حضارة الأذكياء ... ناس أقوياء و ناس أصحاب فكر

في ناس ذكية بتقول إن الحضاره الإنسانية و مكتشفاتها ترجع إلى الذكاء الإنساني وحده و أن التجربة أو الظروف التي تحفز على الإكتشاف و الإختراع هي وسيلة الأغبياء. ففي مفهومهم أن الأذكياء فقط هم من لهم الأحقية في قيادة المجتمعات لأنهم بهذا الذكاء هيوفروا وقت و مجهود للوصول إلى الحضارة

و في ناس ذكية بتقول إن مظاهر الحضارة ما هي إلا إهداءات من الآلهة - على إعتبار أن للكون آلهة كثيره - و أن لكل مظهر أو فرع من فروع الحضارة إلاها يخلقها و يتحكم بها و يهديها للبشر الصالحين. و وصل بهم الأمر إلى جعل للزراعه - وهي مجرد رمي بذرة في الأرض و ريها بالماء - إلاها خاص بها، وجعل سريان الماء في الأنهار إلها خاص بها. و لإكثار الهدايا و الأعطيات عبدت الآلهه و ذَبح لها الإنسان الجميلات من الفتيات

و في ناس ذكية بتقول أن ربنا أعطى للإنسان عقل و حكمة و أنه إهتدى للحضارة بعقله و سار في تطورها بحكمه نتيجة التجارب و الأخطاء و نتيجة الإحتياجات و المعاناة. و قالوا أن فطرة الإنسان على البقاء حيا و تلبية إحتياجاته هي مولدة القدرة على التفكير و التغير. و عند تعاون البشر مع بعضهم تحصل الكفاية. و أن الله خلق لكل واحد صفة مميزه له ، فإذا إجتمعت الصفات إكتمل البنيان. منطقهم هنا يعتمد على الفكر و اليد

الفكرة هنا أن طريق بناء الحضارات صعب و طويل و يعتمد على قناعات و أفكار الناس إللي هتقوم الحضارة على أكتافهم و كمان يعتمد على قدرتهم على مواجهة التحديات و تذليل الصعاب. عمر ما الحضارات تقوم على ناس أذكياء بدون قناعه و لا على عباد بدون عقل و لكنها تقوم على ناس أقوياء و أصحاب فكر

رصيد الإمتنان أو الإمتناع

في نوعين من الأرصدة بتكون موجوده بين الزوجين، غير طبعا الفلوس، هما رصيد الإمتنان و رصيد الإمتناع

الإمتنان للمواقف إلي وقفنا فيها جنب بعض، وقت المرض و وقت الضعف و وكمان وقت الحاجه. وقت ما بنضغط على بعض من غير ما نشكي و نبكي و لا كمان نشك. الرصيد دا بيتملي بالود و الرحمة

الرصيد التاني بقى هو رصيد الإمتناع بيكون عبارة عن رصيد من العداوة، عداوة مخفيه، سرية، فيها رغبة دفينة للإنتقام. الرصيد دا بيتملي وقت أن الشريك مش بيعرف يرحم و دائما بيتذمر و يشك و كمان يهدد و ممكن يسخر. هنا هينمو شعور من الألم و المراره يتحول مع الوقت إلى حقد و عداوة. و نبدأ ننتهز لبعض الفرص لرد الإمتناع و التنكيل بالشريك

نمذجة الطفل ... بين إكتساب السلوك و أدائه خبرة المُربي

في نظرية تعليمية بتحاول الإجابة على سؤالين مهمين في تربية الأطفال. السؤال الأول هو، هل ممكن أن يتعلم الطفل سلوك معين نتيجة مشاهدته فقط و السؤال الثاني هل نظام الثواب و العقاب يمثلوا مفاتيح لأداء و تقليد هذا السلوك

في تجربة أحضروا مجموعة من الأطفال و جعلوهم يشاهدون شريط مسجل لقدوة لهم و هو يقوم بسلوك عدواني بضرب دمية بلاستيكية، ثم ينتهي المشهد

ثم قسموهم إلى ثلاثة مجموعات، المجموعة الأولى شاهدت نفس المشهد للمرة الثانية و لكن يتبعه مشهد مكافئة للقدوة بعد قيامه بالسلوك نفسه. و المجموعة الثانية رأت قدوتهم و هو يعاقب على سلوكه. و المجموعة الثالثة شاهدت نفس المشهد و لكن بدون ثواب أو عقاب كتكرار فقط للمشهد

ثم وضعت الثلاث مجموعات مع بعضهم في غرفه واحده مع دمى بلاستيكية بعضها تشبه دمية الدراسه و البعض الأخر لها شكل مختلف، و وضِعوا تحت المشاهده للكشف عما سوف يعبرون عنه من السلوك العدواني تجاه الدمى

أظهرت النتائج أن الثلاث مجموعات أظهروا قدرا من مظاهر السلوك العدواني و لكن فقط في وجود حافز بالثواب كالمكافئات او التصفيق. بمعنى آخر أن الأطفال تعلموا أو إكتسبوا السلوك العدواني من المشاهدة فقط و لكنهم لم يقوموا بالسلوك نفسه إلا بوجود محفز خارجي بالثواب. و وجدوا أن تأثير السلوك العدواني أقل عند أطفال المجموعة الثانية الذين شاهدوا أن قدوتهم قد عوقب على فعلته بالتوبيخ

معنى هذا أن نظام الثواب ضروري لتقليد السلوك و لكنه غير ضروري لإكتسابه. و أن الخوف من العقاب يردع عن عمل هذا السلوك

الفكره هنا تتضمن مفهوم النمذجة عند الأطفال، أي أن الطفل يقلد نموذجا خاصة به من قدوته كالأب و الأم و الأخ و المدرس و يكتسب سلوكياته و إنفعالاته و لكنه لا يقلدهم إلا إذا رأى أنه سيثاب عليها. و بالتالي فتربية الأطفال تتضمن في فكرتها الحذر من فعل ما هو غير تربوي أمامهم و خاصة عندما نصطحبهم مع أصدقائنا. و وضحت هذه التجربة أيضا أن مدة مشاهدة الأطفال لردود الأفعال حتى و لو كانت مدة قصيرة إلا أنها تظهر بوضوح. و أن الإنفعالات لا تتطلب معايشه حقيقية لإكتسابها فكثيرا مما يتعلموه يكون بالعبرة

الفكرة الثانية هي إكتسابهم سلوك آخر كرد فعل على الثواب و العقاب و يسمى التشريط بالعبرة، بمعنى أنهم عندما يشاهدون نموذج يعبر عن الخوف مثلا نتيجة العقاب فسيتكون لديهم ردود إنفعالية داخلية لأفعال الخوف، فمثلا تجده يخاف أن يتكلم أو يلعب أو يتحرك حتى لا يُعاقب. و بالمثل لو شاهد محفز للثواب تجده يتحرك و يتقن عمله للحصول عليه

الإستقلال و الذات المزيفه

الإستقلال في أغلب الأمر مرض ينتج من الإحساس بالدونية أو بالقهر. الشخص المريض ببارانويا الإضطهاد و الأناني و النرجسي و المغرور المتعالي و المنتفخ بجنون العظمه دائما يرفض الدخول في مجموعات إنسانيه كبيرة أو صغيرة زي الأسرة أو المجتمع و يرفض الإنصياع للأوامر أو حتى لأي كلام و دائما ينظر لنفسه على أنه مستقل و تفكيره أعلى و أصح

أي إنسان قادر على أن يخلق لنفسه ذات غير حقيقية، مزيفه يعني لخدمة نفسيته المريضه الحالمه و الكاذبه هو أبدا لا يكون في مشكله و لا يدخل في صراع مع نفسه ولا يتدخل في مسؤوليات من شأنها إظهار ذاته الحقيقة

المزيفون يتصورون وهما أن الناس يحاولون إختزال دورهم و إقتصاص حريتهم و سجنهم. ودائما يطالبون بصوت عالي بالحرية، و يثورون من أجل قضايا وهمية و غير حقيقية كقضايا السيطره و الخضوع و قضايا عدم الإحترام و المعامله بالدونيه و قضايا توزيع الأدوار. هؤلاء لا يكونوا إلا مزيفين و غير صالحين و ليس لهم أي دور و هم أصلا عاله و منتفعين

و سيضعنا هذا الكلام أمام سؤالا: إذا كانت الاستقلالية هي ما عاشوا من أجله فماذا سيفعلوا حينما يصبح الإبقاء عليها مستحيلا؟

أفكار خارجة عن النص و عن الخيال

يعتبر مرض السرطان مرضا من الأمراض التي تنهي الحياة إذا لم تعالج. و نتيجة إنتشاره - أو إنتشار طرق تشخيصه - بدأت مناحي مختلفه من العلم و العلماء دراسته و دراسة طرق إنتشاره و طرق علاجه

بدأ العلماء في مختلف المجالات يهتمون بالخلية الحية و يسعون لدراستها من وجهات نظر جديدة. فالفزيائيون إهتموا بالبيولوجيا و درسوا السرطان بإعتباره تفاعلات كمومية، و المهندسون درسوا القوى الميكانيكية للخلايا، و حتى علماء الفضاء يدرسون السرطان خارج الأرض

و بدلا من إستخدام مصطلحات الكيمياء الحيوية في الدراسة تداخلت مصطلحات أخرى بعيده كالمرونه و الليونه و السرعه و زواية التحرك و الإسقاط و البلورة في شرح السرطان

و بإستخدام نفس الفكره طبق علماء الإتصالات نظرية إنتقال المعلومات عن طريق إشارات الراديو و إعتبروا الخلايا مولدات للذبذبات. و إستطاعوا فصل ترددات خلوية خاصة و متوافقه مع الحالات المرضية. و منها وصلوا إلى طرق لإعادة تطبيعها و توليفها

الفكره هنا أن مع الوقت ستكون الطرق الكيماوية و الإشعاعية للسرطان مجرد خطوات - قد تُمنع - في العلاج. و سيتم إستيراد أفكار - خارجة عن النص و عن الخيال - من مختلف المجالات للتضافر ضد السرطان و ستظهر علاجات أكثر فعالية و أكثر ذكاء في تكميمه و الحفاظ على الحياة

و يبقى الأمل

وحش الماضي و أعمق أعماق الشعور

أوقات تلاقي شباب و بنات في بداية زواجهم و بعد هدوء عاصفة الحب الهرمونية يبدأ بإستعادة وحش الماضي السحيق. وحش يعيش في أعمق أعماق مشاعرهم. وحش يأكلهم و يأكل كل فرح و خير بداخلهم. الوحش دا هو جلد الذات و عقابها

إحساس بيخليهم يفقدوا معنى كل حاجه حلوه و مش بيعرفوا يعيشوا اللحظات الجميلة. تلاقيهم بيدمروا الحب إلي بينهم لحد ما يدمروا الزيجة كلها و يحصل طلاق. الأمر بيصل بهم إلى الإعتراف بأشياء و خيانات لم تصدر عنهم أصلا. الإحساس دا بيجسد لوحش همه الأول و الأخير هو قتلهم و قتل كل ما يجلب لهم السعاده و الراحة

و دا يعتبر نوع من أنواع الأمراض العقلية أو إكتئاب أو بداية فصام، و قد يكون في بعض الأوقات أحد أعراض إضطراب الشخصية

و الأفكار ده و غيرها بيقدر الأطباء النفسيين كشفها بسهوله بمجرد الحفر جوا شعورهم. و علشان كدا أنا أؤيد و بشدة التقييم النفسي قبل الزواج للطرفين و آبائهم كمان

تعليم الإنتظار

يعتبر مفهوم الإنتظار عند الأطفال عاملا يصعب تحقيقه و يحتاج لمهارة و تربية و تعود. فكرة الإنتظار تشمل في داخلها مفهوم الإشباع، فعندما يشبع الطفل يسهل عليه الإختيار بين الحصول على المتاح الآن في مقابل الإنتظار للحصول على شئ آخر أكثر قيمة و لكنه غير متاح الآن.

الإستعداد لتحمل هذا الإنتظار عند الأطفال يحتاج إلى دافع و قدرة على كبح النفس للحصول على المرغوب و صرف الإنتباه عن الغير مرغوب

فمن أهم المسؤوليات التي تقع على كتف الأباء في تربية أولادهم هي مساعدتهم على خلق هذا الدافع و هذه القدرة و أيضا تنظيم أفكارهم و تحديد أهداف لهم في الحياة، سواء قصيرة أو طويلة، سهلة التحقيق أو بها شئ من التعقيد و تعليمهم طرق تجاهل الإغراءات الكثيره و الأقل قيمة في سبيل الوصول لذات القيمة الأعلى

و من ناحية أخرى فعلى الأباء أنفسهم تعلم طرق التفكير الخاصة بأولادهم و طرق تكوين شخصياتهم و فهم إنفعالاتهم و سلوكهم و بلورة توقعاتهم و الأهم هو مساعدتهم على تكوين الدافع الداخلي لديهم و بناء معهم هدف يسعون إليه و يكون لهم وجهة

هراء

 

قامت إحدى الصحف الأمريكية بنشر إستطلاع للرأى كانت نتيجته أن حوالي ١٠٪ من عامة الناس تؤكد على أن اللبن بالشوكولاته يأتي من الأبقار البنية. و كما عندنا من نكتة بأن البيض المسلوق يأتي من الدجاج الموجود في بيئة حارة

هذا الكلام يتردد و نحن وصلنا لحدود علوم الكم و تعدينا مجرات مازلنا نتكلم و نفكر في هذا الهراء. أصبح الهراء مادة لكل الطبقات بدأ من الساسة و إنتهاء بالمهرجين. أصبح الكلام و الفعل و العيشه و حتى الحروب و الموت و الدمار هراء. أصبحت المادة العلمية و كتب التاريخ و حتى الفلاسفة يهرون

الهراء أصبح موضوع جاد يتكلم فيه الإعلاميون و اللاعبيون و يموت فيه محبي الوطنية و الدين. أصبحت الغاية هو صناعة هراء منمقا على هيئة خطب و قصائد و أغاني، و دخل كمطلب من متطلبات الحياة و الموت و دخل في صناعة القانون و الأحكام بين الناس. و أصبح حديثا في مجالس تعليم حقيقة الدين و كيف ننظر للإيمان

أصبح المتعلمين يأكلون و يشربون و يتعلمون هراء و أصبحت مخرجاتهم هراء و أصبحوا يتفاهمون بالهراء و يختلفون بالهراء. و الأكثر مرارة أنهم يُدخِلون مصطلحات إنجليزية أو فرنسية ليكون هرائهم بلغة أجنبية

جسد متسرطن

في ناس دلوقتي بتقول أن السرطان ليس مرضا بحد ذاته و أن الطرق المستخدمه في علاجه تعتبر خاطئة و أننا يجب أن ننظر إليه بصورة مغايره

بيقولوا أننا يجب أن ننظر للسرطان كعملية و ليس كشيء. كالتنفس مثلا مجرد عملية و الهضم عملية أخرى. فالجسم لا يصاب بالسرطان و لكنه يتسرطن، مثل يتنفس

كل عملية حيوية تحدث داخل الجسم تكون محسوبة بدقة و متوازنه و عند حدوث خلل في التوازن يحدث المرض و أن علاجه يكون لإعادة هذا التوازن مرة أخرى

و بالتالي ينبغي ألا نركز العلاج على مهاجمة نوع معين من السرطان في عضو معين، بل ننظر إلى المريض بإعتباره نظاما - معقدا - يجري تغير توازنه و بالتالي يمرض أو يتسرطن

بمعنى آخر فإن لكل مريض طريقة مختلفه لإعادة إتزانه الخلوي المتسرطن و محاولة تصحيح خلله. و لكن الفكره تظل مجرده و لا يوجد لها تطبيق إلا أن بعض العلماء يحاولون رسم صورة لمكونات الخلية المتسرطنه و مقارنتها بخلية أخرى طبيعية في محاولة لإكتشاف سبل التسرطن الداخلي و إكتشاف نقاط التحول و محاولة منعها أو حتى عكسها

و يبقى الأمل

رجل نظيف ...

الرجل النظيف هو رجل سعيد فالنظافة هي أحد أوجه الجمال و الذي يشعر بالجمال و يبحث عنه هو رجل سعيد. لا شك بعد يوم عمل طويل و مرهق دائما يجد الرجل وقتا للإغتسال بإهتمام فيغسل هدومه و همومه و فوضى أفكاره

رجل لامع يهتم بتنظيم يومه و بيته و فكره. هناك مكان في عقله لكل كبيره و صغيره، لا يغفل عن شئ و لا يهمله. يلبس جلبابا مكوي و يتعطر. يؤدي صلاته و يختم تسبيحاته و يجلس يشرب القهوة و يسمع الراديو بإنصات و إهتمام

رجل دقيق و حريص. لا يصاب بمرض نفسي، لا إكتئاب و لا وسواس. صافي و نقي و حسن النية. ينعم برضا ربه و محبة زوجته و بر أولاده. يتصدق و يصل رحمه

هو رجل راض و متقن. غاية أمانيه ألا يحرمه الله من الصحة

التربية و إختيار التصرف ... التحكم الداخلي و التعزيز الخارجي

يعتمد سلوك الأطفال لمواجهة موقف معين على عاملين، العامل الأول ينبع من داخله، من أفكاره و تربيته و عاداته و توقعاته، و الثاني ينبع من خارجه كإعتماده على التشجيع أو الحظ

و بالتالي فإن الطفل عندما يواجه موقفا يتضمن عدد من البدائل السلوكية فإن إختياره لتصرفه يرتبط بناتج واحد و قيمة محددة سلفا في عقله و نفسيته و لهذا فإن التوقعات الفردية تتشكل في ضوء إحتمالات ما سوف يترتب على تصرفه من توقع و دعم

مثلا في موقف يكون الإختيار فيه للطفل إما العدوانية و المواجهة أو الإنسحاب، تظهر نتيجة موازنته و إختياره بين تفكيره الداخلي المعتاد عليه و المريح لنفسيته و التعزيزات الخارجية النابعة من ثقته من دعم الآخرين له

و لكن من وجهة نظر أخرى يرى البعض أن الإختيار قد يكون نتيجة الموقف نفسه بعيدا عن التفكير المريح فمثلا سلوك العدوانية له نتائج في المواقف الرياضية مختلفة تماما عن المواقف الإجتماعية و لكن هذه ليست الفكرة هنا

الفكرة هنا أن طريقة التربية يجب أن تطبع في نفوس أولادنا إعتمادهم على أنفسهم و عدم إحساسهم بالعجز و أن جهودهم الشخصية هي المسؤولة عن التحكم في مجريات الأحداث و أن التدخلات الخارجية ما هي إلا قوى ضعيفة يجب ألا يعتمد عليها في إختياره لتصرفه

التكوين الذهني ... كم تحتاج لتنمو؟

رغم أن معظم الحيوانات تدرك سن النضج و البلوغ الذهني و العضلي في خلال سنة من ميلادها إلا أن الإنسان - و هو أعلى الكائنات في درجة التفكير - يحتاج إلى وقت طويل جدا تصل إلى ثمانية عشر عاما ليكتمل نموه العضلي و العظمي فقط و يحتاج - في وقتنا هذا و من وجهة نظري - إلى أكثر بقليل من ثلاثين عاما ليكتمل نموه الذهني و الإدراكي

فبينما الإنسان يظل طفلا غير قادر على الإستقلال عن أبوية حتى تقريبا سن السابعة إلا أن القط مثلا يحتاج إلى تسعة أشهر فقط لبلوغ سن الرشد و يستقل عن أبويه و الأسد يحتاج لسنة و نصف و القرد - و هو الأقرب للإنسان - يحتاج تقريبا لسنة

المهم أن الطفل الإنسان عند سن السابعة يكون قد إكتسب الكلمات و العادات العامة للأسرة المرتبط بها و أسس الأخلاق التي في بيته ثم يخرج للعالم في عمر الصبا فيحاول التقولب و التكيف مع مجتمعه و يتعلم ما يستحسنه و يبتعد عما يستكرهه. فيأكل ما يأكلون و يشرب ما يشربون و يتكلم كما يتكلمون و يفرح و يحزن و يشعر و يسير معهم و مثلهم

و مع وصوله لسن الثامنة عشر ينمو عنده نضجه الفكري و طبعه الخلقي و تكوينه المزاجي و الذهني و يبدأ في النكران و التفضيل فيختار و يأمر و ينهى و يعمل و يتعلم

الفكره هنا أن النمو عند الحيوانات يعتبر نمو جسدي و نمو غريزي بوعي مطبوع و إدراك لحظي بينما في الإنسان - حامل الأمانة من خالقه - نموه يعتبر نمو عقلي و إدراك واقعي يتغير و يستمر طوال عمره

فالسؤال هنا كم تحتاج من وقت لتنمو؟

نواقل الرنا ... نظرة عميقة جدا

جوا شفراتنا موجود أدوات نقل للشفره الوراثيه علشان تترجم لبروتينات و كمان موجود نواقل علشان تشيل الأحماض الأمينية توديهم يتلزقوا في بعض و يتعمل منهم البروتينات. النواقل دي إسمها الرنا RNA

جوا الخلايا بتكون الأنواع من النواقل معروفه و العلماء عارفينها و مميزين أشكالها و تركيبها و عارفين وظائفها. زي مثلا نوع نقل الشفره بيكون massenger RNA، و ناقل الأحماض الأمينية بيكون transfer RNA

بس إللي مش طبيعي و إللي بيحصل في السرطان، تلاقي في أنواع من النواقل الغريبه ظهرت بكثرة جوا الخلايا السرطانيه - طبعا في منها أنواع مش معروف وظيفتها لحد دلوقتي، زي مثلا

micro RNA , Linc RNA ,si RNA ,pi RNA , Xist RNA , Hotair RNA

بعيدا عن أسمائها الغريبه إلا أن وجودهم بيعمل إضطراب في التوازن و ممكن يدفع الخلية للتحول للخباثه. ودا إللي بيخلي الباحثين يتعمقوا أكثر في عالم النواقل

بذرة شر تنهي البيت

مشاعر الزواج بتكون مشاعر راقيه مفيهاش نقص ولا إهمال. مش لازم نثبت مشاعرنا لبعض وخاصة مشاعر الرغبة، يعني هل أنا مرغوب فيا من شريك حياتي ولا مش مرغوب. شعور الرغبة المفروض أنه بينتهي ببداية الزواج

الطرف الأضعف عاطفيا في الزواج دائما يشعر إنه محتاج يثبت لنفسه أنه مرغوب فيه. فيبدأ يثير مشاكل غرضها لفت النظر و إبداء الإهتمام

المصيبة تحدث عندما يفشل شريك الحياة في لفت نظر الآخر فيبدأ بإثارة غيرته. و المصيبة الأكبر عندما يبدي إهتماما بالآخرين وخاصة الجنس الأخر و يبدأ في إستدراجهم على مرأى و مسمع من شريك حياته حتى يحركه و يذكي داخله الرغبة فيه

وعندما تزرع الشر لا بد أن تحصد شرا و عندما تبدأ بذرة الشر في النمو لن تتوقف حتى تثمر شرا فيتذوقه جميع أفراد الأسرة. فيصياب شريك الحياة بالقلق و الخوف من الفقد و تثار في داخله مشاعر الغيرة فيستسلم و يهتم

و لكنه كلما إقترب أكثر ينمو الشر بداخله أكثر فيزداد السلوك المثير للشك و الغيرة من الطرف الأضعف. فتحترق الأعصاب و تُكوى المشاعر و تُفقد الثقه و ينتهي البيت

التربية كتكوين ثنائي ... تضاد التعريف و تكامل التفسير

تمثل طريقة التكوين الثنائي عاملا أساسيا في تربية الأطفال و تنشئتهم و إنتاج شخصياتهم و توقع ردود أفعالهم. التكوين الثنائي هو العلاقة بين مفهومين متضادين في تعريفهم و متكاملين في تفسيرهم و محاولة التوازن بينهم

كمفهوم العطاء مثلا في مقابل مفهوم الأخذ أو التلقي. بمعنى أنا أعطي فمن حقي أن آخذ أو أنتظر حتى أتلقى

هنا الفعل الأساسي هو العطاء فنربي أطفالنا عليه و نوضح لهم أهميته و طرقه و صفات المِعطاء و نعدل من سلوكياتهم لتتماشى مع صفة العطاء و لكن من جهة أخرى فإنهم يوازنوها في نفسياتهم بالفعل المضاد فأي فعل سنربيهم نحن عليه، هل هو الأخذ أم التلقي

هنا وجهة النظر، فهل سنربيهم على صفة الأخذ الدالة على القوة و الإجبار أم صفة التلقي الدالة على الهدوء و الإنتظار

و بنفس المنطق يستطيع الأطفال إدراك الفروق بين أفعال الناس فيتعرفون على الإستمتاع في مقابل العملية و السعادة في مقابل التعبير و كذا السعي في مقابل الإهتمام و الإستقلال في مقابل الإكتفاء

و كأباء يجب أن ندرك أن مشاعر الخوف عند أولادنا تأتي من عدم قدرتهم على إنتاج هذه الثنائية المضادة فيضطرب فكرهم و يدخل الخوف في شخصياتهم

فيأتي دورنا في توضيحها و تهدئة خوفهم و لكن الحذر كل الحذر من إدخال صفة سيئة مضادة فينتج أطفال يعتقدون أن الأخلاق السيئة أو الصوت العالي هي وسيلة للتسلح في مقابلة خوفهم

لماذا لا نتعظ

لماذا لا يتعظ الناس و مازالوا يقعوا في نفس أخطاء الماضي مرة بعد أخرى . لماذا لا يرون الماضي بأحزانه قبل أفراحه فيفكروا قبل تكراره . فقد ثبت أن الحرب إذا لم تكن دفاعا عن حقوق الأوطان فهي لا تفيد فحروب الغزو و التوسع تؤدي لخسائر أكثر من المكاسب

عندما يندفع أصحاب الأمر في الدول للدخول في حروب بغرور التغلب على الغير و سلب أراضيه و أمواله و إذلاله بدون حاجه يقع الأبرياء و الفقراء ضحية بالموت و الجوع و الأسر و التنكيل

إذا كانت الجيوش الغازية بجنودها و مدافعها قد جلبت المنافع و الثروات للحكام فقد دفع ثمنا لها الأولاد و البنات و فلذات الأكباد من الأبرياء و الفقراء

و كم من أم تجرعت مرارة الفقدان كل مرة يشهد بها إحتفال المواكب المنتصرة تقطع الشوارع في كبرياء و زهو و في مؤخرة الموكب بشر مساكين أسرى و أبرياء جيء بهم للتنكيل

و إذا وجد الحكام لذة و فخرا لقراءة أخبار الفتح فالقصة لها وجه آخر ، وجه الموت و الخوف و الإذلال ، يواجهه الجنود و الضباط أثناء الحرب و المواجهة

يجب أن يفهم الناس أن أمجاد الحروب إنما هي في النهاية شر و موت و دمار و لكن لماذا لا نتعظ

أشجار في عالم العِظام

إكتشف علماء الأشجار علاقة بين شكل الخلايا الخشبية داخل الشجرة و شكلها داخل عظام الحيوانات, حيث قام أحد العلماء بتجربة تدعيم عظمة رجل أرنب مكسور بمسمار داخلي مصنوع من الخشب

و جد أن عظمة الأرنب نمت بطريقة طبيعية و أنها إحتاجت وقت أقل كثيرا من العظام المدعمة بمسامير معدنية. و عندما نشر بحثه، جال في خاطر الباحثين أن المواد الكيميائية الداخلية لخلايا الخشب و هو حي هي المسؤولة عن مساعدة الخلايا العظمية على النمو

و لكن في الحقيقة لم تكن موادها الكيميائية و لكن كانت طريقة نمو الخلايا الخشبية داخل الساق في الشجرة. ترتيب الخلايا و توزيع أحجامها و تلاصقها مع بعضها و وجود الفجوات البينية و قوة تلاحمها و عدم وجود مواد صمغية فيها تعتبر هي العوامل الأساسية في نجاح عملية التدعيم

هذه الفكرة فتحت باب واسع جدا في طب و جراحة العظام و خاصة لدى الحيوانات، لأن الخشب لن يظل في العظام و لكنه يعتبر شبكة ستنمو عليها الخلايا العظمية ثم تتحلل خلايا الخشب لتظل في النهاية العظام متلاحمه كتلاحم الخشب

طبعا قاموا بعمل إحصاء و جمع لأنواع الخشب المختلفه و دراسة نفعها من عدمه في عدة مناطق للكسور في الحيوانات و أصبحت هذه العملية معروفه و موثقة

PMID:37233376

طفرة ... تراكم و توريث

الطفرات المسؤولة عن إحداث تغير غير طبيعي داخل الخلية الحية و تحويلها إلى خلية سرطانية تعتبر طفرات محدثة، يعني السرطان نفسه ممكن يكون هو إلي بيعملها لنفسه لمواجهة تحديات و صعاب شايفها هتقف في طريقه

أعتقد أن الخلية السرطانية مش بتقدر تستفيد من طفراتها المحدثه نتيجة وقوعها فعليا داخل التحدي و لكنها بتواجهه بكل بسالة و شجاعة حتى مماتها و لكنها تنقل هذه الطفرة إلى الجيل الجديد لتربيته على المقاومة من بداية عمره

و بالتالي السؤال الصعب جدا الإجابة عليه في وجهة نظري و هو هل ممكن تتبع ترتيب حدوث الطفرات و دراستها. أعتقد صعب - و صعب جدا - و لكنه غير مستحيل لأنه لا يوجد مسار وحيد يتبعه السرطان. يعني اليوم لو قرأت بحث عن طفرات السرطان هيسردها و يقول الوظائف إللي بتعمله داخل الخلية السرطانية و لكنه مش هيقول من حصل أولا

فكرة ترتيب تراكم الطفرات بحد ذاتها و إنتقالها من جيل لآخر ممكن يكون فيه حل اللغز لأن دائما البداية تحمل في طياتها النهاية. طبعا أنا مش بتكلم عن محاولة مواجهة الطفرات المحدثه و إيقاف عملها بالأدوية الكيماوية لإنقاذ حياة المرضى و لكن بتكلم عن إستهداف شرارة التغير و منعها في بدايتها. و لكن محاولة إيقاف الطفرات هو نفسه بيولد طفرات للمقاومة تجعل السرطان أكثر شراسة و مقاومة

و يبقى الأمل