الأحد، 26 مايو 2024

الطبع و التطبع ... لعبة الخبرة بين الوراثة و التربية

 

عند صياغة قضية الطبع و التطبع في نظام التربية و تأثير الموروثات على شخصية الأطفال و سلوكياتهم و تبادل الأدوار مع البيئة المحيطة بهم، سنحتاج إلى رؤية أبوية لمسارات واضحه للطفل يرتقي فيها من وقت طفولته و نشئته إلى رشده ثم إلى ما بعد رشده.

في البداية يجب أن نتفق على أنه لا يوجد طبع في مقابل التطبع فالكلمتان غير متضادتان و أنه يوجد دائما طبع و تطبع. فالشخصية تتغير بإختلاف الخصال المزروعة فيها و تتفاوت بإختلاف الظروف البيئية الموجوده و الغير متوقعه في بعض الأحيان.

فلو نظرنا بعمق لداخل الأسرة الواحده، على أساس تحيد فكرة الظروف البيئية، لوجدنا أن الأطفال ينشؤن بطباع مختلفه و بطرق إستجابه مختلفه. 

و هنا تأتي الفكرة و السؤال، هل الموروثات تتأثر ببيئة التربية أم العكس بيئة التربية تتأثر بالموروثات؟ و لنزيد الموضوع دقة سأسأل نفس السؤال بطريقة مختلفه و هو ما هي أوجه التفاعل بين التربية و الوراثة لتكوين الإستجابات النفسية؟

فلو جئنا بمجموعه من الأطفال الأصحاء و المتربين جيدا و وضعناهم في بيئات متخصصه و تحت ظروف محدده، فسينشؤن كما تم التخطيط لهم بغض النظر عن ميولهم و إهتماماتهم أو أصولهم و موروثاتهم، و هذا يؤكد فكرة أن البيئة ممكن أن تساعد في تغير التربية.

و عندما قام جالتون، و هو مؤسس نظرية و علم الوراثة السلوكية، بدراسة حول الأطفال التوائم المتشابهين و الغير متشابهين فوجد أن المتطابقين بالوراثة تختلف شخصياتهم عند ولادتهم و تتشابه كلما تقدمو معا في العمر، بينما عند غير المتشابهين وجد أن إختلاف الشخصيات يستمر حتى عند تربيتهم في بيت واحد، و هذا يؤكد فكرة أن التربية وحدها لا تكفي و إنما تلعب الوراثة دورا مهما في تحديد نوع الإستجابة.

يتجه كثيرا من علماء النفس للإجابة على نفس السؤال بعمل نظريات فيها أن الموروثات أو الجينات تستطيع التحكم في السلوك الغريزي و أن الأداء البيولوجي أو التربوي يتحكم في السلوك المُتعلَم. و لكن الموضوع سيزداد تداخلا إذا ما فكرت في إدخال الخبرة و دورها في تغير السلوك. فالأطفال يستطيعون إدخال خبراتهم، أو نتيجة تربيتهم، في سلوكياتهم الغريزية و عندها سيثبت السلوك في نفوسهم و يعتبر من شخصياتهم.

و ما يحدث عند الأطفال يتكرر عند الشباب، و هو إدخال الخبرة أو المعرفة المسبقة بردات الأفعال عند إتخاذ أي قرار. فتتطبع الإستجابة بغير طبع التربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق