد تهز له عروش الحكام و تعتبر تهديد بضياع هيبتهم و ذكراهم و يذكر لنا التاريخ القيصر الروماني الملقب بتاجر السردين، و يذكر الأعرج و إبن الزرقاء و الخليفة الناقص و الخليفة الحمار و عين القملة و البقرة الضاحكة و على كاكا العاجز و سيذكر لنا التاريخ أيضا ألقاب و لكنها ستصبح علامه عند زوال أصحابها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق